صفحة 1 من 1

فشل السياسة الامريكية في الشرق الاوسط

مرسل: الجمعة ديسمبر 21, 2012 12:02 am
بواسطة سلطان الدويش 9
فشل السياسة الامريكية في الشرق الاوسط
In مصر, القدس, المقاومة الشعبية, الولايات المتحدة الامريكية, الاحتلال, الديمقراطية, ثورة, صحيفة القدس, عزيز ابو سارة on February 23, 2011 at 12:40 pm


الأربعاء فبراير 23 2011 – عزيز ابو سارة

لم يشكل قرار الفيتو الامريكي في الاسبوع الماضي مفاجأة للقيادة الفلسطينية أو للشعب الفلسطيني، فقد تعود الفلسطينيون على دعم الحكومات الامريكية الديمقراطية والجمهورية اسرائيل في مجلس الامن. إلا أن توقيت الفيتو الامريكي يأتي مختلفا في هذه المرة وهو الامر الذي ادركته الحكومة الامريكية، فدعم اسرائيل في قضية الاستيطان في الوقت الذي تخسر فيه امريكا العديد من حلفائها في الشرق الاوسط بسبب الثورات الشعبية قد يشكل تحديات للحكومة الامريكية ما حدا الرئيس الامريكي باراك اوباما للاتصال بالرئيس الفلسطيني محمود عباس شخصيا في محاولة لاقناع الاخير بالتراجع عن تقديم مشروع القرار الذي يدين الاستيطان أو على الاقل تغيير صيغته لدرجة تجعله يفقد قيمته.

إلا أن خيارات الرئيس عباس كانت محدودة ولم يكن ليستطيع سحب مشروع القرار من مجلس الامن. ففي الوقت الذي تسقط فيه الحكومات العربية وتمتلئ شوارع الشرق الاوسط بالمتظاهرين الغاضبين على حكامهم، لا يستطيع الرئيس عباس المخاطرة بتفضيل الحكومة الامريكية على ارادة الشارع الفلسطيني. إن مطالبة الادارة الامريكية القيادة الفلسطينية تجاهل ارادة الشعب الفلسطيني والمخاطرة باغضابه من أجل عدم احراج الحكومة الامريكية يظهر مدى انفصال الحكومة الامريكية عن الواقع الجديد في الشرق الاوسط.

استطاع الفلسطينيون تجنيد جميع دول المصوتة في مجلس الامن فواجه الفيتو الامريكي معارضة بارزة من الاربع عشرة دولة في مجلس الامن و اكثر من مئة واربعين دولة دعموا مشروع القرار ما جعل الولايات المتحدة منفردة في ما بدا وكأنه دعم للاستيطان الذي كانت قد ادانته مرارا وتكرارا في العامين السابقين . و يأتي الفيتو الامريكي في الوقت الذي تحتاج فيه الولايات المتحدة للتقرب من الشعوب العربية. فالقرار الامريكي بدعم اسرائيل في موضوع الاستيطان يضع الحكومة الامريكية في وضع حرج ويعيد الساعة الى ما قبل خطاب اوباما في مصر حيث حاول التواصل مع الشعوب العربية

لقد اثبتت التحركات الشعبية الاخيرة في الشرق الاوسط فشل كل من المخابرات والخارجية الامريكية في قراءة التطورات في العالم العربي والاسلامي. فهي قد تخسر في هذا العام العديد من قادة الشرق الاوسط ممن تعتبرهم بحلفاءها المقربين. ويذكر الموقف الامريكي من العالم العربي على مدى العقود السابقة بالسياسة الامريكية في امريكا اللاتينية حيث كان للولايات المتحدة تأثير واسع في تحديد سياسات أمريكا اللاتينية داخليا وخارجيا كما كان لها يد طويلة في اختيار ودعم القادة المنحازين للمصالح الامريكية. إلا أن هذه السياسة أدت لظهور طبقة واسعة من الشعب تكن بالعداء للولايات المتحدة الامريكية وتراها مسؤولة عن تردي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وتركزت الجموع المعارضة للتدخل الامريكي في الطبقة الوسطى والفقراء الذين رفضوا الخضوع للقادة الديكتاتوريين ونظروا اليهم كامتداد للمصالح الامريكية بدلا من المصالح الوطنية

ما يحدث الان في الشرق الاوسط مماثل الى حد كبير لما حصل في أمريكا اللاتينية، فقد رأت الحكومات الامريكية بالقيادات الديكتاتورية في أمريكا اللاتينية عنصرا اساسيا للاستقرار السياسي ولدعم مصالحها ضد الاتحاد السوفييتي، وقامت بدعمهم بالرغم من فسادهم وقمعم لشعوبهم. فنجاح امريكا في عام ١٩٥٤ بانهاء حكم أربنز في جواتيمالا بعدما وصل الى الحكم عبر السبل الديمقراطية و دعمها للانقلاب العسكري في البرازيل وتكرار نفس الشيء في تشيلي و ونيكارجوا و غيرها من دول أمريكا اللاتينية أدى الى مجازر أودت بحياة مئات الالاف دون أي تدخل من الولايات المتحدة. كانت تلك الاحداث سببا في انفجار غضب الشعوب في امريكا اللاتينية وكما يحصل في الشرق الاوسط حاليا فإن الثورات الشعبية أدت الى بداية عصر جديد وديمقراطي في معظم دول أمريكا اللاتينية وأدت الى انهاء الدور الامريكي الذي طالما بدا مشبعا بالنفاق بحيث يدعو للديمقراطية من جهة ولا يريد نتائجها من جهة اخرى.

يقال أن من لا يقرأ التاريخ لا يتعلم من أخطائه. و يبدو أن هذا المثل ينطبق على الادارة الامريكية الحالية في فشلها لقراءة التاريخ ومقارنة سياستها الخارجية في امريكا اللاتينية والدول العربية. ولكن الفشل الامريكي لا يتمثل في قراءة التاريخ والمقارنة فقط وانما في قراءة الحاضر، فالتطورات السريعة في الشرق الاوسط ما زالت تفاجىء الولايات المتحدة الامريكية التي تبدو دائما متأخرة في خياراتها و في تحديد سياسة جديدة في الشرق الاوسط تتناسب مع الواقع الجديد.

ما زالت الفرصة متاحة أمام امريكا في اصلاح سياستها الخارجية في الشرق الاوسط قبل فوات الاوان. ولكن ذلك سيتطلب تحولا سريعا في الخطاب الامريكي وفي دعم القوى الشعبية العربية من خلال التوقف عن دعم الانظمة الدكتاتورية في العالم العربي، كما سيتطلب ذلك تدخلا عاجلا وفعالا من اجل انهاء الاحتلال. فالحفاظ على المصالح الامريكية في الشرق الاوسط لن يكون ممكنا من خلال الضغط على القادة العرب في القريب العاجل أو الاجل وانما سيتطلب كسب ثقة وتأييد الشارع العربي.