- الأحد ديسمبر 16, 2012 8:52 pm
#57508
فقه العلاقات الدولية..قانون ضرورة الحرب
1- يفرق الإسلام تفريقًا حادًا وواضحًا بين ضرورتين مختلفتين: إحداهما ضرورة إعداد «قوة الردع» (...وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ....)، والضرورة الأخرى هى «الباعث على استخدام قوة الردع» بجميع مستوياتها، فلا تلازم ولا تضاد بين ما يفرضه الإسلام من إعداد القوة وتنميتها، وبين حظر استخدام تلك القوة إلا إذا توافر الباعث والدافع المشروع من الوحى الإلهى.
2- وإذا كان تاريخ البشرية يسجل حلقات كثيرة من الحروب القتالية باسم الدين وباسم الإنسانية وباسم المصلحة، فإن الإسلام كما يبين القرآن الكريم وتؤكد السنة النبوية لا يعرف باعثًا للحرب والقتال سوى ثلاثة بواعث ضرورية هى:
1 ـ ضرورة الدفاع عن النفس، ورد العدوان، 2 ـ ضرورة النجدة وإغاثة المتعرض للعدوان، (... وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) المائدة 3 ـ ضرورة حماية السلم والأمن الدوليين وشمولها لكل البشر فى التعبير بإرادتهم الحرة عما لا يضر أحدًا أو يتسبب فى خراب أو فساد.
والحرب ــ كما ذكرنا ــ مكروهة مبغوضة لا يسعى المسلم إليها حتى فى الضرورات الثلاث السابق ذكرها ــ إلا كسعى الطبيب لـ«الكى» كما قالوا «آخر الدواء الكى» وقد أجاد أحمد شوقى أمير الشعراء التعبير عن هذه الضرورة الملجئة للحرب فقال:
الحرب فى حق لديك شريعة .. ومن السموم الناقعات دواء
فالحروب مشروعة مشروعية «الحقن بالمصل» المستخرج من «السم» للوقاية من نفس الدواء.
3- وضرورة الدفاع عن النفس، ورد العدوان، أو كما عبر أساطين الفقه بنظرية «دفع الصائل» فهى ضرورة يفرضها العقل، وتقرها الفطرة ولا تتحرج الشرائع السماوية من تأكيد حق جميع البشر فى رد ما يقع عليهم من عدوان، بل من واجب كل انسان إعداد عوامل القوة الكفيلة بإجهاض التفكير العدوانى، وعلى ذلك فرد العدوان ودفع الصائل يتم عبر مستويات:
أ ـ مستوى إعداد القوى الحضارية المختلفة: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ...) الأنفال:60 (قوة العلم/ قوة الاقتصاد/ قوة التقدم/ قوة النفع والتبادل/ قوة العطاء والتكافل ـ قوة التعارف والتقارب ــ قوة الدعوة إلى الخير والمعروف)، وفى ضوء هذا يفهم المسلم القول النبوى الشريف: «المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفى كل خير».
ب ـ مستوى إعداد القوة الحربية (آلة الحرب): (...وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ...)
إعداد الجنود وتدريبهم ــ إعداد الأدوات والآليات ــ إعداد الرصيد الاقتصادى الكافى لتحمل أعباء الحرب ــ إقامة العروض العسكرية المعبرة عن قوة الأمة، إصدار النشرات المبينة لمدى ما تملكه الدولة من سلاح وآثاره..الخ
ج ــ مستوى المدافعة: وهو أول مستويات «التلاقى» وفيه يقول القرآن: (...وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ) (40) الحج
فالمدافعة هى رد محاولات العدوان بمثلها أو بأقل منها ــ إذا أمكن ــ فليس المقصود صراع الآخر ولا فنائه، بل المقصود هو مجرد إفشال العدوان ومنع آثاره وإكراه المعتدى على إعادة التفكير (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (61) الأنفال
د ــ مستوى التأديب: وهذا المستوى يحدد القرآن سقفه وحده الأقصى (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) (194)البقرة، فالمماثلة (كمًا وكيفًا) هى السقف الذى لا يستطيع المسلم تجاوزه.
هـ ـ مستوى الردع: وهو الذى أشار إليه القرآن بقوله (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِى الحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (57)الأنفال
وهذا هو المستوى الأعلى فى ردع العدوان تأمينًا للكون وسكانه من البشرية وسقف هذا المستوى (....حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا.....) (4) محمد، أى حتى يوقن المعتدى بعدم جدوى عدوانه، وأن العدوان لا يكسبه مغنمًا، بل يصيبه بمغارم كثيرة، لذلك لا بد أن يبنى المسلم عقيدته على أن السلام والسلم العالمى هو الأصل لقوله تعالى (...ادْخُلُوا فِى السِّلْمِ كَافَّةً...)(208) البقرة، فإذا لم تلتزم دولة بهذا التعايش الآمن، فلا مفر من رد عدوانها وملاحقة جهودها العدوانية حتى تفىء إلى أمر الله وهو السلام.
1- يفرق الإسلام تفريقًا حادًا وواضحًا بين ضرورتين مختلفتين: إحداهما ضرورة إعداد «قوة الردع» (...وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ....)، والضرورة الأخرى هى «الباعث على استخدام قوة الردع» بجميع مستوياتها، فلا تلازم ولا تضاد بين ما يفرضه الإسلام من إعداد القوة وتنميتها، وبين حظر استخدام تلك القوة إلا إذا توافر الباعث والدافع المشروع من الوحى الإلهى.
2- وإذا كان تاريخ البشرية يسجل حلقات كثيرة من الحروب القتالية باسم الدين وباسم الإنسانية وباسم المصلحة، فإن الإسلام كما يبين القرآن الكريم وتؤكد السنة النبوية لا يعرف باعثًا للحرب والقتال سوى ثلاثة بواعث ضرورية هى:
1 ـ ضرورة الدفاع عن النفس، ورد العدوان، 2 ـ ضرورة النجدة وإغاثة المتعرض للعدوان، (... وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) المائدة 3 ـ ضرورة حماية السلم والأمن الدوليين وشمولها لكل البشر فى التعبير بإرادتهم الحرة عما لا يضر أحدًا أو يتسبب فى خراب أو فساد.
والحرب ــ كما ذكرنا ــ مكروهة مبغوضة لا يسعى المسلم إليها حتى فى الضرورات الثلاث السابق ذكرها ــ إلا كسعى الطبيب لـ«الكى» كما قالوا «آخر الدواء الكى» وقد أجاد أحمد شوقى أمير الشعراء التعبير عن هذه الضرورة الملجئة للحرب فقال:
الحرب فى حق لديك شريعة .. ومن السموم الناقعات دواء
فالحروب مشروعة مشروعية «الحقن بالمصل» المستخرج من «السم» للوقاية من نفس الدواء.
3- وضرورة الدفاع عن النفس، ورد العدوان، أو كما عبر أساطين الفقه بنظرية «دفع الصائل» فهى ضرورة يفرضها العقل، وتقرها الفطرة ولا تتحرج الشرائع السماوية من تأكيد حق جميع البشر فى رد ما يقع عليهم من عدوان، بل من واجب كل انسان إعداد عوامل القوة الكفيلة بإجهاض التفكير العدوانى، وعلى ذلك فرد العدوان ودفع الصائل يتم عبر مستويات:
أ ـ مستوى إعداد القوى الحضارية المختلفة: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ...) الأنفال:60 (قوة العلم/ قوة الاقتصاد/ قوة التقدم/ قوة النفع والتبادل/ قوة العطاء والتكافل ـ قوة التعارف والتقارب ــ قوة الدعوة إلى الخير والمعروف)، وفى ضوء هذا يفهم المسلم القول النبوى الشريف: «المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفى كل خير».
ب ـ مستوى إعداد القوة الحربية (آلة الحرب): (...وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ...)
إعداد الجنود وتدريبهم ــ إعداد الأدوات والآليات ــ إعداد الرصيد الاقتصادى الكافى لتحمل أعباء الحرب ــ إقامة العروض العسكرية المعبرة عن قوة الأمة، إصدار النشرات المبينة لمدى ما تملكه الدولة من سلاح وآثاره..الخ
ج ــ مستوى المدافعة: وهو أول مستويات «التلاقى» وفيه يقول القرآن: (...وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ) (40) الحج
فالمدافعة هى رد محاولات العدوان بمثلها أو بأقل منها ــ إذا أمكن ــ فليس المقصود صراع الآخر ولا فنائه، بل المقصود هو مجرد إفشال العدوان ومنع آثاره وإكراه المعتدى على إعادة التفكير (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (61) الأنفال
د ــ مستوى التأديب: وهذا المستوى يحدد القرآن سقفه وحده الأقصى (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) (194)البقرة، فالمماثلة (كمًا وكيفًا) هى السقف الذى لا يستطيع المسلم تجاوزه.
هـ ـ مستوى الردع: وهو الذى أشار إليه القرآن بقوله (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِى الحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (57)الأنفال
وهذا هو المستوى الأعلى فى ردع العدوان تأمينًا للكون وسكانه من البشرية وسقف هذا المستوى (....حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا.....) (4) محمد، أى حتى يوقن المعتدى بعدم جدوى عدوانه، وأن العدوان لا يكسبه مغنمًا، بل يصيبه بمغارم كثيرة، لذلك لا بد أن يبنى المسلم عقيدته على أن السلام والسلم العالمى هو الأصل لقوله تعالى (...ادْخُلُوا فِى السِّلْمِ كَافَّةً...)(208) البقرة، فإذا لم تلتزم دولة بهذا التعايش الآمن، فلا مفر من رد عدوانها وملاحقة جهودها العدوانية حتى تفىء إلى أمر الله وهو السلام.