منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
By عبدالله الدوسري1-3
#57612
دولة فلسطين القادمة..
يوسف الكويليت
إسرائيل منزعجة من الاعتراف الأممي بدولة فلسطينية غير عضو ومراقب فقط، والمخاوف من أن لها الحق أن تنظم للمنظمات الدولية مثل محكمة الجنايات الدولية في لاهاي مما يعطيها فرصة التقدم بشكوى ضد أي ممارسات إسرائيلية على الشعب الفلسطيني وأراضيه مثل الاستيطان بحيث تعتبر إسرائيل دولة محتلة..
قطعاً المؤشرات تقول إنه من بين مئة وثلاث وتسعين دولة عضواً في الأمم المتحدة سيصوت لهم مئة وخمسون، أي أن الضغوط الإسرائيلية لن تنجح ما دفع نتنياهو إلى توجيه نقد ولوم حادين للرئيس الأمريكي أوباما لعدم وقوفه ضد المشروع الفلسطيني..
قبول فلسطين دولة غير عضو سوف يوسع دائرة علاقاتها، ويسقط مقولة «أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض» وقد سبق للمفكر والمؤرخ البريطاني «ارنولد توينبي» بأن لا يحكم التاريخ بقاء إسرائيل في محيط جغرافي وبشري يفوقها آلاف المرات، وشبهها بمحاولة احتلال اليابان للصين، أي ذوبان كل اليابان شعبها وأرضها بالمحيط الهائل الصيني، لكنه إسرائيل لم تعتقد أن الظرف الزمني سيخلق انقلابه، بمعنى أنها إذا أرادت العيش بسلام إيجاد واقع على الأرض، أي الاعتراف بالحق الفلسطيني ودولته..
أحداث غزة كشفت أن الوضع صار مختلفاً، فأمريكا لا تريد في زوبعة الربيع العربي فتح معارك لصالح إسرائيل، لأن الحالتين العربية والدولية لا تسمحان بتوتير المنطقة، أمام تصاعد النقمة على إسرائيل، وبروز تيار إسلامي يحيط بها في مصر والأردن، وربما سوريا بعد الأسد، وهذا جعل أمريكا تفكر بما هو خارج اللحظة إلى المستقبل البعيد، لأن المنطقة مهمة لها مهما كانت علاقاتها التفضيلية مع إسرائيل.
ما بعد غزة وولادة دولة فلسطينية سيؤثران على واقع إسرائيل دولياً، وهي حقيقة لمتغير سياسي جديد، وقد راهنت أن أوباما لن يفوز بفترة ثانية بناء على رؤية قامت على أن القوى السياسية والإعلامية والاقتصادية الأمريكية يؤثر بأصواتها قوة اللوبي اليهودي، لكن الواقع غيَّر هذه النظرة، وعاد أوباما أكثر قوة وهو مرشح لا تتطابق سلوكياته مع الرغبة الإسرائيلية، لكن هناك مصالح أمريكية عليا هي من تقرر الاتجاه في الدولة العظمى، وقد لا تكون همومها محصورة في المنطقة أو إسرائيل تحديداً، في بروز تحديات مالية داخلية، وأقطاب منافسين في آسيا تجعلها تتجه بوصلها نحو تلك القضايا وجعل الأولوية لها..
لقد عرض العرب والفلسطينيون العديد من مشاريع السلام، بما فيها تبادل السفراء وفتح قنوات سياسية واقتصادية، ولم تكن تلك العروض مبالغ بها، بل دولة فلسطينية على أراضي ما قبل ١٩٦٧م لكن غرور القوة لدى إسرائيل هو من عرقل تلك المشاريع وقياساً على الحاضر الجديد، فإنها لا تستطيع وضع الفلسطينيين في حيزهم الضيق لإنهاء أي شكل لدوتهم وكيانهم لأن هذه الرؤية بعيدة عن الواقع، وأن شعباً يناضل لن يفقد وجوده حتى لو قلصت إسرائيل مساحته بالتمدد الاستيطاني..
عموماً مخاوف إسرائيل لم تعد سرية، ونشوء فكر جديد لا ينبني على الغطرسة والعنصرية واحتكار الأرض هو عامل البقاء لها إذا كانت تريد العيش بسلام..