منهج المستشرق برنارد لويس في دراسة الفكر الإسلامي
مرسل: الاثنين ديسمبر 17, 2012 11:30 am
إن لويس متخصص في التاريخ الإسلامي وبخاصة الدولة العباسية، ولكنه اهتم بالإسلام عموماً، وإن كان قد تحول إلى دراسة القضايا المعاصرة في العالم الإسلامي عندما ظهر في الغرب اهتمامُ بالقضايا المعاصرة. ومن أبرز ما يهم الغرب في العالم الإسلامي الفكر السياسي. ولا يمكن أن يتم فهم الفكر السياسي المعاصر وبخاصة للجماعات الإسلامية التي يطلق عليها الغرب خطأً "الأصولية الإسلامية" إلاّ بدراسة الفكر السياسي كما جاء في الكتاب والسنة وكما جاء في اجتهادات علماء الإسلام وفقهاؤه.
اتصلت بالبروفيسور لويس في أثناء إعداد بحث الدكتوراه وطلبت منه موعداً للقائه فأبى إعطائي موعداً حتى يقرأ جزءاً من رسالتي (أي فصل منها)، ولمّا أخبرته أنني ما زلت في طور جمع المادة العلمية أصر على أن وقته ثمين ولا يستطيع إعطائي الموعد حتى يتأكد أنني باحث موضوعي ولست من الذين يكتبون الكتابة المتعصبة. وأرسلت له خطة البحث باللغة الإنجليزية ولكنها لم تكن كافية في نظره. ولما علمت أنه لن يقتنع سافرت إلى برنستون وهناك أقنعت زملاءه بضرورة مقابلتي، وتمت المقابلة بالفعل، وقد سجلت اللقاء بآلة التسجيل وقام بمراجعة المادة وإقرارها.
ولما كانت السياسة والفكر السياسي من أبرز الموضوعات التي تناولها لويس في كتابته في التاريخ الإسلامي فلا بد من مقدمة موجزة عن مدى اهتمام الإسلام بشأن السياسة قبل الشروع في البحث في كتابات لويس في هذا الموضوع.
لقد اهتم الإسلام بالسياسة منذ بداية تكون الجماعة الإسلامية الأولى في دار الأرقم بن أبي الأرقم حيث كانت تعمل تحت قيادة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أذن لمجموعة من المسلمين الذين عانوا الاضطهاد بالهجرة إلى الحبشة في السنة الخامسة وبعدها. ولا يمكن أن تقوم جماعة بمثل هذا العمل لو لم يكن لديها تنظيم معين. ثم اتضحت بعض أبعاد الجماعة الإسلامية في بيعة العقبة الأولى ثم الثانية. وكانت الثانية قد أوضحت بعض الأفكار السياسية المهمة ومما ورد في بيعة العقبة الثانية: " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والعسر واليسر، وأن لا ننازع الأمر أهله وعلى أثرة منّا، وأن نقول الحق لا نخشى في الله لومة لائم".
وبعد أن هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم أخذت الجماعة الإسلامية وضع الفكر السياسي الإسلامي موضع التطبيق؛ وذلك في الصحيفة التي كتبها الرسول صلى الله عليه وسلم بين المسلمين والكفار من أهل المدينة ثم بين المسلمين واليهود في المدينة. وفي هذه الأثناء كانت آيات القرآن الكريم تتوالى في النزول توضح معالم المنهج الإسلامي في السياسة وفي الاقتصاد وفي شؤون الحياة كلها.
ويكفي تدليلاً على أهمية السياسة والفكر السياسي في الإسلام أن قصة موسى عليه السلام مع فرعون وردت أكثر من سبعين مرة في القرآن الكريم وكانت في غالبها في سياقات سياسية. فمن قال إن الإسلام لا يهتم بالسياسة فما عليه إلاّ أن يطلع على هذه القصص وتفسيرها ليعرف كم هو مهم أن يعيش الناس تحت ظل حكومة تعاملهم بالعدل وترعى شؤونهم وتساوي بينهم ولا تأكل أموالهم. ألم يذكر القرآن الكريم عن فرعون قوله ونادى فرعون في قومه أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي()، وذكر طغيان فرعون في قوله تعالى: ما أريكم إلاّ ما أرى وما أهديكم إلاّ سبيل الرشاد().
ولويس في اهتمامه بالفكر السياسي الإسلامي لا ينطلق من كونه باحث متخصص في الفقه أو الفكر السياسي أو القانون، ولكنه كتب بطريقة المؤرخ لذي يرى بعض أحداث التاريخ الإسلامي فيبحث في كتب الأحكام السلطانية والفقه ما ينطبق عليها، أو يجد فكرة في أحد كتب الفقه فيروح يبحث لها عن شواهد واستدلالات في أحداث التاريخ، وأحياناً يكون لديه فكرة جاهزة عن المنهج الإسلامي في الحكم فيبحث في كتب التاريخ والفقه ولا يتوانى عن الرجوع إلى كتب الأدب ليبرر وجهة نظره.
اتصلت بالبروفيسور لويس في أثناء إعداد بحث الدكتوراه وطلبت منه موعداً للقائه فأبى إعطائي موعداً حتى يقرأ جزءاً من رسالتي (أي فصل منها)، ولمّا أخبرته أنني ما زلت في طور جمع المادة العلمية أصر على أن وقته ثمين ولا يستطيع إعطائي الموعد حتى يتأكد أنني باحث موضوعي ولست من الذين يكتبون الكتابة المتعصبة. وأرسلت له خطة البحث باللغة الإنجليزية ولكنها لم تكن كافية في نظره. ولما علمت أنه لن يقتنع سافرت إلى برنستون وهناك أقنعت زملاءه بضرورة مقابلتي، وتمت المقابلة بالفعل، وقد سجلت اللقاء بآلة التسجيل وقام بمراجعة المادة وإقرارها.
ولما كانت السياسة والفكر السياسي من أبرز الموضوعات التي تناولها لويس في كتابته في التاريخ الإسلامي فلا بد من مقدمة موجزة عن مدى اهتمام الإسلام بشأن السياسة قبل الشروع في البحث في كتابات لويس في هذا الموضوع.
لقد اهتم الإسلام بالسياسة منذ بداية تكون الجماعة الإسلامية الأولى في دار الأرقم بن أبي الأرقم حيث كانت تعمل تحت قيادة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أذن لمجموعة من المسلمين الذين عانوا الاضطهاد بالهجرة إلى الحبشة في السنة الخامسة وبعدها. ولا يمكن أن تقوم جماعة بمثل هذا العمل لو لم يكن لديها تنظيم معين. ثم اتضحت بعض أبعاد الجماعة الإسلامية في بيعة العقبة الأولى ثم الثانية. وكانت الثانية قد أوضحت بعض الأفكار السياسية المهمة ومما ورد في بيعة العقبة الثانية: " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والعسر واليسر، وأن لا ننازع الأمر أهله وعلى أثرة منّا، وأن نقول الحق لا نخشى في الله لومة لائم".
وبعد أن هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم أخذت الجماعة الإسلامية وضع الفكر السياسي الإسلامي موضع التطبيق؛ وذلك في الصحيفة التي كتبها الرسول صلى الله عليه وسلم بين المسلمين والكفار من أهل المدينة ثم بين المسلمين واليهود في المدينة. وفي هذه الأثناء كانت آيات القرآن الكريم تتوالى في النزول توضح معالم المنهج الإسلامي في السياسة وفي الاقتصاد وفي شؤون الحياة كلها.
ويكفي تدليلاً على أهمية السياسة والفكر السياسي في الإسلام أن قصة موسى عليه السلام مع فرعون وردت أكثر من سبعين مرة في القرآن الكريم وكانت في غالبها في سياقات سياسية. فمن قال إن الإسلام لا يهتم بالسياسة فما عليه إلاّ أن يطلع على هذه القصص وتفسيرها ليعرف كم هو مهم أن يعيش الناس تحت ظل حكومة تعاملهم بالعدل وترعى شؤونهم وتساوي بينهم ولا تأكل أموالهم. ألم يذكر القرآن الكريم عن فرعون قوله ونادى فرعون في قومه أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي()، وذكر طغيان فرعون في قوله تعالى: ما أريكم إلاّ ما أرى وما أهديكم إلاّ سبيل الرشاد().
ولويس في اهتمامه بالفكر السياسي الإسلامي لا ينطلق من كونه باحث متخصص في الفقه أو الفكر السياسي أو القانون، ولكنه كتب بطريقة المؤرخ لذي يرى بعض أحداث التاريخ الإسلامي فيبحث في كتب الأحكام السلطانية والفقه ما ينطبق عليها، أو يجد فكرة في أحد كتب الفقه فيروح يبحث لها عن شواهد واستدلالات في أحداث التاريخ، وأحياناً يكون لديه فكرة جاهزة عن المنهج الإسلامي في الحكم فيبحث في كتب التاريخ والفقه ولا يتوانى عن الرجوع إلى كتب الأدب ليبرر وجهة نظره.