منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمعاهدات والمواثيق الدولية
#57886
عملية التحول الديمقراطي في ليبيا :

تمثل ليبيا اشكالية في المفاهيم لأي باحث يقوم بمناقشة اتجاهات ومؤشرات التحول الديمقراطي لهذه الدولة , وهذه الإشكالية عائدة إلى أصل تعريف الديمقراطية والذي يعتمد على عدة عوامل ومعايير ذاتية وأيدلوجية أكثر من إعتماده على عوامل ومعايير موضوعية محايدة متفق عليها . ولذلك , فإن مفهوم الديمقراطية دائما ما يتبعه صفة ما , مثل " الديمقراطية الليبرالية " و " الديمقراطية الإجتماعية " و " الديمقراطية المباشرة " و " الديمقراطية الغير مباشرة " وغيرها .

النظام السياسي الليبي يستطيع الإدعاء بأنه أكثر النظم ديمقراطية في العالم لأنه يوفر أكثر الأشكال المباشرة للمشاركة السياسية الشعبية وذلك من خلال المؤتمرات الشعبية واللجان الشعـبية .

وعلى الرغم من وجود العديد من جماعات المصالح وكذلك التنظيمات التطوعية الأهلية والنوادي الرياضية إلا أنها تقع ضمن البنية الرسمية للدولة والتي تقوم بتحديد وظائفها الأساسية في تمثيل المصالح لأعضائها والتعبير عنها , و بالإضافة إلى ذلك فإن جانب إعتماد هذه التنظيمات على الدولة في التمويل لأنشطتها , والذي أدى إلى أن أصبحت امتدادا لمؤسسات الدولة , كل هذا من جانب , أما الجانب الآخر فيتمثل في عدم وجود أحزاب سياسية وذلك لأنها محظورة بحكم القانون .

وفي هذا التقرير سيتم التركيز على عدد من العوامل التي تؤثر في عملية التحول الديمقراطي في ليبيا وهي كالتالي :

أولا : وسائل الإعلام وتعدد مصادر المعلومات :

ينص القانون الليبي على أن القنوات الوحيدة المتاحة للأفراد من أجل التعبير عن آرائهم هي المؤتمرات الشعبية ووسائل الإعلام الجماهيرية التي تديرها لجان شعبية وتقع ضمن البنية الرسمية للدولة في ليبيا , ويشترط ألا تكون هذه الآراء ووجهات النظر ضد " سلطة الشعب " ومبادئ الثورة وهذا يكون من ناحية , أما الناحية الأخرى فتتمثل في أن وسائل التعبير الأخرى مثل الإضرابات والمظاهرات والتجمع خارج إطار التنظيمات لا وجود لها في ليبيا ويمنعها القانون . ونظرا لعدم وجود أية قنوات خارج إطار البنية الرسمية للسلطة الليبية من أجل التعبير عن الرأي , فإنه يصبح من الصعب قياس الرأي العام بصورة مباشرة لمعرفة تأثيره على القرارات والأفعال المختلفة للدولة .

ثانيا : مأسسة عملية تقاسم وتداول السلطة في ليبيا :

تعتبر المؤسسات السياسية الليبية فريدة من نوعها وذلك لأنها صممت من أجل ضمان أن تظل القوة والسلطة موزعة بالتساوي بين جميع المواطنين الليبيين وذلك من خلال مشاركتهم في المؤتمرات الشعبية وكذلك من خلال حقهم في اختيار وعزل اللجان الشعبية , وكما هو معروف أن العقيد القذافي لا يخفي كرهه وعداءه لأنماط الديمقراطية التعددية وذلك لأنه يعتبر أن النظم الحزبية والبرلمانات والانتخابات وغيرها من وسائل التنافس على السلطة وعلى تقاسمها غير ديمقراطية , حيث يرى بأنها واجهة زائفة وتخفي ورائها نوع من الحكم الديكتاتوري . فالعقيد القذافي يرى أن الآلية التي يوفرها " الكتاب الأخضر " والمطبقة في ليبيا ضمن " مأسسة " عملية تقاسم السلطة بالتساوي بين الليبيين . حيث أن من الناحية الرسمية فإن جميع الليبيين يشاركون في العملية التشريعية من خلال المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية إلا أنه من ناحية أخرى فإن التجربة الليبية في الديمقراطية الشعبية المباشرة لا تسمح بوجود برلمانات ولا تسمح بوجود انتخابات كوسيلة للوصول إلى السلطة وتقاسمها والمشاركة فيها .

ثالثا : عملية صنع القرار في ليبيا :

تتم عملية صنع القرار في ليبيا من خلال ثلاث خطوات هي :
( 1 ) تقوم أمانة مؤتمر الشعب العام بإعداد جدول أعمال المؤتمرات الشعبية الأساسية بناء على ما تقدمه المؤتمرات الشعبية الأساسية والنقابات والاتحادات والروابط المهنية واللجان الشعبية .
( 2 ) تجتمع المؤتمرات الشعبية الأساسية مرتين في السنة لمناقشة جدول الأعمال المعد من أمانة مؤتمر الشعب العام .
( 3 ) قرارات المؤتمرات الشعبية يتم نقلها إلى مؤتمر الشعب العام حيث تتم عملية تجميعها وتصنيفها وصياغتها في شكل قوانين وقرارات وسياسات عامة ملزمة .

رابعا : أسايب وأنماط حل الصراع في ليبيا :

تعتبر أساليب و أنماط حل الصراع من بين أهم مؤشرات عملية التحول الديمقراطي في أي مجتمع , فالطريقة التي تتعامل بها الدولة وأجهزتها المختلفة مع الآراء المخالفة تشير إلى درجة التسامح مع المعارضة وتقبلها في المجتمع . فالتطور الاقتصادي والسياسي لليبيا عرقل من عملية التحول الديمقراطي فيها .