منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#57793
الفلسفة الإسلامية وفلسفه الحضارة الاسلاميه:
علاقة الفلسفة الإسلامية بالفلسفة اليونانية:
هنالك تصورين لعلاقة الفلسفة الإسلامية بالفلسفة اليونانية سوف نتناولها بالتفصيل:
التصور الأول: أن الفلسفة الإسلامية مجرد نقل للفلسفة اليونانية: ينكر التصور الأول أصالة الفلسفة الإسلامية ، فيعتبرها مجرد نقل للفلسفة اليونانية، وبعبارة أخرى فإن ما يسمى بالفلسفة الإسلامية ما هي إلا فلسفة يونانية مترجمة إلى اللغة العربية دون أي إضافة، وأن من يسمون بالفلاسفة الإسلاميين ليسوا مسلمين بل خارجين عن الدين الإسلامي. وهذا التصور يمثله بعض المستشرقين ويستند إلى تبريرات عدة:
التبرير الأول:    أن القدرة على التفلسف (أي ممارسة النشاط العقلي التجريدي) ينفرد بها الجنس الأري (الذي ينتمي إليه قدماء اليونانيين)، أما العرب الشعوب الإسلامية فلا تمتلك هذه القدرة لأنها تنتمي إلى الجنس السامي، ومن أنصار هذا التبرير رينان وجوتيه.
التبرير الثاني:    إن الدين الإسلامي والقرآن يمنعان النشاط العقلي الحر (الذي يميز الفلسفة)، ومن أنصار هذا التبرير ثنمان في كتابه (المختصر في تاريخ الفلسفة).
تقويم التصور الأول:التبرير الأول يستند إلى العنصرية التي هي من خصائص أطوار التكوين الاجتماعي القبلي، حيث معيار الانتماء إلى القبيلة وحدة النسب (الدم) الحقيقي أو الوهمي ، غير أن التطور الاجتماعي في أغلب مجتمعات العالم قد تجاوز هذه الأطوار إلى طور جديد هو الأمة التي مناط الانتماء إليها الهوية الحضارية (التي وعاؤها اللغة)، لذا تراجع أغلب المستشرقين عن هذا التبرير في مراحل لاحقة.كما أن هذا التبرير ينطوي على جملة من الأخطاء والمتناقضات أهمها أن تقسيم البشر إلى ثلاثة أقسام (ساميين، حاميين وأريين) هو تقسيم لغوي لا عرقي، إذ لا يوجد عرق نقي لم يختلط بباقي الأجناس ،وأن التجريد (كما يقرر علم النفس) هو ملكة عقلية إنسانية لا يختص بها جنس معين.
أما التبرير الثاني فقائم على تصور معين للفلسفة هو وجوب انفصالها عن الميتافيزيقا والدين، والواقع من الأمر أن أي مذهب فلسفي إنما ينطلق من فرض أو فروض يسلم بها دون أن تكون قابلة للنفي أو الإثبات بالتجربة العلمية ،وإن كانت قابلة للتحقق بالأدلة العقلية، فهي ميتافيزيقية بهذا المعنى. كما أن هذا التصور يلزم منه استبعاد كل الفلسفات الدينية الغربية والشرقية وهي تشكل جزءاً كبيراً من الفلسفة في كل مراحل تطور الفلسفة. كما أن أي فلسفة إنما تنطلق من القيم الحضارية للأمة التي ينتمي إليها الفيلسوف المعين، وبناء على هذا فإن استناد الفلسفة الإسلامية إلى الميتافيزيقا أو انطلاق الفلاسفة الإسلاميين من الإسلام الذي يشكل الهيكل الحضاري للأمم والشعوب المسلمة لا تنفي كونها فلسفة. والملاحظ أن بعض الكتاب الإسلاميين بدافع نقية الفكر الإسلامي من الشوائب اتفقوا مع المستشرقين في هذا التصور.
التصور الثاني: أن الفلسفة الإسلامية هي محصلة أخذ وتنمية وتطوير الفلسفة اليونانية:
هذا التصور يقول بأصالة الفلسفة الإسلامية، أي أن العرب وإن كانوا قد أخذوا بذور المعرفة بما فيه الفلسفة من اليونان فإنهم نموها وطوروها ،ويؤكد هذا تاريخ هذه الفلسفة التي مرت بثلاث مراحل:
أولاً:    الترجمة: أنشا المأمون لذلك ديوان الحكمة استغرقت الترجمة قرناً من الزمان (القرن الثاني الهجري) ، والترجمة ليست عملاً آلياً ينقل فيه نص من لغة إلى لغة، بل هي عملية انتقاء ما لا يناقض بنية حضارة معينة لهذا فأن العرب ترجموا كتب الفلسفة دون كتب الأدب الأسطورة اليونانية ،وترجمت أرسطو أكثر مما ترجمت كتب أفلاطون، وترجمة الجمهورية أكثر مما ترجمت المحاورات الخاصة بالأخلاق و الجمال.
ثانياً:    الشرح: ما أن حل القرن الثالث حتى بدت بوادر الشرح والتأليف،و الشرح ليس التعبير عن عبارة بعبارة أخرى، بل هو عملية تمثيل جديد كما يبدو في كتاب فلسفة أرسطو للفارابي.
ثالثاً:    التأليف: بعد الترجمة والشرح بدا بوادر التأليف،و هي مرحلة الإضافة ،فقد كتب الفارابي فلسفة أرسطو أولاً كي يكتب أخيراً (تحصيل السعادة).