السياسة السعودية وحوار المذاهب وحماية الأديان
مرسل: الأربعاء ديسمبر 19, 2012 11:37 am
اعتادت السياسة السعودية عبر تاريخها الطويل منهجية واضحة في الخطاب السياسي ذي العلاقة المباشرة بالعقيدة الإسلامية وجموع معتنقيها من المسلمين وشؤون وحدتهم وأزمات فرقتهم، فمن يتابع تاريخياً الخطب التي ألقاها ملوك المملكة منذ عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله وحتى يوم السبت الماضي عندما تفضل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإلقاء الكلمة الملكية السنوية في منى وذلك في حفل استقبال رؤساء الدول ورؤساء بعثات الحج.
عبر تاريخ هذه الخطب السنوية في جموع الحجاج وخلال قرن من الزمان استخدمت السياسة السعودية مصطلحات بنائية للموقف الإسلامي وتعزيز وحدته عبر الدعوة الدائمة لوحدة المسار الإسلامي بين دوله ومنظماته، وهذه المصطلحات بنيت على مرتكز مسؤولية مطلقة للمملكة العربية السعودية في خدمة الحرمين الشريفين حيث تعتبر الرعاية الحكومية والمجتمعية لمكة المكرمة والمدينة المنورة شرفاً يسعى الجميع لنيله حيث تقدم الحكومات السعودية المتعاقبة الكثير من الرعاية المباشرة للحرمين الشريفين.
في نهاية شهر رمضان العام الماضي اجتمع قادة العالم الإسلامي في مكة المكرمة بدعوة من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله حيث أطلق حفظه الله دعوته الكريمة بإنشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية، وقد لقيت هذه الفكرة صدى واسعا بين المسلمين من أصحاب المذاهب الإسلامية المتعددة وتبنته الكثير من الدول والمنظمات الإسلامية على اعتبار انه يشكل منعطفاً مهماً في تاريخ الأمة الإسلامية.
فالكثير من المذاهب والطوائف في العالم الإسلامي والتطورات التقنية التي ساهمت في حمل تلك التقنية للأفكار والنظريات والمواقف الدينية بشكل خاص وبرز بشكل واضح تقاطعات تلك المذاهب للشارع الإسلامي وفي ذات الوقت برزت الكثير من القضايا المختلف عليها والتي طفت على السطح السياسي والإعلامي للكثير من الدول والمنظمات الإسلامية، وقد اثر ذلك بشكل كبير في الفكرة الرئيسة للإسلام والتي تعتمد اعتمادا قطعيا على أركانه الخمسة انطلاقا من كتاب الله الكريم واستنادا إلى نهج سنة النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
اليوم وبعد مرور أكثر من شهرين على تلك الدعوة لإنشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية تطرح السياسة السعودية من خلال كلمة الملك عبدالله الفكرة الرئيسة التي كانت وراء تلك الدعوة لإنشاء مركز للحوار بين المذاهب، فكما يبدو أن الارتباك في تفسير فكرة مركز حوار المذاهب الإسلامية قد ذهب بالبعض بعيدا عن الفكرة الأساسية التي رغبت السعودية في تأصيلها عبر دعوتها إلى إنشاء هذا المركز.
وقد قال خادم الحرمين حفظه الله ما نصه إن "فكرة مركز الحوار بين المذاهب الإسلامية الذي أعلن عنه في مكة المكرمة لا يعني بالضرورة الاتفاق على أمور العقيدة، بل الهدف منه الوصول إلى حلول للفرقة وإحلال التعايش بين المذاهب بعيداً عن الدسائس أو غيرها".
هذه الفكرة المتطورة عن الحوار تعكس اهتمام وريادة السعودية الدائم لكل ما من شأنه تحقيق الوحدة والتضامن الإسلامي بعيدا عن التصلب في المواقف والأفكار ما يعرض الدين الإسلامي بشكل كامل إلى المزيد من التصدع في فكره ومنهجه إذا ما ترك الأمر للمختلفين والمتناحرين حول زوايا ضيقة في الفكر الإسلامي يمكن تجاوزها بالتأكيد على المشتركات؛ فالدين الإسلامي يتميز بالمرونة في تحقيق الأهداف العقدية ويطرح أكثر من خيار للوصول إلى الهدف النهائي في العبادة.
ومما أكده خادم الحرمين حفظه الله في توضيحه لفكرة مركز الحوار أن المركز لا يعني جلب الاتفاق وإعادة تشكيل صورة موحدة لتصور محدد للإسلام وبنيته وأنساقه الفكرية لأن مثل هذا العمل يستحيل أن يتم فليست الفكرة البحث عن الناجين وفرقتهم ولكن الفكرة البحث عن حلول وتعايش بين المختلفين بعيداً عن الدسائس والتخوين والتأزم بين المذاهب ومعتنقيها.
اليوم وأمام هذه التحديات السياسية في العالم الإسلامي والقدرات التقنية التي سهلت ظهور وبروز الكثير من الأفكار المحلية التي كانت محصورة في بيئات جغرافية محددة وانتشارها عبر الإعلام الاجتماعي الجديد في مساحات جغرافية بعيدة جدا عن موطنها لتصبح مادة حقيقية للنقاش بين المسلمين من مختلف المشارب الفكرية والمذهبية، هذه التحديات التي ساهمت في نقل ساحات الحوار من منابر الفكر ومجالس العلماء لتصبح في متناول الجميع من عامة المسلمين ما جعل العالم الإسلامي عرضة لمزيد من التصدع الفكري حيث تذهب هذه الاختلافات بالعقيدة إلى عملية تجزئة قد تشكل خطراً على الإسلام بكامله.
ومما يلفت نظر المتابع للسياسة السعودية فيما يخص جوانب الوحدة الإسلامية هو ذلك التناغم والتطور الذي يشهده الخطاب السياسي السعودي في شؤون الإسلام والمسلمين من منطلق دور المملكة العربية السعودية الديني حيث تثبت السياسة السعودية دائما في هذا الجانب أنها لا تتبنى منهجا منفردا في الإسلام، وترغب في فرضه على الآخرين وهي الدولة المتميزة بالاعتدال والوسطية، ولكن من موقعها القيادي استطاعت أن تكون داعية وراعية مستمرة للشأن الإسلامي فعلى أرض المملكة يعيش الكثير من أصحاب المذاهب المتنوعة بشكل طبيعي وبتعايش كامل بين المجتمعات.
الحوار بين المذاهب والطوائف كما قال خادم الحرمين يقضي على التطرف والعنف..
والحقيقة أن هذه الفكرة تحقق للمسلمين منهجا مميزيا لتجاوز منعطفات العنف والإرهاب التي أصابت بعض معتنقي الدين الإسلامي كنتائج طبيعية لما تمر به الأمة الإسلامية من فرقة كبيرة.
ودعا خادم الحرمين في كلمته أمام الحجيج إلى "وحدة الأمة الإسلامية، ونبذ الفرقة والتحام الصف الإسلامي في وجه أعداء الأمة والمتربصين بها" وعن ضرورة الحوار قال حفظه الله إن "حوار الأمة الإسلامية مع نفسها واجب شرعي، فالشتات والجهل والتحزب والغلو عقبات تهدد آمال المسلمين". ولم تغفل السياسة السعودية وبحكم مسؤوليتها الإسلامية عبر توجيه دعوة دولية لحماية الأديان حيث قال حفظه الله "أطالب الأمم المتحدة بمشروع يدين أي دولة أو مجموعة تتعرض للديانات السماوية والأنبياء".
إنه ليس هناك من شك في أن كلمات خادم الحرمين تشكل منهجا واضحا للخروج بالأمة الإسلامية من أزماتها عبر التقارب بالحوار ودفن أفكار الفرقة والتناحر بالوصول إلى حلول تسهل على المسلمين فهم صور الاختلاف ونبذها عبر خطاب وحوار يقومان على جعل الإسلام وأمته في المقدمة دائما.
عبر تاريخ هذه الخطب السنوية في جموع الحجاج وخلال قرن من الزمان استخدمت السياسة السعودية مصطلحات بنائية للموقف الإسلامي وتعزيز وحدته عبر الدعوة الدائمة لوحدة المسار الإسلامي بين دوله ومنظماته، وهذه المصطلحات بنيت على مرتكز مسؤولية مطلقة للمملكة العربية السعودية في خدمة الحرمين الشريفين حيث تعتبر الرعاية الحكومية والمجتمعية لمكة المكرمة والمدينة المنورة شرفاً يسعى الجميع لنيله حيث تقدم الحكومات السعودية المتعاقبة الكثير من الرعاية المباشرة للحرمين الشريفين.
في نهاية شهر رمضان العام الماضي اجتمع قادة العالم الإسلامي في مكة المكرمة بدعوة من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله حيث أطلق حفظه الله دعوته الكريمة بإنشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية، وقد لقيت هذه الفكرة صدى واسعا بين المسلمين من أصحاب المذاهب الإسلامية المتعددة وتبنته الكثير من الدول والمنظمات الإسلامية على اعتبار انه يشكل منعطفاً مهماً في تاريخ الأمة الإسلامية.
فالكثير من المذاهب والطوائف في العالم الإسلامي والتطورات التقنية التي ساهمت في حمل تلك التقنية للأفكار والنظريات والمواقف الدينية بشكل خاص وبرز بشكل واضح تقاطعات تلك المذاهب للشارع الإسلامي وفي ذات الوقت برزت الكثير من القضايا المختلف عليها والتي طفت على السطح السياسي والإعلامي للكثير من الدول والمنظمات الإسلامية، وقد اثر ذلك بشكل كبير في الفكرة الرئيسة للإسلام والتي تعتمد اعتمادا قطعيا على أركانه الخمسة انطلاقا من كتاب الله الكريم واستنادا إلى نهج سنة النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
اليوم وبعد مرور أكثر من شهرين على تلك الدعوة لإنشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية تطرح السياسة السعودية من خلال كلمة الملك عبدالله الفكرة الرئيسة التي كانت وراء تلك الدعوة لإنشاء مركز للحوار بين المذاهب، فكما يبدو أن الارتباك في تفسير فكرة مركز حوار المذاهب الإسلامية قد ذهب بالبعض بعيدا عن الفكرة الأساسية التي رغبت السعودية في تأصيلها عبر دعوتها إلى إنشاء هذا المركز.
وقد قال خادم الحرمين حفظه الله ما نصه إن "فكرة مركز الحوار بين المذاهب الإسلامية الذي أعلن عنه في مكة المكرمة لا يعني بالضرورة الاتفاق على أمور العقيدة، بل الهدف منه الوصول إلى حلول للفرقة وإحلال التعايش بين المذاهب بعيداً عن الدسائس أو غيرها".
هذه الفكرة المتطورة عن الحوار تعكس اهتمام وريادة السعودية الدائم لكل ما من شأنه تحقيق الوحدة والتضامن الإسلامي بعيدا عن التصلب في المواقف والأفكار ما يعرض الدين الإسلامي بشكل كامل إلى المزيد من التصدع في فكره ومنهجه إذا ما ترك الأمر للمختلفين والمتناحرين حول زوايا ضيقة في الفكر الإسلامي يمكن تجاوزها بالتأكيد على المشتركات؛ فالدين الإسلامي يتميز بالمرونة في تحقيق الأهداف العقدية ويطرح أكثر من خيار للوصول إلى الهدف النهائي في العبادة.
ومما أكده خادم الحرمين حفظه الله في توضيحه لفكرة مركز الحوار أن المركز لا يعني جلب الاتفاق وإعادة تشكيل صورة موحدة لتصور محدد للإسلام وبنيته وأنساقه الفكرية لأن مثل هذا العمل يستحيل أن يتم فليست الفكرة البحث عن الناجين وفرقتهم ولكن الفكرة البحث عن حلول وتعايش بين المختلفين بعيداً عن الدسائس والتخوين والتأزم بين المذاهب ومعتنقيها.
اليوم وأمام هذه التحديات السياسية في العالم الإسلامي والقدرات التقنية التي سهلت ظهور وبروز الكثير من الأفكار المحلية التي كانت محصورة في بيئات جغرافية محددة وانتشارها عبر الإعلام الاجتماعي الجديد في مساحات جغرافية بعيدة جدا عن موطنها لتصبح مادة حقيقية للنقاش بين المسلمين من مختلف المشارب الفكرية والمذهبية، هذه التحديات التي ساهمت في نقل ساحات الحوار من منابر الفكر ومجالس العلماء لتصبح في متناول الجميع من عامة المسلمين ما جعل العالم الإسلامي عرضة لمزيد من التصدع الفكري حيث تذهب هذه الاختلافات بالعقيدة إلى عملية تجزئة قد تشكل خطراً على الإسلام بكامله.
ومما يلفت نظر المتابع للسياسة السعودية فيما يخص جوانب الوحدة الإسلامية هو ذلك التناغم والتطور الذي يشهده الخطاب السياسي السعودي في شؤون الإسلام والمسلمين من منطلق دور المملكة العربية السعودية الديني حيث تثبت السياسة السعودية دائما في هذا الجانب أنها لا تتبنى منهجا منفردا في الإسلام، وترغب في فرضه على الآخرين وهي الدولة المتميزة بالاعتدال والوسطية، ولكن من موقعها القيادي استطاعت أن تكون داعية وراعية مستمرة للشأن الإسلامي فعلى أرض المملكة يعيش الكثير من أصحاب المذاهب المتنوعة بشكل طبيعي وبتعايش كامل بين المجتمعات.
الحوار بين المذاهب والطوائف كما قال خادم الحرمين يقضي على التطرف والعنف..
والحقيقة أن هذه الفكرة تحقق للمسلمين منهجا مميزيا لتجاوز منعطفات العنف والإرهاب التي أصابت بعض معتنقي الدين الإسلامي كنتائج طبيعية لما تمر به الأمة الإسلامية من فرقة كبيرة.
ودعا خادم الحرمين في كلمته أمام الحجيج إلى "وحدة الأمة الإسلامية، ونبذ الفرقة والتحام الصف الإسلامي في وجه أعداء الأمة والمتربصين بها" وعن ضرورة الحوار قال حفظه الله إن "حوار الأمة الإسلامية مع نفسها واجب شرعي، فالشتات والجهل والتحزب والغلو عقبات تهدد آمال المسلمين". ولم تغفل السياسة السعودية وبحكم مسؤوليتها الإسلامية عبر توجيه دعوة دولية لحماية الأديان حيث قال حفظه الله "أطالب الأمم المتحدة بمشروع يدين أي دولة أو مجموعة تتعرض للديانات السماوية والأنبياء".
إنه ليس هناك من شك في أن كلمات خادم الحرمين تشكل منهجا واضحا للخروج بالأمة الإسلامية من أزماتها عبر التقارب بالحوار ودفن أفكار الفرقة والتناحر بالوصول إلى حلول تسهل على المسلمين فهم صور الاختلاف ونبذها عبر خطاب وحوار يقومان على جعل الإسلام وأمته في المقدمة دائما.