صفحة 1 من 1

الانثربولجيا السياسية والفلسفية

مرسل: الثلاثاء ديسمبر 18, 2012 11:32 pm
بواسطة عبدالرحمن آل مقرن ١٣
الأنثروبولوجيا السياسية :

تتناول الأنثروبولوجيا السياسية بالدراسة أثر المتغيرات الاجتماعية والحضارية في تشكيل بنية السلطة السياسية ، وتطور أنظمة الحكم في المجتمع ، فالنظم الاجتماعية والعناصر الحضارية من وجهة نظر هذا الميدان (متحولات) ، وأمور السياسة وشؤونها عوامل تابعة تتأثر بالعوامل الاجتماعية وتتغير بتغيرها ، وعلى هذا فإن أي فهم دقيق للنظم والمؤسسات السياسية يتطلب تحليلاً لمرتكزاتها الحضارية ، ورصداً لعناصر التغير في المجتمع.
وتتصدى الأنثروبولوجيا السياسية لموضوعات كثيرة وهامة ، وتستخدم مفاهيم تحليلية تترابط مع منظومة العلوم الاجتماعية الأخرى ، وبخاصة مع مفاهيم علوم الاجتماع والسياسة والتاريخ.
وإذا كانت مفاهيم (الطبقة) و(الكاريزما) ، و(المكانة الاجتماعية) و(التماسك الاجتماعي) و(الدور) مركزية في فهم أسس النظام السياسي المعاصر ، فإن مفاهيم (العصبية) و(النزاع) و(الوساطة) وسبل حل المنازعات بين الشعوب ، و(المنافسة والحسد والشماتة) ركائز أساسية في ميدان الأنثروبولوجيا السياسية.
فمن الملاحظ أن الحسد والغيرة والشماتة مفاهيم اجتماعية وجدت مع وجود الإنسان ، وتتلازم معه في مراحل نموه الاجتماعي والعمري ، فالصبية بتقاتلون وبتنافسون وكذلك الرجال والنساء ، ومن مخلفات التنافس في مراحل الطفولة أن الإنسان عندما يتسابق مع أقرانه ويشعر بعجز عن اللحاق بهم لضعف أقدامه ، أو لعدم بذله الجهد الكافي ، فإنه يحاول أن يمسك بأول شيء تعلق به يده من جسد خصمه في السباق بمافي ذلك الثياب والشعر حتى يقارب المسافة بين تأخره وتقدم صاحبه عليه ، وإن كان في ذلك بعض الألم للمبرز والمنافس المستحق للنجاح استناداً إلى طاقاته وجهده الذي يبذله على حساب أشياء أخرى في الحياة ، وإذا كان التعبير عن المنافسة يأخذ طابعاً عدوانياً في بعض الحالات ، فإن بعض المجتمعات شذبت وهذبت أعمال المنافسة بين الإنسان وأخيه الإنسان فجعلت العمل مقروناً بالأجر.

-------------------

الأنثروبولوجيا الفلسفية :

يعمد المختصون في هذا الميدان من ميادين الأنثروبولوجيا إلى دراسة الطريقة المنطقية التي تتشكل منها النظريات المرتبطة بالإنسان والمقولات والقضايا النظرية الموجهة للبحث : عن أصل الإنسان ، وانتشاره على امتداد القارات ، وتوزعه في أجناس وعروق . ويدخل في نطاق الأنثروبولوجيا الفلسفية أيضاً التوجه المنهجي المحدد لاستفاء البراهين ، والدلالة على صحة الافتراضات المنبثقة من النظريات.
وهكذا يشمل المنهج المعرفي في الأنثروبولوجيا الفلسفية النظرة الشمولية للفهم بمعناه الواسع ، والطريقة المنطقية التي يشكل حسبها بناء النظريات من المفاهيم التحليلية والقضايا الموجهة ، وأسلوب البرهنة على شرعية وصحة الافتراضات العلمية المفسرة لوجود الإنسان على سطح الأرض وارتقائه في سلم التطور الاجتماعي والحضاري والثقافي.
وبعد إدراك الإنسان للزمان والمكان من الموضوعات الأساسية التي تتناولها الأنثروبولوجيا الفلسفية حيث تتسع مفرداتها لتتجاوز نطاق الواقع الاجتماعي المحدود ، إلى آفاق أرحب تعالج الزمن في إطار التاريخ والتطور ، ومن الظواهر الاجتماعية في مدة محددة من التاريخ إلى مفهوم أنظمة عالمية إنسانية في سياق التطور والتقدم . فالثقافة من هذا المنظور إنسانية لاتعرف حدوداً للزمان كما لاتتقيد بحدود المكان ، فهي مكتسبة عن طريق التعلم ومشتركة بين الناس جميعاً ، ويتم انتقاء عناصرها بفعل ما يتوفر للناس من إمكانات وقدرات وسمات عامة .
وتهتم الانثروبولوجيا المعرفية بدراسة ارتباط الحياة العقلية في برهة تاريخية ما بالقوى السياسية والاجتماعية ، وتبدل أسس التفكير الإنساني من خلال تبدل الجذور الاجتماعية المعرفية الإنسانية التي تتباين من مجتمع لآخر ، وفي المجتمع الواحد عبر العصور . وتعنى الأنثروبولوجيا الفلسفية أيضاً بدراسة التفكير المنطقي ، من خلال رصد التحولات الاجتماعية التي تعزز تلك المعارف ، والدوائر التي تتشابك فيها المعرفة الشائعة بالمعرفة العلمية.
وهكذا فإن الأنثروبولوجيا الفلسفية تهتم بالحياة الفكرية ، وبنسق التفكير وبشكل المعرفة وبطرق دراسة الحقائق الاجتماعية أو تجريبها واقعياً ، وكشفها في مرحلة تاريخية معينة ، والأفكار والوقائع والمعايير السائدة في المجتمع ، وبالعوامل التي أدت إلى وجودها وبمدى مطابقة هذه الأفكار لمنطق التطور التاريخي في المجتمع