صفحة 1 من 1

قضية دريفوس

مرسل: الأحد ديسمبر 16, 2012 6:28 am
بواسطة أحمد العتيبي 3 1
قضية دريفوس هي صراع اجتماعي وسياسي حدثت في نهاية القرن التاسع عشر تحت الجمهورية الفرنسية الثالثة. اتهم بالخيانة في هذه القضية النقيب ألفريد دريفوس، وهو فرنسي الجنسية يهودي الديانة. هذه القضية هزت المجتمع الفرنسي خلال اثني عشر عام, من 1894 وحتي 1906, وقسمته الي فريقين: المؤيدين لدريفوس مقتنعين ببرأته (الدريفوسيين les dreyfusards) والمعارضين له معتقدين انه مذنب (les antidreyfus).

لقد اتهم النقيب دريفوس في نهاية 1894 بانه ارسل ملفات فرنسية سرية الي ألمانيا. ولكن هذا يعد خطا قضائي .. حيث ان القضاء الفرنسي كان يعرف بمعاداته للجاسوسية و السامية (اليهود), وأثبت بعد ذلك برأة هذا النقيب. المجتمع الفرنسي في ذلك الوقت كان يعادي السامية ويكن كراهية للامبراطورية الألمانية بعد ضم الزاس ولورين إليها عام 1871. كشف اميل زولا عن هذه القضية عام 1878، ونشر مقالة له بعنوان "انا اتهم..!" أدت الي سلسلة من الأزمات السياسية والاجتماعية، غير مسبوقة، في فرنسا. كشفت قضية دريفوس عن الانقسامات المتواجدة بفرنسا بسبب تعارض كلا من المؤيدين لقضية دريفوس والمعارضين لها ممااخلف جدلا عنيفا بين القوميون والمعاديون للسامية ,و كان للصحافة دورا في نشر هذه الخلافات التي لم تتنتهي الا بعد صدور حكم من محكمة النقض يبرأ ويعيد تأهيل دريفوس.

أصبحت قضية دريفوس رمز للظلم . باسم مصلحة الوطن، ظلت هذه القضية هي أكبر الامثلة التي توضح الاخطاء القضائية (الصعب إصلاحها) وتوضح الدور الكبير للصحافة والرأي العام.

تلخيص قضية دريفوس

في نهاية عام 1894، اتهم النقيب في الجيش الفرنسي الفريد دريفوس اليهودي الاصل بانه ارسل للجيش الألماني ملفات سرية, ونفي الي جزيرة الشيطان (l'île du Diable). حاول بعض معارضي هذا الحكم, ومنهم عائلة دريفوس ويتقدمهم أخوه ماثيو, ان يثبتوا برائته. وفي مارس 1896 اكتشف الكولونيل جورج بيكار ان الخائن الحقيقي هو فرديناند ويلسون ايسترازي (Ferdinand Walsin Esterházy). ومع ذلك رفض الجيش إعادة النظر في الحكم, ونفي بيكار الي شمال افرقيا. للفت الانتباه الي ضعف الادلة ضد دريفوس، قامت اسرة دريفوس (خاصة ماثيو شقيق دريفوس) في يونيو عام1897 بالتواصل مع رئيس مجلس الشيوخ " اوجست شويور كيستينر " واقنعه ببرأة النقيب دريفوس بعد ثلاثةاشهر من بداية القضية، وأيضا استطاع ماثيو اقناع جورج كليمانصو نائب سابق وصحفي بجريدة لورور الفرنسية. في نفس الشهر، اشتكى " ماثيو دريفوس "، " ويلسون ايسترازي " ,الي القاضي المختص بوزارة الحرب، مما أدى الي اتساع دائرة مؤيدين دريفوس.

و في يناير 1898، حدث حادثتان اعطوا بعدا وطنيا للقضية : اولا، الحكم ببرأة "ويلسون ايسترازي" وصاحب ذلك هتاف من القوميون المعارضون لدريفوس، ثانيا، نشر إميل زولا لمقالة بعنوان «انا اتهم..!»، دافع بها عن مؤيدي دريفوس الذين يجمعون نخبة كبيرة من المثقفين. من هنا، بدأت عملية انقسام المجتمع الفرنسي والتي ستستمر حتى نهاية القرن. اندلعت اشتباكات لمعاداة السامية في اكثر من عشرين مدينة فرنسية. وأصبح هناك العديد من الوفيات بالجزائر. اهتزت الجمهورية الفرنسية، حتى ان البعض رأوا انها مهددة بالانقراض، مما دفع الي انهاء قضية دريفوس من اجل استعادة الهدوء بالبلد مرة أخرى. بالرغم من محاولات الجيش لقمع هذه القضية إلا أن الحكم الأول الذي يدين دريفوس تم ابطاله من قبل محكمة النقض بعد تحقيق شامل في القضية وتم عقد مجلس حرب جديد في رين عام 1899. و على عكس جميع التوقعات، ادين النقيب دريفوس مرة أخرى لمدة عشر سنوات مع الاشغال الشاقة.و بعد اربع سنوات من ترحيله، عفا "ايميل لوبيه"، رئيس جمهورية فرنسا، عن دريفوس. في عام 1906، أصبحت برأة دريفوس معترف بها رسميا ومن دون الاستناد الي حكم محكمة النقض ..أعيد تأهيل الكابتن دريفوس في الجيش برتبة نقيب وشارك في الحرب العالمية الأولى. توفي النقيب دريفوس في عام 1935.

كانت لقضية دريفوس نتائج لا تحصى، شملت جميع جوانب الحياة العامة في فرنسا : كالجانب السياسي (الاحتفال بانتصار الجمهورية الفرنسية الثالثة، حيث ان القضية أصبحت أسطورة [5]. تأسست أثناء تجديد القومية), والجانب العسكري، والديني (حيث بطئت القضية من إصلاح الكاثوليكية الفرنسية وتوحيد الكاثوليك), والجانب الاجتماعي والدبلوماسي والثقافي (خلال هذه القضية اشتق مصطلح مثقف).أيضا، كان لها تأثير على الحركة الصهيونية من خلال أحد مؤسسيها مثل : ثيودور هرتزل ومظهرات معاداة السامية التي اهاجت المجتمعات اليهودية بأوروبا الوسطى والشرقية.