صفحة 1 من 1

صلح وستفاليا

مرسل: السبت ديسمبر 15, 2012 12:22 pm
بواسطة ناهي نواف المطيري3
كان الحكام ورجالهم الدبلوماسيون منذ 1635 يجسون النبض ويتحسسون الرأي من أجل السلام. وفي تلك السنة اقترح البابا أربان الثامن عقد مؤتمر لبحث شروط المصالحة، واجتمع المندوبون واجتمع المندوبون للتفاوض في كولون. ولكنهم لم يصلوا إلى نتيجة. وفي هامبورغ في 1641 صاغ ممثلو فرنسا والسويد والإمبراطورية اتفاقية مبدئية لينعقد مؤتمر مزدوج في وستفاليا في 1642، ففي مونستر تلتقي فرنسا مع الإمبراطورية لمعالجة مشاكلهما في ظل وساطة البابا والبندقية، وفي أوسنابروك، على بعد ثلاثين ميلاً، تلتقي فرنسا والإمبراطورية مع السويد لإجراء المفاوضات في ظل وساطة كريستيان الرابع ملك الدنمرك. وكان هذا الفصل "المطهر" ضرورياً بسبب عدم رغبة المندوبين السويديين في الاجتماع تحت رياسة ممثل البابا، ورفض ممثل البابا أن يجلس في صعيد واحد مع "الزنادقة".

وجاء التأخير نتيجة إجراءات الأمن وقواعد البروتوكول، واستحث انتصار تورستنسون في بريتنفيلد الإمبراطور إلى الوعد بأن مندوبيه سيصلون في 11 يوليو 1643، وتلكأ المندوبون الفرنسيون بينما كانت فرنسا تدبر التحالف مع المقاطعات المتحدة (في الأراضي المنخفضة) ضد أسبانيا. وافتتح مؤتمر وستفاليا شكلاً في 4 ديسمبر 1644 وضم 135 عضواً بما فيهم رجال اللاهوت والفلاسفة.

وانقضت منذ ذاك اليوم ستة شهور في تحديد نظام الأسبقية في دخول المندوبين إلى القاعات وجلوسهم حيث كان السفير الفرنسي يرفض أن يدخل في المفاوضات إلا إذا خوطب بلقب "صاحب الفخامة". وعندما وصل السفير الأسباني تجنب السفير الفرنسي ونأى بنفسه عنه، لأن أياً منهما لا يعترف للآخر بالأسبقية وكان التواصل بينهما عن طريق شخص ثالث. ورفضت فرنسا الاعتراف لفيليب الرابع بلقب ملك البرتغال وأمير كاتالونيا. كما رفضت أسبانيا الاعتراف بلقب ملك نافار للويس الرابع عشر. وتنازع المندوبون السويديون فيما بينهم وأضاعوا الوقت حتى صدرت إليهم أوامر الملكة الشابة الجزئية كريستينا بأن يصلحوا فيما بينهم ثم يعقدوا مع العدو. وفي هذه الفترة كانت الحرب مستمرة وكانت الرجال تذهب إلى الحرب لتلاقي حتفها.

وعلى قدر ما كانت جيوش كل فريق منتصرة أو مقهورة، تلكأ المندوبون في المفاوضات أو عجلوا بها، وشغل المحامون أيما شغل بخلق الصعوبات أو ابتداع الحلول الوسط ووسائل التوفيق، يحلون العقد أو يزيدونها تعقيداً. وكان قواد فرنسا يسيرون بخطى واسعة، ومن ثم فإنها أصرت على تمثيل كل أمراء ألمانيا في المؤتمر، على الرغم من أن معظمهم كان قد عقد الصلح مع الإمبراطور منذ أمد طويل. وطلب إلى الزمن أن يتوقف حتى يرسل كل الناخبين والأمراء والمدن الإمبراطورية ممثليهم، ورغبة في إضعاف مركز فرنسا، عمدت أسبانيا (8 يناير 1648) إلى توقيع صلح منفرد مع المقاطعات المتحدة-التي كانت لتوها قد وعدت فرنسا بعدم توقيع صلح منفرد، ولكن الهولنديين لم يكونوا ليضيعوا الفرصة التي لاحت لهم ليكسبوا بجرة قلم ما قاتلوا من أجله طيلة ثمانين عاماً. فكان جواب فرنسا على هذا أنها رفضت عقد الصلح مع أسبانيا، واستمرت الحرب بينهما حتى صلح البرينيه 1659.

وكان يمكن أن ينفض المؤتمر دون نتيجة، لولا اجتياح تورن لبافاريا، وهجوم السويد على براغ (يوليو 1648) وهزيمة الأسبان في لنز (2 أغسطس) فإن هذه الأحداث كلها أقنعت الإمبراطور بالتوقيع، على حين أن ثورة الفروند في فرنسا (يوليو) أكرهت الكاردينال مازارين على تقديم بعض التنازلات التي تطلق يده للحرب في الداخل. وعلى هذا، وقعت آخر الأمر معاهدتي وستفاليا في أوسنابروك ومونستر في 15 مايو و 24 أكتوبر 1648