على خُطى الصين يسير العالم
مرسل: الاثنين ديسمبر 17, 2012 9:22 pm
عنوان الكتاب بالإنكليزية: As china goes, so goes the world
عرض: إبراهيم غرايبة، كاتب أردني
تأليف: كارل غيرت
ترجمة: طارق عليان
أبو ظبي: هيئة (أبو ظبي) للثقافة والفنون، مشروع "كلمة"، 2011
يتناول الكتاب التداعيات والتأثيرات العالمية السياسية والاقتصادية والبيئية للنمو الاقتصادي والاستهلاكي في الصين، فقد انتقل ملايين الصينيين من فئة الفقراء إلى الطبقة الوسطى، ويستطيع الصينيون الحصول على تشكيلة أكبر من ذي قبل من السلع وأدوات الرفاهية، وفي الوقت نفسه فإن الصين تُعد أكبر مصدر لانبعاثات غاز الدفيئة، كما تهدد الأغذية الجديدة التي يتناولها الصينيون أنواعًا بالانقراض، وتباع الأدوية وقطع الغيار الصينية الزائفة حول العالم.
إن العواقب المقصودة وغير المقصودة لهذا التحول في الصين تُحدث تغيرًا في العالم من نواحٍ مهمة وإن كانت غير محددة في الغالب، ولكن المؤكد أن مستقبل الصين ومستقبل العالم سيتشكّل تشكلاً جذريًا بفعل اندفاع الصين نحو الاستهلاكية، فأينما تَسِرِ الصين يَسِرِ العالم!
فالاستهلاك يتطور في الصين بعدما كانت بلدًا اشتراكيًا محدود السلع؛ وعلى سبيل المثال فقد ارتفعت مبيعات مستحضرات التجميل من 24 مليون دولار في عام 1981 إلى 168 مليار دولار في عام 2009، ويبلغ إجمالي الإنفاق الاستهلاكي الصيني 4 تريليونات دولار متفوقة بذلك على جميع دول العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية.
لكن زعماء الصين حاولوا توجيه الاستهلاك والحدّ من تأثيره على النمو الاقتصادي وتنمية الثروة الوطنية حتى لا يتدفق رأس المال الصيني إلى الخارج لدفع ثمن متع استهلاكية زائلة. وفي المقابل فإن قادة العالم يحاولون -وبخاصة بعد أزمة العام 2008- دفع الصين إلى مزيد من الاستهلاك والاستيراد لمساعدة الاقتصاد العالمي، وقد طلب الرئيس الأميركي السابق جورج بوش من الحكومة الصينية العمل على زيادة الاستهلاك المحلي معلنًا أمله أن تتغير الصين من مجتمع مدّخر إلى مجتمع مستهلك، وقد اتبعت إدارة أوباما السياسة نفسها.
واستجابت القيادة الصينية لنداءات تشجيع الاستهلاك وكان لديها أيضًا أسبابها الخاصة لهذا التشجيع، فنفذت سياسات تفكيك الحواجز أمام زيادة الاستهلاك الصيني، ومن ضمنها تيسير إقراض البنوك للأموال بتخفيف قيود الائتمان والاحتياجات، وتثبيط الادخار بتخفيض أسعار الفائدة، وحاول القادة الصينيون تحفيز الاستهلاك الريفي بتحسين شبكة الطاقة ودعم تكلفة الهواتف الجوالة والغسالات وأجهزة التليفزيون.. إلخ.
ويمكن اليوم تصنيف ثلث السكان في الصين، أي حوالي 430 مليون صيني، على أنهم طبقة وسطى، قادرة على شراء أجهزة التليفزيون والغسالات والمبردات.. إلخ، وهناك حوالي 150 مليون صيني قادر على شراء سلع الرفاهية، مثل أزياء المصممين وحقائب اليد الغالية وساعات اليد ذات العلامات التجارية. ومن الواضح اليوم أن العالم لديه أسباب كثيرة تجعله يهتم بالاستهلاك الصيني كما يهتم بالإنتاج الصيني؛ فهناك تداعيات كبيرة إذا ما اتجه الصينيون إلى قيادة السيارات أو أكل المزيد من لحوم الأبقار أو قضاء مزيد من العطلات.
الصين الرأسمالية الاستهلاكية
زادت أعداد السيارات في المدن الصينية زيادة كبيرة ولكن ذلك أدى إلى زيادة التلوث، وصارت 7 من المدن الصينية من أكثر 13 مدينة تلوثًا في العالم؛ وبالطبع فقد أدى ذلك إلى زيادة هائلة في استهلاك النفط، ويمثل الطلب الصيني على الطاقة اليوم 12 في المائة من حجم الطلب العالمي، وتبذل الصين اليوم جهودًا كبيرة لتخفيف مشكلات السيارات، وقد نجحت أكثر من الولايات المتحدة في زيادة كفاءتها وتقليل استهلاكها للنفط، وأنتجت سيارات هجينة قابلة للشحن.
وتشهد الصين اليوم صعودًا استهلاكيًا كبيرًا وتحولاً في أساليب الحياة، مثل: استخدام السيارات والأجهزة والإقبال على السلع والمنتجات ذات العلامات التجارية المشهورة، وصارت الصين ثالث أكبر سوق عالمي للحلي بعد الولايات المتحدة وأوروبا، واتسعت الممارسات الرياضية مثل الجولف وسباق السيارات ورحلات التزلج والتسوق، ونشأت طبقة ثرية واسعة.
ينقسم أثرياء الصين إلى 4 فئات رئيسية: أصحاب مبادرات الأعمال والأفراد الذين ظهروا في نهاية السبعينيات مع بداية الإصلاح، وقادوا ثورة تجارة التجزئة. وظهرت الفئة الثانية مع إصلاحات عام 1985 عندما سمحت الحكومة لمؤسسات الدولة ببيع منتجاتها الفائضة والاحتفاظ بالأرباح وأغلب عناصر هذه الفئة من ذوي الاتصالات السياسية وبخاصة أولاد كبار المسؤولين أصحاب المناصب الإقليمية والوطنية. وظهرت الفئة الأكثر غنى في ثورة تجارة الأراضي والعقارات (المطورون العقاريون) ومعظم هؤلاء من أبناء كبار المسؤولين. والفئة الرابعة تسمى "الأثرياء الجدد" وهم الذين اشتروا حصصًا وأسهمًا في مؤسسات الدولة بأسعار بخسة ليصبحوا مساهمين كبارًا بمجرد خصخصة هذه المؤسسات، ثم قاموا بتصفية هذه المؤسسات بربح كبير وباعوا الأراضي المقامة عليها المؤسسات بأرباح ضخمة.
تايوان وتشكيل الاستهلاكية الصينية
كانت تايوان بأسبقيتها في الرأسمالية وقدرتها الثقافية على التواصل مع الصين المؤسس الأكبر للتحول الاقتصادي والاستهلاكي في الصين، فقد أنشأت استثمارات هائلة في الصين، وأدارت تبادلاً تجاريًا واسعًا معها؛ فمع الانفتاح الصيني-التايواني عام 1987 انتقل حوالي مليون تايواني للإقامة والعمل والاستثمار في الصين، والحقيقة أن معظمهم لم ينتقل وإنما عاد إلى الصين موطنه الأم؛ فقد هاجر من الصين إلى تايوان عام 1949 حوالي مليوني مواطن يرفضون الشيوعية.
وقد مارست تايوان تأثيرًا مبكرًا وشديد القوة على انتشار الاستهلاكية الصينية، وما يهم أن نتذكره في هذا الصدد أنّ هذا قد جلب معه سلسلة من التبعات كما هو الحال مع السيارات؛ فقد كانت الصين تريد الاستثمارات والتكنولوجيا والخبرة التايوانية ففتحت الباب، ولمح التايوانيون الفرصة فاغتنموها..
أدخل التايوانيون أنماطًا جديدة من الثقافة وأساليب الحياة، مثل أغاني البوب؛ فصعد في أواخر السبعينيات نجم مغنية البوب التايوانية تيريزا تينغ، وتسلل الحب والحنين إلى الماضي إلى الموسيقى والغناء في الصين بدلاً من اقتصارهما على الأغاني الوطنية، وانتشرت أيضًا دراما مختلفة عن التعبئة التي كانت تمارسها قيادة الصين على شعبها، وشملت الثقافة الاستهلاكية المطبوعات والنشر والإعلان.. إلخ.
ولكن تايوان برغم عمق تأثيرها على الثقافة الاستهلاكية الصينية إلا أنها ليست الوحيدة؛ فهناك منافسة حامية من بلدان أخرى في المنطقة، مثل كوريا، وهو تأثير يُسمّى في الصين "الموجة الكورية"، ومن مظاهره: الدراما، مثل مسلسل "ما الحب؟" الذي بُثّ في عام 1999 وحقق نجاحًا كبيرًا، وبحلول عام 2000 كانت الصين قد استوردت 67 عملاً تليفزيونيًا من كوريا. وبالإضافة إلى الدراما الكورية انتشرت أيضًا الرسوم المتحركة والأغذية والإلكترونيات وألعاب الكمبيوتر.
وبالطبع فإن الاستهلاك يؤدي إلى سلسلة من التداعيات؛ فقد بدأت أعداد كبيرة من الصينيين تسافر لأغراض السياحة والاستجمام، واتجاهات التسوق واقتناء السلع والكماليات، وهناك دائمًا كاسبون وخاسرون..
جعل الوفرة هي القاعدة، والتمييز التجاري للوعي الاستهلاكي
عندما بدأت الحكومة الصينية تخفف من توجيه الاقتصاد والتدخل فيه وتسمح للقطاع الخاص بالعمل بدأت أسواق جديدة تتشكل؛ وأخذت هذه بدورها تُنشئ مزيدًا من الأسواق وزيادة في الاستهلاك والإعلان والترويج، وبدأت سلاسل المتاجر الكبرى تنشئ مراكز لها في المدن الصينية، وامتلأت المحلات التجارية بالسلع والمنتجات من جميع أنحاء العالم! ويتبع ذلك بطبيعة الحال تحول السكان إلى مستهلكين مستقلين عليهم الاختيار وعقلانيين عليهم المقارنة بين مختلف المنتجات، ولهم شخصيتهم الفردية، ويمكنهم الحصول على مجموعة متنوعة من السلع والمتاجر لملاءمة أذواقهم. وبدأت أعراض الوفرة تظهر أيضًا، مثل: الإسراف، وأمراض من قبيل زيادة الوزن الزائد، وارتفاع ضغط الدم والسكري.
وجاء مع الإصلاح الاقتصادي الإعلان التجاري، فنَمَت سوق الإعلانات الصينية بنسبة 40 في المائة سنويًا على مدى العقدين الماضيين، ويوجد في الصين اليوم أكثر من ألفي صحيفة بإجمالي توزيع يزيد على المليار نسخة، وأكبر 10 مجلات توزيعًا عامًا في العالم، وأكثر من ألف قناة تليفزيونية فضائية وأرضية، و300 محطة إذاعية، ويشاهد جميع الصينيين تقريبًا التليفزيون، وبدأت الإعلانات عبر الموبايل، وربما تتفوق الصين اليوم على الولايات المتحدة في إيجاد أماكن عامة توضع فيها الإعلانات.. لقد صارت الإعلانات صناعة هائلة في الصين تضم أكثر من 80 ألف شركة إعلان يعمل فيها أكثر من مليون شخص.
وأصبحت كبريات المدن الصينية أسواقًا كبرى للعلامات التجارية الصينية والدولية على السواء.. وتقوم الشركات بإضفاء صبغة معيارية على تجربة التسوق بإنشاء سلاسل وعلامات تجارية معترف بها وطنيًا، حتى صارت أغلبية السكان تتعرف الآن على المئات بل الآلاف من العلامات التجارية.
عالم من المنتجات المقلدة
تعرضت ثقة المستهلك على المستوى الوطني والدولي أيضًا لاهتزاز بسبب الإنتاج الهائل للسلع الصينية المغشوشة، وقد تجاوزت نوعية السلع المقلدة التي تباع في الصين الأنماط التقليدية مثل حقائب اليد وساعات اليد، فإن كل ما يمكنك تخيله من منتجات يتم تقليده في الصين، ومن بينها منتجات تحقق أعلى أرقام المبيعات.
وساهم في تكريس السلع المقلدة والمغشوشة أيضًا الشركات الأجنبية والزوار والسياح ورجال الأعمال بل وحتى ممثلي الحكومات، فهي سلع تعكس الطلب الخارجي عليها، فقد تحولت سوق "زقاق الحرير" المتخصصة بالتقليد والتزوير مقصدًا سياحيًا وتجاريًا يلي في أهميته وشهرته سور الصين العظيم. وقد حدثت بسبب ذلك فضائح كثيرة، مثل التلوث في حليب الأطفال، وربما تكون هذه الفضائح قد ساهمت في تحويل اتجاه المستهلك الصيني إلى المنتجات والماركات الأجنبية.
وقد أجرت الحكومة الصينية عددًا من الإصلاحات، وشنّت عدة حملات مداهمة روّجت لها إعلاميًا ترويجًا هائلاً، وصادرت بضائع مغشوشة، وكثيرًا ما تُعرض بشكل مسرحي أكوام هائلة من السلع المغشوشة أو المحظورة قانونيًا ويتم إعدامها. وقد بدأت الحكومة تشجع المستهلكين على الدفاع عن حقوقهم من خلال منظمة شبه حكومية، وهي "رابطة المستهلكين الصينيين"، وأصدرت الأقاليم قوانين مهمة لحماية المستهلك.
أسواق متطرفة
أدت سياسات تحديد النسل وإجبار الأسر على إنجاب طفل واحد فقط إلى متوالية من النتائج المتطرفة؛ فالأسر الصينية تفضّل الذكور، وأدى ذلك إلى تجارة واسعة لتبني الأطفال الصينيين في الولايات المتحدة، واستطاعت دور رعاية الأطفال الأيتام والمشردين أن تجني مئات الملايين من الدولارات من وراء هذه التجارة.
وفي ظل نقص عدد الفتيات في سن الزواج، وزيادة الرجال من كل الأعمار، وارتفاع مستوى الدخل ازدهرت بطبيعة الحال تجارة الجنس وصناعة الدعارة، وأصبحت الصين أضخم مركز لتجارة الجنس في العالم؛ فمن المقدّر أن 10 ملايين رجل وامرأة في الصين يعملون في تجارة الجنس، وأصبحت الصين أيضًا المركز الإقليمي الرئيس للاتجار في البشر، وفقًا لمكتب مراقبة ومكافحة الاتجار بالبشر التابع لوزارة الخارجية الأميركية.
وهناك أيضًا سوق أخرى متطرفة؛ هي تجارة الأعضاء البشرية، مثل: القرنية والكلى والقلب، وأصبحت الصين في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأميركية في تجارة الأعضاء البشرية، وتحصد الصين سنويًا 3200 عضو بشري من السجناء المحكوم عليهم بالإعدام.
وتزدهر في الصين تجارة واستهلاك النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض، وبسبب التطور الاقتصادي فقد زاد الطلب على هذا السلوك والطب الشعبي والوصفات القائمة على علاجات مشهورة في الصين، مثل دم السلاحف الذهبية لعلاج السرطان، وفرس البحر لعلاج الربو وأمراض القلب والعقم، وزعانف السلاحف المخللة لزيادة أعمار البشر، ولحم البوم لتحسين البصر. واستغل الصينيون قوتهم الشرائية الجديدة لشراء سلع لم تكن متاحة من قبل، وتتمتع بقداسة وقيمة عالية في الثقافة الصينية، مثل: مخالب الدببة ولحوم حيوان أم قرفة وسنام الجمل ومخ القردة وعظام النمور وأعضائها الذكرية. واتسعت تجارة الحيوانات النادرة والمهددة بالانقراض لتشمل أنحاء واسعة من العالم.
الآثار البيئية
لا يمكن توقع وتخيل الآثار البيئية الناتجة عن مضاعفة الاستهلاك في الصين على الطعام والطاقة والفضلات والغازات والمباني والطرق والأرصفة والسيارات والأسواق والمجمعات التجارية الهائلة والأسمنت والفولاذ واللحوم والمياه والحبوب... إلخ.. إنها متوالية معقدة من الإنتاج والتلوث؛ فالصحاري في الصين تنمو بمعدل غير مسبوق نتيجة التوسع في تربية الحيوانات لأغراض إنتاج اللحوم التي يتزايد الطلب عليها، وقد دمرت الصين ثلاثة أرباع غاباتها، وإذا لجأت الصين إلى استيراد الحبوب والأغذية فسوف تنشأ مشكلة بيئية عالمية، وقد بدأ الصينيون بالفعل يتجهون إلى إفريقيا وسيبيريا للاستثمار الزراعي. وهناك منتجات كثيرة مصنوعة في الصين تسفر عن مفاضلات بين سلع رخيصة تحفز الطلب العالمي لكنها ذات آثار مقلقة.
وتتجه الصين إلى أزمة قمامة، فهي تنتج ثلث قمامة العالم، ومعظمها لا تتم معالجته، وتضم ضواحي بكين وشنغهاي 7 آلاف مكبّ قمامة.. وقد تحولت بلدات بأكملها إلى مكبات نفايات إلكترونية؛ مثل بلدة غويو؛ التي تشغِّل أكثر من 30 ألف عامل في 5 آلاف محل عائلي للنفايات الإلكترونية، وتطرح الصين في النفايات سنويًا 28 مليون جهاز تليفزيون وغسالة، و70 مليون هاتف جوال.
إن الصين اليوم تبدو بالنسبة للكثيرين كبقعة حبر معقدة؛ فالصين أرض المتناقضات؛ فهي فاحشة الثراء، ومدقعة الفقر في آن واحد؛ هي بلد فيه نحو نصف مليار فقير مدقع الفقر يعيشون على أقل من دولارين في اليوم، وهي في الوقت نفسه أكبر أمّة دائنة لأثرى أمّة على وجه الأرض؛ وهي الولايات المتحدة. والصين سوداء وخضراء على حدّ سواء، فهي أسوأ ملوّث بالكربون في العالم، وهي أكبر منتج للطاقة الخضراء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وفي النهاية يخلص المؤلف إلى القول: إنه كما أن العالم يسير كما تسير الصين، لكن ما يحدث أيضًا أن الصين تتأثر بعمق بأفعال البلدان الأخرى، وخصوصًا الولايات المتحدة، ويمكن القول بالمثل: إنه أينما يسِرِ المستهلك الأميركي يسِرِ المستهلك الصيني والعالم.
وختامًا كيف يمكننا أن نتوقع أن تُقدِم الصين على اختيارات صعبة هناك فيما لا نستطيع نحن ذلك هنا؟ إذن فلعل ما نحتاج إليه هو قاعدة ذهبية جديدة تقول: استهلك كما تحب أن يستهلك الصينيون.
عرض: إبراهيم غرايبة، كاتب أردني
تأليف: كارل غيرت
ترجمة: طارق عليان
أبو ظبي: هيئة (أبو ظبي) للثقافة والفنون، مشروع "كلمة"، 2011
يتناول الكتاب التداعيات والتأثيرات العالمية السياسية والاقتصادية والبيئية للنمو الاقتصادي والاستهلاكي في الصين، فقد انتقل ملايين الصينيين من فئة الفقراء إلى الطبقة الوسطى، ويستطيع الصينيون الحصول على تشكيلة أكبر من ذي قبل من السلع وأدوات الرفاهية، وفي الوقت نفسه فإن الصين تُعد أكبر مصدر لانبعاثات غاز الدفيئة، كما تهدد الأغذية الجديدة التي يتناولها الصينيون أنواعًا بالانقراض، وتباع الأدوية وقطع الغيار الصينية الزائفة حول العالم.
إن العواقب المقصودة وغير المقصودة لهذا التحول في الصين تُحدث تغيرًا في العالم من نواحٍ مهمة وإن كانت غير محددة في الغالب، ولكن المؤكد أن مستقبل الصين ومستقبل العالم سيتشكّل تشكلاً جذريًا بفعل اندفاع الصين نحو الاستهلاكية، فأينما تَسِرِ الصين يَسِرِ العالم!
فالاستهلاك يتطور في الصين بعدما كانت بلدًا اشتراكيًا محدود السلع؛ وعلى سبيل المثال فقد ارتفعت مبيعات مستحضرات التجميل من 24 مليون دولار في عام 1981 إلى 168 مليار دولار في عام 2009، ويبلغ إجمالي الإنفاق الاستهلاكي الصيني 4 تريليونات دولار متفوقة بذلك على جميع دول العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية.
لكن زعماء الصين حاولوا توجيه الاستهلاك والحدّ من تأثيره على النمو الاقتصادي وتنمية الثروة الوطنية حتى لا يتدفق رأس المال الصيني إلى الخارج لدفع ثمن متع استهلاكية زائلة. وفي المقابل فإن قادة العالم يحاولون -وبخاصة بعد أزمة العام 2008- دفع الصين إلى مزيد من الاستهلاك والاستيراد لمساعدة الاقتصاد العالمي، وقد طلب الرئيس الأميركي السابق جورج بوش من الحكومة الصينية العمل على زيادة الاستهلاك المحلي معلنًا أمله أن تتغير الصين من مجتمع مدّخر إلى مجتمع مستهلك، وقد اتبعت إدارة أوباما السياسة نفسها.
واستجابت القيادة الصينية لنداءات تشجيع الاستهلاك وكان لديها أيضًا أسبابها الخاصة لهذا التشجيع، فنفذت سياسات تفكيك الحواجز أمام زيادة الاستهلاك الصيني، ومن ضمنها تيسير إقراض البنوك للأموال بتخفيف قيود الائتمان والاحتياجات، وتثبيط الادخار بتخفيض أسعار الفائدة، وحاول القادة الصينيون تحفيز الاستهلاك الريفي بتحسين شبكة الطاقة ودعم تكلفة الهواتف الجوالة والغسالات وأجهزة التليفزيون.. إلخ.
ويمكن اليوم تصنيف ثلث السكان في الصين، أي حوالي 430 مليون صيني، على أنهم طبقة وسطى، قادرة على شراء أجهزة التليفزيون والغسالات والمبردات.. إلخ، وهناك حوالي 150 مليون صيني قادر على شراء سلع الرفاهية، مثل أزياء المصممين وحقائب اليد الغالية وساعات اليد ذات العلامات التجارية. ومن الواضح اليوم أن العالم لديه أسباب كثيرة تجعله يهتم بالاستهلاك الصيني كما يهتم بالإنتاج الصيني؛ فهناك تداعيات كبيرة إذا ما اتجه الصينيون إلى قيادة السيارات أو أكل المزيد من لحوم الأبقار أو قضاء مزيد من العطلات.
الصين الرأسمالية الاستهلاكية
زادت أعداد السيارات في المدن الصينية زيادة كبيرة ولكن ذلك أدى إلى زيادة التلوث، وصارت 7 من المدن الصينية من أكثر 13 مدينة تلوثًا في العالم؛ وبالطبع فقد أدى ذلك إلى زيادة هائلة في استهلاك النفط، ويمثل الطلب الصيني على الطاقة اليوم 12 في المائة من حجم الطلب العالمي، وتبذل الصين اليوم جهودًا كبيرة لتخفيف مشكلات السيارات، وقد نجحت أكثر من الولايات المتحدة في زيادة كفاءتها وتقليل استهلاكها للنفط، وأنتجت سيارات هجينة قابلة للشحن.
وتشهد الصين اليوم صعودًا استهلاكيًا كبيرًا وتحولاً في أساليب الحياة، مثل: استخدام السيارات والأجهزة والإقبال على السلع والمنتجات ذات العلامات التجارية المشهورة، وصارت الصين ثالث أكبر سوق عالمي للحلي بعد الولايات المتحدة وأوروبا، واتسعت الممارسات الرياضية مثل الجولف وسباق السيارات ورحلات التزلج والتسوق، ونشأت طبقة ثرية واسعة.
ينقسم أثرياء الصين إلى 4 فئات رئيسية: أصحاب مبادرات الأعمال والأفراد الذين ظهروا في نهاية السبعينيات مع بداية الإصلاح، وقادوا ثورة تجارة التجزئة. وظهرت الفئة الثانية مع إصلاحات عام 1985 عندما سمحت الحكومة لمؤسسات الدولة ببيع منتجاتها الفائضة والاحتفاظ بالأرباح وأغلب عناصر هذه الفئة من ذوي الاتصالات السياسية وبخاصة أولاد كبار المسؤولين أصحاب المناصب الإقليمية والوطنية. وظهرت الفئة الأكثر غنى في ثورة تجارة الأراضي والعقارات (المطورون العقاريون) ومعظم هؤلاء من أبناء كبار المسؤولين. والفئة الرابعة تسمى "الأثرياء الجدد" وهم الذين اشتروا حصصًا وأسهمًا في مؤسسات الدولة بأسعار بخسة ليصبحوا مساهمين كبارًا بمجرد خصخصة هذه المؤسسات، ثم قاموا بتصفية هذه المؤسسات بربح كبير وباعوا الأراضي المقامة عليها المؤسسات بأرباح ضخمة.
تايوان وتشكيل الاستهلاكية الصينية
كانت تايوان بأسبقيتها في الرأسمالية وقدرتها الثقافية على التواصل مع الصين المؤسس الأكبر للتحول الاقتصادي والاستهلاكي في الصين، فقد أنشأت استثمارات هائلة في الصين، وأدارت تبادلاً تجاريًا واسعًا معها؛ فمع الانفتاح الصيني-التايواني عام 1987 انتقل حوالي مليون تايواني للإقامة والعمل والاستثمار في الصين، والحقيقة أن معظمهم لم ينتقل وإنما عاد إلى الصين موطنه الأم؛ فقد هاجر من الصين إلى تايوان عام 1949 حوالي مليوني مواطن يرفضون الشيوعية.
وقد مارست تايوان تأثيرًا مبكرًا وشديد القوة على انتشار الاستهلاكية الصينية، وما يهم أن نتذكره في هذا الصدد أنّ هذا قد جلب معه سلسلة من التبعات كما هو الحال مع السيارات؛ فقد كانت الصين تريد الاستثمارات والتكنولوجيا والخبرة التايوانية ففتحت الباب، ولمح التايوانيون الفرصة فاغتنموها..
أدخل التايوانيون أنماطًا جديدة من الثقافة وأساليب الحياة، مثل أغاني البوب؛ فصعد في أواخر السبعينيات نجم مغنية البوب التايوانية تيريزا تينغ، وتسلل الحب والحنين إلى الماضي إلى الموسيقى والغناء في الصين بدلاً من اقتصارهما على الأغاني الوطنية، وانتشرت أيضًا دراما مختلفة عن التعبئة التي كانت تمارسها قيادة الصين على شعبها، وشملت الثقافة الاستهلاكية المطبوعات والنشر والإعلان.. إلخ.
ولكن تايوان برغم عمق تأثيرها على الثقافة الاستهلاكية الصينية إلا أنها ليست الوحيدة؛ فهناك منافسة حامية من بلدان أخرى في المنطقة، مثل كوريا، وهو تأثير يُسمّى في الصين "الموجة الكورية"، ومن مظاهره: الدراما، مثل مسلسل "ما الحب؟" الذي بُثّ في عام 1999 وحقق نجاحًا كبيرًا، وبحلول عام 2000 كانت الصين قد استوردت 67 عملاً تليفزيونيًا من كوريا. وبالإضافة إلى الدراما الكورية انتشرت أيضًا الرسوم المتحركة والأغذية والإلكترونيات وألعاب الكمبيوتر.
وبالطبع فإن الاستهلاك يؤدي إلى سلسلة من التداعيات؛ فقد بدأت أعداد كبيرة من الصينيين تسافر لأغراض السياحة والاستجمام، واتجاهات التسوق واقتناء السلع والكماليات، وهناك دائمًا كاسبون وخاسرون..
جعل الوفرة هي القاعدة، والتمييز التجاري للوعي الاستهلاكي
عندما بدأت الحكومة الصينية تخفف من توجيه الاقتصاد والتدخل فيه وتسمح للقطاع الخاص بالعمل بدأت أسواق جديدة تتشكل؛ وأخذت هذه بدورها تُنشئ مزيدًا من الأسواق وزيادة في الاستهلاك والإعلان والترويج، وبدأت سلاسل المتاجر الكبرى تنشئ مراكز لها في المدن الصينية، وامتلأت المحلات التجارية بالسلع والمنتجات من جميع أنحاء العالم! ويتبع ذلك بطبيعة الحال تحول السكان إلى مستهلكين مستقلين عليهم الاختيار وعقلانيين عليهم المقارنة بين مختلف المنتجات، ولهم شخصيتهم الفردية، ويمكنهم الحصول على مجموعة متنوعة من السلع والمتاجر لملاءمة أذواقهم. وبدأت أعراض الوفرة تظهر أيضًا، مثل: الإسراف، وأمراض من قبيل زيادة الوزن الزائد، وارتفاع ضغط الدم والسكري.
وجاء مع الإصلاح الاقتصادي الإعلان التجاري، فنَمَت سوق الإعلانات الصينية بنسبة 40 في المائة سنويًا على مدى العقدين الماضيين، ويوجد في الصين اليوم أكثر من ألفي صحيفة بإجمالي توزيع يزيد على المليار نسخة، وأكبر 10 مجلات توزيعًا عامًا في العالم، وأكثر من ألف قناة تليفزيونية فضائية وأرضية، و300 محطة إذاعية، ويشاهد جميع الصينيين تقريبًا التليفزيون، وبدأت الإعلانات عبر الموبايل، وربما تتفوق الصين اليوم على الولايات المتحدة في إيجاد أماكن عامة توضع فيها الإعلانات.. لقد صارت الإعلانات صناعة هائلة في الصين تضم أكثر من 80 ألف شركة إعلان يعمل فيها أكثر من مليون شخص.
وأصبحت كبريات المدن الصينية أسواقًا كبرى للعلامات التجارية الصينية والدولية على السواء.. وتقوم الشركات بإضفاء صبغة معيارية على تجربة التسوق بإنشاء سلاسل وعلامات تجارية معترف بها وطنيًا، حتى صارت أغلبية السكان تتعرف الآن على المئات بل الآلاف من العلامات التجارية.
عالم من المنتجات المقلدة
تعرضت ثقة المستهلك على المستوى الوطني والدولي أيضًا لاهتزاز بسبب الإنتاج الهائل للسلع الصينية المغشوشة، وقد تجاوزت نوعية السلع المقلدة التي تباع في الصين الأنماط التقليدية مثل حقائب اليد وساعات اليد، فإن كل ما يمكنك تخيله من منتجات يتم تقليده في الصين، ومن بينها منتجات تحقق أعلى أرقام المبيعات.
وساهم في تكريس السلع المقلدة والمغشوشة أيضًا الشركات الأجنبية والزوار والسياح ورجال الأعمال بل وحتى ممثلي الحكومات، فهي سلع تعكس الطلب الخارجي عليها، فقد تحولت سوق "زقاق الحرير" المتخصصة بالتقليد والتزوير مقصدًا سياحيًا وتجاريًا يلي في أهميته وشهرته سور الصين العظيم. وقد حدثت بسبب ذلك فضائح كثيرة، مثل التلوث في حليب الأطفال، وربما تكون هذه الفضائح قد ساهمت في تحويل اتجاه المستهلك الصيني إلى المنتجات والماركات الأجنبية.
وقد أجرت الحكومة الصينية عددًا من الإصلاحات، وشنّت عدة حملات مداهمة روّجت لها إعلاميًا ترويجًا هائلاً، وصادرت بضائع مغشوشة، وكثيرًا ما تُعرض بشكل مسرحي أكوام هائلة من السلع المغشوشة أو المحظورة قانونيًا ويتم إعدامها. وقد بدأت الحكومة تشجع المستهلكين على الدفاع عن حقوقهم من خلال منظمة شبه حكومية، وهي "رابطة المستهلكين الصينيين"، وأصدرت الأقاليم قوانين مهمة لحماية المستهلك.
أسواق متطرفة
أدت سياسات تحديد النسل وإجبار الأسر على إنجاب طفل واحد فقط إلى متوالية من النتائج المتطرفة؛ فالأسر الصينية تفضّل الذكور، وأدى ذلك إلى تجارة واسعة لتبني الأطفال الصينيين في الولايات المتحدة، واستطاعت دور رعاية الأطفال الأيتام والمشردين أن تجني مئات الملايين من الدولارات من وراء هذه التجارة.
وفي ظل نقص عدد الفتيات في سن الزواج، وزيادة الرجال من كل الأعمار، وارتفاع مستوى الدخل ازدهرت بطبيعة الحال تجارة الجنس وصناعة الدعارة، وأصبحت الصين أضخم مركز لتجارة الجنس في العالم؛ فمن المقدّر أن 10 ملايين رجل وامرأة في الصين يعملون في تجارة الجنس، وأصبحت الصين أيضًا المركز الإقليمي الرئيس للاتجار في البشر، وفقًا لمكتب مراقبة ومكافحة الاتجار بالبشر التابع لوزارة الخارجية الأميركية.
وهناك أيضًا سوق أخرى متطرفة؛ هي تجارة الأعضاء البشرية، مثل: القرنية والكلى والقلب، وأصبحت الصين في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأميركية في تجارة الأعضاء البشرية، وتحصد الصين سنويًا 3200 عضو بشري من السجناء المحكوم عليهم بالإعدام.
وتزدهر في الصين تجارة واستهلاك النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض، وبسبب التطور الاقتصادي فقد زاد الطلب على هذا السلوك والطب الشعبي والوصفات القائمة على علاجات مشهورة في الصين، مثل دم السلاحف الذهبية لعلاج السرطان، وفرس البحر لعلاج الربو وأمراض القلب والعقم، وزعانف السلاحف المخللة لزيادة أعمار البشر، ولحم البوم لتحسين البصر. واستغل الصينيون قوتهم الشرائية الجديدة لشراء سلع لم تكن متاحة من قبل، وتتمتع بقداسة وقيمة عالية في الثقافة الصينية، مثل: مخالب الدببة ولحوم حيوان أم قرفة وسنام الجمل ومخ القردة وعظام النمور وأعضائها الذكرية. واتسعت تجارة الحيوانات النادرة والمهددة بالانقراض لتشمل أنحاء واسعة من العالم.
الآثار البيئية
لا يمكن توقع وتخيل الآثار البيئية الناتجة عن مضاعفة الاستهلاك في الصين على الطعام والطاقة والفضلات والغازات والمباني والطرق والأرصفة والسيارات والأسواق والمجمعات التجارية الهائلة والأسمنت والفولاذ واللحوم والمياه والحبوب... إلخ.. إنها متوالية معقدة من الإنتاج والتلوث؛ فالصحاري في الصين تنمو بمعدل غير مسبوق نتيجة التوسع في تربية الحيوانات لأغراض إنتاج اللحوم التي يتزايد الطلب عليها، وقد دمرت الصين ثلاثة أرباع غاباتها، وإذا لجأت الصين إلى استيراد الحبوب والأغذية فسوف تنشأ مشكلة بيئية عالمية، وقد بدأ الصينيون بالفعل يتجهون إلى إفريقيا وسيبيريا للاستثمار الزراعي. وهناك منتجات كثيرة مصنوعة في الصين تسفر عن مفاضلات بين سلع رخيصة تحفز الطلب العالمي لكنها ذات آثار مقلقة.
وتتجه الصين إلى أزمة قمامة، فهي تنتج ثلث قمامة العالم، ومعظمها لا تتم معالجته، وتضم ضواحي بكين وشنغهاي 7 آلاف مكبّ قمامة.. وقد تحولت بلدات بأكملها إلى مكبات نفايات إلكترونية؛ مثل بلدة غويو؛ التي تشغِّل أكثر من 30 ألف عامل في 5 آلاف محل عائلي للنفايات الإلكترونية، وتطرح الصين في النفايات سنويًا 28 مليون جهاز تليفزيون وغسالة، و70 مليون هاتف جوال.
إن الصين اليوم تبدو بالنسبة للكثيرين كبقعة حبر معقدة؛ فالصين أرض المتناقضات؛ فهي فاحشة الثراء، ومدقعة الفقر في آن واحد؛ هي بلد فيه نحو نصف مليار فقير مدقع الفقر يعيشون على أقل من دولارين في اليوم، وهي في الوقت نفسه أكبر أمّة دائنة لأثرى أمّة على وجه الأرض؛ وهي الولايات المتحدة. والصين سوداء وخضراء على حدّ سواء، فهي أسوأ ملوّث بالكربون في العالم، وهي أكبر منتج للطاقة الخضراء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وفي النهاية يخلص المؤلف إلى القول: إنه كما أن العالم يسير كما تسير الصين، لكن ما يحدث أيضًا أن الصين تتأثر بعمق بأفعال البلدان الأخرى، وخصوصًا الولايات المتحدة، ويمكن القول بالمثل: إنه أينما يسِرِ المستهلك الأميركي يسِرِ المستهلك الصيني والعالم.
وختامًا كيف يمكننا أن نتوقع أن تُقدِم الصين على اختيارات صعبة هناك فيما لا نستطيع نحن ذلك هنا؟ إذن فلعل ما نحتاج إليه هو قاعدة ذهبية جديدة تقول: استهلك كما تحب أن يستهلك الصينيون.