منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#57838
في سجون الكيان الصهيوني، التي أعدّها هذا الكيان للأسرى الفلسطينيين، هناك غرف قذرة يطلق عليها اسم "غرف العصافير"-مع احترامنا للعصافير الجميلة في الطبيعة - وهي في الظاهر سجن، فيها بعض المساجين… لكنها في حقيقتها هي غرف عمالة قذرة، يقيم فيها بعض العملاء، الذين يمثلون فيها دور مساجين بإتقان عجيب. ويكون ذلك عندما يستعصي أمر بعض الأسرى على المحققين الصهيونيين في الحصول على اعترافات منهم، وحينئذ يوهم المحققون هؤلاء الأسرى، الذين نكّلوا بهم في الزنازين دون جدوى، بأنهم سيحكمون بناء على قانون خصص لعدم اعترافهم، وبذلك سينقلون إلى السجن، تمهيداً للمحاكمة.
وهنا – كما أسلفنا- لا يكون السجن حقيقياً؛ لأنه مجرد غرف عصافير لخداع هؤلاء المناضلين الأسرى، حيث يجد المناضل أناساً (طبعاً عملاء) في قمة الثورة والنضال والوطنية(تمثيلاً)، فيربكونه بهذا الوهج (النقر كالعصافير)الثوري الكاذب؛ وقد يخدع هذا المناضل، فيقص عليهم قصته في الثورة الفلسطينية التي عجز المحققون عن الوصول إليها؛ لتنتهي مهمة هذه الغرف عند اعتراف المناضل بسيرة نضالية مكتوبة في ورق أو مروّية على لسانه؛ وموقع عليها أو مسجلة بصوته وصورته!!
لا يختلف النظام في سوريا عن كونه نظاماً "عصافيرياً" صهيونياً أمريكياً بامتياز، ومن ثمّ فإن هذا النظام القاتل المجرم بحق السوريين ومستقبلهم، غدا يحقق لإسرائيل مكاسب ، تعجز عن تحقيقها آلية قوات الاحتلال الصهيوني كلها؛ لذلك غدت إسرائيل تدافع عن هذا النظام/ الخادم/العميل العصافيري، الذي يسقط لها عشرات "العصافير بحجر واحد"!! والعصافير هنا هي غير العصافير في السجون الصهيونية؛ العصافير هنا هي المصالح الصهيونية في الوطن العربي خاصة وفي الشرق الأوسط عامة، التي تتحقق من خلال قتل عصابات نظام بشار الأسد للشعب السوري.
لعلّ أهم ما قدمه هذا النظام للصهاينة خلال خمسين عاماً مضت، هو أنّ هذا النظام حافظ بمثالية مطلقة على أمن الكيان الصهيوني أكثر من الصهاينة أنفسهم، وذلك باعترافات كثير من الصهاينة، ولا مجال هنا لذكر الدلائل والمؤشرات على ذلك؛ لكثرة ترددها، ولعدم إطلاق رصاصة واحدة من سوريا إلى الكيان الصهيوني خلال نصف قرن تقريباً، وفوق ذلك يزايد هذا النظام ؛ فيعد نفسه النظام الوحيد في المنطقة الذي يقف في وجه الاحتلال الصهيوني، ويمتنع عن المشاركة في مؤامرة السلام!!
إذا كان العرب يُحذّرون – وأنا ضد هذه الطائفية مهما كان نوعها- من تشكل الهلال الشيعي(العراق- لبنان - سوريا)، فإن الكيان الصهيوني يعمل على ضرب الهلال السني أو الإمبراطورية السنية بحسب تعبيرهم (مصر – الأردن- سوريا)، وفي الحالتين تعد سوريا أهم موقع أو حجر زاوية بالنسبة إلى إسرائيل في ضرورة بقائها تحت حكم آل الأسد أو من ينوب عنهم في أسوأ الأحوال، الذين يحققون للكيان الصهيوني هيمنة طائفة غير سنية من جهة، وكسر الطوق السني من جهة أخرى، والأدهى والأمر أنّ هذا النظام في سوريا مطلوب منه صهيونياً أن يحول سوريا إلى صراع بين طوائف وأعراق، على طريقة ما يحدث الآن في العراق ولبنان؛ ليتسنى لهذا الكيان تدمير وحدة الأمة العربية، وتفتيت اللحمة بين أعراقها ومذاهبها؛ خدمة للمشروع الصهيوني الاستعماري، الساعي إلى تأسيس دويلة إسرائيل الكبرى… من الفرات إلى النيل بالاستناد إلى عملائه في المنطقة تحديداً، بعد أن سيّج على كيانه جداراً عنصرياً عازلاً!!
لهذا نفهم طبيعة مساعدة إسرائيل للنظام في سوريا:
أولاً من خلال الضغط على أمريكا والغرب للتخفيف من حدة عقاب النظام في سوريا…
وثانياً من خلال تأجيج حملة الكيان الصهيوني الإعلامية لضرب إيران؛ باعتبار هذه المعركة أولى من غيرها؛ ولا مجال لضرب إيران كما نعرف؛ لأنّ إسرائيل معنية بإيجاد دور إيراني تهديدي أو تخريبي في المنطقة العربية تحديداً…
وثالثاً من خلال شنّ الغارات العسكرية الصهيونية على غزة للتخفيف من الضغط على سوريا، وبالذات لإحراج العرب الذين غدوا يتخذون مواقف ضد نظام الأسد؛ ومن ثم للقول: أين العرب مما يحدث في فلسطين؟! ولماذا يفرضون العقوبات على سوريا، ويفتحون سفاراتهم لإسرائيل في بعض بلدانهم؟!
ورابعاً من خلال تشجيع توجه بعض المظاهرات الفلسطينية من سوريا، وفي بعض المناسبات إلى الحدود مع الجولان المحتل؛ للإيهام بأنّ دور سوريا ما زال هو الدور الوطني المدافع عن الأمة وقضاياها وعن فلسطين وشعبها!!
وخامساً من خلال حشد التهديدات الصادرة عن النظام نحو الكيان الصهيوني، واعتبارها في السياسة الصهيونية من قبيل الشعارات لا أكثر ولا أقل…
وسادساً يعد إجرام عصابات بشار الأسد في سوريا أكبر مبرر للإجرام الصهيوني في فلسطين ولبنان؛ فما يفعله شبيحة بشار الأسد ليس له مثيل حتى عند الصهاينة المجرمين، الذين يبدون أقل عنفاً من عائلة الأسد عندما اجتاحوا غزة أو جنوب لبنان… وهذا يعني أن إسرائيل الغازية المحتلة المجرمة غدت أكثر رحمة وأقل إجراماً وأكثر وعياً في تبرير الإجرام قياساً إلى ما يحدث في سوريا اليوم، أو مما حدث في تدمير حماة عام 1982م على أيدي شبيحة الأب والابن حافظ الأسد وبشار الأسد!!
وثامناً… وتاسعًا… إلخ؛ أي أنّ النظام بالنسبة إلى الكيان الصهيوني يمارس دور "غرف العصافير" في السجون الصهيونية في فلسطين المحتلة، وبجودة طائفية عالية!!
إن أخطر ما يواجه أمتنا العربية اليوم، هو أن تجد نفسها مستلبة الإدارة تجاه اتخاذ إجراءات صارمة ورادعة ضد النظام المجرم في سوريا لمساعدة الشعب السوري في محنته العظيمة؛ لأنّ هذا النظام يمارس - في ظل مهل الجامعة العربية والعجز العربي عموماً- إجراماً لم يكن له مثيل في الماضي، حيث يصل إلى درجة المجازر والإبادة الجماعية، ما يؤهل قيادات هذا النظام كي تدخل في قائمة العار السوداء المكونة من المطلوبين دولياً، بصفتهم مجرمي حرب!!
والأخطر من ذلك كله، أنّ الزلازل والبراكين وكرات الثلج التي تحدث عنها جهابذة النظام في سوريا، بدأت تنشأ في المنطقة كلها، من خلال إنتاج بقع إجرامية في أماكن عديدة، وهي بكل تأكيد من إنتاج عصابات نظام الأسد وحلفائه، وهذه هي الطريقة التي يتبعها عادة الكيان الصهيوني عندما يجد نفسه مكبلاً بإجرامه والعالم يحاصره؛ فيبث هنا وهناك عمليات إجرامية متعددة ؛ ليبعد أنظار العالم عن إجرامه. ولعلّ هجمة هذا الكيان الاستيطانية في القدس مؤخراً وفي هجومه بين الفينة والأخرى عسكرياً وإعلامياً على الفلسطينيين، هي من قبيل التخفيف عن حليفه الإستراتيجي (نظام عصابات عائلة الأسد في سوريا)، على طريقة المثل الشعبي الدارج:" إذا توزع الحمل ينشال"… ما دام هذا النظام يحقق للصهاينة ما تحققه غرف العصافير المفضوحة في سجون الاحتلال الصهيوني بفلسطين!!
مرة أخرى، أعتذر للعصافير في الطبيعة عن هذا التشبيه المجحف بحقها، وأؤكد لها أن التسمية ينبغي أن تكون "صراصير" بدلاً من عصافير؛ لأن الفرق معدوم أو غير موجود أصلاً بين صراصير أو عملاء الاحتلال الصهيوني بفلسطين، وصراصير أو شبيحة الاحتلال الطائفي بقيادة عائلة الأسد في سوريا!!