فى مملكة البحرين ...اخطاء دولة أدت لأزمة
مرسل: الثلاثاء ديسمبر 18, 2012 12:42 am
في مملكة البحرين .. أخطاء دولة أدت لأزمة
بعد ما يقرب من عامين على الاحداث الدامية التى عاشتها مملكة البحرين خلال شهرى فبراير ومارس 2011، ما زال البعض يحاول ان يقرأ مشهد الازمة بعيون اكثر تحليلية وواقعية وصولا الى جملة من الشواهد والدلالات التى تفرض على الجميع تجنبها خوفا من تكرار ذات المشهد مرة اخرى، خاصة اذا كان من المقبول القول ان الحكومة البحرينية نجحت فى تجاوز تلك الازمة رغم حدتها وشدة وطأتها على كيان الدولة ووجودها، إلا انه من الصعوبة بمكان تحمل الدولة البحرينية التى ما زالت تتعافى من تداعياتها تلك الاحداث وتخطو خطوات جادة فى سبيل استكمال مسيرة تقدمها ومسار نهضتها.
ورغم تداخل العديد من العوامل والاسباب وراء اندلاع تلك الازمة وتفاقمها بشكل استدعى تطبيق اتفاقيات التعاون المشترك مع بلدان الخليج العربى والتى تم ابرامها من اجل حماية امن واستقرار هذه الدول. إلا انه من الواضح ان العوامل الداخلية كان لها النصيب الاوفر فى تمهيد الطريق امام اندلاع الازمة وتفاقمها، ولكن هذا لا يقلل من دور العوامل الخارجية والتى يمكن تلخيصها فى بعدين مهمين:
الاول، المطامع الايرانية المستمرة فى مملكة البحرين ودعمها المستمر لبعض الافراد والجماعات الخارجة على القانون والتى ترتبط بها برابط عقائدى مذهبى، وهو ما يتضح بجلاء فى تصريحات المسئولين الايرانيين حيال المملكة فضلا عن الدعم المادى والاعلامى بل والتسليحى والتدريبات لانصار هذ الجماعات.
الثانى، ما شهدته المنطقة العربية فى جانبها الغربى بدءا من تونس مرورا بمصر وصولا الى اليمن وليبيا واخيرا سوريا. وانعكاسات ذلك على بقية البلدان العربية فى محاولة لخلط الاوراق بين ما تعيشه هذه البلدان من فقر وذل وديكتاتورية وتسلط حكامها على الشعوب ونهب ثرواتها، وبين الدور المسئول الذى تقوم به قيادات بلدان الخليج العربى تجاه شعوبها والتى وصلت مستويات معيشتها الى مصاف البلدان المتقدمة كما يؤكد ذلك مؤشرات التقارير الدولية.
ولكن، رغم وجود مثل هذه العوامل ودورها الفاعل، إلا انه من الصعوبة بمكان ان يكون لها انعكاسات على الداخل دون ان تكون الظروف والاحوال مواتية لتقبل الوارد من الخارج، وهذا ما ينطبق على الحالة البحرينية بجلاء. فصحيح ان المشروع الاصلاحى الذى طرحته القيادة فى بدايات القرن الراهن مع بدء تولي الملك حمد بن عيسى آل خليفة الحكم عقب وتحديدا عام 2001، مثل خطوة متقدمة فى مسار التحول الديمقراطى الذى انتهجته المملكة مع مرحلة جديدة من الحكم، وذلك بما تضمنه من اصلاحات دستورية وتشريعية، فضلا عن الارتقاء بمنظومة الحقوق والحريات للمواطنين، اضافة الى اتساع دور الدولة الاقتصادى فى تهيئة المناخ التنافسى للنهوض بالاقتصاد الوطنى من خلال حزمة من التشريعات المنظمة للنشاط الاقتصادي بمختلف انواعه.
إلا انه من الصحيح ايضا ان ما اقدم عليه المشروع الاصلاحى من بعض الخطوات فى تعامله مع بعض اطراف ما اطلق عليه آنذاك بالمعارضة السياسية كان امرا متعجلا وغير مدروس خاصة فيما يتعلق بدعوة جميع من هم فى الخارج الى العودة الى المملكة بل توزير بعضهم ومنح البعض الاخر مناصب قيادية فى اجهزة الدولة ومؤسساتها.
كما عمل بعض من عاد للبلاد في مجال الإعلام وقام بتأسيس صحف خاصة شكلت منبرًا لما يوصف بالمعارضة ما فتئت أن تحولت لبث سموم الكراهية والحض على العنف والفوضى في البلاد، وخلق شبكة من التحالفات مع وسائل إعلامية إقليمية ودولية تتطابق معها في الأجندات التخريبية ، وقامت بشن حرب إعلامية ضد المملكة مازالت مستمرة إلى الآن بفضل شبكة العلاقات التي نجحت في خلقها وتوطيدها.
والحقيقة انه من المهم التأكيد على انه اذا كان من حق جميع المواطنين العودة الى اوطانهم كحق من حقوق الانسان التى كفلتها جميع المواثيق والعهود الدولية والتشريعات الوطنية، إلا انه يجب ان يكون هذا الحق فى العودة مرتبطا بمجموعة من الضمانات والضوابط التى تكفل عدم الاضرار بالمصلحة العامة وبالامن الوطنى وبالاستقرار المجتمعى. فاذا كانت عقوبة الحبس او السجن من العقوبات السالبة للحريات، إلا ان توقيعها ضرورة من ضرورات حماية الامن والاستقرار فى المجتمع، وهو ما ينطبق على حرمان البعض من العودة الى الوطن اذا استقوى بالخارج واحتمى بالاخر ضد وطنه واخوته فى محاولة لزعزعة الاستقرار وتهديد كيان الدولة وتقويض اركان المجتمع، ففى هذه الحالة اذا كانت الضرورة قد فرضت عودتهم الى الوطن، فالضرورة ذاتها ان يظل هؤلاء فى محل اختبار حتى يتأكد الجميع من استعادة وطنيتهم وعودتهم الى طبيعتهم كمواطنين مخلصين الى بلادهم بغير ذلك فإن الخطر كله يمكن ان يأتى من هذا الباب.
ولعل الحديث اليوم عن امثال هؤلاء الذين هاجموا وطنهم فى الخارج واطلقوا ادعاءاتهم الباطلة بشأن قياداته ورموزه الوطنية ثم عادوا بقرارات عفو ملكية بل وتولي بعضهم مناصب وزارية، يمثل حديث تصحيح لمسار انتهجته القيادة فى فترة من الفترات السابقة املا فى استعادة وحدة الامة وضمان استقرار المجتمع، إلا ان الاحداث الاخيرة التى عاشتها المملكة اثبت الواقع خطأ رؤية القيادة ونهجها في التعامل مع هؤلاء لان ديدنهم هو التخريب والتفتيت والتقسيم، وان ولاءهم هو ولاء عقائدى مذهبى وليس ولاء وطنى.
ومن الأخطاء الفادحة للدولة البحرينية غض الطرف عن بعض المنظمات التي تدعي أنها تسعى لتحقيق الديمقراطية والإصلاح وكان أخطرها المعهد الوطني الديمقراطي DNI الذي يرفع شعار الديمقراطية ويزعم التدريب عليها والتثقيف رغم أنه في حقيقة الأمر جهاز استخباري تجسسي في المقام الأول وأحد أهم أدوات تنفيذ السياسة الخارجية الأمريكية والتي تسعى خلال هذه المرحلة إلى إثارة الفوضى في مختلف دول الشرق الأوسط.
يدلل على ذلك ان ثمة تعاون وتنسيق بين المعهد وبين بعض المنظمات الدولية "المسيسة" والموجهة وخاصة يحمل المعهد أجندة خفية بخلاف تلك التي يعلنها في دوراته وأنشطته وهي أجندة تحريضية ضد نظام الحكم، ولهذا فإن الدورات التدريبية التى ينظمها المعهد تناقش موضوعات مثيرة للجدل وتؤلب ضد الحكومة (كبناء التحالفات ومناقشة ميزانية الدولة والأسرة الحاكمة والضغط على الحكومة واتفاقية التمييز ضد المرأة ... إلخ ).
وقد كشفت الفترة الماضية عن أن ثمة انخراط واضح لبعض مؤسسات وجهات حكومية كثيرة، اضافة إلى جمعيات المجتمع المدني في أنشطة المعهد رغم ما أثير من شبهات كثيرة حول عمل المعهد، وهو ما يثير التساؤل حول أسباب ودوافع تلك المشاركة وموافقة تلك الجهات الحكومية، ويستوجب التحقيق مع المسؤولين بها، كما حدث في وزارة التربية والتعليم والتى كان لبعض العاملين بها دورا مشبوها في الاستجابة لدعوات الإضراب والاعتصام خلال الأحداث المؤسفة، ولم يقتصر الامر على ذلك فحسب، بل ثمة مشاركة من بعض الشركات الاقتصادية المهمة منها بتلكو و نفط البحرين وغاز البحرين ، فضلاً عن الاتحاد العام للنقابات واتحاد عمال البحرين.
وهو ما كان يحتم على الدولة سرعة اتخاذ مثل هذه الاجراءات اذا كانت ترغب صراحة في حماية امن المملكة واستقرارها، بدلا من التمادى في مواربة مثل هذه المؤسسات او التعامل بهدوء مع جماعات خارجة على القانون تستفيد من وجود مثل هذه المؤسسات تحت دعاوى باطلة حول الديمقراطية وحقوق الانسان، فلا يمكن ان تقبل اية دولة فى العالم او اية قيادة سياسية مسئولة ان يتعرض امن وطنها للخطر وتستمر فى التعامل مع مثل هذه المؤسسات او التعامل بهذه الطريقة مع جماعات خارجة على القانون وتدعوها الى الحوار والتفاعل والتوصل الى حلول حول ازمات الوطن.
وليت الامر اقتصر عند هذا الحد، بل تأكد المسار الخاطئ للقيادة فى تعاملها مع هؤلاء سواء اثناء الازمة الاخيرة او حتى بعد انقشاعها، فلم يكن من المقبول التعامل برفق ولين مع من يهدد كيان الدولة ويقوض اسس المجتمع تحت مزاعم حقوق الانسان وحماية حرياته فى التعبير، فلا توجد اية دولة فى العالم المتقدم او الديمقراطى تسمح لاقلية ان تهدد امن المجتمع واستقراره ولدينا فى احداث وول ستريب نموذجا لا تخطئه عين، حيث تعاملت الحكومة الامريكية بكل صرامة وقوة ضد الخارجين على القانون حماية لامن المجتمع وحفاظا على هيبة الدولة، وذلك على النقيض مما انتهجته القيادة السياسية فى المملكة من التعامل بكل لين ورفق مع هذه التظاهرات غير القانونية والانتهاكات المستمرة والتهديدات الدائمة بحق المجتمع وافراده ومواطنيه والمقيمين فيه، فلم يسلم فرد فى المملكة من تهديدات وارهاب هذه القلة التى ترى ان انتهاك القانون يصب فى مصالحها.
ومما يزيد الطين بله الاستمرار فى دعوة هؤلاء الى حوار وطنى دون ان يكون على ارضية محددة تكشف انتماءات كل طرف واجندته السياسية وطموحاته الذاتية وعلاقاته الداخلية والخارجية وذلك قبل الجلوس الى مائدة المفاوضات كسبا للوقف ووصولا الى توافق حقيقى يلقى القبول المجتمعي، إلا ان الحكومة سارعت بعقد حوار وطنى ومخرجات حقيقية ساهمت بلا شك فى استعادة بناء اسس الدولة الحديثة واستكمال مسيرتها النهضوية وخطواتها المستقبلية ولكن ما زالت هذه الفئة الخارجة على القانون تمثل ضغطا على الدولة ومؤسساتها للحصول على مزيد من التنازلات والمكاسب على حسب الوطن واولوياته، وهو ما يجعل الاستجابة لمطالبها المتزايدة وغير الشرعية امرا غير مقبول مجتمعيا، فعلى القيادة ان تنظر الى الطرف الاخر فى المعادلة من ابناء الوطن الذين يرفضون املاءات احد طرفيه وشروطه، فالمجتمع يسع الجميع وانه ساحة للعمل المشترك بين ابناءه فى شراكة مجتمعية تحقق طموحاتهم ورغباتهم فى بناء غد اكثر اشراقا لابنائهم واحفادهم.
بعد ما يقرب من عامين على الاحداث الدامية التى عاشتها مملكة البحرين خلال شهرى فبراير ومارس 2011، ما زال البعض يحاول ان يقرأ مشهد الازمة بعيون اكثر تحليلية وواقعية وصولا الى جملة من الشواهد والدلالات التى تفرض على الجميع تجنبها خوفا من تكرار ذات المشهد مرة اخرى، خاصة اذا كان من المقبول القول ان الحكومة البحرينية نجحت فى تجاوز تلك الازمة رغم حدتها وشدة وطأتها على كيان الدولة ووجودها، إلا انه من الصعوبة بمكان تحمل الدولة البحرينية التى ما زالت تتعافى من تداعياتها تلك الاحداث وتخطو خطوات جادة فى سبيل استكمال مسيرة تقدمها ومسار نهضتها.
ورغم تداخل العديد من العوامل والاسباب وراء اندلاع تلك الازمة وتفاقمها بشكل استدعى تطبيق اتفاقيات التعاون المشترك مع بلدان الخليج العربى والتى تم ابرامها من اجل حماية امن واستقرار هذه الدول. إلا انه من الواضح ان العوامل الداخلية كان لها النصيب الاوفر فى تمهيد الطريق امام اندلاع الازمة وتفاقمها، ولكن هذا لا يقلل من دور العوامل الخارجية والتى يمكن تلخيصها فى بعدين مهمين:
الاول، المطامع الايرانية المستمرة فى مملكة البحرين ودعمها المستمر لبعض الافراد والجماعات الخارجة على القانون والتى ترتبط بها برابط عقائدى مذهبى، وهو ما يتضح بجلاء فى تصريحات المسئولين الايرانيين حيال المملكة فضلا عن الدعم المادى والاعلامى بل والتسليحى والتدريبات لانصار هذ الجماعات.
الثانى، ما شهدته المنطقة العربية فى جانبها الغربى بدءا من تونس مرورا بمصر وصولا الى اليمن وليبيا واخيرا سوريا. وانعكاسات ذلك على بقية البلدان العربية فى محاولة لخلط الاوراق بين ما تعيشه هذه البلدان من فقر وذل وديكتاتورية وتسلط حكامها على الشعوب ونهب ثرواتها، وبين الدور المسئول الذى تقوم به قيادات بلدان الخليج العربى تجاه شعوبها والتى وصلت مستويات معيشتها الى مصاف البلدان المتقدمة كما يؤكد ذلك مؤشرات التقارير الدولية.
ولكن، رغم وجود مثل هذه العوامل ودورها الفاعل، إلا انه من الصعوبة بمكان ان يكون لها انعكاسات على الداخل دون ان تكون الظروف والاحوال مواتية لتقبل الوارد من الخارج، وهذا ما ينطبق على الحالة البحرينية بجلاء. فصحيح ان المشروع الاصلاحى الذى طرحته القيادة فى بدايات القرن الراهن مع بدء تولي الملك حمد بن عيسى آل خليفة الحكم عقب وتحديدا عام 2001، مثل خطوة متقدمة فى مسار التحول الديمقراطى الذى انتهجته المملكة مع مرحلة جديدة من الحكم، وذلك بما تضمنه من اصلاحات دستورية وتشريعية، فضلا عن الارتقاء بمنظومة الحقوق والحريات للمواطنين، اضافة الى اتساع دور الدولة الاقتصادى فى تهيئة المناخ التنافسى للنهوض بالاقتصاد الوطنى من خلال حزمة من التشريعات المنظمة للنشاط الاقتصادي بمختلف انواعه.
إلا انه من الصحيح ايضا ان ما اقدم عليه المشروع الاصلاحى من بعض الخطوات فى تعامله مع بعض اطراف ما اطلق عليه آنذاك بالمعارضة السياسية كان امرا متعجلا وغير مدروس خاصة فيما يتعلق بدعوة جميع من هم فى الخارج الى العودة الى المملكة بل توزير بعضهم ومنح البعض الاخر مناصب قيادية فى اجهزة الدولة ومؤسساتها.
كما عمل بعض من عاد للبلاد في مجال الإعلام وقام بتأسيس صحف خاصة شكلت منبرًا لما يوصف بالمعارضة ما فتئت أن تحولت لبث سموم الكراهية والحض على العنف والفوضى في البلاد، وخلق شبكة من التحالفات مع وسائل إعلامية إقليمية ودولية تتطابق معها في الأجندات التخريبية ، وقامت بشن حرب إعلامية ضد المملكة مازالت مستمرة إلى الآن بفضل شبكة العلاقات التي نجحت في خلقها وتوطيدها.
والحقيقة انه من المهم التأكيد على انه اذا كان من حق جميع المواطنين العودة الى اوطانهم كحق من حقوق الانسان التى كفلتها جميع المواثيق والعهود الدولية والتشريعات الوطنية، إلا انه يجب ان يكون هذا الحق فى العودة مرتبطا بمجموعة من الضمانات والضوابط التى تكفل عدم الاضرار بالمصلحة العامة وبالامن الوطنى وبالاستقرار المجتمعى. فاذا كانت عقوبة الحبس او السجن من العقوبات السالبة للحريات، إلا ان توقيعها ضرورة من ضرورات حماية الامن والاستقرار فى المجتمع، وهو ما ينطبق على حرمان البعض من العودة الى الوطن اذا استقوى بالخارج واحتمى بالاخر ضد وطنه واخوته فى محاولة لزعزعة الاستقرار وتهديد كيان الدولة وتقويض اركان المجتمع، ففى هذه الحالة اذا كانت الضرورة قد فرضت عودتهم الى الوطن، فالضرورة ذاتها ان يظل هؤلاء فى محل اختبار حتى يتأكد الجميع من استعادة وطنيتهم وعودتهم الى طبيعتهم كمواطنين مخلصين الى بلادهم بغير ذلك فإن الخطر كله يمكن ان يأتى من هذا الباب.
ولعل الحديث اليوم عن امثال هؤلاء الذين هاجموا وطنهم فى الخارج واطلقوا ادعاءاتهم الباطلة بشأن قياداته ورموزه الوطنية ثم عادوا بقرارات عفو ملكية بل وتولي بعضهم مناصب وزارية، يمثل حديث تصحيح لمسار انتهجته القيادة فى فترة من الفترات السابقة املا فى استعادة وحدة الامة وضمان استقرار المجتمع، إلا ان الاحداث الاخيرة التى عاشتها المملكة اثبت الواقع خطأ رؤية القيادة ونهجها في التعامل مع هؤلاء لان ديدنهم هو التخريب والتفتيت والتقسيم، وان ولاءهم هو ولاء عقائدى مذهبى وليس ولاء وطنى.
ومن الأخطاء الفادحة للدولة البحرينية غض الطرف عن بعض المنظمات التي تدعي أنها تسعى لتحقيق الديمقراطية والإصلاح وكان أخطرها المعهد الوطني الديمقراطي DNI الذي يرفع شعار الديمقراطية ويزعم التدريب عليها والتثقيف رغم أنه في حقيقة الأمر جهاز استخباري تجسسي في المقام الأول وأحد أهم أدوات تنفيذ السياسة الخارجية الأمريكية والتي تسعى خلال هذه المرحلة إلى إثارة الفوضى في مختلف دول الشرق الأوسط.
يدلل على ذلك ان ثمة تعاون وتنسيق بين المعهد وبين بعض المنظمات الدولية "المسيسة" والموجهة وخاصة يحمل المعهد أجندة خفية بخلاف تلك التي يعلنها في دوراته وأنشطته وهي أجندة تحريضية ضد نظام الحكم، ولهذا فإن الدورات التدريبية التى ينظمها المعهد تناقش موضوعات مثيرة للجدل وتؤلب ضد الحكومة (كبناء التحالفات ومناقشة ميزانية الدولة والأسرة الحاكمة والضغط على الحكومة واتفاقية التمييز ضد المرأة ... إلخ ).
وقد كشفت الفترة الماضية عن أن ثمة انخراط واضح لبعض مؤسسات وجهات حكومية كثيرة، اضافة إلى جمعيات المجتمع المدني في أنشطة المعهد رغم ما أثير من شبهات كثيرة حول عمل المعهد، وهو ما يثير التساؤل حول أسباب ودوافع تلك المشاركة وموافقة تلك الجهات الحكومية، ويستوجب التحقيق مع المسؤولين بها، كما حدث في وزارة التربية والتعليم والتى كان لبعض العاملين بها دورا مشبوها في الاستجابة لدعوات الإضراب والاعتصام خلال الأحداث المؤسفة، ولم يقتصر الامر على ذلك فحسب، بل ثمة مشاركة من بعض الشركات الاقتصادية المهمة منها بتلكو و نفط البحرين وغاز البحرين ، فضلاً عن الاتحاد العام للنقابات واتحاد عمال البحرين.
وهو ما كان يحتم على الدولة سرعة اتخاذ مثل هذه الاجراءات اذا كانت ترغب صراحة في حماية امن المملكة واستقرارها، بدلا من التمادى في مواربة مثل هذه المؤسسات او التعامل بهدوء مع جماعات خارجة على القانون تستفيد من وجود مثل هذه المؤسسات تحت دعاوى باطلة حول الديمقراطية وحقوق الانسان، فلا يمكن ان تقبل اية دولة فى العالم او اية قيادة سياسية مسئولة ان يتعرض امن وطنها للخطر وتستمر فى التعامل مع مثل هذه المؤسسات او التعامل بهذه الطريقة مع جماعات خارجة على القانون وتدعوها الى الحوار والتفاعل والتوصل الى حلول حول ازمات الوطن.
وليت الامر اقتصر عند هذا الحد، بل تأكد المسار الخاطئ للقيادة فى تعاملها مع هؤلاء سواء اثناء الازمة الاخيرة او حتى بعد انقشاعها، فلم يكن من المقبول التعامل برفق ولين مع من يهدد كيان الدولة ويقوض اسس المجتمع تحت مزاعم حقوق الانسان وحماية حرياته فى التعبير، فلا توجد اية دولة فى العالم المتقدم او الديمقراطى تسمح لاقلية ان تهدد امن المجتمع واستقراره ولدينا فى احداث وول ستريب نموذجا لا تخطئه عين، حيث تعاملت الحكومة الامريكية بكل صرامة وقوة ضد الخارجين على القانون حماية لامن المجتمع وحفاظا على هيبة الدولة، وذلك على النقيض مما انتهجته القيادة السياسية فى المملكة من التعامل بكل لين ورفق مع هذه التظاهرات غير القانونية والانتهاكات المستمرة والتهديدات الدائمة بحق المجتمع وافراده ومواطنيه والمقيمين فيه، فلم يسلم فرد فى المملكة من تهديدات وارهاب هذه القلة التى ترى ان انتهاك القانون يصب فى مصالحها.
ومما يزيد الطين بله الاستمرار فى دعوة هؤلاء الى حوار وطنى دون ان يكون على ارضية محددة تكشف انتماءات كل طرف واجندته السياسية وطموحاته الذاتية وعلاقاته الداخلية والخارجية وذلك قبل الجلوس الى مائدة المفاوضات كسبا للوقف ووصولا الى توافق حقيقى يلقى القبول المجتمعي، إلا ان الحكومة سارعت بعقد حوار وطنى ومخرجات حقيقية ساهمت بلا شك فى استعادة بناء اسس الدولة الحديثة واستكمال مسيرتها النهضوية وخطواتها المستقبلية ولكن ما زالت هذه الفئة الخارجة على القانون تمثل ضغطا على الدولة ومؤسساتها للحصول على مزيد من التنازلات والمكاسب على حسب الوطن واولوياته، وهو ما يجعل الاستجابة لمطالبها المتزايدة وغير الشرعية امرا غير مقبول مجتمعيا، فعلى القيادة ان تنظر الى الطرف الاخر فى المعادلة من ابناء الوطن الذين يرفضون املاءات احد طرفيه وشروطه، فالمجتمع يسع الجميع وانه ساحة للعمل المشترك بين ابناءه فى شراكة مجتمعية تحقق طموحاتهم ورغباتهم فى بناء غد اكثر اشراقا لابنائهم واحفادهم.