صفحة 1 من 1

"السياسة الدولية" تحاور وزيرا بحرينيا حول قضايا الطائفية وال

مرسل: الثلاثاء ديسمبر 18, 2012 11:48 am
بواسطة عبدالكريم اللحيدان
جرى المقابلة: أبوبكر الدسوقي - رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية.

تناول الدكتور صلاح عبد الرحمن، وزير الدولة البحريني لشئون حقوق الإنسان، حقيقة الوضع الداخلي البحريني، وموقف الدولة من قضايا حقوق الإنسان، وكذلك الموقف الحكومي من المنظمات الحقوقية الداخلية والخارجية، ودورها في كشف حقيقة ما يجرى على أرض الواقع.

تحدث الوزير في بداية لقائه مع مجلة "السياسة الدولية" قائلا إن مصر لها مكانة كبيرة فى قلب الأمة العربية، وإنها تقف دائما مع دولة البحرين. واستكمل قائلا: يؤلمنا جميعا ما يحدث في مصر الآن من عدم استقرار، واصفا استقرار الداخل المصري بأنه استقرار للأمة العربية جميعا، وأن ما يعكر صفوها ينعكس علينا جميعا. واستطرد الوزير حديثه كاشفا عن أن دولة البحرين خطت خطوات كبيرة في مجال حقوق الإنسان، ذاكرا أنه تم الإفراج عن المساجين، وتم إلغاء جهاز أمن الدولة، وأيضا عودة الحياة التشريعية فى البلاد، وأنه تم التصويت على ميثاق العمل الوطنى، بالإضافة إلى أن الحياة البرلمانية انتقلت إلى فصل السلطات.

واعتبر أن البحرين ليست نموذجا لدولة ديمقراطية، لكنها تسعى لكى تكون فى مصاف الدول الديمقراطية المثالية، واصفا الأزمة الاخيرة في الداخل البحريني بأنها كانت صدمة للجميع بحدوث الاحتجاجات الشعبية.

وفيما يلي تفاصيل المقابلة مع الدكتور صلاح عبدالرحمن، وزير الدولة البحريني لحقوق الإنسان

س: إلي أين يتجه ملف حقوق الإنسان الآن في البحرين؟، وما الذي فعلته الحكومة في سبيل إنجاح هذا الملف؟

بداية، أزمة حقوق الانسان في البحرين علمتنا الكثير، بل أصلحت من عملية الإصلاح المتباطئة، حيث كان هناك قصور واضح فى التعامل مع أجهزة الدولة المعنية بحقوق الإنسان، وهذا ما تم إصلاحه خلال الـ 15 شهرا الماضية. فعلى المستوى المؤسسي، تم تعيين أمين عام التظلمات بوزارة الداخلية لتلقى الشكاوى ضد منفذى القانون، وأمر المفتش العام بالتحقيق فى انتهاكات حقوق الإنسان، وأيضا تم إنشاء وحدة خاصة للتعامل مع الأجهزة المعنية بانتهاكات حقوق الإنسان، وتم أيضا تعيين شرطة قضائية مساندة لوحدة التحقيق، حيث إن لديها خبرة كبيرة بالانتهاكات، ثم تم إعداد مدونة بسلوك أفراد رجال الأمن، وإلزام جهات الشرطة بالعمل بها، وتم توظيف 500 شخص من كافة الأطياف والمستويات، وتم أيضا تركيب أجهزة حديثة فى كل غرفة بهدف الرقابة على كل ما يحدث مع السجناء ورصد حركة التحقيق أثناء الاستجواب.

وعلى المستوى الفني والمهني، قامت الحكومة من أجل دعم العاملين والمراقبين لحقوق الإنسان بمراقبة السجون والقضاء والنيابة العامة ووزارة حقوق الإنسان، وأيضا تم تدريب القضاة فى الخارج، وقد تم فصل كامل للسلطة القضائية.

وعلى المستوى العقابي لمنتهكي حقوق الإنسان، فقد أمر الملك في البداية بتشكيل لجنة لتقصى الحقائق، ورأس اللجنة الدكتور شريف بسيونى، وأشار التقرير المنتهي إلى حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان، وأمر الملك بتقصى الحقائق، والعمل على ما جاء به من توصيات، فقد تمت مساءلة العشرات من رجال الأمن عن كيفية التعامل مع المظاهرات، وتمت محاكمتهم قضائيا.

س: وماذا عن جهود الدولة فى إتمام عملية المصالحة الوطنية؟

تركزت جهود الدولة في إتمام عملية المصالحة، والقضاء على الفرقة داخل المجتمع البحريني في إطلاق العديد من مشاريع المصالحة الوطنية، منها مشاريع لاستعادة وحدة التلاحم الوطنى، ودعم الحوار، ونبذ العنف بشرط أن يشمل كل أطياف المجتمع البحريني، بحيث لا يجوز إهمال أو استثناء أى طائفة أخرى فى المجتمع، ولا يجوز وضع شروط مسبقة قبل بدء الحوار.

أما في مجال الإعلام، فقد تم إنشاء المجلس الأعلى للإعلام والاتصال، وهو مجلس مستقل أعطى حرية الرقابة طبقا للمعايير الدولية، وسوف يتم إطلاق هذه الخطوة قريبا، بالاضافة إلى إعداد قانون جديد للإعلام والاتصال، سيحول للسلطة التشريعية يتضمن حقوق من يمارسون الإعلام.

أما فيما يخص المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، فقد تم إصدار أمر ملكى، وفقا لمبادئ باريس، وهى تمتلك استقلالية مالية وإدارية لانتخاب رئيسها، وحدد مشروع القانون خطوتين لاستكمال المؤسسة تمثلت في: تعيين أعضاء، وتشريع وطنى، والمؤكد أن وزارة حقوق الإنسان ستشرف على وضع مشروع القانون، وأن المؤسسة ستعمل حتى يصدر التشريع.

س:ما دامت الحكومة حققت هذا الإنجاز الكبير في مجال تطوير مؤسسات حقوق الإنسان، فماذا عن قضية المفصولين؟، وما المطلوب لوقف العنف؟

المفصولون تم إرجاعهم بنسبة 98%، وبدأت الحكومة تتحرك فى القطاع الخاص لعودة من تبقى منهم.

أما عن المطلوب لوقف العنف، فقد تضمن تقرير لجنة تقصي الحقائق العديد من الإصلاحات، منها الاهتمام بثقافة حقوق الإنسان، ووقف العنف التي لا تزال آثاره تجوب الشوارع .

س: بالرغم من أن الصراع السياسي في البحرين انخفضت حدته، فإن ثمة مخاوف من انفجاره بسبب عدم تسوية الأزمة مع المعارضة بمد حوار جامع للقوى الوطنية؟

المعارضة في البحرين تنقسم إلى عدة أنواع، منها ما هو يطالب بإسقاط النظام، وإنشاء جمهورية، ومنها ما يطالب بإحداث تغيير للنظام، ومنها ما يريد مشاركة وتطوير عملية الإصلاح، ومنها ما له مطالب اجتماعية.

لكن من يطالبون باسقاط النظام أو تغيير النظام لا يمكن قبول مطالبهم، لأنها خطوط حمراء، فلابد أن نشير هنا إلى أن هناك جزءا من المعارضة تقبل الحوار، وجزءا آخر يرفض، ومطالبهم كلها قابلة للمناقشة، بشرط أن يكون الحوار شاملا لنبذ العنف، فأطلق رئيس مجلس النواب حوارا وطنيا شاملا من قبل السلطة التشريعية، شارك فيه ما يقرب من 300 شخص من كافة الأطياف ومن كل الفئات من أحزاب المعارضة السلمية التى انتبذت العنف.

س: هل فعلا هناك غياب واضح للمنظمات الحقوقية المحلية البحرينية عن ساحة الأحداث السابقة؟، وفي رأيك ما هو دور منظمات حقوق الإنسان العربية؟، ومدى إسهامها في حل الأزمة؟

نحن نرحب بجميع المنظمات العربية لحقوق الإنسان. أما بالنسبة للمنظمات الدولية، فمهما فتحنا لها من وثائقنا وأوراقنا، وكذلك أبواب السجون، فلم يأت منهم تقرير واحد منصفا. فعندما نجلس معهم فى الغرف الخاصة، نسمع الإشادة، وفى الخارج يحدث العكس.

س: ما مدى التدخل الخليجي في الشئون البحرينية؟، وهل يجعل الأزمة البحرينية ساحة للخلافات البحرينية- الإيرانية؟

بالنسبة لموقف مجلس التعاون، فقد كان مشرفا ومساندا للبحرين، فقد مرت البحرين بحالة حرجة، حيث تدخلت قوات درع الجزيرة لاستقرار الأمن فى البحرين، وتفويت الفرصة على التدخل الإيرانى، حيث كان هناك تدخل إيرانى واضح فى الشئون البحرينية فى هذه المرحلة، وطالبت إيران بحق الجوار والأخوة والإسلام.

البعض قال إن البحرين جزء من إيران، ويطالب بضم البحرين لإيران، وهناك 40 قناة موجهة للبحرين لتأليب المجتمع ضد حكوماته، وهناك أيضا تدخلات فى دول الخليج من قبل إيران.

س :مزاعم التعذيب كانت على الدوام واحدة من القضايا المثيرة للقلق في الملف الحقوقي البحريني، وكانت منظمات حقوق الإنسان توثقها في بياناتها وتقاريرها، وقد اهتم المجتمع المدني البحريني بهذا الملف فترة طويلة.. إلي أين يتجه مسار هذا الملف الآن؟

بداية، لا تسامح ولا تخاذل فى أى ادعاء يصل للجهات الرسمية تجاه انتهاكات حقوق الإنسان.

فالتعذيب انتهى، وأي ممارسة للتعذيب مصيرها الوضع فى السجون، ولا يوجد سجين رأى، أو سجين سياسى فى سجون البحرين، فقد أطلق سراح من تم القبض عليهم، ما عدا المتهمين فى تهم جنائية.

فالملك أطلق مبادرة المحكمة العربية لحقوق الإنسان، عندما تسلم تقرير لجنة تقصى الحقائق، والتي لقيت ترحيبا فى المجتمع العربى ومجلس حقوق الإنسان فى جنيف. فهناك لقاء تم بين الوزارة والدكتور نبيل العربى. ولتفصيل هذا المقترح، شكلت لجنة عربية للاجتماع الثالث فى 17و 18 ديسمبر لدراسة تنفيذه، وسوف تعقد البحرين مؤتمرا كبيرا فى النصف الثانى من يناير.

وهنا، لابد أن نؤكد أن المحكمة لا تتصادم مع السلطات القضائية للدول، ولا يمكن رفع القضية أمام المحكمة العربية إلا بعد استنفاد إجراء التقاضى الوطنى، فالإنجازات في مجال حقوق الانسان من قبل الوزارة لا ولن تتوقف، ومسيرة العمل الإصلاحى سوف تستمر، ولابد من احترام القانون فى الدولة.

س:ما هو موقفكم من قضية إسقاط الجنسية عن بعض المواطنين؟، وهل فعلا هناك رغبة حقيقية في التوقف عن إسقاط الجنسية في المرحلة المقبلة؟

حول ما تردد بشأن إسقاط الجنسية البحرينية عن عدد من المواطنين، فإسقاطها لم يتم إلا وفقا للتشريع، وهذا الأمر يمس قضايا أمن الدولة، ولا يتم إلا فيما ثبت فى حقهم التخابر مع الدول الأخرى ممن تلقوا تدريبات عسكرية، واكتسبوا خبرات من دول أخرى، ولابد أن نوضح أنه توجد معلومات موثقة لدى كل حالة، سوف تكشف عنها الداخلية فى الوقت المناسب.

س: هناك مشكلة في مملكة البحرين سياسية في أصلها، طائفية في ظاهرها، هي مشكلة سياسية متداخلة مع الطائفية.. فما هي المبادرات التي قامت بها الحكومة؟ وأيضا المبادرات المطلوبة لمواجهة تغول الطائفية؟

مشكلة الطائفية أمر مقلق كثيرا، ويعد من إحدى المهام التى تعمل عليها الحكومة، وهناك خطة وطنية لإعادة التلاحم بين فئات الشعب، بكافة طوائفه وقطاعاته الرسمية، بما فى ذلك المجتمع المدنى ومؤسسات الإعلام المختلفة.

من جهة أخرى، فإن المجتمع البحرينى ذو هوية إسلامية، وهناك دعوة لإشراك علماء الدين من السنة والشيعة، فتلك الأزمة أحدثت نوعا من التخندق بين الطرفين، وهناك برامج تشرف عليها وزارة الداخلية والتنمية الاجتماعية لفتح الحوارات بينهما على كافة المستويات.