- السبت ديسمبر 22, 2012 8:39 am
#58949
ولد بسمارك في شونهاوزن، وهي ضيعة تمتلكها عائلته الثرية غرب برلين في مقاطعة ساكسونيا. كان والده فيلهلم فرديناند فون بسمارك (1771- 1845) مالكا زراعيا, كان ضابطا سابقا في الجيش البروسي. وكانت والدته فيلهلمينه لويزه مينكن (1789- 1839) التي تزوجها والده في بوتسدام عام 1806 تنتمي إلى عائلة ساكسونية متوسطة. وكان لبسمارك أخ وأخت.
مقتطفات من حياته السياسية :
في العام الذي تزوج فيه بسمارك اختير ليكون نائبا في المجلس التشريعي الجديد "مجلس الشورى الموحد". وهناك اكتسب شهرة كمناصر للمكلية وكسياسي محنك. وكان يدافع في كل مناسبة عن فكرة أن الملك لديه الحق الإلهي في الوجود.
وحين اندلعت الثورة في بروسيا مارس 1848 (وكانت هذه الثورة إحدى الثورات الشعبية التي اجتاحت أوروبا في ذلك العام), وكادت الثورة أن تسقط الملك فريدريش فيلهلم الرابع. ورغم أنه رفض في البداية اللجوء إلى القوة العسكرية لقمع المتمردين وإخماد نيران الثورة, إلا أنه قرر في النهاية استخدامها لإنهاء الثورة قبل استفحالها. وبعد نجاحه في إخمادها وجه وعوده إلى الحركة الليبرالية بإقرار دستور يعترف بوحدة الشعب الألماني وحقه في إنشاء دولة متحدة, وعين أحد الليبراليين وهو لودولف كام، رئيسا لوزراء بروسيا, في محاولة منه لاكتساب بعض الشعبية. غير أن الحركة الليبرالية التي قادت الثورة ما لبثت أن ضعفت في أقل من عام بسبب تنافسهم الداخلي, فعاد المحافظون إلى الحكم مرة أخرى, حين نجحوا في اكتساب دعم الملك. ورغم أن الدستور أقر إلا أنه لم يفي بالمطالب الدنيا للثوريين.
تأسيس الإمبراطورية الألمانية
أدى انتصار بروسيا على النمسا إلى زيادة التوتر بينها وبين فرنسا. وكان الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث يخشى من أن قوة ألمانيا ستؤدي إلى قلب ميزان القوى في أوروبا. ولم يكن بسمارك في الوقت نفسه يخشى من خوض حرب ضد فرنسا, فقد كان يؤمن أن الحرب معها ستؤدي إلى توحيد الإمارات الألمانية خلف قيادة ملك بروسيا.
ولم ينقص لإشعال هذه الحرب إلا شرارة صغيرة. وقد حدث, ففي سنة 1870 عرض على الأمير ليوبولد أمير هوهنتسولرن وزيجمارينجن أن يعتلي العرش الإسباني, الذي كان قد شغر منذ ثورة عام 1868 في إسبانيا. عارضت فرنسا الترشيح وطالبت بضمانات لكى لا يعتلي أحد من آل هونتسولرن العرش الإسباني. ولدفع فرنسا إلى إعلان الحرب على بروسيا, تعمد بسمارك في الرابع عشر من يوليو (وهو يوم الباستيل العيد القومي للفرنسيين) نشر الحوار بين الملك فيلهلم والسفير الفرنسي في بروسيا الكونت بنيديتي, فغير نص الرسالة وقال ان ملك ألمانيا يرفض لقاء السفير الفرنسي وهنا كانت الشرارة التي اشعلت الحرب الفرنسية الألمانية.
حشدت فرنسا جيوشها وأعلنت الحرب في التاسع عشر من يوليو (أي بعد خمسة أيام). فبدت بمظهر المعتدي أمام الأمراء والملوك الألمان, فاندفعوا بنداء الوطنية والقومية إلى الاتحاد والتحالف مع بروسيا. حتى أن عائلة بسمارك دفعت بابنيها للاشتراك في سلاح الفرسان. وكانت الحرب الفرنسية البروسية في عام 1870 نصرا كبيرا لبروسيا. وتوالت انتصارات الجيش الألماني بقيادة الصقر هيلموت فون مولتكه انتصارا بعد انتصار. ووقعت المعارك الرئيسية في شهر واحد (بين 7 أغسطس و 1 سبتمبر), وهزمت فرنسا فيها كلها.
وأبرز ما ميز هذه الحرب هو التنظيم البارع على الجانب البروسي والاضطراب الكبير على الجانب الفرنسي. وفي النهاية اضطرت فرنسا إلى التنازل عن الإلزاس وجزء من اللورين, لأن مولتكه وجنرالاته كانوا يصرون على وضع فرنسا موضع الدفاع. وقد عارض بسمارك هذا الضم لأنه لم يكن يريد أن يجعل من فرنسا عدوا دائما.
حفل تتويج فيلهلم الأول إمبراطورا لألمانيا الموحدةوبعد انتهاء الحرب تحرك بسمارك لتأمين الطريق نحو اتحاد ألمانيا. فتفاوض مع ممثلين عن الولايات الألمانية الجنوبية, عارضا تنازلات خاصة لضمان موافقتهم على الاتحاد. ونجحت المفاوضات, فأعلن الملك فيلهلم الأول إمبراطورا لألمانيا في الثامن عشر من يناير سنة 1871 في قاعة المرايا في قصر فرساي (للإمعان في إهانة فرنسا). وكانت الإمبراطورية الجديدة اتحادية تتكون من 25 ولاية (بما فيها الممالك والدوقيات الكبيرة والدوقيات والإمارت والمدن الحرة) والتي احتفظ كل منها ببعض السلطة. ولم يكن ملك بروسيا, كإمبراطور لألمانيا حاكما مطلقا على بقية ألمانيا بل كان كما أطلق عليه "الأول بين متناظرين". ولكنه كان يرأس البوندستاج الذي يجتمع لمناقشة السياسة المقدمة من المستشار (الذي يعينه الرئيس الذي هو الإمبراطور).
وفي سنواته الأخيرة ادعى بسمارك أن حروب بروسيا ضد النمسا وفرنسا إنما نشبت عن طريق تلاعبه بالإمارات المحيطة وفقا لخطته الكبيرة. وكانت هذه الرؤية مقبولة بين المعاصرين والمؤرخين حتى عقد الخمسينيات من القرن العشرين. وبالرغم من ذلك فقد بنيت هذه الرؤية على مذكرات بسمارك التي كتبها بعد عزله, والتي يضع نفسه فيها في مقدمة الأحداث. غير أن فكرة سيطرة وتحكم بسمارك في الأحداث الكبرى قد شكك فيها بعض المؤرخين ومن بينهم الجدلي أ. تايلور, التي خالف كل التفسيرات السابقة عليه بقوله أن بسمارك كان "قائدا هشا ذا سيطرة ضئيلة على الأحداث". ويرى كذلك أن موهبة بسمارك الكبرى كسياسي هي موهبته في طريقة ردود أفعاله على الأحداث حين وقوعها, وتحويلها إلى ميزة في صالحه.
مقتطفات من حياته السياسية :
في العام الذي تزوج فيه بسمارك اختير ليكون نائبا في المجلس التشريعي الجديد "مجلس الشورى الموحد". وهناك اكتسب شهرة كمناصر للمكلية وكسياسي محنك. وكان يدافع في كل مناسبة عن فكرة أن الملك لديه الحق الإلهي في الوجود.
وحين اندلعت الثورة في بروسيا مارس 1848 (وكانت هذه الثورة إحدى الثورات الشعبية التي اجتاحت أوروبا في ذلك العام), وكادت الثورة أن تسقط الملك فريدريش فيلهلم الرابع. ورغم أنه رفض في البداية اللجوء إلى القوة العسكرية لقمع المتمردين وإخماد نيران الثورة, إلا أنه قرر في النهاية استخدامها لإنهاء الثورة قبل استفحالها. وبعد نجاحه في إخمادها وجه وعوده إلى الحركة الليبرالية بإقرار دستور يعترف بوحدة الشعب الألماني وحقه في إنشاء دولة متحدة, وعين أحد الليبراليين وهو لودولف كام، رئيسا لوزراء بروسيا, في محاولة منه لاكتساب بعض الشعبية. غير أن الحركة الليبرالية التي قادت الثورة ما لبثت أن ضعفت في أقل من عام بسبب تنافسهم الداخلي, فعاد المحافظون إلى الحكم مرة أخرى, حين نجحوا في اكتساب دعم الملك. ورغم أن الدستور أقر إلا أنه لم يفي بالمطالب الدنيا للثوريين.
تأسيس الإمبراطورية الألمانية
أدى انتصار بروسيا على النمسا إلى زيادة التوتر بينها وبين فرنسا. وكان الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث يخشى من أن قوة ألمانيا ستؤدي إلى قلب ميزان القوى في أوروبا. ولم يكن بسمارك في الوقت نفسه يخشى من خوض حرب ضد فرنسا, فقد كان يؤمن أن الحرب معها ستؤدي إلى توحيد الإمارات الألمانية خلف قيادة ملك بروسيا.
ولم ينقص لإشعال هذه الحرب إلا شرارة صغيرة. وقد حدث, ففي سنة 1870 عرض على الأمير ليوبولد أمير هوهنتسولرن وزيجمارينجن أن يعتلي العرش الإسباني, الذي كان قد شغر منذ ثورة عام 1868 في إسبانيا. عارضت فرنسا الترشيح وطالبت بضمانات لكى لا يعتلي أحد من آل هونتسولرن العرش الإسباني. ولدفع فرنسا إلى إعلان الحرب على بروسيا, تعمد بسمارك في الرابع عشر من يوليو (وهو يوم الباستيل العيد القومي للفرنسيين) نشر الحوار بين الملك فيلهلم والسفير الفرنسي في بروسيا الكونت بنيديتي, فغير نص الرسالة وقال ان ملك ألمانيا يرفض لقاء السفير الفرنسي وهنا كانت الشرارة التي اشعلت الحرب الفرنسية الألمانية.
حشدت فرنسا جيوشها وأعلنت الحرب في التاسع عشر من يوليو (أي بعد خمسة أيام). فبدت بمظهر المعتدي أمام الأمراء والملوك الألمان, فاندفعوا بنداء الوطنية والقومية إلى الاتحاد والتحالف مع بروسيا. حتى أن عائلة بسمارك دفعت بابنيها للاشتراك في سلاح الفرسان. وكانت الحرب الفرنسية البروسية في عام 1870 نصرا كبيرا لبروسيا. وتوالت انتصارات الجيش الألماني بقيادة الصقر هيلموت فون مولتكه انتصارا بعد انتصار. ووقعت المعارك الرئيسية في شهر واحد (بين 7 أغسطس و 1 سبتمبر), وهزمت فرنسا فيها كلها.
وأبرز ما ميز هذه الحرب هو التنظيم البارع على الجانب البروسي والاضطراب الكبير على الجانب الفرنسي. وفي النهاية اضطرت فرنسا إلى التنازل عن الإلزاس وجزء من اللورين, لأن مولتكه وجنرالاته كانوا يصرون على وضع فرنسا موضع الدفاع. وقد عارض بسمارك هذا الضم لأنه لم يكن يريد أن يجعل من فرنسا عدوا دائما.
حفل تتويج فيلهلم الأول إمبراطورا لألمانيا الموحدةوبعد انتهاء الحرب تحرك بسمارك لتأمين الطريق نحو اتحاد ألمانيا. فتفاوض مع ممثلين عن الولايات الألمانية الجنوبية, عارضا تنازلات خاصة لضمان موافقتهم على الاتحاد. ونجحت المفاوضات, فأعلن الملك فيلهلم الأول إمبراطورا لألمانيا في الثامن عشر من يناير سنة 1871 في قاعة المرايا في قصر فرساي (للإمعان في إهانة فرنسا). وكانت الإمبراطورية الجديدة اتحادية تتكون من 25 ولاية (بما فيها الممالك والدوقيات الكبيرة والدوقيات والإمارت والمدن الحرة) والتي احتفظ كل منها ببعض السلطة. ولم يكن ملك بروسيا, كإمبراطور لألمانيا حاكما مطلقا على بقية ألمانيا بل كان كما أطلق عليه "الأول بين متناظرين". ولكنه كان يرأس البوندستاج الذي يجتمع لمناقشة السياسة المقدمة من المستشار (الذي يعينه الرئيس الذي هو الإمبراطور).
وفي سنواته الأخيرة ادعى بسمارك أن حروب بروسيا ضد النمسا وفرنسا إنما نشبت عن طريق تلاعبه بالإمارات المحيطة وفقا لخطته الكبيرة. وكانت هذه الرؤية مقبولة بين المعاصرين والمؤرخين حتى عقد الخمسينيات من القرن العشرين. وبالرغم من ذلك فقد بنيت هذه الرؤية على مذكرات بسمارك التي كتبها بعد عزله, والتي يضع نفسه فيها في مقدمة الأحداث. غير أن فكرة سيطرة وتحكم بسمارك في الأحداث الكبرى قد شكك فيها بعض المؤرخين ومن بينهم الجدلي أ. تايلور, التي خالف كل التفسيرات السابقة عليه بقوله أن بسمارك كان "قائدا هشا ذا سيطرة ضئيلة على الأحداث". ويرى كذلك أن موهبة بسمارك الكبرى كسياسي هي موهبته في طريقة ردود أفعاله على الأحداث حين وقوعها, وتحويلها إلى ميزة في صالحه.