كيف سترد روسيا على اي هجوم على ايران
مرسل: السبت ديسمبر 15, 2012 6:56 pm
مع تصاعد النشاط الدولي حول البرنامج النووي الايراني، يبدو ان مسألة الحرب المحتملة ضد ايران تطرح على مركز جدول الاعمال في روسيا ايضا. يمكن ان نلاحظ ايضا تصاعد النشاط الدبلوماسي، وكذا الاستعداد الامني ووجود نقاش جماهيري آخذ في الاتساع، يعكس خلافات الرأي في النظام الروسي .
على المستوى الدبلوماسي والاعلامي يجري نشاط روسي متفرع منذ زمن، آخذ في نيل الزخم بالتوازي مع اشتداد الضغوط الدولية في الموضوع الايراني. والى ذلك، فان الموقف الروسي بالنسبة للبرنامج النووي الايراني اجتاز عدة تغييرات، وبخاصة، منذ نشر تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية .
فاذا كانت قبل ذلك رفضت روسيا الاعتراف بوجود البرنامج الايراني، فان الموقف الحالي يعتقد بأن روسيا تتعاطى بسلبية مع البرنامج النووي وترى فيه تهديدا على المنظومة الدولية وعلى روسيا نفسها، ولكن لا يزال لا توجد أدلة لا لبس فيها عن وجوده (وإن كان هناك من يعتقد بأن ايران في الطريق لأن تصبح دولة، أو أصبحت منذ الآن، دولة على الحافة)؛ على الأسرة الدولية ان تعمل على احتواء البرنامج، ولكن ليس من خلال العقوبات، التي على أي حال ليست ناجعة ولن تحقق هدفها؛ وبالطبع، لا يجب العمل بالطريق العسكري، والذي يعرض بأنه 'كارثة' تنطوي على آثار هدامة سواء على المستوى الاقليمي أم على المستوى العالمي .
الحل الوحيد هو الحل الدبلوماسي، وروسيا اليوم تؤيد عقد مفاوضات بين الأسرة الدولية وايران، في ظل تعاون روسي مع الغرب .
والى ذلك، تؤمن روسيا بأن لديها القدرة الحقيقية في التأثير على ايران ومعقول ان تتوقع ترجمة ذلك الى نقاط استحقاق في الساحة الدولية. وبالفعل، من المتوقع لروسيا ان تشارك مشاركة فاعلة في محادثات 'الستة' القريبة القادمة .
هذا، على المستوى الدبلوماسي. ولكن بالتوازي، تنطلق في روسيا اصوات، ذات صلاحية كبيرة كما يجدر القول، واثقة من ان الهجوم على ايران هو موضوع منته ومرتقب في الاشهر القريبة القادمة. خلف هذا الهجوم، حتى لو نفذته اسرائيل، هناك من يشخص نية الولايات المتحدة لحرب شاملة ضد ايران. ويفسر الامر كتهديد على المصالح الروسية، بسبب هجوم على حليف لها وعضو في محور سياسي تقوده روسيا. فضلا عن ذلك، فان هذه الحرب ستنتقل الى خارج حدود ايران، ضمن امور اخرى الى مجال المصالح الجغرافية السياسية لروسيا، ولا سيما في القوقاز، حيث ان دول المنطقة 'ستُجتذب اليها '.
هذه الدول هي اذربيجان وجورجيا، اللتين تشكلان معا عنصرا في محور استراتيجي غربي (وفي هذا السياق دُرج على ذكر اسرائيل ايضا، مما يمنع، في واقع الامر، مسارات الوصول الروسية جنوبا، ضمن امور اخرى الى حدود ايران. من جنوبهما توجد ارمينيا، التي تُعرض كعضو في محور روسي ايراني، حيث تنتشر ايضا وحدات عسكرية روسية. في هذا الاطار يُذكر السيناريو الذي بموجبه قد تقع مواجهة بين دول القوقاز هذه، بينها وبين نفسها (ويوجد لذلك ما يكفي من الاسباب التي تراكمت في السنوات الاخيرة)، وسيتعين على روسيا ان تتدخل وتشق طريقها الى الجنوب، في اراضي هذه الدول، لتقديم المساعدة لحلفائها ـ ارمينيا وايران. فضلا عن ذلك، فمنذ زمن بعيد تنطلق رسائل ذات طابع مقلق من تيار اللاجئين الكبير المرتقب، لسبب ما، في ان يفر شمالا من ايران المتعرضة للهجوم، نحو اراضي دول القوقاز وأخيرا الى روسيا نفسها. وحتى لو بدت هذه الحجة ضعيفة بعض الشيء، فانها أصبحت مبررا (اعلاميا) مركزيا لتقديرات روسية أمنية في المجال. الموضوع قيد البحث لم يتبق في البُعد النظري فقط، حيث انه في الاشهر الاخيرة تنفذ في روسيا استعدادات للحرب موضع الحديث في المستوى العملي ايضا، بما في ذلك بلورة حلول عملياتية ولوجستية لاعداد الرقابة الاقليمية الجنوبية لروسيا لمواجهة محتملة، في ظل تنفيذ مناورات للقيادات الاستراتيجية وللفيالق، وعلى رأسها في مجال القتال الكيماوي. يتم تعزيز للقوات المنتشرة أمام ساحة المواجهة، والتي يفترض ان تشمل مناطق خلف القوقاز، بما في ذلك مناطق بحر قزوين، البحر الاسود والبحر المتوسط .
بالفعل، يجدر بنا ان نذكر هنا التوتر الروسي التركي الحالي، حيث ان تركيا من شأنها ان تصبح خصما عمليا لروسيا؛ وكذا عمل الاسطول الروسي في الحوض الشرقي من البحر المتوسط، عقب الاحتكاك مع الاتراك في مياه قبرص واستعراض التواجد المتواصل أمام شواطيء سوريا، حليفة روسيا في ذات المحور (وسيكون من المعقول ان نرفق في هذا السياق موضع الحديث سلوك روسيا في السنة الاخيرة في الموضوع السوري (.
كل ما قيل أعلاه بدأ مؤخرا يتسلل الى وسائل الاعلام حيث أنه بالتوازي يبدو أنه يجري نوع ما من النقاش الجماهيري حول المسألة الايرانية، يشارك فيه كبار السياسيين، العسكريين، الخبراء من الاكاديميا في روسيا. عموما، يمكن ان نشخص في هذا النقاش الجماهيري معسكرين اثنين: معسكر مؤيدي الحرب، وعلى ألسنتهم شعارات مناهضة للغرب ودعوة الى عمل عنيف تحقيقا للمصالح الروسية الاقليمية والعالمية، في ظل استغلال الوضع ايضا لحل مسائل جغرافية مرافقة سواء في القوقاز أم في الشرق الاوسط. ثمة من يدعون الى ازالة التهديد عن حليفتهم، ايران، من خلال عرقلة العقوبات، بلورة تحالف مناهض للغرب بل والتهديد بسلاح استراتيجي. بعضهم، يتبنون حتى الرأي الايجابي بالنسبة للنية الايرانية لتحقيق السلاح النووي، كوسيلة لتعظيم الاستقرار الاقليمي، بالذات .
من الجهة الاخرى، يلحظ وجود محافل، اكاديمية وجماهيرية، تقف ضد طبول الحرب في روسيا. وعلى ألسنتهم الحجة بأنه في روسيا توجد عناصر معنية باندلاع حرب في ايران وبتدخل روسي فيها. وهؤلاء يحذرون من الآثار الهدامة لهذا النهج ويدعون الى إبقاء الطموح الدولي في الظل، ووقوف روسيا بوضوح الى جانب الأسرة الدولية والعمل المشترك لاحتواء البرنامج النووي لايران، سواء من خلال الحوار أم من خلال ممارسة الضغوط الدولية المنسقة .
ينشأ الانطباع بأنه في روسيا لا يزال لا يوجد موقف متبلور وموحد، على الأقل تجاه الخارج، في موضوع السلوك اذا ما تعرضت ايران للهجوم اذا ما وعندما يتم. سطحيا يبدو انه يوجد خلاف، يعكس ترددات الى جانب طموحات، على حد سواء. ولكن، الاستعدادات لرد عسكري على هجوم على ايران تبدو هي ايضا 'حقيقية'. في هذا السياق، لا يدور الحديث أغلب الظن عن اهتمام روسيا بتدخل عسكري مباشر في الاراضي الايرانية بل عن عملية وفقا لواحد من السيناريوهين التاليين، مع امكانية اندماجهما :
1 ـ السيناريو الاول يستهدف استعراض القوة، يحتمل من خلال تحريك وحدات عسكرية الى الحدود الايرانية، وربما ايضا 'رفع علم' في أرجاء بحر قزوين، الاسود والمتوسط، وذلك، في ظل اطلاق خطاب بارز من اجل نيل نقاط استحقاق دولية (يكفي ان نذكر الحاجة الروسية الى اصلاح اضرار 'الربيع العربي ('.
2 ـ في السيناريو الثاني يحتمل ان يكون الحديث يدور عن استغلال الهجوم على ايران، اذا ما تطورت الظروف المناسبة لذلك، للدفع الى الأمام بالمصالح الجغرافية السياسية الروسية في منطقة القوقاز، في ظل تحريك القوات نحو اذربيجان وجورجيا، من اجل مساعدة حلفائهم، حل مشاكل (مثل تدفق اللاجئين) وشروحات اخرى هنا وهناك .
على أي حال، يبدو أنه في روسيا توجد معضلة، في سياقها يجري الآن نقاش مشحون وذو آثار على كل الأطراف ذات الصلة .
على المستوى الدبلوماسي والاعلامي يجري نشاط روسي متفرع منذ زمن، آخذ في نيل الزخم بالتوازي مع اشتداد الضغوط الدولية في الموضوع الايراني. والى ذلك، فان الموقف الروسي بالنسبة للبرنامج النووي الايراني اجتاز عدة تغييرات، وبخاصة، منذ نشر تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية .
فاذا كانت قبل ذلك رفضت روسيا الاعتراف بوجود البرنامج الايراني، فان الموقف الحالي يعتقد بأن روسيا تتعاطى بسلبية مع البرنامج النووي وترى فيه تهديدا على المنظومة الدولية وعلى روسيا نفسها، ولكن لا يزال لا توجد أدلة لا لبس فيها عن وجوده (وإن كان هناك من يعتقد بأن ايران في الطريق لأن تصبح دولة، أو أصبحت منذ الآن، دولة على الحافة)؛ على الأسرة الدولية ان تعمل على احتواء البرنامج، ولكن ليس من خلال العقوبات، التي على أي حال ليست ناجعة ولن تحقق هدفها؛ وبالطبع، لا يجب العمل بالطريق العسكري، والذي يعرض بأنه 'كارثة' تنطوي على آثار هدامة سواء على المستوى الاقليمي أم على المستوى العالمي .
الحل الوحيد هو الحل الدبلوماسي، وروسيا اليوم تؤيد عقد مفاوضات بين الأسرة الدولية وايران، في ظل تعاون روسي مع الغرب .
والى ذلك، تؤمن روسيا بأن لديها القدرة الحقيقية في التأثير على ايران ومعقول ان تتوقع ترجمة ذلك الى نقاط استحقاق في الساحة الدولية. وبالفعل، من المتوقع لروسيا ان تشارك مشاركة فاعلة في محادثات 'الستة' القريبة القادمة .
هذا، على المستوى الدبلوماسي. ولكن بالتوازي، تنطلق في روسيا اصوات، ذات صلاحية كبيرة كما يجدر القول، واثقة من ان الهجوم على ايران هو موضوع منته ومرتقب في الاشهر القريبة القادمة. خلف هذا الهجوم، حتى لو نفذته اسرائيل، هناك من يشخص نية الولايات المتحدة لحرب شاملة ضد ايران. ويفسر الامر كتهديد على المصالح الروسية، بسبب هجوم على حليف لها وعضو في محور سياسي تقوده روسيا. فضلا عن ذلك، فان هذه الحرب ستنتقل الى خارج حدود ايران، ضمن امور اخرى الى مجال المصالح الجغرافية السياسية لروسيا، ولا سيما في القوقاز، حيث ان دول المنطقة 'ستُجتذب اليها '.
هذه الدول هي اذربيجان وجورجيا، اللتين تشكلان معا عنصرا في محور استراتيجي غربي (وفي هذا السياق دُرج على ذكر اسرائيل ايضا، مما يمنع، في واقع الامر، مسارات الوصول الروسية جنوبا، ضمن امور اخرى الى حدود ايران. من جنوبهما توجد ارمينيا، التي تُعرض كعضو في محور روسي ايراني، حيث تنتشر ايضا وحدات عسكرية روسية. في هذا الاطار يُذكر السيناريو الذي بموجبه قد تقع مواجهة بين دول القوقاز هذه، بينها وبين نفسها (ويوجد لذلك ما يكفي من الاسباب التي تراكمت في السنوات الاخيرة)، وسيتعين على روسيا ان تتدخل وتشق طريقها الى الجنوب، في اراضي هذه الدول، لتقديم المساعدة لحلفائها ـ ارمينيا وايران. فضلا عن ذلك، فمنذ زمن بعيد تنطلق رسائل ذات طابع مقلق من تيار اللاجئين الكبير المرتقب، لسبب ما، في ان يفر شمالا من ايران المتعرضة للهجوم، نحو اراضي دول القوقاز وأخيرا الى روسيا نفسها. وحتى لو بدت هذه الحجة ضعيفة بعض الشيء، فانها أصبحت مبررا (اعلاميا) مركزيا لتقديرات روسية أمنية في المجال. الموضوع قيد البحث لم يتبق في البُعد النظري فقط، حيث انه في الاشهر الاخيرة تنفذ في روسيا استعدادات للحرب موضع الحديث في المستوى العملي ايضا، بما في ذلك بلورة حلول عملياتية ولوجستية لاعداد الرقابة الاقليمية الجنوبية لروسيا لمواجهة محتملة، في ظل تنفيذ مناورات للقيادات الاستراتيجية وللفيالق، وعلى رأسها في مجال القتال الكيماوي. يتم تعزيز للقوات المنتشرة أمام ساحة المواجهة، والتي يفترض ان تشمل مناطق خلف القوقاز، بما في ذلك مناطق بحر قزوين، البحر الاسود والبحر المتوسط .
بالفعل، يجدر بنا ان نذكر هنا التوتر الروسي التركي الحالي، حيث ان تركيا من شأنها ان تصبح خصما عمليا لروسيا؛ وكذا عمل الاسطول الروسي في الحوض الشرقي من البحر المتوسط، عقب الاحتكاك مع الاتراك في مياه قبرص واستعراض التواجد المتواصل أمام شواطيء سوريا، حليفة روسيا في ذات المحور (وسيكون من المعقول ان نرفق في هذا السياق موضع الحديث سلوك روسيا في السنة الاخيرة في الموضوع السوري (.
كل ما قيل أعلاه بدأ مؤخرا يتسلل الى وسائل الاعلام حيث أنه بالتوازي يبدو أنه يجري نوع ما من النقاش الجماهيري حول المسألة الايرانية، يشارك فيه كبار السياسيين، العسكريين، الخبراء من الاكاديميا في روسيا. عموما، يمكن ان نشخص في هذا النقاش الجماهيري معسكرين اثنين: معسكر مؤيدي الحرب، وعلى ألسنتهم شعارات مناهضة للغرب ودعوة الى عمل عنيف تحقيقا للمصالح الروسية الاقليمية والعالمية، في ظل استغلال الوضع ايضا لحل مسائل جغرافية مرافقة سواء في القوقاز أم في الشرق الاوسط. ثمة من يدعون الى ازالة التهديد عن حليفتهم، ايران، من خلال عرقلة العقوبات، بلورة تحالف مناهض للغرب بل والتهديد بسلاح استراتيجي. بعضهم، يتبنون حتى الرأي الايجابي بالنسبة للنية الايرانية لتحقيق السلاح النووي، كوسيلة لتعظيم الاستقرار الاقليمي، بالذات .
من الجهة الاخرى، يلحظ وجود محافل، اكاديمية وجماهيرية، تقف ضد طبول الحرب في روسيا. وعلى ألسنتهم الحجة بأنه في روسيا توجد عناصر معنية باندلاع حرب في ايران وبتدخل روسي فيها. وهؤلاء يحذرون من الآثار الهدامة لهذا النهج ويدعون الى إبقاء الطموح الدولي في الظل، ووقوف روسيا بوضوح الى جانب الأسرة الدولية والعمل المشترك لاحتواء البرنامج النووي لايران، سواء من خلال الحوار أم من خلال ممارسة الضغوط الدولية المنسقة .
ينشأ الانطباع بأنه في روسيا لا يزال لا يوجد موقف متبلور وموحد، على الأقل تجاه الخارج، في موضوع السلوك اذا ما تعرضت ايران للهجوم اذا ما وعندما يتم. سطحيا يبدو انه يوجد خلاف، يعكس ترددات الى جانب طموحات، على حد سواء. ولكن، الاستعدادات لرد عسكري على هجوم على ايران تبدو هي ايضا 'حقيقية'. في هذا السياق، لا يدور الحديث أغلب الظن عن اهتمام روسيا بتدخل عسكري مباشر في الاراضي الايرانية بل عن عملية وفقا لواحد من السيناريوهين التاليين، مع امكانية اندماجهما :
1 ـ السيناريو الاول يستهدف استعراض القوة، يحتمل من خلال تحريك وحدات عسكرية الى الحدود الايرانية، وربما ايضا 'رفع علم' في أرجاء بحر قزوين، الاسود والمتوسط، وذلك، في ظل اطلاق خطاب بارز من اجل نيل نقاط استحقاق دولية (يكفي ان نذكر الحاجة الروسية الى اصلاح اضرار 'الربيع العربي ('.
2 ـ في السيناريو الثاني يحتمل ان يكون الحديث يدور عن استغلال الهجوم على ايران، اذا ما تطورت الظروف المناسبة لذلك، للدفع الى الأمام بالمصالح الجغرافية السياسية الروسية في منطقة القوقاز، في ظل تحريك القوات نحو اذربيجان وجورجيا، من اجل مساعدة حلفائهم، حل مشاكل (مثل تدفق اللاجئين) وشروحات اخرى هنا وهناك .
على أي حال، يبدو أنه في روسيا توجد معضلة، في سياقها يجري الآن نقاش مشحون وذو آثار على كل الأطراف ذات الصلة .