هل وصلت الكويت الى نقطه تحول تاريخيه
مرسل: السبت ديسمبر 15, 2012 6:58 pm
العديد من المؤشرات توحي بذلك، للوهلة الأولى،: من انقلاب الاحتجاجات السياسية إلى مظاهرات شعبية ضخمة، ومن المناكفات القانونية والدستورية بين الحكّام والمحكومين إلى وضع سيف الأمن قيد الاستعمال. هذا في حين بدأت الأمور تتجه بين النظام والمعارضة نحو استقطاب حاد لا مجال فيها للتسويات والصفقات، سواء المؤقت منها أو ذلك الذي يتمتع بقدر من الديمومة. وكل هذا يجري على خلفية ربيع عربي أسقط رؤوس جمهورية وهزّ، ولايزال، عروشاً ملكية، الأمر الذي شجع الكثيرين على الاستنتاج بأن نسائم هذا الربيع ضربت أخيراً سواحل الكويت.
بيد أن الأمور ليست على هذا النحو.
صحيح أن الإسلاميين وحلفائهم القبلييين استقووا بالانتصارات الإسلامية الكاسحة في أكبر دولة عربية (مصر) وفي المقر العام لثورات الربيع (تونس) والحبل لايزال على الجرار، ليصعِّدوا مواقفهم المطالبة بحكومة منتخبة والحد من هيمنة آل الصباح على السلطة التنفيذية، إلا أن مايجري في الكويت خاص بالكويت، وهو بالتالي ليس ربيعاً عربياً جديدا أو متكاملا.
إنه بالأحرى صراع بين النخب السياسية نفسها التي تتنافس على السياسية والاقتصادية منذ عقود من دون القدرة على الوصول إلى حلول ما، الأمر الذي جعل البلاد في حالة أزمة سياسية ودستورية دائمة شبيهة بشعار تروتسكي في "الثورة الدائمة" التي لاتصل إلى شيء أو "الفوضى الخلاقة" الأميركية التي لا تخلق شيئا: فلا النظام الإماري راغب في التقدم خطوة ولو محدودة إلى الأمام نحو الملكية الدستورية، ولا المعارضة على أنواعها قادرة على تقديم بديل فعلي له.
وهذا ما قد يجعل الأزمة الراهنة في الكويت، على رغم خطورتها الشديدة وضخامة القوى المنخرطة فيها، مجرد تكرار لحوادث الماضي أكثر منها استيلاد لمستقبل جديد.
الأدلة؟
أنها كثيرة: فالمعارضة الإسلامية والقبلية التي تقود الحركة الاحتجاجية الراهنة لم تأت على ظهر الجواد الشبابي والليبرالي والطبقة الوسطى(كما في مصر وتونس وليبيا) بل هي فشلت في إغراء هذه القوى، ومعهم الشيعة، بالانخراط في "ثورة دستورية" ترفع شعار المصالح السياسية المشتركة، لا بل هي أثارت ذعرها أيضا.
ومن الداخل إلى الخارج: فالانتفاضة الإسلامية- القبلية تأتي في وقت تستنفر فيه القوى الملكية في دول الخليج كل طاقاتها وإمكاناتها لإجهاض أي تحرّك مهما كان ضئيلاً نحو الملكية الدستورية، وهي باتت ترتاب في كل حركة إسلام سياسي تشبه أو تقترب من صورة الإخوان المسلمين. وهذا ماقد يدفعها في لحظة ما إلى عدم التردد في تكرار السيناريو البحريني في الكويت.
وفوق هذا وذاك، لايبدو وارداً أن تكون الولايات المتحدة في موقع من يدعم المطالب الإصلاحية في دولة تحوّلت بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق إلى أكبر قاعدة عسكرية لها في الشرق الأوسط، خاصة وأن هذه المطالب تفتقد إلى دعم الليبراليين والطبقة الوسطى والشيعة.
باختصار، تعاني الانتفاضة الكويتية الراهنة من ثغرات داخلية خطيرة(حيث أثبتت سياسات أطرافها الإسلامية والقبلية حين فازت بأغلبية مقاعد البرلمان أنها لا تمتلك رؤية استراتيجية واضحة وبديلة عن النظام الحالي) ومعوقات خارجية أخطر(أجواء التشنج الراهنة في السعودية والإمارات ضد الإصلاحات، وسياسة النأي بالنفس الأميركية). وهذا ماقد يجعل نقطة التحوُّل المفترضة في الكويت، مجرد تحوّل يدور حول نفسه في دائرة مغلقة، أو على الأقل شبه مغلقة.
لكن، هل يعني كل ذلك أن دول الخليج، وباقي الملكيات العربية، ستكون محصنة دوماً ضد نسائم الربيع،وقادرة دوماً على مواصلة السير في عكس تيار التاريخ الراهن في المنطقة إلى ما لا نهاية؟
كلا. والاسباب عديدة.
بيد أن الأمور ليست على هذا النحو.
صحيح أن الإسلاميين وحلفائهم القبلييين استقووا بالانتصارات الإسلامية الكاسحة في أكبر دولة عربية (مصر) وفي المقر العام لثورات الربيع (تونس) والحبل لايزال على الجرار، ليصعِّدوا مواقفهم المطالبة بحكومة منتخبة والحد من هيمنة آل الصباح على السلطة التنفيذية، إلا أن مايجري في الكويت خاص بالكويت، وهو بالتالي ليس ربيعاً عربياً جديدا أو متكاملا.
إنه بالأحرى صراع بين النخب السياسية نفسها التي تتنافس على السياسية والاقتصادية منذ عقود من دون القدرة على الوصول إلى حلول ما، الأمر الذي جعل البلاد في حالة أزمة سياسية ودستورية دائمة شبيهة بشعار تروتسكي في "الثورة الدائمة" التي لاتصل إلى شيء أو "الفوضى الخلاقة" الأميركية التي لا تخلق شيئا: فلا النظام الإماري راغب في التقدم خطوة ولو محدودة إلى الأمام نحو الملكية الدستورية، ولا المعارضة على أنواعها قادرة على تقديم بديل فعلي له.
وهذا ما قد يجعل الأزمة الراهنة في الكويت، على رغم خطورتها الشديدة وضخامة القوى المنخرطة فيها، مجرد تكرار لحوادث الماضي أكثر منها استيلاد لمستقبل جديد.
الأدلة؟
أنها كثيرة: فالمعارضة الإسلامية والقبلية التي تقود الحركة الاحتجاجية الراهنة لم تأت على ظهر الجواد الشبابي والليبرالي والطبقة الوسطى(كما في مصر وتونس وليبيا) بل هي فشلت في إغراء هذه القوى، ومعهم الشيعة، بالانخراط في "ثورة دستورية" ترفع شعار المصالح السياسية المشتركة، لا بل هي أثارت ذعرها أيضا.
ومن الداخل إلى الخارج: فالانتفاضة الإسلامية- القبلية تأتي في وقت تستنفر فيه القوى الملكية في دول الخليج كل طاقاتها وإمكاناتها لإجهاض أي تحرّك مهما كان ضئيلاً نحو الملكية الدستورية، وهي باتت ترتاب في كل حركة إسلام سياسي تشبه أو تقترب من صورة الإخوان المسلمين. وهذا ماقد يدفعها في لحظة ما إلى عدم التردد في تكرار السيناريو البحريني في الكويت.
وفوق هذا وذاك، لايبدو وارداً أن تكون الولايات المتحدة في موقع من يدعم المطالب الإصلاحية في دولة تحوّلت بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق إلى أكبر قاعدة عسكرية لها في الشرق الأوسط، خاصة وأن هذه المطالب تفتقد إلى دعم الليبراليين والطبقة الوسطى والشيعة.
باختصار، تعاني الانتفاضة الكويتية الراهنة من ثغرات داخلية خطيرة(حيث أثبتت سياسات أطرافها الإسلامية والقبلية حين فازت بأغلبية مقاعد البرلمان أنها لا تمتلك رؤية استراتيجية واضحة وبديلة عن النظام الحالي) ومعوقات خارجية أخطر(أجواء التشنج الراهنة في السعودية والإمارات ضد الإصلاحات، وسياسة النأي بالنفس الأميركية). وهذا ماقد يجعل نقطة التحوُّل المفترضة في الكويت، مجرد تحوّل يدور حول نفسه في دائرة مغلقة، أو على الأقل شبه مغلقة.
لكن، هل يعني كل ذلك أن دول الخليج، وباقي الملكيات العربية، ستكون محصنة دوماً ضد نسائم الربيع،وقادرة دوماً على مواصلة السير في عكس تيار التاريخ الراهن في المنطقة إلى ما لا نهاية؟
كلا. والاسباب عديدة.