صفحة 1 من 1

الحجاب في نظر الليبراليين

مرسل: الثلاثاء ديسمبر 18, 2012 7:07 pm
بواسطة وليد دراج_١٠١
الحجاب في نظر الليبراليين

ينظر الليبراليون إلى الحجاب على أنه أمرٌ ( نابع من العادات والتقاليد وليس واجبا دينيا ) وأنه ( ظاهرة تنطلق من أيديولوجية التخوين الاجتماعي التي يعيشها الفرد مع نفسه قبل أن يعيشها مع محيطه ) وأنه ( قد ساهم بشكل مباشر في تعطيل بعض المهارات الأساسية عند المرأة؛ فالكلام الحر الطبيعي أصبحت العباءة تمنعه وتستبدله بكلام منخفض متقطع لا يشكل جملة مفيدة وإنما هو مجرد وصوصة وهمهمة لا تفهم بوضوح )
ويصرِّح بعض اللبراليات بأن علاقتهم بالحجاب تنقطع بالكلية عند أول خطوة إلى خارج الوطن
وبسبب وجود هذه النظرة تجاه الحجاب عند اللبراليين ، فقد كان من الطبيعي أن يبذلوا جهوداً حثيثة لمناهضته والحد من انتشاره.
غير أن أكبر العوائق التي تقف في طريق تحقيق هذا الهدف ، هو أن هذا التيار يعيش وسط مجتمع شديد التدين، ليس عنده استعداد (على الأقل في هذه المرحلة) لتقبل فكرة نزع الحجاب بالكلية ، وهذا ما يجعل بعض اللبراليين يصابون بالإحباط مما يدفعهم أحياناً إلى مهاجمة هذا المجتمع الرافض لأكثر أطروحاتهم.
تقول إحدى الكاتبات وبلغة لا تخلو من التشنج: ( وصل الحد إلى درجة تنتهك فيه المرأة حقها بنفسها وذلك خوفا من التغريب، ونقصا في العلم والمعرفة والخبرة السياسية والاجتماعية والحقوقية) وذلك في تعليقها على نتيجة دراسة، أثبتت أن 97 بالمائة من مجموع 400 امرأة وفتاة سعودية ، تتراوح أعمارهن بين 15 عاما إلى أكبر من 45 عاما ، اعتبرت هذه الفئة أن قيادة المرأة للسيارة أمر غير مقبول ، فيما بلغت نسبة الرافضات للعمل المختلط أكثر من 86 بالمائة، أما الرافضات لسفر الفتيات للدراسة بالخارج من دون محرم، فقد بلغ 92 بالمائة .
وتقول أخرى: ( للأسف، حالياً لا تكتفي المرأة بعدم مؤازرة أختها، بل نجد أن الكثير من النساء، خاصة أولئك اللاتي يعانين من متلازمة "احتقار الذات" بوعي أو من دون وعي، يقفن ضد محاولة المرأة للمطالبة بحقوقها المشروعة. فتعارض إحداهن كل مشروع أو نظام يهدف إلى التقليل من الفجوة بين الجنسين، تحت ذرائع العادات والتقاليد التي تحضر حفلة تنكرية وهي ترتدي شعاراً إسلامياً يخفي أصلها الجاهلي)
بينما تصف كاتبة أخرى ما قامت به إحدى الطالبات من رفض للدعوة لقيادة المرأة للسيارة خلال ندوة نظمتها إحدى الكليات الأهلية وحضرتها وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية بالأمر المحبط، بل إنها وصفت تلك الطالبة التي لم تعمل شيئا سوى أنها عبرت عن رأيها بقولها: ( إنها مراهقة ينقصها الإدراك بواقع مجتمعها الذي تعيش فيه ويتوقع منها هذا النوع من النزق) .
ويتضح من خلال هذه الآراء أنَّ اللبراليين يستشعرون صعوبة المهمة ، ولذلك فقد سعوا إلى التدرج في طرح رؤيتهم المتعلقة بالحجاب ، شأنه شأن غيره من المواضيع الشائكة .
فعمدوا إلى بعض الأساليب والطرق التي قد لا تسبب له اصطداما مباشراً مع المجتمع، ومنها:
1- المطالبة بنزع غطاء الوجه كمرحلة أولية تسبق المطالبة بالتخلي عن الحجاب بالكلية.
وفي هذا الصدد تقول إحدى الصحفيات في مقابلة مع إحدى الفضائيات، ورداً على السؤال الآتي:
هل تحبين أن ترين المرأة السعودية وقد ارتدت الجينز وحلت شعرها، كما تفعل غيرها في دول العالم؟
فكان الجواب: المهم أن تكشف الوجه والباقي نتحدث عنه لاحقاً
وقد سعى اللبراليون إلى تحقيق هذا الهدف المرحلي عن طريق:
• تقديم نماذج محلية تخلت عن غطاء الوجه، وإبرازها عبر وسائل الإعلام سواءً المرئي أو المقروء، حتى أصبح من المألوف رؤية بعض من ينتمين إلى بعض الأسر المعروفة بشدة المحافظة وقد تخلين عن غطاء الوجه.
• الاستفادة من الانقسام المتزايد في الأوساط الإسلامية (بما فيها الوسط المحلي) حيال موضوع كشف الوجه، واللجوء في بعض الأحيان إلى الخطاب الشرعي كونه الأكثر تأثيراً في المجتمع وذلك بالانتصار للقول بجواز كشف الوجه .
• المطالبة بالاستفادة من النموذج المطبق للحجاب في بعض البلدان الإسلامية مثل (ماليزيا)، والقول بأن ذلك النموذج أكثر عملية وملائمة للعصر الحالي.
2- الدعوة إلى نبذ العباءة ذات الطراز المحلي ومحاولة إثبات أن هذا الطراز يمثل مشكلة بالنسبة للمرأة السعودية .
لأن (العباءة السوداء بطرازها السعودي المتداول اليوم ، تخلق بشكل معين نمطا من الشخصية الخنوعة الخائفة التي تشعر بأنها قطعة جنسية، وكذلك فإن عباءة الرأس تحول المرأة وكأنها مخلوق مختلف، وربما تكون أشبه بطائر ضخم يمشي. أما عباءة الكتف فهي تشغل المرأة بكثرة القطع التي تلف على الكتف وأخرى على الرأس وأخرى على الوجه حتى لا تتمكن لابستها من التحرك بسهولة) ، ويكثر التساؤل: (إلى متى ستستمر النساء في بلادي باتشاح السواد الحزين، والتواري في المقاعد الخلفية كالشياطين).
3- إيجاد جيل من الكاتبات والصحفيات والمذيعات والروائيات يتولين أمر المطالبة بنزع الحجاب باعتباره حقاً من حقوقهن.
4 - الاستفادة من الضغوط الخارجية .
ومن أمثلة ذلك الدعوة الأخيرة لفتح أندية نسائية تجنبا لتجميد العضوية السعودية في اللجنة الأولمبية الدولي.

5 - إيجاد البيئات المناسبة لتطبيق النموذج الليبرالي للمرأة - المتجردة من الحجاب بالكلية والمختلطة بالجنس الآخر - على المرأة السعودية والتسويق له إعلاميا . ولصعوبة إيجاد مثل هذه البيئات في الداخل، فقد يُلجأ إلى إيجادها في الخارج، وذلك من خلال استغلال بعض المناسبات ذات الطابع العالمي أو الإقليمي ( فنية، رياضية، اقتصادية، علمية، وغيرها ) لهذا الغرض ، وقد يتم التنسيق في ذلك مع بعض الجهات الأجنبية الداعمة لهم .
ومثال ذلك ما حدث في دورة ألعاب الخليج الأخيرة من حضور لبعض الطالبات السعوديات ( الدارسات في الجامعة الأمريكية في دبي ) إلى المدرجات والاختلاط بالجماهير ، واعتراف بعض منظمي رحلة التشجيع المختلطة بدور تلك الجامعة ، بقولهم: ( هذه الجامعات المنفتحة لم تمدنا بالمعرفة والمناهج العلمية فحسب ، إنها ربّتنا على قيم التعاون والاعتداد بالذات والقدرة على التنظيم.. وحصّنت كل منا بالثقة تجاه الآخر أياً كان، فلا فرق بين فتاة وشاب في تعاملنا ونظراتنا لبعضنا ") وما حدث من حضور النساء في المدرجات لمشاهدة الفريق الأرجنتيني وكذلك حضور بعضهن في مباراة الفتح السعودي مع العربي الكويتي ، ومن الأمثلة أيضا ما يحدث في بعض المنتديات .
ويهدف هذا الأسلوب إلى كسر الحاجز النفسي عند المجتمع، والذي لم يألف رؤية مثل تلك النماذج المحلية على نطاق واسع، وإنما حالات يغلب عليها الطابع الفردي. ومع أن هذا الأسلوب يعتبر من الأساليب الحديثة التي ينتهجها اللبراليون ، إلا أنه يعد أقواها في الترويج للنموذج الليبرالي للمرأة ، كونه يمثل الجانب التطبيقي لمشروع نزع الحجاب، ولذلك فلا يستبعد التركيز على هذا الأسلوب مستقبلاً، خاصة مع ارتفاع مستوى سقف الحرية.

منقول بتصرف من مقال بعنوان :
الحجاب في السعودية.. إلى أين؟