صفحة 1 من 1

أمريكا والإسلام السياسي

مرسل: الجمعة ديسمبر 14, 2012 11:53 pm
بواسطة رياض الغامدي
عالج فوز جرجس في كتابه "أمريكا والإسلام السياسي" الذي يعد أفضل قراءة شاملة وواقعية ومعمقة للنظرة الأمريكية إلى الإسلام السياسي ، وعلاقتها في صياغة السياسة الخارجية وفق ثنائية أو تعارضية المبادئ والمصالح . ويخلص إلى نتيجة مفادها : غياب سياسة أمريكية شاملة ومتكاملة تجاه الحركات الإسلامية رغم ادعاءات بعض المسؤولين الأمريكيين وجود مثل هذه السياسة ، مستعرضاً ثلاثة أسباب لذلك الغياب وهي :
- أن الإدارة الأمريكية المتأخرة افتقدت وجود سياسة خارجية بشكل عام ذات رؤية شاملة ومتماسكة تجاه العالم بأكمله ، فضلاً عن أن تمتلك نظرة متماسكة تجاه الشرق الأوسط أو الإسلام السياسي فيه ، وأن السياسة الخارجية ظلت محكومة بالمصالح القومية الأمريكية الضيقة.
- أن كبار اللاعبين في الخارجية الأمريكية في السنوات الأخيرة (بيكر- كريستوفر- أولبرايت) فضلوا التعامل مع الموضوعات السياسية العملية ، وليس النظرية المجردة (كالبعد الثقافي في العلاقة مع الإسلام والمسلمين) .
- القناعة الأمريكية بأن الحركات الإسلامية مختلفة عن بعضها وغير متجانسة ، وتعكس ظروف نشأتها وخصوصيتها ، ومن غير العملي صياغة سياسة موحدة في التعامل معها.
ومع ذلك يلاحظ جرجس وجود تناقض في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الإسلام السياسي ؛ ففي حين تحذر من اقتراب الإسلاميين من السياسة خوفًا من تهديد المصالح الأمريكية ، هناك حديث ودي عن البعد القيمي الذي تمثله هذه الحركات في الدعوة إلى الأخلاق والفضائل. ولم تكن مضامين الخطاب الأمريكي في دعوته التقليدية إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان إلا عناصر ثانوية ودعائية في السياسة الأمريكية التي - وكما يرى جرجس- لم تتغير في جوهرها بعد انتهاء الحرب الباردة وبقيت حبيسة المصالح القومية والاستراتيجية الأمريكية.
ويرى جرجس أن العناصر الثقافية والتاريخية والنظرة المسبقة للإسلام لا تملك أوزاناً مؤثرة في وجه الحسابات السياسية والأمنية. وينقل جرجس عن محللين أمريكيين قريبين من صناعة القرار بأن كلنتون - مثلاً - لم يكن مهتمًا بالإسلام ولا بما يعنيه ، بل بما تشكله الحركات الإسلامية من خطر على المصالح الأمريكية.
لكن إطلاقية جرجس هذه ، لا ريب أنها تتجاهل التأثير غير المباشر وغير الواعي للعناصر الثقافية والنظرة الغربية والأمريكية المتجذرة للإسلام والمسلمين . ويمكن الإشارة هنا إلى دراسة كاثلين كريستيسون "التصورات عن فلسطين وأثرها في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط" والتي تثبت أن ما تراكم من نظرة مسبقة وتقليدية هو خليط من الأيديولوجيا وعناصر من المسيحية اليهودية تجاه فلسطين والشرق الأوسط تشكل في نهاية الأمر خلفية صلدة لدى الرأي العام وصناع القرار.