صفحة 1 من 1

سياسة سورية وإيران في لبنان

مرسل: الأحد ديسمبر 16, 2012 4:39 pm
بواسطة نواف الصالح1

سياسة سورية وإيران في لبنان

وقد جرت المباحثات السورية الإيرانية على أعلى المستويات على أساس التقييمات التي وضعها عدد من مراكز البحث في سوريا وإيران حول الوضع الناشئ في المنطقة وآفاق تطوره. وتتلخّص في أنّ السبل الدبلوماسية لحلّ القضايا الإقليمية الملحّة لن تعطي النتائج المرجوة في ظروف الضغوط السياسية والعسكرية من جهة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وكذلك بسبب الضعف الداخلي لعدد من البلدان العربية الخاضعة للنفوذ الأمريكي، وترددها. بالمحصلة، في المنطقة لن تكون هناك إمكانية لبناء الظروف التي يمكنها تحقيق تغييرات إيجابية ونوعية على عملية السلام في الشرق الأوسط في الأفق المنظور. وهذا يتعلق، قبل أي شيء آخر، بالمسائل المتعلقة بمشكلة إيران النووية، وبتسوية الأوضاع في العراق، وبإنهاء الصراع بين الأطراف المتنازعة في لبنان، وبإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.
وقد أثار الوضع في لبنان، قبيل الانتخابات الرئاسية في أيلول 2007، لدى القيادتين الإيرانية والسورية قلقاً خاصاً؛ فالمواجهة بين الحكومة والأكثرية البرلمانية ليست فقط لم تضعف وإنما، على العكس، تصاعدت حدتها كلما قرُب موعد الانتخابات. وقد حدث ذلك بشكل رئيسي بسبب موقف الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تطمح إلى حلّ الأزمة اللبنانية لصالح حلفائها في الحكومة اللبنانية وفي البرلمان. وفي هذه الأثناء كان ممثلو أمريكا في بيروت يتدخلون بصورة مكشوفة في الشؤون اللبنانية الداخلية، محاولين عزل المعارضة وحرمانها من حقها في المشاركة في تحديد النظام السياسي المستقبلي للبنان.
وهكذا؛ فإنّ الخبراء في كلا البلدين توصّلوا إلى نتيجة تقول: بما أنّ حالة “اللاحرب، اللاسلم” لا يمكنها أن تستمر طويلاً، وبما أنّ الإدارة الأمريكية الراحلة ليست ميالة إلى الحوار وإنما، على العكس، تتطلع إلى تقوية الضغط على سوريا وإيران، فلا بدّ من تنشيط الاستعداد لبداية محتملة لحروب واسعة النطاق في الشرق الأوسط من أجل إبداء مقاومة كافية للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وفي الآن ذاته استغلال الوضع لمصلحة كلا البلدين. زيارة محمود أحمدي نجاد إلى سوريا، مباحثاته مع بشار الأسد والالتقاء بقيادات حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية، قلبت كل الحسابات بأنّ دمشق قد تبدأ بالتنائي عن إيران أو أن تحاول إضعاف سوية علاقاتها مع طهران. وقد وردت آراء من هذا القبيل في عدد من منشورات عدد من مراكز البحث في الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والسعودية.
في الوقت ذاته، في سوريا وإيران فهموا أنّ هذا التعاون العسكري – السياسي الوثيق بين البلدين، غير المعزَّز بمستوى مماثل في تطور العلاقات الاقتصادية، لا يمكن له أن يكون وطيداً بصورة كافية، وخصوصاً ضمن الوضع الإقليمي المعقد إلى هذا الحد. ولهذا تعمل الدوائر الاقتصادية السورية والإيرانية، في الوقت الراهن، على وضع جملة من المشاريع الجديدة والهامة في المجالات الاقتصادية الحيوية، والهادفة إلى توسيع العلاقات التجارية – الاقتصادية بين سوريا وإيران.