صفحة 1 من 1

التكافل الاجتماعي في الإسلام ...

مرسل: السبت ديسمبر 15, 2012 1:30 pm
بواسطة نواف بن وايل 80
التكافل الاجتماعي في الإسلام

مفهوم التكافل الاجتماعي :
يقصد بالتكافل الاجتماعي : أن يكون أفراد المجتمع مشاركين في المحافظة على المصالح العامة والخاصة ودفع المفاسد والأضرار المادية والمعنوية بحيث يشعر كل فرد فيه أنه إلى جانب الحقوق التي له أن عليه واجبات للآخرين وخاصة الذين ليس باستطاعتهم أن يحققوا حاجاتهم الخاصة وذلك بإيصال المنافع إليهم ودفع الأضرار عنهم .

نطاق التكافل الاجتماعي في الإسلام
إن المجتمع المسلم هو الذي يطبق فيه الإسلام عقيدة وعبادة وشريعة ونظاما وخلقا وسلوكاً وفقا لما جاء به الكتاب والسنة واقتداء بالصورة التي طبق بها الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده. وعندما يلتزم المجتمع بهذه القاعدة يجد التكامل الاجتماعي مكانه بارزاً في المجتمع بحيث تتحقق فيه جميع مضامينه، ذلك أن الإسلام قد أهتم ببناء المجتمع المتكامل وحشد في سبيل ذلك جملة من النصوص والأحكام لإخراج الصورة التي وصف بها الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك المجتمع بقوله : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " [ البخاري و مسلم ] لذا : فإن التكافل الاجتماعي في الإسلام ليس مقصورا على النفع المادي وإن كان ذلك ركن أساس فيه -بل يتجاوزه إلى جميع حاجات المجتمع أفرادا وجماعات، مادية كانت تلك الحاجة أو معنوية أو فكرية على أوسع مدى لهذه المفاهيم، فهي بذلك تتضمن جميع الحقوق الأساسية للأفراد والجماعات داخل الأمة .
والتكافل الاجتماعي في الإسلام ليس معنياً به المسلمين المنتمين إلى الأمة المسلمة فقط ، بل يشمل كل بني الإنسان على اختلاف مللهم واعتقاداتهم داخل ذلك المجتمع كما قال الله تعالى : " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم " [ الممتحنة : 8 ] ذلك أن أساس التكافل هو كرامة الإنسان حيث قال الله تعالى : " ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا " [ الإسراء : 7 ]

مجال التكافل الاجتماعي في الإسلام
إن التكافل الاجتماعي في الإسلام يعد غاية أساسية تتسع دائرته حتى تشمل جميع البشر مؤمنهم وكافرهم فقد قال الله تعالى : " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " [ الحجرات : 113 ] يتدرج ليشمل الإنسانية جمعاء حيث يبدأ الإنسان المسلم بدائرته الذاتية ثم دائرته الأسرية ثم محيطه الاجتماعي ثم إلى تكافل المجتمعات المختلفة .
التكافل بين المرء وذاته . الإنسان مسؤول عن نفسه أولا فهو مسؤول عن تزكيتها وتهذيبها وإصلاحها ودفعها إلى الخير وحجزها عن الشر . قال الله تعالى : " ونفس وما سوها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دسها " [ الشمس : 7 ] كما أنه مسؤول عن حفظها ورعاية صحتها وتمتعها في حدود المباح . قال الله تعالى : " وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين " [ القصص : 77 ] ثم إنه منهي عن إتلاف نفسه وإضعافها وتعذيبها فقد نهى الله تعالى عن الانتحار بقوله : " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما " [ النساء : 29 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قتل نفسه بحديدة .فحديدته في يده يجأ بها في بطنه نار في جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا " [ البخاري ] كما يحرم عليه تعاطي كل ما يؤثر على صحته أو عقله ، فإن من المقاصد العامة الضرورية للشريعة الإسلامية حفظ النفس والعقل والمال . قال الله تعالى :في الخمر " يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون " [ المائدة : 90 ]
التكافل داخل الأسرة :
لقد أكد الإسلام على التكافل بين أفراد الأسرة وجعله الرباط المحكم الذي يحفظ الأسرة من التفكك والانهيار، ويبدأ التكافل في محيط الأسرة من الزوجين بتحمل المسؤولية المشتركة في القيام بواجبات الأسرة ومتطلباتها كل بحسب وظيفته الفطرية التي فطره الله عليها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها " [ البخاري و مسلم ] ويأتي تقسيم وتوزيع المسؤوليات داخل البيت بين الرجل والمرأة بما يضمن قيام الأسس المادية والمعنوية التي تقوم عليها الأسرة فالله سبحانه وتعالى يخاطب أرباب الأسر رجالا ونساء - بقوله : " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة " [ التحريم : 46 ] ولا تتم هذه الوقاية إلا بالتبصر بالحق وتعليم العلم النافع والإرشاد إلى أبواب الخير وهذا هو قوام التكافل العلمي والتثقيفي للأسرة ، وهو مسؤولية مشتركة بين الزوجين فكلما وجد أحدهما في الآخر تقاعسا أو تقصيرا نبهه وأرشده إلى الصلاح والإصلاح . قال الله تعالى : " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر " [ التوبة : 71 ] وقد حث الإسلام على تنمية الود والحب الغريزي بين الرجل والمرأة في حياتهم الزوجية فقال تعالى : " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " [ الروم : 21 ]
وأرسى لتحقيق ذلك مبادئ وضمانات عديدة منها :
أ: حفظ الحقوق بين الزوجين : قال تعالى : " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " [ البقرة : 228 ]
ب: حسن اختيار الزوجة والزوج :
ذلك أن الأسرة هي الخلية التي ينشأ فيها الأبناء ، لذا : لزم أن تكون هذه الخلية صالحة من أساسها فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " [ البخاري ] وأما فيما يختص باختيار المرأة لزوجها فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" [ ابن ماجة ] وقال الله تعالى : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون " [ البقرة : 221 ]
ج: حسن المعاملة بينهما :
فقد حث الإسلام على المعاملة الحسنة بين الزوجين وثبت ذلك بنصوص الكتاب والسنة فقد قال الله تعالى :" وعاشروهن بالمعروف " [ البقرة : 231 ] وقال الله تعالى : " فامسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف" [ البقرة : 231 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم " [ الترمذي ] وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس معاشرة لأزواجه وأحسن الناس رفقا بهم . وكان يمازحهن ويساعدهن في أعمالهن ويسامحهن فيما يقع منهن من أخطاء وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " [ ابن ماجه ]
د: الإنفاق على الأسرة :
ذلك أن المال قوام الحياة المادية ، والمرأة داخلة في ولاية زوجها فهو مسؤول عنها بالنفقة ، قال الله تعالى : " لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ، لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا " [ الطلاق : 6 ] بل إن الإسلام قد أوجب النفقة للزوجة على الزوج حتى لو كانت مطلقة فإن النفقة والسكن واجبة عليه طول فترة العدة- وهي المدة التي تنتظرها المرأة المطلقة ولا تتزوج من غيره إستبراء للرحم - كما أن الزوج يدفع لها ثمن إرضاعها لابنه منها حال طلاقها قال الله تعالى : " أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى " [ الطلاق : 6 ]
ه/ الاعتناء بالأولاد رعاية وتربية :
لقد أكد الإسلام حق الأولاد الصغار في الرعاية والتربية وجعل ذلك أهم واجبات الأبوين فلم يكتف الإسلام بالدافع الفطري لقيام الأبوين بواجبها بل عزز ذلك بقواعد محددة تضمن للأولاد النشوء في صورة مثلى تكفل لهم حقوقهم كاملة . فمنذ الولادة نص على استكمال الرضاعة قال الله تعالى : "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" [ البقرة : 233 ] كما جعل له الحق في التربية قال الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا " [ التحريم : 6 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع " [ أبو داود ]
التكافل داخل الجماعة :
لقد أقام الإسلام تكافلا مزدوجا بين الفرد والجماعة فأوجب على كل منهما التزامات تجاه الآخر ومازج بين المصلحة الفردية والمصلحة العامة بحيث يكون تحقيق المصلحة الخاصة مكملا للمصلحة العامة وتحقيق المصلحة العامة متضمنا لمصلحة الفرد، فالفرد في المجتمع المسلم مسؤول تضامنيا عن حفظ النظام العام وعن التصرف الذي يمكن أن يسيء إلى المجمع أو يعطل بعض مصالحه قال الله تعالى : " المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم " [ التوبة : 71 ] كما أن الفرد مأمور بإجادة أدائه الاجتماعي بأن يكون وجوده فعالا ومؤثرا في المجتمع الذي يعيش فيه قال الله تعالى : "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة : 2 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا " [ متفق عليه ] وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم حال أفراد المجتمع في تماسكهم وتكافلهم بصورة تمثلية رائعة حيث قال : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاونهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " [ مسلم ] من جانب آخر فإن الجماعة أيضا مسؤولة عن حفظ حرمات الفرد وكفالة حقوقه وحرياته الخاصة : قال الله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعد الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا " [ الحجرات : 13 ] وقد صور الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الصورة التكافلية في مثال رائع بقوله : " مثل القائم على حدود الله - أي القائم على حفظ النظام العام للمجتمع وأفراده - والواقع فيه كمثل قوم استهموا سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم ، فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا هذا خرقا ولم نؤذ من فوقنا ، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا " [ البخاري ]
4/وأما التكافل بين جميع المجتمعات الإنسانية فهو الذي ترسم ملامحه الآية الكريمة " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير " [ الحجرات : 113 ] فهي تعلن مبادئ تكافل دولي بموجبه تنتظم كافة المجتمعات الإنسانية في رباط عالمي هدفه النهائي والحقيقي إقامة مصالح العالمين ودفع المفاسد عنهم وتبادل المنافع فيما بينهم، مادية ومعنوية، علمية وثقافية واقتصادية مع الحفاظ على خصوصيات كل مجتمع وكيان دون تهديد لتلك الخصوصيات بما يهدمها أو يلغيها، وأساس ذلك إحساس الجميع بوحدة أصلهم ومنشئهم ومصيرهم . وهذا التكافل لا يقف عند تحقيق مصالح الجيل الحاضر بل يتعدى ذلك إلى نظرة شاملة تضع في الاعتبار مصالح أجيال المستقبل وهو ما من شأنه أن يسهم في حل كثير من الأزمات المعاصرة ويحاصر كثير من الأخطار التي تواجه مستقبل البشرية والتي نشأت من جراء لهاث هذا الجيل وراء مصالحه دون اعتبار للمستقبل البشرى العام، وهي أخطار ومشكلات كثيرة لعل من أخطرها مشكلة البيئة والموارد الطبيعية. "ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا" [ الحج : 40 ]
ونجد مراعاة هذا التكافل بين الأجيال في سياسة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أرض السواد- الأرض الزراعية الخصبة في العراق- حينما فتحها المسلمون وأراد الجنود أن يقتسموها بينهم شأن بقية الغنائم ، فرفض هذا الرأي قائلا:" إني أريد أمرا يسع الناس أولهم وآخرهم " [ الأموال لأبي عبيد ] فقرر أن يضرب الخراج على هذه الأرض ويتركها في يد عمال يعملون فيها ويؤدون ضريبة لبيت المال (الخزينة العامة للدولة ) وقد استنبط هذا المبدأ من قول الله تعالى في تحديد العلاقة بين أجيال الأمة المسلمة : " والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا " [ الحشر : 10 ] وظل يحمل جيل المستقبل انطباعا جيدا عن جيل الحاضر ويحفظ له مكانته ويستغفر له ويحمل له في قلبه أرق المشاعر. وهكذا ينبغي أن يحس جيل الحاضر بهذه العلاقة المتبادلة وبآثار تصرفاته على من سيأتي بعده فلا ينهب الموارد ولا يبدد طاقات الحياة التي يمتلكها وحده وبذلك يضع السماد الطيب في تربة التواصل بين الأجيال فتشق الأمة طريقا بين الماضي والمستقبل موصولة الخطى على أرض صلبة وتراث عريق مقدر .
وبهذا ترسم صورة إنسانية مثلى للتكافل يحنو فيها الحاضرون على الخالفين وتهفو قلوب الخالفين إلى الماضين بالود وتتحرك ألسنتهم بالاستغفار فيتحقق بذلك التكافل الشامل لأمر الآخرة والأولى لكافة أجيال الأمة .
مظاهر التكافل الاجتماعي في الإسلام
من العرض السابق تتجلى الخطوط العامة لهذا التكافل وإذا أردنا أن نتلمس بعض المظاهر التفصيلية لهذا التكافل نجد اهتمام الإسلام بالفئات الاجتماعية الأكثر تضررا والتي هي المستهدفة غالبا بالتكافل الاجتماعي في مفهومه الضيق
كفالة كبار السن :
لقد وجه الإسلام عناية خاصة لكبار السن واعتبرهم مستحقون الشيء الكثير من الرعاية مقابل التضحيات التي قدموها من أجل إسعاد الجيل الذي ربوه ورعوه. والعناية بكبار السن والمسؤولية عنه قد أنيطت في الإسلام بالأبناء أولا " ووصينا الإنسان بوالديه حسناً " [ العنكبوت : 48 ] " وبالوالدين إحسانا " [ الإسراء : 23] فمسؤولية الأبناء عن بر الأباء ورعايتهم مسؤولية إلزامية ديانة وقضاء بمعنى أن أوامر الدين توجب على الأولاد وتلزمهم بها فإذا قصروا فيها ألزمهم بها القضاء ، ولو كان دينهما مختلفا عن الأبناء فإن ذلك لا يسقط حقهم ولا يلغي تلك المسؤولية " وصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن، وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إلى المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا " [ لقمان : 14 ] وإذا لم يكن لهم أبناء انتقلت المسؤولية عنهم إلى المجتمع ممثلا في الدولة بصورة إلزامية كذلك يعزز ذلك ما تزخر به النصوص من ترغيب في الخير وفي الإحسان إلى الآخرين وخاصة العاجزين بما فيهم كبار السن والذي ينشئ في النفس المؤمنة دافعا تلقائيا إلى بذل الخير طواعية في تلك الوجوه . والرعاية لكبار السن لا تقف عند الجانب المادي بل يدخل فيها الجانب النفسي والعاطفي الذي هم أشد حاجة إليه " إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا " [ الإسراء : 23 -24 ] " ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا " [ أبو داود و الترمذي ]

كفالة الصغار والأيتام
سبق عند الحديث عن التكافل داخل الأسرة أن الإسلام يهتم بالطفولة ويلزم الأباء برعاية الأبناء وتربيتهم حتى بلوغ سن الرشد مع القدرة على استغلالهم بالمسؤولية .فإذا فقد هؤلاء الأبناء آباءهم فإن المسؤولية تنتقل بشكل متدرج إلى الأقارب القادرين فإذا انعدموا قامت على المجتمع بأسره . وقد ورد في الحث على كفالة الأيتام والعناية بهم ما يبعث في نفس المؤمن دافعا قويا إلى ذلك إضافة إلى المسؤولية الواجبة التي تطالب الدولة ممثلة، المجتمع، بالقيام بها نحوهم " فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر " [ الضحى:9-10 ] " وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين " [ النساء :36 ] " وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين " [ الأنفال : 41 ] " أ رأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين " [ الماعون : 1-3 ] " واعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين " [ الأنفال : 41 ] وإذا تصفحنا تاريخ الإسلام وجدنا أن كثيرا من عباقرة الإسلام والمبدعين على أكثر من صعيد كانوا قد فقدوا آباءهم وهم صغار ، وما ذلك إلا نتاج ملموس للتوجيهات والسياسات الإسلامية في هذا الصدد والتي أصبح المجتمع يقوم بها بشكل طوعي وتلقائي حتى في الأوقات التي تتخلى فيها الدولة عن واجبها فإن هذه العناية لم تغب إذ قام بها المجتمع وأقام لها من المؤسسات الخيرية ما يلبي حاجتها .ومن مظاهر العناية التي أولاها الإسلام للأيتام حفظ أموالهم والسعي في تنميتها والابتعاد عن كل تصرف ضار بها " ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده " [ الإسراء : 34 ] " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا " [ النساء : 10 ] " وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبداراً أن يكبروا " [ النساء : 6] "وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا " [ النساء : 4 ] كما دعا إلى استثمارها والإنفاق عليهم من أرباحها " ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح " [ البقرة : 220 ] " وارزقوهم فيها وأكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا " [ النساء : 51 ]
كفالة الفقراء والمساكين
إن النصوص الإسلامية زاخرة بالحض على كفالة الفقراء والمساكين ومشاركتهم آلامهم وتنفيس الكرب عنهم وبذل العون لهم ماديا ومعنويا.
إن الإسلام في مواجهة المشكلات الاجتماعية يفرض الحد الأدنى لاستقامة الحياة وجريانها على الصلاح ثم يفتح المجال أمام التطوع والإحسان مع الترغيب فيه والحث عليه وبيان ما ينتظر صاحبه من جزاء في الدنيا والآخرة .وكما هو شأن الإسلام في مواجهة مشكلات الحياة والاجتماع فانك تجده يسلك السلوك نفسه في مشكلة الفقر ففي الوقت الذي يفتح فيه فرص العمل أمام الجميع ويزيل العقبات والعراقيل أمام الفقراء ليعملوا فإنه يفرض على المجتمع المسؤولية الكاملة عن فقرائه الذين لا يجدون عملا أو لا تتسع مواردهم للوفاء بحاجتهم وذلك من خلال فريضة الزكاة التي تتمثل في قيمة .2.5% من ثروة المجتمع تجنيها الدولة كل سنة لتردها على الفقراء والمساكين وغيرهم من مصارف الزكاة الذين حددهم القرآن الكريم بقوله : " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم " [ التوبة : 60 ] . كما يعلن مسؤولية الدولة عن توفير العمل لمن لا يجد عملا وإيجاد ميادين العمل وفتح أبوابه أمام العاطلين، بل إنه يجعل للإمام - في الحالات التي يهدد فيها التوازن الاجتماعي وتميل فيه الكفة نحو احتكار المال في أيد محدودة - يجعل له الحق في أن يعيد الأمور إلى نصابها ويتخذ من الإجراءات ما يراه كفيلا بإعادة التوازن إلى المجتمع، ثم يفتح بعد ذلك الطريق أمام التطوع والإحسان ويحض عليه ابتغاء الدار الآخرة والثواب من الله تعالى
" ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب " [ البقرة : 177 ] "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " [ آل عمران : 92 ] " فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون " [ الروم :38 ]
رعاية حق الجار
ومن مظاهر التكافل في الإسلام أيضا رعاية حقوق الجوار فقد أكد الإسلام على البر بالجار وصلته وكف الأذى عنه وإيصال الخبر إليه . قال الله تعالى :
" وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب " [الأنعام : 141 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره " [ البخاري و مسلم ] وقال : " والله لا يؤمن والله لا يؤمن. قيل: من يا رسول الله؟ قال : "الذي لا يؤمن جاره بوائقه" [ البخاري ومسلم ] وحدد حقوق الجار فقال : " إن مرض عدته وإن أصابه خير هنأته وإن أصابته مصيبة عزيته ولا تستطل عليه بالبنيان فتحجب عنه الريح إلا بإذنه ولا تؤذه بقتار ريح قدرك إلا أن تغرف له منها وإن اشتريت فاكهة فأهد له، فإن لم تفعل فأدخلها سرا ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده " [ ابن عدي في الكامل ]
حقوق الضيف والغريب
وقد حض الإسلام على إكرام الضيف وعلى إحسان ضيافته واعتبر إكرام الضيف خلقا كريما يدل على صدق الإيمان وتأصله في النفس قال صلى الله عليه وسلم : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه " [ البخاري ومسلم ] كما أكد على الإحسان إلى الغريب ( ابن السبيل )- وهو الذي انقطعت به السبل ولم يستطع الوصول إلى بلده- وجعل له حقا واجبا في الزكاة " إنما الصدقات للفقراء والمساكين وابن السبيل " [ التوبة :60 ]
وسائل الإسلام في تحقيق التكافل
لقد شرع الإسلام من الوسائل والنظم ما يحقق التكافل وبعض هذه الوسائل منوط بالأفراد ، والبعض الآخر منوط بالدولة .
الوسائل المنوطة بأفراد المجتمع
أناط الإسلام بالأفراد عددا من هذه الوسائل وجعل بعضها إلزاميا وترك البعض الأخر للتطوع .
الوسائل الفردية الإلزامية
ومن الوسائل الإلزامية التي شرعها الإسلام لتحقيق التكافل ما يلي :
فريضة الزكاة : وهي من أهم هذه الوسائل، وهي فريضة إلزامية فرضها الله على المسلم دينا وجعل للدولة الحق في أخذها منه قهرا إذا هو امتنع عن أدائها. وتأتي أهمية الزكاة من حيث شمولها لمعظم أفراد المجتمع ومن حيث أهمية المقدار الذي تمثله من الثروة العامة حيث تمثل 5و2% من مجموع الأموال وهي نسبة كفيلة - لو نظمت- بأن تحل كثيرا من المشكلات الاجتماعية الناتجة عن الفقر وأن تسهم في الحد منه ومن ثم كان لها تأثيرها الحيوي في إشاعة التكافل . هذا فضلا عن آثارها المعنوية حيث تنفي من المجتمع الأحقاد والبغضاء الناتجة عن انقسام الناس إلى مالكين لا يعبأون بغيرهم، ومحرومين لا يعبأ بهم .
الكفارات
وهي ما فرضه الإسلام على المسلم لارتكابه بعض المحظورات أو تركه بعض الواجبات، ككفارة اليمين إذا حلف المسلم بالله فحنث ، وكفارة الفطر عمدا بدون عذر مقبول شرعا في نهار رمضان وغيرها. وهذه الكفارات في بعض مصارفها إطعام لعدد من المساكين، ومن هنا كانت وسيلة لتحقيق التكافل قال الله تعالى في كفارة اليمين " لا يؤاخذكم الله باللغو في إيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الإيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون به أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم " [ المائدة : 89 ] صدقة الفطر
وهي صدقة يجب إخراجها يوم عيد الفطر بعد شهر رمضان ومقدارها ثلاثة كيلو غرام تقريبا من غالب قوت البلد وهي واجبة على كل مسلم: الرجل والمرأة، الصغير والكبير. وهدفها كما قال صلى الله عليه وسلم : " أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم " [ الطبراني ]
إسعاف المحتاج
حيث يلتزم من علم بأن جاره جائع و لا يجد ما يأكل أن ينقذه إذا كان ذلك في استطاعته يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به " [الطبراني ] ويقول " برئت ذمة الله من أهل عرصة بات فيهم جائع " [ البخاري ] والإسلام يعطي الحق لمن وصل إلى هذه الدرجة أن يأخذ ما يدفع عنه الجوع من الآخرين ولو بالقوة إن احتاج الأمر لذلك .
ب/ الوسائل الفردية والتطوعية :
وإذا كان الإسلام قد أرسى وسائل إلزامية للتكافل فإنه أيضا فتح الباب أمام التطوع وذلك من خلال تشريعه لوسائل التكافل التطوعية والتي منها :
الوقف :
فقد شرع الإسلام الوقف وجعله من أفضل الأعمال وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية "وعلم ينتفع به" وولد صالح يدعو له " [ مسلم ] ومعنى الوقف أن يتبرع المسلم بعين تبقى لمدة من الزمن لجهة معينة شريطة عدم التصرف في العين مع الاستفادة من منافعها وغلاتها وذلك كعمارة سكنية أو استثمارية أو أرض زراعية أو غير ذلك وقد عرف الوقف في التاريخ الإسلامي بكثرته وتنوع مصادره وتعدد أهدافه وجهاته حيث شكل مرفقا حيويا للمجتمع يقوم حتى بالوظائف العامة والأمن والرعاية الاجتماعية للفئات المحتاجة .
الوصية :
وهي أن يوصي الشخص عند موته بنسبة من ماله لشخص معين أو جهة معينة أو جماعة من الناس بأعيانهم أو بأوصافهم أو أي جهة من جهات الخير وقد رغب الإسلام في الوصية قال الله تعالى : "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف" [البقرة : 180 ] وقال صلى الله عليه وسلم : " إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند موتكم "[ أبو داود ] إلا أن الإسلام وازن بين حقوق الورثة والموصي إليهم حيث منع الوصية بأكثر من الثلث اعتبارا لحق الورثة ومراعاة لظروفهم بعد الميت وقد سأل أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سعد بن أبي قاص سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :" إني رجل ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي أ فأوصي بثلثي مالي؟ قال : لا الثلث والثلث كثير إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس " [ البخاري و مسلم ]
العارية :
وهي تمكين الشخص غيره من استخدام وسائله مجانا شريطة أن يردها له وقد حث الإسلام على هذا الأسلوب من التعاون والتكافل لما له من آثار إيجابية وبناءة في غرس المحبة بين أفراد المجتمع وفي تقوية العلاقات الاجتماعية وإقامتها على المشاركة والتعاون ، وأنكر على من يمنع هذا الحق ما دام لا يلحق به ضررا وقرنه بالتقصير في الصلاة وهي من أهم أركان الإسلام " فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون " [ الماعون :4-7 ] والماعون لفظ يطلق على الأدوات والوسائل التي تستخدم في مختلف المنا شط .
وجعل الإسلام في مقابل هذا الحق وجوب الوفاء بالجميل للمعير برد أدواته إليه مع المحافظة عليها وصيانتها عن التلف قال الله تعالى : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " [ النساء : 58 ] "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون" [ المؤمنون : 8 ] الهدية والهبة
وقد حث الإسلام على تبادل الهدايا ذاكرا دورها في تقوية النسيج الاجتماعي وإشاعة روح الألفة والمودة بين أفراد المجتمع،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تهادوا فإن الهدية تذهب وغر الصدر " [ مسند احمد ]
مسؤولية الدولة
وإذا كان الإسلام قد أعطى عناية كبيرة لوسائل التكافل الفردية فإنه لم يكتف بها بل أقام إلى جانبها الوسائل العامة التي جعلها من مسؤولية الدولة وواجباتها الاجتماعية .
ومن أهم هذه الوسائل :
تأمين موارد المال العام .
وذلك باستثمار المحيط الطبيعي للدولة وما ينطوي عليه من ثروات باستخراج معادن الأرض وكنوز البحار وكافة الثروات التي أودعها الله في الكون واستخلف فيها الإنسان وجعله سلطانا على تسخيرها والانتفاع بها في حياته ليتحقق أقصى حد للرفاهية الاجتماعية الشاملة التي لا تقتصر على فئة دون فئة أو مجال دون آخر . ولو أن كل دولة قامت بواجبها في هذا المجال وزرعت نتائج هذه المصادر بالقسط خدمات عامة وفرص عمل لأقبلت المجتمعات الإنسانية كلها على نهضة جبارة .
إيجاد فرص عمل للقادرين عليه
وذلك بالبحث عن أفضل الحلول لمواجهة البطالة وإقامة المشاريع البناءة التي تساهم في النهضة العامة وتوفر في ذات الوقت فرص العمل للأيدي العاطلة بعدالة تامة ومراعاة للحاجات العامة وإعطاء الأولوية للفئات الفقيرة المحرومة، ونذكر هنا تلك الحادثة التي لها دلالتها حيث جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله فأعطاه درهما وأمره أن يشتري به فأسا ويذهب إلى الغابة فيحتطب ويأتيه بعد فترة فلما جاءه أخبره أنه وفرا قدرا من المال لحاجته وتصدق بالبعض الآخر فقال صلى الله عليه وسلم: " لأن يأخذ أحدكم حبله ويحتطب خيرا له من أن يسأل الناس أعطوه أم منعوه " [ البخاري ]

تنظيم وسائل التكافل الفردي
فالدولة مسؤولة عن تنظيم الوسائل الفردية للتكافل- سابقة الذكر- وخاصة الزكاة والوقف، وذلك بإقامة السياسات اللازمة لتحقيق أهداف تلك الوسائل المتمثلة في القضاء على الفقر وتقريب الهوة الاجتماعية بين الموسرين والمحرومين، وإيجاد الضمانات اللازمة لتحقيق ذلك. وفي هذا السياق يأتي الأمر في القرآن للرسول صلى الله عليه وسلم ولمن يقوم بالولاية العامة على المسلمين من بعده ." خذ من أموالهم صدقة " [ التوبة : 103 ]
الاستفادة من أموال الأغنياء عند الحاجة .
فعند ما يتعرض المجتمع لأوضاع غير عادية يصل فيها التفاوت الاجتماعي إلى حد غير مأمون وتعجز الدولة بمواردها العامة عن تلبية الحاجات الاجتماعية وعن القيام بوظائفها وواجباتها تجاه المجتمع، فلا مانع، بل يجب في رأي معظم فقهاء الإسلام- أن تفرض الدولة في أموال الأغنياء ما يحقق ذلك حتى تعود الأوضاع إلى حالتها السوية على أن تكون في ذلك قوامة بالقسط وأن تكون الدوافع الحقيقية هي خدمة الصالح العام .
من الندوة العالمية للشباب الإسلامي