صفحة 1 من 1

شبابنا الثائر... وحقه في الحياة

مرسل: الأحد ديسمبر 16, 2012 10:02 pm
بواسطة عبدالرحمنالتميمي101
مخطئ من يقيد التحولات والتغيرات السياسية التي تطرأ على الدول بالفاعل السياسي أو الاقتصادي، فالمناخ الثقافي والاجتماعي القيمي هو شرط فاعل مؤثر الى حد كبير بل قد يغطي على الفاعلات الأخرى كافة!
فالتحول الالماني النازي وتدمير البنية اليهودية لم يأت من فراغ! بل التعبئة الثقافية والفكرية والحضارية كانت محركا لتدمير اليهود وحرقهم، حيث سبق ذلك عقود طويلة من الزمن شكلت الذهنية العامة للنازية تجاه اليهود ليكونوا شؤم الحياة وبؤسها!
وقد كان الفاعل التاريخي أساسا للتحول الإيراني ضمن سياق الثورة الخمينية كعنصر من عناصر الدين والثقافة في تدمير الظلم والظالمين!
فالشعوب في العالم تكره حكوماتها لارتباطها بالضرائب والتجنيد، اذا لم تقدم تلك الحكومات تزامنا خدميا يقنع الشعب بجدوى وفائدة ذلك! لذلك تأتي قراراتها التعسفية لتهيئ عكسيا الذهنية العامة وتشكل سلبيا الرأي الشعبي الكاره لكل ما هو حكومي!
الاحتقان الذي يسود أوساط الشباب ويملأ فراغه اليومي ويحشد طاقاته وقدراته ليلا للتعبير السلمي، انما هو ارهاص لتشكيل المناخ الثقافي والقيمي العام في المجتمع، والخطورة اذا ما نضج هذا المناخ العام وتساوت أضلاعه واستوى على الجودي، فإنه سيكون وقودا للحراك ضد الظلم الذي يشعر به والخوف الذي يحيط بيومه وغده! وكما قيل النار من مستصغر الشرر!
محزن ان يتم التعاطي الحكومي مع دوامة الشباب وحراكه اليومي في الشق السياسي فقط! فليس صحيحا ان تحل مشكلات الفكر والثقافة بحلول السياسية! وليس صحيحا ان يقود السياسيون الثقافة والفكر، فمشكلات التنمية البشرية وغياب منظومة القيم العامة في المجتمع وسقوط مبادئ تكافؤ الفرص والوحدة الوطنية والتعدي على النسيج الاجتماعي وفقدان الثقة بمؤسسات الدولة وقوانينها، كل ذلك هو من يهيئ المناخ الثقافي والقيمي لخروج الناس والتهاب الرئة الشعبية تمردا ضد الاوضاع السائدة في المجتمع.
ظهرت ثقافة قيمية في الحقل السياسي لم نعرفها من قبل.. ما يفلّ الحديد الا الحديد! والحقوق تبيلها حلوق! إما نكون اللي نبي والا عسانا ما نكون! هذا ما يحدث في التاريخ... وهذا ما تنطقه تجارب الشعوب والامم. نعم لم نصل بحمد الله الى هذه الدرجة، فنحن لا نزال ننعم بوطن يحسدنا عليه من حولنا، رغم قصور كثير من المطالب الشعبية عن تحقيق اهدافها! لكن مع ذلك لا بد من تعليق الجرس! والانتباه الى خطورة عدم الالتفات الى احتقان الشريحة الأكبر في المجتمع، فلم تعد القضية خاصة بنواب او مرسوم، بل اضحت مستقبل هؤلاء الشباب بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
ان شبابنا هم ثروتنا الوطنية، هم حماة الوطن وحصنه، فامنحوهم الوقت ليتحدثوا ويعبروا، اسمعوا لهم، فإن لم تكونوا بهم، لن تكونوا بغيرهم! متى يبدأ قطار الحوار الوطني الحقيقي؟ الحوار الجاد غير المصطنع والذي لن ينجح بدون هؤلاء الفتية الذين تركوا متع الشباب ليتقدموا صفوف التغيير في مجتمعاتهم. فهل ما تعاني منه شعوبنا اليوم بسبب التحولات الديموقراطية المفاجئة..! وهل يشترط التهيئة النفسية الاجتماعية لكل تحول جديد قبل تلقيه بالقبول؟