- الأحد ديسمبر 16, 2012 7:59 pm
#57492
ودّعْ أويقاتَ الصبابة والصّبا ودعْ التنسيمَ بالنسيم وبالصّبا
واحرصْ على حب المعالي منصبا إياك تصبو في الهوى مع من صبا
أو أن تكون بشرْعه متعصب
كيف الوثوقُ بمن يداهن في الهوى ومن اختلال دوحٍ خلته ارتوى
لم تدر منه ما عليه قد انطوى ويريك حباً والصداقة للسوى
من كان هذا وصفه لمن يُصْحبا
فوريْقُ غصنك بعد إيراقٍ ذوىَ ومنير وجهك بعد إشراقٍ هوى
فوحقِّ ربِّ العرشِ فلاّقِ النوى ما استعذَبَ الصبُّ الغرامَ ولا ثوى
بفؤاده إلا وبات معذبا
إن فاتَ وقتك في التشبب والغزلْ ولسان شعرك في مهاوي الهزل زَلّ
لا تبق حتى يَسبق السيفُ العزل بل قم بمدح ولي طهطا منْ نزل
برحابه أزكى قراه ورحِّبا
هذا جلالُ الدين وهو أبو علي هذا جليل الأصل ذو السر الجلي
هذا من الأسرار يا هذا ملي يا حبذا المولى ويا نعم الولي
قطبٌ أسرةٌ وجهه ما قطبا
من مثله بمكانةٍ زُلفَى اقتربْ من مثله من ربه بلَغ الأربْ
من مثله بين الأعاجم والعربْ أبناؤه حازوا الولايةَ والقرب
عند الوفاة وويلُ من قد كذبا
عبد الرحيم حباه عهد البرزخ وبمثله الصباغُ صار له سَخِي
كل يمد له يداً من فرسخ ومن العجائب أن ذا لم يُنسخ
ما كان للعريانِ في زمن الصبا
من تلمسان سرى لَيغْزُو وهو في بستان طهطا ظاهرٌ لم يَختفِ
والطعن بان كشوكةٍ منها شُفى والمغربي لما حكى هذا نفى
وبوقته عن أرض طهطا قد نبا
وبأرض طهطا تختهُ وسريرهُ سلطانها وابن الرضى وزيره
ورفاعةٌ وهو الخطيبُ مشيره ونقيبهُ طه بها وسفيره
والألفُ جيش في الشدائد جرّبا
في هيئة الكركي قد نزلَ الحرمْ نحو الثلاثِ فقام شيخٌ محترم
ثقةً وأقسم أن فيها ذا الكرم سلطانُ طهطا ابن الحسين ولا جرم
والأمر بانَ كما أبانَ وأعربا
إن كان قد ولدتك أمك أطمسا فالنورُ لاحَ وبالحنان تأسسا
قد شقّ شيخك ناظريك فلا أسى وبذا حَوى العريانُ سراً أقدسا
من سرِّ روح القدس لا بل أعجبا
طاقيةُ العريان قد أُلبستَها رمزاً لسر خلافةٍ آنستَها
كم صنتَ طهطا من أذى وحرستها كم يدٍ بيضاءَ منك غرستها
ثمراتها لبنيك أضحتْ مكسبا
وكفاك فخراً قصةُ ابنِ الأحدب والعفوُ من سلطان مصر لمذْنب
وشهادةُ البلقيني بعدَ تعصب أخبرته بين الورى بمغيب
ببناءِ مدرسةٍ فهشّ وأعجبا
أخبرتَ عن عُرب بأرض صعيدها بذهاب دولتها وعن تبديدها
وبسبحها بدماء بحر حديدها وبأن من أدنى القرى وبعيدها
هوارةٌ عرباً يَحلون الحبا
من بعد جيلٍ كان ما أبديتَهُ ومن الذي يَنسى الذي أسديتَهُ
من ناضر الرمان إذ أهديتَه قبل الأوان وسرعةً أديته
لشفا خديجة حيثُ حلّ بها الوبا
ومنِحتَ فضلا حرف كنْ فزهدتَه وكذاك كشفُ الافتضاح رددته
وقلبتَ سيفاً ماضياً أعددتَه لهلاك جبار بغىٍ فطردته
قد جال شرقاً في البلاد ومغربا
بلغ الأباطحَ والشواطحَ مجدُه ملأ الجهات الستّ طراً حده
هو قاطعٌ لو لم يصنه غِمده هو ساطعٌ أبداً يروق فرنده
وبه تذودُ عن الحمى أن يُقربا
دينُ الدمشقي حين أثقل ظهرَه وأتى إليك عساكَ تجبر كَسرَه
أرسلته الأهرام تمحو إصره لمباركٍ لا زال يقفو إثْره
نادى فقال له مباركُ مرحباً
أعطاه طبقَ السم ما رفع العَنا عنه وبعد الديْن قد نال الغِنى
لا زالَ ينفقُ لا حسابَ ولا فَنا لما توفى الشيخُ عن أجلٍ دنا
وجد الدمشقيُّ ما احتباه كما احتبى
فأبو حُريْزٍ في الشدائد حرزْنا وعليه في الدارين حقاً عزُّنا
وهو الذخيرةُ في المعاد وكنزُنا وبه سعادتنا تدومُ وفوزنا
وبه تَنال مدى الرمان المطلبا
فاسأل حُريزاً إنْ تشأْ عن حالهِ واسأل عليّاً عن عليّ خصاله
يَحيي به يحيا جزيلُ نواله كم شريفٍ جاء من أنجاله
كأصوله عند الإله مقربا
ما فكرتي في نظمها بأديبةٍ وإذا اقترحْت فتلك غيرُ مُجيبةٍ
لكن بمدحك قد وفتْ بنجيبةٍ وقصيدةٍ تأتي الملوك غريبةٍ
بسمتْ بثغرٍ بالحياء تنقبا
حسناءُ قد وافتْ بكل براعةٍ وتقنعتْ أدباً بكل قناعةٍ
وأتتْ إليك تمدُّ كف ضَراعةٍ ما مهرها إلا خَلاصُ رفاعةٍ
مما به من آيها ختمت سبا
ثم الصلاةُ على النبي المجتَبى و الآل والأصحاب ما صبٌّ صَبا
أوْهَامَ ذو عشقٍ وأنشدَ مُطربا ودعْ أُويقاتَ الصبابةِ والصبا
ودع التنسمَ بالنسيم وبالصبا
رفاعة الطهطاوي
واحرصْ على حب المعالي منصبا إياك تصبو في الهوى مع من صبا
أو أن تكون بشرْعه متعصب
كيف الوثوقُ بمن يداهن في الهوى ومن اختلال دوحٍ خلته ارتوى
لم تدر منه ما عليه قد انطوى ويريك حباً والصداقة للسوى
من كان هذا وصفه لمن يُصْحبا
فوريْقُ غصنك بعد إيراقٍ ذوىَ ومنير وجهك بعد إشراقٍ هوى
فوحقِّ ربِّ العرشِ فلاّقِ النوى ما استعذَبَ الصبُّ الغرامَ ولا ثوى
بفؤاده إلا وبات معذبا
إن فاتَ وقتك في التشبب والغزلْ ولسان شعرك في مهاوي الهزل زَلّ
لا تبق حتى يَسبق السيفُ العزل بل قم بمدح ولي طهطا منْ نزل
برحابه أزكى قراه ورحِّبا
هذا جلالُ الدين وهو أبو علي هذا جليل الأصل ذو السر الجلي
هذا من الأسرار يا هذا ملي يا حبذا المولى ويا نعم الولي
قطبٌ أسرةٌ وجهه ما قطبا
من مثله بمكانةٍ زُلفَى اقتربْ من مثله من ربه بلَغ الأربْ
من مثله بين الأعاجم والعربْ أبناؤه حازوا الولايةَ والقرب
عند الوفاة وويلُ من قد كذبا
عبد الرحيم حباه عهد البرزخ وبمثله الصباغُ صار له سَخِي
كل يمد له يداً من فرسخ ومن العجائب أن ذا لم يُنسخ
ما كان للعريانِ في زمن الصبا
من تلمسان سرى لَيغْزُو وهو في بستان طهطا ظاهرٌ لم يَختفِ
والطعن بان كشوكةٍ منها شُفى والمغربي لما حكى هذا نفى
وبوقته عن أرض طهطا قد نبا
وبأرض طهطا تختهُ وسريرهُ سلطانها وابن الرضى وزيره
ورفاعةٌ وهو الخطيبُ مشيره ونقيبهُ طه بها وسفيره
والألفُ جيش في الشدائد جرّبا
في هيئة الكركي قد نزلَ الحرمْ نحو الثلاثِ فقام شيخٌ محترم
ثقةً وأقسم أن فيها ذا الكرم سلطانُ طهطا ابن الحسين ولا جرم
والأمر بانَ كما أبانَ وأعربا
إن كان قد ولدتك أمك أطمسا فالنورُ لاحَ وبالحنان تأسسا
قد شقّ شيخك ناظريك فلا أسى وبذا حَوى العريانُ سراً أقدسا
من سرِّ روح القدس لا بل أعجبا
طاقيةُ العريان قد أُلبستَها رمزاً لسر خلافةٍ آنستَها
كم صنتَ طهطا من أذى وحرستها كم يدٍ بيضاءَ منك غرستها
ثمراتها لبنيك أضحتْ مكسبا
وكفاك فخراً قصةُ ابنِ الأحدب والعفوُ من سلطان مصر لمذْنب
وشهادةُ البلقيني بعدَ تعصب أخبرته بين الورى بمغيب
ببناءِ مدرسةٍ فهشّ وأعجبا
أخبرتَ عن عُرب بأرض صعيدها بذهاب دولتها وعن تبديدها
وبسبحها بدماء بحر حديدها وبأن من أدنى القرى وبعيدها
هوارةٌ عرباً يَحلون الحبا
من بعد جيلٍ كان ما أبديتَهُ ومن الذي يَنسى الذي أسديتَهُ
من ناضر الرمان إذ أهديتَه قبل الأوان وسرعةً أديته
لشفا خديجة حيثُ حلّ بها الوبا
ومنِحتَ فضلا حرف كنْ فزهدتَه وكذاك كشفُ الافتضاح رددته
وقلبتَ سيفاً ماضياً أعددتَه لهلاك جبار بغىٍ فطردته
قد جال شرقاً في البلاد ومغربا
بلغ الأباطحَ والشواطحَ مجدُه ملأ الجهات الستّ طراً حده
هو قاطعٌ لو لم يصنه غِمده هو ساطعٌ أبداً يروق فرنده
وبه تذودُ عن الحمى أن يُقربا
دينُ الدمشقي حين أثقل ظهرَه وأتى إليك عساكَ تجبر كَسرَه
أرسلته الأهرام تمحو إصره لمباركٍ لا زال يقفو إثْره
نادى فقال له مباركُ مرحباً
أعطاه طبقَ السم ما رفع العَنا عنه وبعد الديْن قد نال الغِنى
لا زالَ ينفقُ لا حسابَ ولا فَنا لما توفى الشيخُ عن أجلٍ دنا
وجد الدمشقيُّ ما احتباه كما احتبى
فأبو حُريْزٍ في الشدائد حرزْنا وعليه في الدارين حقاً عزُّنا
وهو الذخيرةُ في المعاد وكنزُنا وبه سعادتنا تدومُ وفوزنا
وبه تَنال مدى الرمان المطلبا
فاسأل حُريزاً إنْ تشأْ عن حالهِ واسأل عليّاً عن عليّ خصاله
يَحيي به يحيا جزيلُ نواله كم شريفٍ جاء من أنجاله
كأصوله عند الإله مقربا
ما فكرتي في نظمها بأديبةٍ وإذا اقترحْت فتلك غيرُ مُجيبةٍ
لكن بمدحك قد وفتْ بنجيبةٍ وقصيدةٍ تأتي الملوك غريبةٍ
بسمتْ بثغرٍ بالحياء تنقبا
حسناءُ قد وافتْ بكل براعةٍ وتقنعتْ أدباً بكل قناعةٍ
وأتتْ إليك تمدُّ كف ضَراعةٍ ما مهرها إلا خَلاصُ رفاعةٍ
مما به من آيها ختمت سبا
ثم الصلاةُ على النبي المجتَبى و الآل والأصحاب ما صبٌّ صَبا
أوْهَامَ ذو عشقٍ وأنشدَ مُطربا ودعْ أُويقاتَ الصبابةِ والصبا
ودع التنسمَ بالنسيم وبالصبا
رفاعة الطهطاوي