- السبت ديسمبر 15, 2012 9:47 pm
#57303
أمريكا والقضية الفلسطينية
هل هناك تحول استراتيجي في الموقف الأمريكي؟
يشكل خطاب أوباما الذي اقترح فيه عودة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى التفاوض خطوة كبيرة إلى الخلف بالنسبة للموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية، وذلك بالرغم من مطالبة الطرفين باعتبار خطوط 1967 أساسا لترسيم الحدود بين الدولة الفلسطينية المقترحة وإسرائيل. إذ بدلا من تقديم أفكار جديدة تساعد على إحياء عملية التفاوض، قام أوباما بالتغاضي عن ذكر قضايا النزاع الأخرى التي لا يمكن احلال سلام دون حلها. وحيث أن أوباما يعلم تماما أن تلك القضايا هي جزء لا يتجزأ من الصراع العربي الصهيوني، فإن إهمالها يشير إلى تغير استراتيجي في الموقف الأمريكي، أو ربما يؤكد موقفا أمريكيا ثابتا كنا نجهله.
نعم.. لقد طالب أوباما الطرفين بالتفاوض، لكنه وضع ما يكفي من العراقيل لفشل عملية التفاوض قبل أن تبدأ، بل قام بالفعل بجعل احتمالات العودة للتفاوض شبه مستحيلة. ولقد جاءت العراقيل التي وضعها أوباما لأول مرة لتعكس مدى التحول في الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية، ويمكن تحديد تلك العراقيل في النقاط التالية:
1. مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية.
2. مطالبة السلطة الوطنية الفلسطينية بالرجوع عن الاتفاق مع حماس.
3. القول بأن إمريكا لن تسمح بتوجيه النقد لإسرائيل في المحافل الدولية.
إن مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية تعني مطالبتهم بالتنازل عن حق العودة، كما تعني أيضا قبول أمريكا بعمليات التطهير العرقي التي قامت بها إسرائيل منذ عام 1948 ضد الشعب الفلسطيني. وما دام هناك اعتراف أمريكي بأن إسرائيل دولة يهودية، فإن اعترافا فلسطينيا إضافيا يعطي إسرائيل ما تحتاجه من أعذار لاستكمال عملية التطهير العرقي ضد الفلسطينيين وطرد عرب الداخل من بيوتهم ومدنهم وقراهم في حيفا ويافا والرملة والناصرة والقدس وعكا وغيرها من مدن وقرى محتلة منذ عام 1948 وتهجيرهم من وطنهم. وما دامت حدود الدولة الفلسطينية المقترحة سيتم تعديلها لتمكين إسرائيل من ضم معظم المستعمرات اليهودية في الضفة الغربية، فإن عمليات التطهير العرقي سوف تطال العديد من القرى الفلسطينية في الضفة بموافقة أمريكية. وحيث أنه ليس من الممكن لأي طرف فلسطيني أن يقبل بمثل هذه الشروط والنتائج المترتبة عليها، فإن اقتراح أوباما بالعودة لعملية التفاوض ليس اقتراحا جديا، بل حيلة للخروج من مأزق سياسي داخلي، ومحاولة للتحايل على السعودية وخداع العرب.
أما مطالبة السلطة الوطنية بالرجوع عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع حماس، وذلك باعتبار حماس "منظمة إرهابية"، فيعني ببساطة أن أمريكا لا تريد أولا أن ترى الشعب الفلسطيني موحدا، ولا تريد ثانيا التوصل لاتفاق سلمي من الممكن أن يحظى بموافقة غالبية الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع. إن كافة الاطراف المعنية تعلم تماما أن تسوية سياسية لا تحظى بقبول أغلبية الشعب الفلسطيني وقواه السياسية لن يُكتب لها النجاح ولن تُطبق على الأرض. لذلك تبدو محاولة عزل حماس هي في حد ذاتها محاولة لإفشال عملية التفاوض في حالة العودة إليها. ومما يؤكد هذه النوايا أن أمريكا سارعت بالضغط على فرنسا لسحب مبادرتها الرامية لجمع الفلسطينيين والإسرائيليين بعد أن قبلها الرئيس عباس وقبل أن يرفضها نتنياهو.
المطلوب أمريكيا إذن ليس بدء جولة مفاوضات جديدة، بل إفشال أية مبادرة تبدو جادة وتحميل الفلسطينيين والعرب مسئولية الفشل.
حين طالب أوباما، أستاذ القانون سابقا، بالاعتراف بإسرايل دولة يهودية، كان أوباما يخالف روح الدستور الأمريكي الذي يفصل الدولة عن الدين فصلا تاما. إن كل دولة تقوم على دين هي دولة عنصرية، تقول لمواطنيها من أتباع الديانات الأخرى بأن الدولة ليست لهم، وأن الوطن ليس وطنهم، وأنهم ليسوا شركاء، مما يفتح المجال أمامها لمعاملتهم كأجانب يقيمون مؤقتا في أراضيها أو عبيد ليس لهم حقوق سياسية أو إنسانية. من ناحية أخرى، حين قال أوباما إن أمريكا لن تسمح بتوجيه النقد لإسرائيل في المحافل الدولية جاءت أقواله مخالفة للعملية الديمقراطية التي تقوم أصلا على النقد والحوار. وحين حذر أوباما الفلسطينيين من الذهاب إلى الأمم المتحدة مطالبين المجتمع الدولي بالاعتراف بهم، كان أوباما يناقض فكرة حق تقرير المصير بالنسبة للشعوب كما تنص عليه مبادئ الأمم المتحدة.
سمعت زبغنيو برجنسكي مستشار الأمن القومي للرئيس كارتر يجيب عن سؤال حول الوضع في كوريا قائلا "إن الوضع الحالي هو الأفضل بالنسبة لنا لأنه يخدم المصالح الأمريكية". وهذا يعني بوضوح بالغ أن أمريكا لا تريد حلا للمشكلة الكورية، بل ترى مصلحتها في بقاء الوضع المتوتر الراهن على حاله. قبل بضعة أشهر، سألت مسئولا صينيا كبيرا أثناء الحوار الفكري العربي الصيني الذي دار في بكين عن سبب عدم قيام الصين بمساعدة كوريا الشمالية كي تنمو وتتخلص من المجاعات والفقر، لكن المسئول لم يجبني على سؤالي، وكأنه يقول صامتا ما قاله برجنسكي بصوت مسموع. من ناحية ثانية، تحتفظ أمريكا اليوم بعلاقات وطيدة مع الهند، وتتمتع بسطوة في باكستان تسمح لها باستباحة أرض وسماء وبحار وحياة سكان باكستان. وهذا يعني أن أمريكا تملك ما يكفي من النفوذ للتأثير في مواقف الهند وباكستان لحل مشكلة كشمير. لكن أمريكا، وعلى الرغم من إدراكها الكامل أن مشلكة كشمير هي أهم مصادر التطرف والارهاب في باكستان والهند، لم تحاول أن تستخدم ما لديها من نفوذ لحل تلك المشكلة. تقودني هذه الحقائق إلى استخلاص نتيجة واحدة تشير إلى أن القوى الكبرى عامة وأمريكا خاصة، تريد الحفاظ على نقاط التوتر في العالم كأوراق تفاوضية وأدوات لإدارة الصراع مع الغير، غير معنية بمصالح الشعوب الفقيرة والضعيفة، وأن الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية ربما يدخل ضمن هذا الاطار.
مما لا شك فيه أن أمريكا تعرف كل الحقائق عن المشكلة الفلسطينية وجرائم إسرائيل وعمليات التطهير العرقي منذ قيام ذلك الكيان العنصري في عام 1948. كما وأن أمريكا كانت، وحتى بداية الثمانينات، هي صاحبة القرار فيما يتعلق بالشرق الأوسط، وكانت إسرائيل تابعة لها تبعية شبه كاملة. لكن أمريكا لم تحاول الضغط على إسرائيل واجبارها على الانسحاب حتى حدود 1967، كما فعل أيزنهاور في عام 1956. وبسبب ما تتمتع به الصهيونية العالمية من ذكاء ونفوذ وتنظيم وإدارة، قامت أولا باستعمار العقل الغربي عامة والأمريكي خاصة، والتسلل ثانيا لمراكز صنع القرار في أمريكا الواحد تلو الآخر وشراء ضمائر معظم ساستها والهيمنة على الإعلام، وبالتالي قلب المعادلة السابقة وتحويل أمريكا إلى دولة تابعة لها.
إن سياسة " فَرّقْ تَسُدْ" التي استخدمتها بريطانيا بكفاءة عالية لإحكام سيطرتها على نصف العالم لمدة 150 سنة متتالية تقريبا، طورتها أمريكا وإسرائيل إلى سياسة " جَزَّءْ َتُسْد"، أي تجزئة كل قطر إلى دويلات ضعيفة وتابعة لا تستطيع العيش دون حماية أجنبية. ولما كان للحماية ثمن، فإن كل الدول التابعة لأمريكا وإسرائيل أصبحت دولا مُستعبدة، قادتها موظفين لدى المؤسسة السياسية الاستعمارية، ومثقفي السلطة فيها عملاء لدى مخابرات الدولة الاستعمارية، وأرضها وسماؤها وحياة سكانها مستباحة. إن ما يجري اليوم في العراق وباكستان وأفغانستان والسودان والضفة الغربية يكفي لإثبات هذه النظرية.
ماذا على الحكام والمثقفين العرب أن يفعلوا في مواجهة هذه السياسة الغاشمة؟ سنحاول الإجابة على هذا التساؤل في المقال القادم.
هل هناك تحول استراتيجي في الموقف الأمريكي؟
يشكل خطاب أوباما الذي اقترح فيه عودة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى التفاوض خطوة كبيرة إلى الخلف بالنسبة للموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية، وذلك بالرغم من مطالبة الطرفين باعتبار خطوط 1967 أساسا لترسيم الحدود بين الدولة الفلسطينية المقترحة وإسرائيل. إذ بدلا من تقديم أفكار جديدة تساعد على إحياء عملية التفاوض، قام أوباما بالتغاضي عن ذكر قضايا النزاع الأخرى التي لا يمكن احلال سلام دون حلها. وحيث أن أوباما يعلم تماما أن تلك القضايا هي جزء لا يتجزأ من الصراع العربي الصهيوني، فإن إهمالها يشير إلى تغير استراتيجي في الموقف الأمريكي، أو ربما يؤكد موقفا أمريكيا ثابتا كنا نجهله.
نعم.. لقد طالب أوباما الطرفين بالتفاوض، لكنه وضع ما يكفي من العراقيل لفشل عملية التفاوض قبل أن تبدأ، بل قام بالفعل بجعل احتمالات العودة للتفاوض شبه مستحيلة. ولقد جاءت العراقيل التي وضعها أوباما لأول مرة لتعكس مدى التحول في الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية، ويمكن تحديد تلك العراقيل في النقاط التالية:
1. مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية.
2. مطالبة السلطة الوطنية الفلسطينية بالرجوع عن الاتفاق مع حماس.
3. القول بأن إمريكا لن تسمح بتوجيه النقد لإسرائيل في المحافل الدولية.
إن مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية تعني مطالبتهم بالتنازل عن حق العودة، كما تعني أيضا قبول أمريكا بعمليات التطهير العرقي التي قامت بها إسرائيل منذ عام 1948 ضد الشعب الفلسطيني. وما دام هناك اعتراف أمريكي بأن إسرائيل دولة يهودية، فإن اعترافا فلسطينيا إضافيا يعطي إسرائيل ما تحتاجه من أعذار لاستكمال عملية التطهير العرقي ضد الفلسطينيين وطرد عرب الداخل من بيوتهم ومدنهم وقراهم في حيفا ويافا والرملة والناصرة والقدس وعكا وغيرها من مدن وقرى محتلة منذ عام 1948 وتهجيرهم من وطنهم. وما دامت حدود الدولة الفلسطينية المقترحة سيتم تعديلها لتمكين إسرائيل من ضم معظم المستعمرات اليهودية في الضفة الغربية، فإن عمليات التطهير العرقي سوف تطال العديد من القرى الفلسطينية في الضفة بموافقة أمريكية. وحيث أنه ليس من الممكن لأي طرف فلسطيني أن يقبل بمثل هذه الشروط والنتائج المترتبة عليها، فإن اقتراح أوباما بالعودة لعملية التفاوض ليس اقتراحا جديا، بل حيلة للخروج من مأزق سياسي داخلي، ومحاولة للتحايل على السعودية وخداع العرب.
أما مطالبة السلطة الوطنية بالرجوع عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع حماس، وذلك باعتبار حماس "منظمة إرهابية"، فيعني ببساطة أن أمريكا لا تريد أولا أن ترى الشعب الفلسطيني موحدا، ولا تريد ثانيا التوصل لاتفاق سلمي من الممكن أن يحظى بموافقة غالبية الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع. إن كافة الاطراف المعنية تعلم تماما أن تسوية سياسية لا تحظى بقبول أغلبية الشعب الفلسطيني وقواه السياسية لن يُكتب لها النجاح ولن تُطبق على الأرض. لذلك تبدو محاولة عزل حماس هي في حد ذاتها محاولة لإفشال عملية التفاوض في حالة العودة إليها. ومما يؤكد هذه النوايا أن أمريكا سارعت بالضغط على فرنسا لسحب مبادرتها الرامية لجمع الفلسطينيين والإسرائيليين بعد أن قبلها الرئيس عباس وقبل أن يرفضها نتنياهو.
المطلوب أمريكيا إذن ليس بدء جولة مفاوضات جديدة، بل إفشال أية مبادرة تبدو جادة وتحميل الفلسطينيين والعرب مسئولية الفشل.
حين طالب أوباما، أستاذ القانون سابقا، بالاعتراف بإسرايل دولة يهودية، كان أوباما يخالف روح الدستور الأمريكي الذي يفصل الدولة عن الدين فصلا تاما. إن كل دولة تقوم على دين هي دولة عنصرية، تقول لمواطنيها من أتباع الديانات الأخرى بأن الدولة ليست لهم، وأن الوطن ليس وطنهم، وأنهم ليسوا شركاء، مما يفتح المجال أمامها لمعاملتهم كأجانب يقيمون مؤقتا في أراضيها أو عبيد ليس لهم حقوق سياسية أو إنسانية. من ناحية أخرى، حين قال أوباما إن أمريكا لن تسمح بتوجيه النقد لإسرائيل في المحافل الدولية جاءت أقواله مخالفة للعملية الديمقراطية التي تقوم أصلا على النقد والحوار. وحين حذر أوباما الفلسطينيين من الذهاب إلى الأمم المتحدة مطالبين المجتمع الدولي بالاعتراف بهم، كان أوباما يناقض فكرة حق تقرير المصير بالنسبة للشعوب كما تنص عليه مبادئ الأمم المتحدة.
سمعت زبغنيو برجنسكي مستشار الأمن القومي للرئيس كارتر يجيب عن سؤال حول الوضع في كوريا قائلا "إن الوضع الحالي هو الأفضل بالنسبة لنا لأنه يخدم المصالح الأمريكية". وهذا يعني بوضوح بالغ أن أمريكا لا تريد حلا للمشكلة الكورية، بل ترى مصلحتها في بقاء الوضع المتوتر الراهن على حاله. قبل بضعة أشهر، سألت مسئولا صينيا كبيرا أثناء الحوار الفكري العربي الصيني الذي دار في بكين عن سبب عدم قيام الصين بمساعدة كوريا الشمالية كي تنمو وتتخلص من المجاعات والفقر، لكن المسئول لم يجبني على سؤالي، وكأنه يقول صامتا ما قاله برجنسكي بصوت مسموع. من ناحية ثانية، تحتفظ أمريكا اليوم بعلاقات وطيدة مع الهند، وتتمتع بسطوة في باكستان تسمح لها باستباحة أرض وسماء وبحار وحياة سكان باكستان. وهذا يعني أن أمريكا تملك ما يكفي من النفوذ للتأثير في مواقف الهند وباكستان لحل مشكلة كشمير. لكن أمريكا، وعلى الرغم من إدراكها الكامل أن مشلكة كشمير هي أهم مصادر التطرف والارهاب في باكستان والهند، لم تحاول أن تستخدم ما لديها من نفوذ لحل تلك المشكلة. تقودني هذه الحقائق إلى استخلاص نتيجة واحدة تشير إلى أن القوى الكبرى عامة وأمريكا خاصة، تريد الحفاظ على نقاط التوتر في العالم كأوراق تفاوضية وأدوات لإدارة الصراع مع الغير، غير معنية بمصالح الشعوب الفقيرة والضعيفة، وأن الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية ربما يدخل ضمن هذا الاطار.
مما لا شك فيه أن أمريكا تعرف كل الحقائق عن المشكلة الفلسطينية وجرائم إسرائيل وعمليات التطهير العرقي منذ قيام ذلك الكيان العنصري في عام 1948. كما وأن أمريكا كانت، وحتى بداية الثمانينات، هي صاحبة القرار فيما يتعلق بالشرق الأوسط، وكانت إسرائيل تابعة لها تبعية شبه كاملة. لكن أمريكا لم تحاول الضغط على إسرائيل واجبارها على الانسحاب حتى حدود 1967، كما فعل أيزنهاور في عام 1956. وبسبب ما تتمتع به الصهيونية العالمية من ذكاء ونفوذ وتنظيم وإدارة، قامت أولا باستعمار العقل الغربي عامة والأمريكي خاصة، والتسلل ثانيا لمراكز صنع القرار في أمريكا الواحد تلو الآخر وشراء ضمائر معظم ساستها والهيمنة على الإعلام، وبالتالي قلب المعادلة السابقة وتحويل أمريكا إلى دولة تابعة لها.
إن سياسة " فَرّقْ تَسُدْ" التي استخدمتها بريطانيا بكفاءة عالية لإحكام سيطرتها على نصف العالم لمدة 150 سنة متتالية تقريبا، طورتها أمريكا وإسرائيل إلى سياسة " جَزَّءْ َتُسْد"، أي تجزئة كل قطر إلى دويلات ضعيفة وتابعة لا تستطيع العيش دون حماية أجنبية. ولما كان للحماية ثمن، فإن كل الدول التابعة لأمريكا وإسرائيل أصبحت دولا مُستعبدة، قادتها موظفين لدى المؤسسة السياسية الاستعمارية، ومثقفي السلطة فيها عملاء لدى مخابرات الدولة الاستعمارية، وأرضها وسماؤها وحياة سكانها مستباحة. إن ما يجري اليوم في العراق وباكستان وأفغانستان والسودان والضفة الغربية يكفي لإثبات هذه النظرية.
ماذا على الحكام والمثقفين العرب أن يفعلوا في مواجهة هذه السياسة الغاشمة؟ سنحاول الإجابة على هذا التساؤل في المقال القادم.