التحول الديمقراطي في روسيا(مشروع تخرج)
مرسل: الاثنين ديسمبر 24, 2012 11:53 am
جامعة الملك سعود
كلية الحقوق والعلوم السياسة
قسم العلوم السياسية
التحول الديمقراطي في روسيا
.,دراسة تقويمية,.
إعداد :
فهد عائد البلوي
طالب بالمستوى الثامن
كلية الحقوق والعلوم السياسة
قسم العلوم السياسة – جامعة الملك سعود
إشراف :
د.أحمد محمد وهبان
أستاذ العلوم السياسية المشارك
كلية الحقوق والعلوم السياسة
قسم العلوم السياسة – جامعة الملك سعود
2012م -1433هـ
المقدمة:
على الرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على انهيار الاتحاد السوفيتي وتحوله إلى النظام الديمقراطي , وبدأ التحول الديمقراطي في روسيا بسبب الاصلاحات التي وضعها الرئيس السوفيتي جورباتشوف وهي الجلاسنوست والبريسترويكا وفي بدايات بحثي هذا سوف أتطرق للحديث عن الديمقراطية كمفهوم وتاريخها حتى أوضح للقارئ ما هي الديمقراطية ؟ حتى لا يواجه صعوبة في فهم العنوان المطروح وبعد ذلك نقوم بإيضاح معنا التحول الديمقراطي ووضع الشروط والأسباب التي تؤدي إلى التحول إلى الديمقراطية وبعد ذلك سوف أتطرق إلى النظام الروسي بعد تحوله إلى الديمقراطية والأمور التي ظهرت بعد التحول وبعد ذلك نلاحظ ماهي الصعوبات التي تواجه ذلك النظام .
أولاً: مشكلة البحث :
ماهي الإشكاليات التي تحول دون نضوج التجربة الديمقراطية الروسية؟
تساؤلات سوف أجيب عليها:
1- ماهي الديمقراطية ؟
2- ماهي الأسباب التي تؤدي إلى التحول إلى الديمقراطية؟
3- ماهي الأحزاب الروسية التي أنشئت في ضل التحول إلى الديمقراطية؟
4- ماهي طريقة تداول السلطة في ظل النظام الديمقراطي الجديد في روسيا ؟
هدف البحث:
هو الوصول إلى الإشكاليات التي سوف تواجه التجربة الديمقراطية الروسية وتعريف القارئ بالمفاهيم الأساسية التي تسعى إلى تحول الدول إلى النظام الديمقراطي
منهج البحث :
المنهج المؤسسي :
وهو منهج دراسة النظم السياسية فيركز على المؤسسات السياسية المكونة لهذه النظم ( التشريعية والتنفيذية) ،والدساتير التي تستند إليها وما تحتوي عليه من قواعد قانونية منظمة.
تقسيم البحث :
ينقسم البحث إلى :-
المبحث الأول :-
الديمقراطية وينقسم إلى :
المطلب الأول: نشأة ومفهوم الديمقراطية
المطلب الثاني: صور الديمقراطية
المبحث الثاني:
التحول الديمقراطي وينقسم إلى :-
المطلب الأول: مفهوم التحول الديمقراطي
المطلب الثاني: عوامل واستراتيجيات التحول الديمقراطي
المطلب الثالث: شروط التماسك الديمقراطي
المبحث الثالث:-
التحول الديمقراطي في روسيا وينقسم إلى :-
المطلب الأول: نظرة تاريخية للتحولات السياسية في روسيا
المطب الثاني: النظام السياسي في روسيا وينقسم إلى :-
أولا:- الدستور
ثانياً:- السلطة التشريعية
ثالثاً:- السلطة التنفيذية
المطلب الثالث :-
المعضلات التي تواجه روسيا في التحول إلى الديمقراطية
الخاتمة
المبحث الأول :-
الديمقراطية وينقسم إلى :
المطلب الأول:نشأة ومفهوم الديمقراطية
المطلب الثاني:صور الديمقراطية
المبحث الأول
نشأة الديمقراطية:
إن فكرة الديمقراطية هي فكرة قديمة وتعود جذورها التاريخية إلى الحضارة الإغريقية اليونانية وقد شهد النظام السياسي في أثينا أول تجربة ديمقراطية في التاريخ وذلك خلال القرن الخامس قبل الميلاد.إلا إن انحطاط الحضارة الإغريقية أدى إلى إهمال فكرة الديمقراطية والمبادئ التي تنطوي تحت مفهومها لمدة من الزمن ونتيجة ذلك سادت في معظم دول العالم أنظمة سياسية أخرى تمثلت في الملكية والأرستقراطية إلا أن مفهوم الديمقراطية استطاع أن يستعيد مكانته السابقة مع بداية القرن السابع عشر للميلاد في إنجلترا اثر ظهور مفهوم السلطة الشعبية وفي الواقع إن الديمقراطية لم تعرف بوصفها مذهباً سياسياً وفلسفياً إلا بعد ثورة 1978 م الفرنسية التي حققت نجاحاً كبير للديمقراطية والديمقراطية التي عرفت آنذاك هي ديمقراطية سياسية أما ثورة 1984 الفرنسية فقد طرحت فكرة جديدة وهي فكرة الديمقراطية الاجتماعية ويعد دستور الاتحاد السوفيتي لعام 1936 أول دستور في العالم نص على مبادئ الديمقراطية الاجتماعية
مفهوم الديمقراطية:
الديمقراطية لفظة إغريقية بمعنى حكم الشعب وتتكون من جزأين هماDemos وتعني الشعب , و Cratie بمعنى حكم .وتقوم فكرتها الأساسية على حكم الشعب وممارسته الرقابة على الحكومة ,أي إن الديمقراطية هي مهمة أهل البلد نفسهم.ويتمثل جوهر الديمقراطية في توفير وسيلة منهجية لإدارة المجتمع السياسي بغية تطوير فرص الحياة,بما توفره من نظام سلمي للعلاقات الاجتماعية في ظل بنية مؤسسية حضارية تتسم باستمرار تصاعد النمو والكفاءة ,وتحمل في مضمونها مبدأ المساواة.والديمقراطية وفق هذا المفهوم هي عملية حضارية واعية تقترن بالتنمية البشرية والمادية الشاملة المتصاعدة,تتأسس حول الإنسان بدءاً بتنمية القاعدة الأقل دخلاً. ومعجم Littre أشار إلى أن الديمقراطية تعني مجتمع حر متساوي حيث يكون للعنصر الشعبي التأثير الراجح والكل يجمع على ان الديمقراطية هي((حكم الشعب بالشعب وللشعب))
المطلب الثاني
صور الديمقراطية :
عرفنا أن الديمقراطية هي حكم الشعب وأن الشعب هو مصدر السلطة إلا أن طريقة ممارسة السلطة لا تأخذ شكلاً واحداً , وإنما تتدرج إلى صور وهناك أربع صور رئيسية للديمقراطية وهي تتمثل في :
1- الديمقراطية المباشرة مثل بعض أقاليم سويسرا
2- الديمقراطية شبة المباشرة مثل سويسرا وبعض دويلات أمريكا
3- الديمقراطية النيابية (الغير مباشرة) مثل أمريكا وشرق أوربا
4- الديمقراطية الشعبية مثل الاتحاد السوفيتي
وفيما يلي نعرض بإيجاز لكل من هذه الصور
1- الديمقراطية المباشرة :
الديمقراطية المباشرة ((تعني أن يحكم الشعب نفسه مباشرة من دون واسطة وبطريق مباشر بلا إنابة ولا وكالة)) وتعد الديمقراطية المباشرة الصورة المثالية والأولى للحكم الديمقراطي وعرفت الديمقراطية المباشرة قديماً في المدن الإغريقية ولاسيما أثينا .
2-الديمقراطية النيابية (الغير مباشرة ) :
هذه الصورة من صور الديمقراطية تعني أن النظام يقوم على أساس انتخاب الشعب لنواب يمارسون السيادة نيابة عنهم ولمدة محدودة , ونشأ النظام الديمقراطي النيابي في انجلترا أولاً ، وكانت نشأته مرتبطة بأحداث واقعية .
وللنظم النيابية خصائص وتتمثل تلك الخصائص في:
1- النظم النيابية تقوم على الوظيفتين السياسيتين (أي التشريعية والتنفيذية) أو على الأقل التشريعية , ولا يكون المجلس نيابياً إلا إذا مارس وظيفة سياسية ,أما المجالس الاستشارية فهي لا تعد نيابية حتى ولو كان أعضاؤها يعينون بالانتخاب .
2- تأقيت مدة عضوية النواب ( من الضروري أن يكون الأعضاء لمدة زمنية محددة) .
3- عضو البرلمان يكون ممثل للأمة كلها وليس لناخبي دائرته.
4- استقلال البرلمان عن الناخبين طوال مدة نيابته (أي أن البرلمان بعد انتخابه وأثناء وكالته عن الأمة يجب أن يعمل في حرية واستقلال دون أي تدخل من الناخبين ولا يحق لهم أيضاً إقالته قبل انتهاء مدة عضويته ) .
3- الديمقراطية شبه المباشرة:
ظهرت هذه الصورة من صور الديمقراطية بحيث تكون الوسط بين الديمقراطية المباشرة والديمقراطية النيابية (غير المباشرة ) .
فهي تقوم على وجود هيئات نيابية منتخبه (برلمان) من قبل الشعب وهذا هو مظهر الديمقراطية النيابية إلا أن اثر الشعب في هذا النظام لا يقتصر على انتخاب النواب بل يتداخل معه في الكثير من الأمور الهامة باعتباره صاحب السيادة ومصدر السلطات
وهناك مظاهر تمتاز بها الديمقراطية شبة المباشرة عن غيرها من الأنظمة وتتمثل تلك المظاهر في :-
1- الاستفتاء الشعبي :
أي لا يصبح القانون نافذ إلا إذا أقره الشعب .
وللاستفتاء الشعبي عديد من الصور :
1- من حيث موضوعه :
أ-استفتاء دستوري : أخذ رأي الشعب عند وضع الدستور أو تعديله .
ب-استفتاء تشريعي ( يتعلق بمشروع قانون عادي ) .
ج-الاستفتاء السياسي ( أخذ رأي الشعب في موضوع سياسي يتميز بأهميته) .
2- من حيث ميعاد إجرائه :
أ-استفتاء سابق على القانون : يستفتي الشعب في موضوع القانون قبل إقراره من البرلمان ب-استفتاء لاحق للقانون : وبمقتضاه يستفتى الشعب في أمر القانون بعد إقراره من البرلمان 3- من حيث مدى وجوب إجرائه :
أ-استفتاء إجباري : ينص الدستور على وجوب إجرائه .
ب-استفتاء اختياري : الدستور يترك للسلطة المختصة التنفيذية أو التشريعية حق التقدير في إجراء الاستفتاء على ضوء تقدير السلطة المختصة للمصلحة العامة .
4- من حيث قوته الإلزامية :
أ-استفتاء ملزم : الذي تكون نتيجته ملزمة للسلطة التي أجرته سواء كانت السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية ( البرلمان ) .
ب-استفتاء غير ملزم : لا يلزم السلطة التي أجرته بنتيجته .
ثانياً :الاعتراض الشعبي :-
هي سلطة معطاة لعدد معين من الناخبين في الاعتراض على نفاذ القانون الصادر عن البرلمان وذلك في مدة زمنية معينة ( محددة ) . الاعتراض الشعبي هنا يمر بمرحلتين هي :
1- اعتراض عدد معين من الناخبين على القانون وطلب عرضه على استفتاء شعبي.
2- عرض القانون موضوع الاعتراض على مجموع الناخبين لاستفتائهم في أمره .
ثالثاً : الاقتراح الشعبي :-
يخول الدستور لعدد يحدده الناخبين حق اقتراح القوانين ,وذلك بأن يتقدموا إلى البرلمان بمشروع قانون موقع عليه منهم , فيلتزم البرلمان بمناقشته , فإذا قبل البرلمان المشروع أصبحى قانوناً , وإلا يتعين عرض أمر ذلك المشروع على الشعب لستفتائه فيه.
رابعاً: حق الناخبين في إقالة النواب :
بحيث أن هذا الحق لا يقتصر على إقالة نواب البرلمان و إنما يشمل كذلك الموظفين و القضاه المنتخبين.
خامساً: الحل الشعبي :-
حيث قد يخول الدستور لعدد معين من الناخبين حق طلب حل المجلس النيابي , فيعرض الأمر على الشعب لاستفتائه.
سادساً: عزل رئيس الجمهورية:-
بعض الدساتير تعطي للشعب الحق في عزل رئيس الجمهورية بشروط خاصة وفي حدود معينة مثل دستور فيمار الألماني الصادر سنة 1919
4-الديمقراطية الشعبية:-
بعد ظهور الشيوعية ، ظهرت الديمقراطية الاجتماعية ، أو الديمقراطية الشعبية ، وهي خلاف الديمقراطية السياسية التقليدية السائدة في الغرب ، ترمي إلى تحقق المساواة الاجتماعية بين الأفراد ، والعمل على رفع مستواهم من الناحية المادية ، أي تحقيق المساواة في الثروة بين أفراد المجتمع .
وبعد ما تحدثنا عن صور الديمقراطية لابد أن نذكر (( أن الديمقراطية تقوم على مبادئ الحرية التي تجسد قضية إنسانية وتعبر عن ملكية الإنسان لفكره وإرادته وتمنحه شعور المواطنة وتعمل على تحرير عقله من القيود والمحرمات والممنوعات وهي تختلف عن التحرير (Liberty) رغم تداخل مفهوميها , إذ أن فكرة التحرير قامت على المفهوم السلبي للحرية بالدعوة أولاً إلى تحرير الإنسان من القيود الإستبدادية والطغيان والعبودية , ولتتطور في ما بعد إلى المطالبة بتحرير الاقتصاد من قيود الإقطاع وقوانين القرون الوسطى بهدف توفير البيئة المواتية لانطلاق البرجوازية الصاعدة))
ولابد أن نذكر أن هناك معايير عملية للديمقراطية وتلك المعايير هي :-
1- المشاركة الفعالة :أي أن يكون لجميع الأعضاء فرص متساوية وفعالة لبيان وجهة نظرهم للأعضاء الآخرين فيما يجب أن تكون عليه السياسة.
2- المساواة في التصويت : وقت اتخاذ القرار يجب أن يكون لكل عضو فرصة متساوية وفعالة للإدلاء بصوته ,ويجب أن يكون حساب الأصوات للجميع متساوياً .
3- الفهم المستنير ومراعاة الحدود المعقولة بالنسبة للوقت , يجب أن يكون لكل عضو فرصة متساوية وفعالة ليتعرف على بدائل السياسيات الملائمة وآثارها المحتلمة.
4- تضمين البالغين : يجب أن يكون لجميع البالغين أو أغلبهم على الأقل الحقوق الكاملة للمواطنين
المبحث الثاني:
التحول الديمقراطي وينقسم إلى :-
المطلب الأول: مفهوم التحول الديمقراطي المطلب الثاني: عوامل واستراتيجيات التحول الديمقراطي
المطلب الثالث: شروط التماسك الديمقراطي
المبحث الثاني
(المطلب الأول)
مفهوم التحول الديمقراطي :
يعد مفهوم التحول الديمقراطي من أكثر المفاهيم المطروحة على الساحة البحثية ومن أكثرها غموضاً وجدلاً , وتعددت محاولات وضع تعريف له وتعددت تعريفاته فمنها تعريف " شميتر " الذي يرى أنها " عملية تطبيق القواعد الديمقراطية سواءً في مؤسسات لم تطبق من قبل أو امتداد هذه القواعد لتشمل أفراد أو موضوعات لم تشملهم من قبل، إذاً هي عمليات و إجراءات يتم اتخاذها للتحول من نظام غير ديمقراطي إلى نظام ديمقراطي مستقر"
وتعني مرحلة التحول الديمقراطي ﺍنتقال أنظمة ﺍالحكم من الأحادية إلى التعددية السياسية التي تضمن حق المشاركة السياسية والتداول السلمي للسلطة السياسية .
وحسب رأيي أن التحول الديمقراطي هو التحول من الأنظمة السلطوية إلى النظام الديمقراطي كما حصل في الدول الشمولية السابقة .
وبعد تعريفنا للتحول الديمقراطي نتجه إلى مراحل التحول إلى الديمقراطية حيث تنقسم إلى ثلاث مراحل وهي : 1- انهيار النظام السلطوي ,2- التحول الديمقراطي , 3- التماسك الديمقراطي
والمقصود بانهيار النظام السلطوي هو ظهور منظمات أو جماعات تنذر بتهديد هيمنة الحزب الأول على الساحة السياسية .ثم بعد ذلك تأتي انقسامات في صفوف القيادة السياسية حتى يصل الأمر إلى فقد الحزب لصورته الموحده , ويندفع بعد ذلك إلى التفاوض مع جماعات مناوئه له ويسمح لها بقدر من النشاط في محاولة لإنقاذ شرعيته المتدهورة .
والتحول الديمقراطي يبدأ من حيث انتهت المرحلة السابقة وهي تنطوي على الخطوات التي من شأنها إرساء الدعائم الأولية للتحول الديمقراطي مثل إجراء انتخابات عامة وتكون حرة ويتنافس فيها عديد من الأحزاب وأيضاً وجود تعديلات وتغييرات في الدستور لتثبيت الحياة الحزبية وضمان الحريات المدنية . ويضيف الباحثون شرطين هامين لنجاح مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية , ألا وهما تمتع الحكومة المنتخبة بسلطة كاملة في تبني السياسات الجديدة وإقرارها وكذلك عدم اضطرار الهيئات التنفيذية والتشريعية والقضائية إلى تقاسم سلطاتها مع فاعلين آخرين كالمؤسسة العسكرية مثلاً
والحديث عن التماسك الديمقراطي يتعلق بالمقام الأول بالإشارة إلى درجات نضوج الممارسة الديمقراطية ولابد أن نشير إلا أنه يصعب تعيين شكل نهائي وأمثل للحياة الديمقراطية لكي يصبح شكلاً نهائياً يحدد مدى تطور ممارسات الديمقراطية في الدول التي تأخذ بها. فمثلاً تعدد الأحزاب المتنافسة دليلاً على الانتقال نحو الأخذ بالديمقراطية ولكنه ليس معروفاً على وجه القطع ما هو المستوى أو الشكل الأكمل الذي يجب أن يبلغه هذا التعدد الحزبي حتى يمكن الحديث عن نظام ديمقراطي متماسك.
وهناك من الباحثين من أجتهد في وضع مقياساً أساسياً على نجاح الدولة في تأمين تماسكها الديمقراطي ومن هؤلاء صمويل هنتنجتون حيث حدثنا في كتابه الموجه الثالثة للديمقراطية عن اختبار الدورة المزدوجة الذي اعتبره مقياساً أساسياً على نجاح الدولة في تأمين تماسكها الديمقراطي ويرى هنتنجتون أنه إذا حدث أن خسر الحزب الذي سيطر على الحكم معركته في الانتخابات التالية ونقل السلطة إلى الفائزين فيها , ثم قام هؤلاء الفائزون أنفسهم بنقل سلطتهم إلى فريق ثالث في انتخابات ثالثه فأن هذه الدورة المزدوجة دليل قوي على أن الديمقراطية قد تماسكت . ويرى الباحثون أن هذا المقياس يظهر بسهولة في عدد من الدول كالأرجنتين والبرازيل ومع ذلك لا يطمئن الدارسون كثيراً إلى وصف التجارب الديمقراطية هناك بالتماسك , ويلاحظون أيضاً أن معيار هنتنجتون لم ينطبق مثلاً على فرنسا إلا مع بداية الثمانينات ويلاحظون أن هذا المقياس لم يظهر في كل من إيطاليا واليابان التي كان التطور الديمقراطي بها إيجابياً اكثر من دول أمريكا اللاتينية أو الهند .
ولابد أن نذكر إن انتشار الديمقراطية في العالم الحديث قد جاء على شكل موجات. فقد اندلعت الموجة الأولى في أعقاب الثورتين الأمريكية والفرنسية ، وهو ما مَثل بداية التحول الديمقراطي في أوروبا والأمريكتين في القرن التاسع عشر. إلا أن هذه الموجة قد انحسرت بفعل صعود الشيوعية والحركات الفاشية وذلك حتى ظهرت الموجة الثانية من الديمقراطية غداة الحرب العالمية الثانية ، والتي شهدت إعادة انتشار الديمقراطية في أوروبا الغربية ووصول الديمقراطية إلى اليابان ، والهند ، وبعض الدول المستقلة حديثاً عن الاستعمار. وفي تطور لاحق ، بدأت الموجة الثالثة في أوائل السبعينيات مع عمليات الانتقال الديمقراطي في أوروبا الجنوبية : إسبانيا، والبرتغال، واليونان ، وأيضاً مع الانتقال الديمقراطي في البرازيل وبلدان أخرى في أمريكا الجنوبية والوسطى. ويُلاحظ أن هذه الموجة أصبحت أكثر اتساعاً بفعل تفكك الاتحاد السوفيتي ، وتداعي جدار برلين عام 1989، حيث تحولت كل أوروبا الشرقية والوسطى تقريباً إلى الديمقراطية بما في ذلك روسيا ، كما أن الكثير من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء أطاحت بحكامها السلطويين واتجهت صوب الديمقراطية. وفي أوائل القرن الواحد والعشرين شهدت العديد من الدول ما عُرف بالموجة الرابعة للديمقراطية ، والتي سماها البعض بالثورات الملونة أو الثورات الانتخابية ، وقد ضمت هذه الموجة عدد من دول أوروبا الشرقية، وهي سلوفاكيا، وكرواتيا، وصربيا، وجورجيا، وأوكرانيا. ويشهد العالم في الوقت الراهن العديد من الثورات في المنطقة العربية التي جاءت بشكل أساسي تطالب بالديمقراطية والقضاء على النظم التسلطية ، وهو ما أطلقت عليه العديد من الكتابات الغربية بربيع الديمقراطية العربي أو الموجة الخامسة للتحول الديمقراطي
وجَدير بالمُلاحظة ، أن سقوط النظم السلطوية لا يعني الوصول إلى الديمقراطية. فالكثير من دول العالم أطاحت بنظم سلطوية ، لكنها انحدرت إلى الحرب الأهلية ، أو انضمت إلى خانة الدول المنهارة ، أو استبدلت بديكتاتوريات أخرى. فلقد مرت العديد من دول أمريكا اللاتينية وأوروبا وأفريقيا وحتى العالم العربي بمراحل مبكرة من التحول الديمقراطي ، لكن الكثير من حكوماتها فشلت في تحقيق الديمقراطية.
كلية الحقوق والعلوم السياسة
قسم العلوم السياسية
التحول الديمقراطي في روسيا
.,دراسة تقويمية,.
إعداد :
فهد عائد البلوي
طالب بالمستوى الثامن
كلية الحقوق والعلوم السياسة
قسم العلوم السياسة – جامعة الملك سعود
إشراف :
د.أحمد محمد وهبان
أستاذ العلوم السياسية المشارك
كلية الحقوق والعلوم السياسة
قسم العلوم السياسة – جامعة الملك سعود
2012م -1433هـ
المقدمة:
على الرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على انهيار الاتحاد السوفيتي وتحوله إلى النظام الديمقراطي , وبدأ التحول الديمقراطي في روسيا بسبب الاصلاحات التي وضعها الرئيس السوفيتي جورباتشوف وهي الجلاسنوست والبريسترويكا وفي بدايات بحثي هذا سوف أتطرق للحديث عن الديمقراطية كمفهوم وتاريخها حتى أوضح للقارئ ما هي الديمقراطية ؟ حتى لا يواجه صعوبة في فهم العنوان المطروح وبعد ذلك نقوم بإيضاح معنا التحول الديمقراطي ووضع الشروط والأسباب التي تؤدي إلى التحول إلى الديمقراطية وبعد ذلك سوف أتطرق إلى النظام الروسي بعد تحوله إلى الديمقراطية والأمور التي ظهرت بعد التحول وبعد ذلك نلاحظ ماهي الصعوبات التي تواجه ذلك النظام .
أولاً: مشكلة البحث :
ماهي الإشكاليات التي تحول دون نضوج التجربة الديمقراطية الروسية؟
تساؤلات سوف أجيب عليها:
1- ماهي الديمقراطية ؟
2- ماهي الأسباب التي تؤدي إلى التحول إلى الديمقراطية؟
3- ماهي الأحزاب الروسية التي أنشئت في ضل التحول إلى الديمقراطية؟
4- ماهي طريقة تداول السلطة في ظل النظام الديمقراطي الجديد في روسيا ؟
هدف البحث:
هو الوصول إلى الإشكاليات التي سوف تواجه التجربة الديمقراطية الروسية وتعريف القارئ بالمفاهيم الأساسية التي تسعى إلى تحول الدول إلى النظام الديمقراطي
منهج البحث :
المنهج المؤسسي :
وهو منهج دراسة النظم السياسية فيركز على المؤسسات السياسية المكونة لهذه النظم ( التشريعية والتنفيذية) ،والدساتير التي تستند إليها وما تحتوي عليه من قواعد قانونية منظمة.
تقسيم البحث :
ينقسم البحث إلى :-
المبحث الأول :-
الديمقراطية وينقسم إلى :
المطلب الأول: نشأة ومفهوم الديمقراطية
المطلب الثاني: صور الديمقراطية
المبحث الثاني:
التحول الديمقراطي وينقسم إلى :-
المطلب الأول: مفهوم التحول الديمقراطي
المطلب الثاني: عوامل واستراتيجيات التحول الديمقراطي
المطلب الثالث: شروط التماسك الديمقراطي
المبحث الثالث:-
التحول الديمقراطي في روسيا وينقسم إلى :-
المطلب الأول: نظرة تاريخية للتحولات السياسية في روسيا
المطب الثاني: النظام السياسي في روسيا وينقسم إلى :-
أولا:- الدستور
ثانياً:- السلطة التشريعية
ثالثاً:- السلطة التنفيذية
المطلب الثالث :-
المعضلات التي تواجه روسيا في التحول إلى الديمقراطية
الخاتمة
المبحث الأول :-
الديمقراطية وينقسم إلى :
المطلب الأول:نشأة ومفهوم الديمقراطية
المطلب الثاني:صور الديمقراطية
المبحث الأول
نشأة الديمقراطية:
إن فكرة الديمقراطية هي فكرة قديمة وتعود جذورها التاريخية إلى الحضارة الإغريقية اليونانية وقد شهد النظام السياسي في أثينا أول تجربة ديمقراطية في التاريخ وذلك خلال القرن الخامس قبل الميلاد.إلا إن انحطاط الحضارة الإغريقية أدى إلى إهمال فكرة الديمقراطية والمبادئ التي تنطوي تحت مفهومها لمدة من الزمن ونتيجة ذلك سادت في معظم دول العالم أنظمة سياسية أخرى تمثلت في الملكية والأرستقراطية إلا أن مفهوم الديمقراطية استطاع أن يستعيد مكانته السابقة مع بداية القرن السابع عشر للميلاد في إنجلترا اثر ظهور مفهوم السلطة الشعبية وفي الواقع إن الديمقراطية لم تعرف بوصفها مذهباً سياسياً وفلسفياً إلا بعد ثورة 1978 م الفرنسية التي حققت نجاحاً كبير للديمقراطية والديمقراطية التي عرفت آنذاك هي ديمقراطية سياسية أما ثورة 1984 الفرنسية فقد طرحت فكرة جديدة وهي فكرة الديمقراطية الاجتماعية ويعد دستور الاتحاد السوفيتي لعام 1936 أول دستور في العالم نص على مبادئ الديمقراطية الاجتماعية
مفهوم الديمقراطية:
الديمقراطية لفظة إغريقية بمعنى حكم الشعب وتتكون من جزأين هماDemos وتعني الشعب , و Cratie بمعنى حكم .وتقوم فكرتها الأساسية على حكم الشعب وممارسته الرقابة على الحكومة ,أي إن الديمقراطية هي مهمة أهل البلد نفسهم.ويتمثل جوهر الديمقراطية في توفير وسيلة منهجية لإدارة المجتمع السياسي بغية تطوير فرص الحياة,بما توفره من نظام سلمي للعلاقات الاجتماعية في ظل بنية مؤسسية حضارية تتسم باستمرار تصاعد النمو والكفاءة ,وتحمل في مضمونها مبدأ المساواة.والديمقراطية وفق هذا المفهوم هي عملية حضارية واعية تقترن بالتنمية البشرية والمادية الشاملة المتصاعدة,تتأسس حول الإنسان بدءاً بتنمية القاعدة الأقل دخلاً. ومعجم Littre أشار إلى أن الديمقراطية تعني مجتمع حر متساوي حيث يكون للعنصر الشعبي التأثير الراجح والكل يجمع على ان الديمقراطية هي((حكم الشعب بالشعب وللشعب))
المطلب الثاني
صور الديمقراطية :
عرفنا أن الديمقراطية هي حكم الشعب وأن الشعب هو مصدر السلطة إلا أن طريقة ممارسة السلطة لا تأخذ شكلاً واحداً , وإنما تتدرج إلى صور وهناك أربع صور رئيسية للديمقراطية وهي تتمثل في :
1- الديمقراطية المباشرة مثل بعض أقاليم سويسرا
2- الديمقراطية شبة المباشرة مثل سويسرا وبعض دويلات أمريكا
3- الديمقراطية النيابية (الغير مباشرة) مثل أمريكا وشرق أوربا
4- الديمقراطية الشعبية مثل الاتحاد السوفيتي
وفيما يلي نعرض بإيجاز لكل من هذه الصور
1- الديمقراطية المباشرة :
الديمقراطية المباشرة ((تعني أن يحكم الشعب نفسه مباشرة من دون واسطة وبطريق مباشر بلا إنابة ولا وكالة)) وتعد الديمقراطية المباشرة الصورة المثالية والأولى للحكم الديمقراطي وعرفت الديمقراطية المباشرة قديماً في المدن الإغريقية ولاسيما أثينا .
2-الديمقراطية النيابية (الغير مباشرة ) :
هذه الصورة من صور الديمقراطية تعني أن النظام يقوم على أساس انتخاب الشعب لنواب يمارسون السيادة نيابة عنهم ولمدة محدودة , ونشأ النظام الديمقراطي النيابي في انجلترا أولاً ، وكانت نشأته مرتبطة بأحداث واقعية .
وللنظم النيابية خصائص وتتمثل تلك الخصائص في:
1- النظم النيابية تقوم على الوظيفتين السياسيتين (أي التشريعية والتنفيذية) أو على الأقل التشريعية , ولا يكون المجلس نيابياً إلا إذا مارس وظيفة سياسية ,أما المجالس الاستشارية فهي لا تعد نيابية حتى ولو كان أعضاؤها يعينون بالانتخاب .
2- تأقيت مدة عضوية النواب ( من الضروري أن يكون الأعضاء لمدة زمنية محددة) .
3- عضو البرلمان يكون ممثل للأمة كلها وليس لناخبي دائرته.
4- استقلال البرلمان عن الناخبين طوال مدة نيابته (أي أن البرلمان بعد انتخابه وأثناء وكالته عن الأمة يجب أن يعمل في حرية واستقلال دون أي تدخل من الناخبين ولا يحق لهم أيضاً إقالته قبل انتهاء مدة عضويته ) .
3- الديمقراطية شبه المباشرة:
ظهرت هذه الصورة من صور الديمقراطية بحيث تكون الوسط بين الديمقراطية المباشرة والديمقراطية النيابية (غير المباشرة ) .
فهي تقوم على وجود هيئات نيابية منتخبه (برلمان) من قبل الشعب وهذا هو مظهر الديمقراطية النيابية إلا أن اثر الشعب في هذا النظام لا يقتصر على انتخاب النواب بل يتداخل معه في الكثير من الأمور الهامة باعتباره صاحب السيادة ومصدر السلطات
وهناك مظاهر تمتاز بها الديمقراطية شبة المباشرة عن غيرها من الأنظمة وتتمثل تلك المظاهر في :-
1- الاستفتاء الشعبي :
أي لا يصبح القانون نافذ إلا إذا أقره الشعب .
وللاستفتاء الشعبي عديد من الصور :
1- من حيث موضوعه :
أ-استفتاء دستوري : أخذ رأي الشعب عند وضع الدستور أو تعديله .
ب-استفتاء تشريعي ( يتعلق بمشروع قانون عادي ) .
ج-الاستفتاء السياسي ( أخذ رأي الشعب في موضوع سياسي يتميز بأهميته) .
2- من حيث ميعاد إجرائه :
أ-استفتاء سابق على القانون : يستفتي الشعب في موضوع القانون قبل إقراره من البرلمان ب-استفتاء لاحق للقانون : وبمقتضاه يستفتى الشعب في أمر القانون بعد إقراره من البرلمان 3- من حيث مدى وجوب إجرائه :
أ-استفتاء إجباري : ينص الدستور على وجوب إجرائه .
ب-استفتاء اختياري : الدستور يترك للسلطة المختصة التنفيذية أو التشريعية حق التقدير في إجراء الاستفتاء على ضوء تقدير السلطة المختصة للمصلحة العامة .
4- من حيث قوته الإلزامية :
أ-استفتاء ملزم : الذي تكون نتيجته ملزمة للسلطة التي أجرته سواء كانت السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية ( البرلمان ) .
ب-استفتاء غير ملزم : لا يلزم السلطة التي أجرته بنتيجته .
ثانياً :الاعتراض الشعبي :-
هي سلطة معطاة لعدد معين من الناخبين في الاعتراض على نفاذ القانون الصادر عن البرلمان وذلك في مدة زمنية معينة ( محددة ) . الاعتراض الشعبي هنا يمر بمرحلتين هي :
1- اعتراض عدد معين من الناخبين على القانون وطلب عرضه على استفتاء شعبي.
2- عرض القانون موضوع الاعتراض على مجموع الناخبين لاستفتائهم في أمره .
ثالثاً : الاقتراح الشعبي :-
يخول الدستور لعدد يحدده الناخبين حق اقتراح القوانين ,وذلك بأن يتقدموا إلى البرلمان بمشروع قانون موقع عليه منهم , فيلتزم البرلمان بمناقشته , فإذا قبل البرلمان المشروع أصبحى قانوناً , وإلا يتعين عرض أمر ذلك المشروع على الشعب لستفتائه فيه.
رابعاً: حق الناخبين في إقالة النواب :
بحيث أن هذا الحق لا يقتصر على إقالة نواب البرلمان و إنما يشمل كذلك الموظفين و القضاه المنتخبين.
خامساً: الحل الشعبي :-
حيث قد يخول الدستور لعدد معين من الناخبين حق طلب حل المجلس النيابي , فيعرض الأمر على الشعب لاستفتائه.
سادساً: عزل رئيس الجمهورية:-
بعض الدساتير تعطي للشعب الحق في عزل رئيس الجمهورية بشروط خاصة وفي حدود معينة مثل دستور فيمار الألماني الصادر سنة 1919
4-الديمقراطية الشعبية:-
بعد ظهور الشيوعية ، ظهرت الديمقراطية الاجتماعية ، أو الديمقراطية الشعبية ، وهي خلاف الديمقراطية السياسية التقليدية السائدة في الغرب ، ترمي إلى تحقق المساواة الاجتماعية بين الأفراد ، والعمل على رفع مستواهم من الناحية المادية ، أي تحقيق المساواة في الثروة بين أفراد المجتمع .
وبعد ما تحدثنا عن صور الديمقراطية لابد أن نذكر (( أن الديمقراطية تقوم على مبادئ الحرية التي تجسد قضية إنسانية وتعبر عن ملكية الإنسان لفكره وإرادته وتمنحه شعور المواطنة وتعمل على تحرير عقله من القيود والمحرمات والممنوعات وهي تختلف عن التحرير (Liberty) رغم تداخل مفهوميها , إذ أن فكرة التحرير قامت على المفهوم السلبي للحرية بالدعوة أولاً إلى تحرير الإنسان من القيود الإستبدادية والطغيان والعبودية , ولتتطور في ما بعد إلى المطالبة بتحرير الاقتصاد من قيود الإقطاع وقوانين القرون الوسطى بهدف توفير البيئة المواتية لانطلاق البرجوازية الصاعدة))
ولابد أن نذكر أن هناك معايير عملية للديمقراطية وتلك المعايير هي :-
1- المشاركة الفعالة :أي أن يكون لجميع الأعضاء فرص متساوية وفعالة لبيان وجهة نظرهم للأعضاء الآخرين فيما يجب أن تكون عليه السياسة.
2- المساواة في التصويت : وقت اتخاذ القرار يجب أن يكون لكل عضو فرصة متساوية وفعالة للإدلاء بصوته ,ويجب أن يكون حساب الأصوات للجميع متساوياً .
3- الفهم المستنير ومراعاة الحدود المعقولة بالنسبة للوقت , يجب أن يكون لكل عضو فرصة متساوية وفعالة ليتعرف على بدائل السياسيات الملائمة وآثارها المحتلمة.
4- تضمين البالغين : يجب أن يكون لجميع البالغين أو أغلبهم على الأقل الحقوق الكاملة للمواطنين
المبحث الثاني:
التحول الديمقراطي وينقسم إلى :-
المطلب الأول: مفهوم التحول الديمقراطي المطلب الثاني: عوامل واستراتيجيات التحول الديمقراطي
المطلب الثالث: شروط التماسك الديمقراطي
المبحث الثاني
(المطلب الأول)
مفهوم التحول الديمقراطي :
يعد مفهوم التحول الديمقراطي من أكثر المفاهيم المطروحة على الساحة البحثية ومن أكثرها غموضاً وجدلاً , وتعددت محاولات وضع تعريف له وتعددت تعريفاته فمنها تعريف " شميتر " الذي يرى أنها " عملية تطبيق القواعد الديمقراطية سواءً في مؤسسات لم تطبق من قبل أو امتداد هذه القواعد لتشمل أفراد أو موضوعات لم تشملهم من قبل، إذاً هي عمليات و إجراءات يتم اتخاذها للتحول من نظام غير ديمقراطي إلى نظام ديمقراطي مستقر"
وتعني مرحلة التحول الديمقراطي ﺍنتقال أنظمة ﺍالحكم من الأحادية إلى التعددية السياسية التي تضمن حق المشاركة السياسية والتداول السلمي للسلطة السياسية .
وحسب رأيي أن التحول الديمقراطي هو التحول من الأنظمة السلطوية إلى النظام الديمقراطي كما حصل في الدول الشمولية السابقة .
وبعد تعريفنا للتحول الديمقراطي نتجه إلى مراحل التحول إلى الديمقراطية حيث تنقسم إلى ثلاث مراحل وهي : 1- انهيار النظام السلطوي ,2- التحول الديمقراطي , 3- التماسك الديمقراطي
والمقصود بانهيار النظام السلطوي هو ظهور منظمات أو جماعات تنذر بتهديد هيمنة الحزب الأول على الساحة السياسية .ثم بعد ذلك تأتي انقسامات في صفوف القيادة السياسية حتى يصل الأمر إلى فقد الحزب لصورته الموحده , ويندفع بعد ذلك إلى التفاوض مع جماعات مناوئه له ويسمح لها بقدر من النشاط في محاولة لإنقاذ شرعيته المتدهورة .
والتحول الديمقراطي يبدأ من حيث انتهت المرحلة السابقة وهي تنطوي على الخطوات التي من شأنها إرساء الدعائم الأولية للتحول الديمقراطي مثل إجراء انتخابات عامة وتكون حرة ويتنافس فيها عديد من الأحزاب وأيضاً وجود تعديلات وتغييرات في الدستور لتثبيت الحياة الحزبية وضمان الحريات المدنية . ويضيف الباحثون شرطين هامين لنجاح مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية , ألا وهما تمتع الحكومة المنتخبة بسلطة كاملة في تبني السياسات الجديدة وإقرارها وكذلك عدم اضطرار الهيئات التنفيذية والتشريعية والقضائية إلى تقاسم سلطاتها مع فاعلين آخرين كالمؤسسة العسكرية مثلاً
والحديث عن التماسك الديمقراطي يتعلق بالمقام الأول بالإشارة إلى درجات نضوج الممارسة الديمقراطية ولابد أن نشير إلا أنه يصعب تعيين شكل نهائي وأمثل للحياة الديمقراطية لكي يصبح شكلاً نهائياً يحدد مدى تطور ممارسات الديمقراطية في الدول التي تأخذ بها. فمثلاً تعدد الأحزاب المتنافسة دليلاً على الانتقال نحو الأخذ بالديمقراطية ولكنه ليس معروفاً على وجه القطع ما هو المستوى أو الشكل الأكمل الذي يجب أن يبلغه هذا التعدد الحزبي حتى يمكن الحديث عن نظام ديمقراطي متماسك.
وهناك من الباحثين من أجتهد في وضع مقياساً أساسياً على نجاح الدولة في تأمين تماسكها الديمقراطي ومن هؤلاء صمويل هنتنجتون حيث حدثنا في كتابه الموجه الثالثة للديمقراطية عن اختبار الدورة المزدوجة الذي اعتبره مقياساً أساسياً على نجاح الدولة في تأمين تماسكها الديمقراطي ويرى هنتنجتون أنه إذا حدث أن خسر الحزب الذي سيطر على الحكم معركته في الانتخابات التالية ونقل السلطة إلى الفائزين فيها , ثم قام هؤلاء الفائزون أنفسهم بنقل سلطتهم إلى فريق ثالث في انتخابات ثالثه فأن هذه الدورة المزدوجة دليل قوي على أن الديمقراطية قد تماسكت . ويرى الباحثون أن هذا المقياس يظهر بسهولة في عدد من الدول كالأرجنتين والبرازيل ومع ذلك لا يطمئن الدارسون كثيراً إلى وصف التجارب الديمقراطية هناك بالتماسك , ويلاحظون أيضاً أن معيار هنتنجتون لم ينطبق مثلاً على فرنسا إلا مع بداية الثمانينات ويلاحظون أن هذا المقياس لم يظهر في كل من إيطاليا واليابان التي كان التطور الديمقراطي بها إيجابياً اكثر من دول أمريكا اللاتينية أو الهند .
ولابد أن نذكر إن انتشار الديمقراطية في العالم الحديث قد جاء على شكل موجات. فقد اندلعت الموجة الأولى في أعقاب الثورتين الأمريكية والفرنسية ، وهو ما مَثل بداية التحول الديمقراطي في أوروبا والأمريكتين في القرن التاسع عشر. إلا أن هذه الموجة قد انحسرت بفعل صعود الشيوعية والحركات الفاشية وذلك حتى ظهرت الموجة الثانية من الديمقراطية غداة الحرب العالمية الثانية ، والتي شهدت إعادة انتشار الديمقراطية في أوروبا الغربية ووصول الديمقراطية إلى اليابان ، والهند ، وبعض الدول المستقلة حديثاً عن الاستعمار. وفي تطور لاحق ، بدأت الموجة الثالثة في أوائل السبعينيات مع عمليات الانتقال الديمقراطي في أوروبا الجنوبية : إسبانيا، والبرتغال، واليونان ، وأيضاً مع الانتقال الديمقراطي في البرازيل وبلدان أخرى في أمريكا الجنوبية والوسطى. ويُلاحظ أن هذه الموجة أصبحت أكثر اتساعاً بفعل تفكك الاتحاد السوفيتي ، وتداعي جدار برلين عام 1989، حيث تحولت كل أوروبا الشرقية والوسطى تقريباً إلى الديمقراطية بما في ذلك روسيا ، كما أن الكثير من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء أطاحت بحكامها السلطويين واتجهت صوب الديمقراطية. وفي أوائل القرن الواحد والعشرين شهدت العديد من الدول ما عُرف بالموجة الرابعة للديمقراطية ، والتي سماها البعض بالثورات الملونة أو الثورات الانتخابية ، وقد ضمت هذه الموجة عدد من دول أوروبا الشرقية، وهي سلوفاكيا، وكرواتيا، وصربيا، وجورجيا، وأوكرانيا. ويشهد العالم في الوقت الراهن العديد من الثورات في المنطقة العربية التي جاءت بشكل أساسي تطالب بالديمقراطية والقضاء على النظم التسلطية ، وهو ما أطلقت عليه العديد من الكتابات الغربية بربيع الديمقراطية العربي أو الموجة الخامسة للتحول الديمقراطي
وجَدير بالمُلاحظة ، أن سقوط النظم السلطوية لا يعني الوصول إلى الديمقراطية. فالكثير من دول العالم أطاحت بنظم سلطوية ، لكنها انحدرت إلى الحرب الأهلية ، أو انضمت إلى خانة الدول المنهارة ، أو استبدلت بديكتاتوريات أخرى. فلقد مرت العديد من دول أمريكا اللاتينية وأوروبا وأفريقيا وحتى العالم العربي بمراحل مبكرة من التحول الديمقراطي ، لكن الكثير من حكوماتها فشلت في تحقيق الديمقراطية.