By د.طارق الحروي - الخميس ديسمبر 27, 2012 12:39 pm
- الخميس ديسمبر 27, 2012 12:39 pm
#59064
بسم الله الرحمن الرحيم
د. الحروي بالنيابة عن روح قائد العمالقة إلى حضرة قائد الحرس سابقا
ولكم في التاريخ درسا وعبرة (1-1) !!
--------------------------------------------
د.طارق عبدالله ثابت الحروي .
[email protected]
- من نافلة القول أن الدافع الرئيس الذي يقف وراء الخوض في مثل هكذا موضوع وتحت هذا العنوان بالتحديد هو طبيعة ومستوى ومن ثم حجم ما اكتشفته من خفايا وأسرار مهمة جدا أحاطت بالفترة التاريخية الأهم في تاريخ اليمن المعاصر(1974- 1977م) التي تسنى لي من خلالها الإطلاع بعمق على أبرز المعالم الرئيسة الحاكمة لمسار حركة التغيير الوطني إلى هذا اليوم ليس هذا فحسب لا بل ومستقبل تطورها بكل ما تعنيه هذه العبارة من معاني ودلالات لها شأنها، زادتها عمقا وإثراء تناول الفترة الأكثر غموضا وتعقيدا وسوداوية على ماضي وحاضر ومستقبل حركة التغيير الوطني برمتها (1967-1974م).
- وصولا إلى الفترة الأكثر أهمية في تاريخ حركة التغيير الوطني قاطبة (1975-1982م)، وهي الثلاثة سنوات من حكم الرئيس الشهيد إبراهيم ألحمدي مؤسس مشروع حركة التغيير الوطني والخمس سنوات الأولى من حكم خليفته الرئيس علي الصالح قائد ورائد الحركة، التي شكلت حجر الأساس في الشق المعنوي ومن ثم المادي لكل ما تحقق من منجزات هائلة لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها بالمطلق في الثلاثة عقود ونيف الماضية ليس هذا فحسب.
- لا بل ونقطة الانطلاق الحقيقية التي يعود إليها معظم الفضل في تحديد المسارات الحاكمة لمشروع حركة التغيير الوطني منذ خط البداية إلى العام 2014م، في ضوء ما توصلت إليه من نتائج مهمة جدا حول بعض أهم الملامح الرئيسة المحددة لخط سير الأحداث الرئيسة.
- والتي أصبح من الأهمية لا بل والضرورة التي تفرضها أولويات المصلحة الوطنية العليا إعادة قراءتها في اتجاه إعادة بلورة بعض أهم معالمها الرئيسة في عدة اتجاهات رئيسة، ارتأيت أن تأخذ صيغة الدروس والعبر بما تحمله بين ثناياها من مضامين وأبعاد ودلالات لها شأنها في إدارة حيثيات هذه المرحلة وما بعدها، في محاولة منا المساهمة في استجلاء الكثير من الدلائل التاريخية والحقائق الدامغة في أرض الواقع التي حان وقتها إحقاقا للحق وإزهاقا للباطل؛ كي يتسنى لأبناء الأمة الإطلاع على حقيقة ما جرى ويجرى وسيجري.
- على الرغم من أني لا أخفيكم سرا أني كنت قد فكرت في هذا الأمر منذ فترة وجيزة ولكني تراجعت لاعتبارات عديدة إلا أني في النهاية حزمت أمري على استكمال هذا المشوار الذي كنت ابتدأته بالرغم من استمرار تنامي حالات الإجحاف بحقي من كل المعنيين صغيرا وكبيرا في الوسط الصحفي وعناصر حركة التغيير الوطني منهم- بوجه خاص- والذي لم أكن أتوقعه منهم؛ جراء موقفهم السلبي غير المبرر لدي لحد الآن، الذي حال دون وجود أية إمكانية لإيصال ما أكتبه إلى أكبر شريحة في المجتمع.
- بصورة أفضت إلى فتح المجال واسعا أمام عناصر التيار التقليدي المحافظ (القبلي) والمتطرف (الديني) وشركائه، لاحتواء كل ما نشرته والتقليل من أهميته بحيث أغلقت الصحف الرسمية والحزبية الورقية والالكترونية التابعة للمؤتمر وأحزاب التحالف الوطني أبوابها كلها في وجهي، في محاولة لإدخال حالة من الإحباط واليأس إلى نفسي، ولكني تجاوزت هذا الأمر برمته في فترة قصيرة جدا لاعتقادي أنه في يوم ما ستقف الأمة بمثقفيها وقياداتها على ما أكتبه وفي حينها سوف يصبح لكل مقام مقال وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم.
- وتأسيسا على ما تقدم ضمن هذا السياق ارتأيت أن يكون لهذه المسيرة الجبارة في سفر مشروع حركة التغيير الوطني من هذه الزاوية بالتحديد نصيبا مهما من اهتماماتي أثناء تناولي لحيثيات هذا الملف؛ على خلفية ما تحمله بين ثناياها من مضامين وأبعاد لها شأنها لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها في إدارة معظم حيثيات هذه المرحلة وما بعدها، في ضوء استمرار تنامي وتائر وحلقات سيناريوهات الاستهداف الخبيث (القديم/ الجديد) لمكون الحرس الجمهوري والقوات الخاصة منذ العام 2004م.
- الذي تقف ورائه نفس العناصر والقوى المنتمية للتيار التقليدي المحافظ والمتطرف بامتداداته الإقليمية وشركائه من الناصريين والبعثيين والاشتراكيين والهاشميين...الخ؛ الممثلة في الوقت الحالي بمكونات التيار الانفصالي الستة المشار إليها في كتاباتي مسبقا وتكتل اللقاء المشترك منها- بوجه خاص- وهنا تكمن المعالم الرئيسة في فحوى العبرة الأولى بهذا الشأن.
- ففي المحصلة النهائية نجدها امتداد لنفس السيناريوهات التي تقف ورائها نفس هذه العناصر والقوى التي استهدفت مرتكزات مشروع حركة التغيير الوطني من خلال استهداف المكون العسكري والأمني اليمني فيها- على وجه الخصوص- الذي تقوده العناصر والقوى المنتمية للتيار التحديثي التحرري.
- باعتباره كان ومازال عمود الارتكاز الأساسي في مشروع بناء ومن ثم إرساء وترسيخ مداميك الدولة اليمنية الجديدة؛ ابتداء بالانتكاسة الحادة التي تعمدتها شكلا ومضمونا كي تطال اللبنات الأساسية الأولى لمشروع بناء مؤسسة دفاعية وأمنية وطنية ومهنية في الشكل والمضمون في الفترة (1967- 1974م).
- الذي كان يسير في عدة اتجاهات ضمن إطار سيناريو خبيث بعيد المدى نال إلى حد كبير من كل ما تم انجازه أو تم الاستعداد للقيام به في الفترة (1962- 1967م)، بالاستناد إلى دلائل تاريخية لها شانها تؤكد على تنامي طبيعة ومستوى ومن ثم حجم نفوذ عناصر التيار التحديثي التحرري في الجيش والأمن منذ مطلع عقد الخمسينيات، وصلت إلى حد الذروة مع بزوغ نجم النظام الجمهوري من خلال هيمنتها شبه المطلقة على معظم مقاليد الجيش والأمن.
- ومرورا بما حققته من احتواء وإبطاء ومن ثم تقويض وحرف سواء للمشاريع الوطنية التي تقف ورائها عناصر التيار التحديثي التحرري التي وضعت أول بذورها في الفترة (1975-1977م) على يد الرئيس الشهيد إبراهيم ألحمدي ورفاقه؛ من خلال نواة مشروع جديد يرمي إلى تأسيس مداميك المؤسسة الدفاعية الجديدة المنشودة بأصنافها الثلاثة (برية، جوية، بحرية)، خارج نطاق حدود صلاحيات أجهزة الجيش القائمة؛ يأخذ بمعظم معايير وأسس بناء الجيوش الحديثة بشقها الوطني والمهني.
- مثلته قوات العمالقة التي تولى أمرها الرائد الشهيد عبدالله ألحمدي ورفاقه من القيادات العسكرية الوطنية التي تولت خوض غمار مرحلة التأسيس التي طالت في الجزء الأكبر والمهم منها تأسيس وإرساء اللبنات الأولى لصنف القوات البرية، بغض النظر عن طبيعة ومستوى ومن ثم حجم ونسبة الانجاز بهذا الشأن بالمقارنة بطبيعة المعطيات الظرفية السائدة في البيئتين الداخلية والخارجية المناهضة والمناوئة، لاعتبارات عديدة لا مجال لمناقشتها في موضوع مقالنا هذا.
- وهذا ما بدأ واضحا من خلال ابتداء بتصفية واستبعاد رموزه وقياداته الوطنية وفي مقدمتهم الرئيس ألحمدي والرائد عبدالله ألحمدي محورا الارتكاز الأساسي لها، ومرورا بالنيل من مسيرة هذه الوحدة العسكرية فكرا ومشروعا وأفرادا من خلال إجراءات تدرجية تعسفية نالت من قياداتها العليا والوسطى بالاستبعاد والمناقلة والاسترضاء والاحتواء...الخ، ومن ثم عناصرها بإضعافها وألويتها بتفكيكها.
- وصولا إلى تغيير هيكلها التنظيمي وطبيعة رسالتها ومهامها....الخ، وإعادة توزيعها وابتلاعها ضمن صفوف وحدات الجيش، جراء فقدانها لقياداتها ودينامو حركتها؛ بحكم أنها كانت مازالت في مرحلة التأسيس؛ من حيث أعداد منتسيبها وحجمها بالنسبة لوحدات الجيش الأخرى، بصورة سهلت المجال واسعا أمام القوى والعناصر المنتمية للتيار التقليدي وشركائه بأبعاده الإقليمية والدولية لابتلاعها والنيل منها وتحجيمها وإيقاف تقدمها.
- وانتهاء بما حققته من نجاحات واسعة في احتواء وتقويض ومن ثم حرف وتشويه وصولا إلى تجميد وإيقاف كافة الرؤى والتوجهات ومن ثم السياسات القائمة والجارية المتبعة من قبل إدارة الرئيس ألحمدي لتهيئة ومن ثم إصلاح واقع المؤسسة العسكرية والأمنية فكرا ومشروعا وأفرادا ضمن مشروع تأسيس وإرساء مداميك الدولة المدنية الحديثة المنشودة من خلال إعادة هيكلة الجيش والأمن على أسس وطنية ومهنية، في محاولة لإحداث تقارب نسبي في خطواتها الرئيسة السايرة فيها مع ما تم تحقيقه بهذا الشأن في الجانب الأخر (قوات العمالقة) وهكذا.
- أو المحاولات الوطنية اللاحقة بهذا الشأن التي تقف ورائها نفس عناصر التيار التحديثي التحرري في إدارة الرئيس الصالح خليفة الرئيس ألحمدي على قيادة حركة التغيير الوطني، والتي استطاعت إلى حد كبير بالرغم من كل المحاولات الحثيثة المناهضة والمناوئة من الحفاظ على هيكل هذه القوات (العمالقة) بجانبها الشكلي أكثر منه الجوهري.
- والتي إن كانت قد نجحت في الانتقاص من مسيرتها كما وكيفا، إلا أنها قد نجحت في إخفائها بعيدا عن متناول أيادي عناصر التيار التقليدي من خلال تهميش دورها في الحياة العسكرية، بصورة حافظت عليها كأحد أهم أذرع الجيش الضاربة التي تسنى لها استعادة دورها بمرور الوقت ليس هذا فحسب.
- لا بل والخوض في أتون تجربة جديدة على مستوى الجيش بالتعاون والتنسيق ومن ثم الشراكة مع قيادة التيار التحديثي الإقليمي- العراقي، عندما اندفعت بقوة في اتجاه إعادة إعداد وتأهيل لعشرات الألوف من عناصرها العسكرية في عموم الجيش، من خلال إشراكها بخوض غمار الحرب العراقية- الإيرانية إلى جانب العراق في سباق مرير مع نفس التجربة التي تدير دفتها عناصر التيار التقليدي وشركائه الإقليمين والدوليين في أفغانستان.
- والتي كان لها شأنها فيما بعد في تشكيل الجزء الأكبر والمهم من الرصيد الاستراتيجي للقوة العسكرية الجديدة الضاربة في الجيش، في ضوء ما حققته من نجاحات مهمة ومذهلة في إعادة الاستيعاب ومن ثم التأهيل والإعداد داخل المؤسسات التعليمية والتدريبية والتأهيلية العسكرية داخل اليمن وخارجها لهذه العناصر بجانب نظرائهم من العناصر العسكرية الوطنية المنتمية للدولة الجنوبية السابقة، وصولا إلى فتح الباب أمام المنتسبين الجدد ليس هذا فحسب.
- لا بل وكان لها دورها المحوري في إمكانية إحداث تلك القفزة النوعية غير المطروقة في تاريخ اليمن المعاصر بهذا الشأن التي حققتها عناصر حركة التغيير الوطني بمراعاة عامل الوقت والسرعة والكلفة في ولوج تجربة تأسيس وإرساء ومن ثم ترسيخ مداميك المؤسسة الدفاعية الجديدة على أسس وطنية ومهنية في مسيرتها الجديدة التي مثلتها قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة بقيادة العميد الركن أحمد الصالح ورفاقه من القيادات العسكرية الوطنية.
- على خلفية طبيعة ومستوى ومن ثم حجم التغلغل الذي حققته عناصر التيار التقليدي المحافظ (القبلي) والمتطرف (الديني) وشركائه من البعثيين (فرع سوريا) والناصريين والاشتراكيين والهاشميين (السادة) في واقع الجيش والأمن منذ العام 1967م على حساب عناصر التيار التحديثي التحرري.
- في ضوء ما حققته من نجاحات مهمة جدا في استعادة هيمنتها على ما يقارب من ثلاثة أرباع مقاليد السلطة في البلاد التي كادت تفقد الجزء الأكبر والمهم منها على أيادي عناصر حركة التغيير الوطني في الفترة (1975-1977م)، ومن خلال ثلاثة مراحل رئيسة- على أقل تقدير- ضمن سيناريو أممي تقف على رأسه كلا من واشنطن وموسكو وحلفائهما الإقليميين والمحليين كما أشرنا إلى الكثير من مؤشراته في عشرات المقالات السابقة.
- المرحلة الأولى اهتمت بتصفية واستبعاد الرموز الوطنية الأكثر تأثيرا وخطرا عليها في نظامي البلدين ممثلا بالرؤساء الشهداء (ألحمدي، الغشمي، سالمين، وفشلها مع على الصالح) وصولا إلى بعض أهم القيادات الوطنية المؤثرة، في حين عُنيت المرحلة الثانية باستكمال الحلقات الرئيسة في سيناريو تصفية النظام في كلا البلدين، ابتداء بتصفية واستبعاد كافة العناصر الوطنية المؤثرة في المشهد السياسي والشعبي.
- كالذي حصل في اليمن الشمالي على سبيل المثال لا الحصر بعد محاولة الانقلاب الأسود الذي نفذته عناصر التيار التقليدي وشركائهم من خلال نجاحها في توريط الجناح المعتدل للحركة الناصرية وقياداته التاريخية عام 1978م، في ضوء ما أفضى إليه من نتائج وخيمة نالت من الحركة الناصرية والعناصر الوطنية كأحد أهم محاور الارتكاز في المشهد الداخلي لصالح التيار التقليدي، بالتصفية والاستبعاد...الخ، طالت إلى حد كبير حاضر ومستقبل اليمن.
- أما المرحلة الثالثة فقد اهتمت باحتواء وتقويض ومن ثم تجميد وإيقاف مسيرة حركة التغيير الوطني فكرا ومشروعا وأفرادا في كلا البلدين، وصولا إلى مرتكزات النظام الوطني ضمن سيناريو ابتداء مع الضربة القاصمة الحاسمة التي استهدفت الجزء الأكبر والمهم من عناصر حركة التغيير الوطني سواء بشقها العسكري.
- عقب اندلاع إرهاصات الحرب الحدودية المفتعلة عام 1979م والتي راح ضحيتها عشرات الألوف من الطرفين وانتهاء بما تبعها من سياسات وإجراءات تعسفية مباشرة وغير مباشرة على مدار السنوات اللاحقة للنيل من هذه المسيرة فكرا ومشروعا وأفرادا.
- لدرجة أسهمت إلى حد كبير في تقليص مساحة الفرص المتاحة أمام عناصر حركة التغيير الوطني في مراحل سابقة للعقد الاول من القرن الواحد والعشرين من الاستفادة المنشودة من هذا الرصيد الاستراتيجي الذي سوف يمكنها من الإمساك بزمام المبادرة ومن ثم استعادة هيمنتها على مقاليد الأمور، باتجاه ولوج غمار تجربة إعادة هيكلة الجيش والأمن على أسس وطنية ومهنية- على أكثر تقدير- من أوسع أبوابها.
- أو تجربة تأسيس وحدات نوعية بأصنافها الثلاثة باعتبارها نواة وأعمدة المؤسسة الدفاعية الجديدة المنشودة على أقل تقدير، في محاولة منها لاستحضار الكثير من مضامين وأبعاد تجربة إدارة الرئيس ألحمدي بهذا الشأن مراعاة لعامل الوقت والسرعة والكلفة- على أقل تقدير.
- سيما في تلك الفترة الواقعة بين عامي (1990-1994م) على وجه الخصوص، باعتبارها كانت الأنسب شكلا ومضمونا بالمقارنة بغيرها بحسب المعطيات الظرفية السائدة التي وفرت فرصا لها شأنها في هذا الاتجاه؛ جراء سيطرة ممثلي حركة التغيير الوطني في دولة الشمال وممثلي الحركة اليسارية في دولة الجنوب بأجنحتها المعتدلة والمتطرفة على ما يقارب من الـ63% من مقاليد السلطة بالمقارنة بـ37% للقوى التقليدية وشركائها.
- في ضوء ما يوفره ذلك من قوة ضاربة في اتخاذ القرار الوطني في الدولة الموحدة، على الرغم من تلك الحقائق الدامغة في أرض الواقع التي لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها القائلة بحضور العامل الخارجي بشقه السعودي- الخليجي بامتداداته الإقليمية والدولية بقوة في المشهد الداخلي اليمني.
- وهو الأمر الذي بدأ واضحا جدا إلى حد كبير في نهاية عقد التسعينيات بالاستناد إلى طبيعة ومستوى ومن ثم حجم إرهاصات حيثيات هذه المرحلة بهذا الشأن؛ التي شكلت نقطة تحول حقيقية في طريق بناء وإرساء مداميك الدولة المدنية الحديثة بأبعادها المختلفة والبعد العسكري ومن ثم الأمني منها- بوجه خاص- والتي جاءت كمحصلة طبيعية لمعالجة الملف السياسي الإقليمي- السعودي منذ توقيع اتفاقية جدة 2000م كما أوردنا الكثير من مؤشراتها في العديد من مقالاتنا المنشورة سابقا.
- وانتهاء بما ألحقته هذه العناصر من أضرار جسيمة جدا مزمنة في مسيرة الجيش والأمن طالت الشكل والمضمون، تنفيذا لإرادة وسياسة الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالشأن اليمني التي كانت تدير أدق تفاصيل هذا الأمر من خلال (اللجنة الخاصة) المعنية في الجانب السعودي.
- من خلال ما لعبته من أدوار محورية في ضمان بقاء كافة الظروف والملابسات الرئيسة بشقها الذاتي والموضوعي المناهضة والمناوئة لمسيرة مشروع حركة التغيير الوطني في المجال العسكري والأمني، بصورة حالت إلى حد كبير دون وجود أية احتمالية لإمكانية التأسيس لأية خطوة حقيقية باتجاه نهوض الجيش والأمن على أسس وطنية ومهنية.
- وهذا ما بدأ واضحا إلى حد كبير في استمرار تباين وتعدد ومن ثم تقاطع معظم العقائد العسكرية لأجيال عديدة من الأسلحة والأعتدة والأفراد...الخ؛ متعددة ومختلفة المصادر والمرجعيات التي تراوحت ما بين غربية وشرقية، و شرقية- شرقية وغربية- غربية، وصولا إلى طبيعة مدى انعكاس ذلك على استمرار تنامي حالات الانقسام والتناقض الحادة بين صفوف الجيش وقياداته، بصورة حالت دون حدوث أية تقارب وتجاذب حقيقي بين عناصره.
- بما أفضى إلى التأسيس لذلك النوع من التحالفات والتجاذبات القائمة على الو لاءات بين التيار التحديثي والتقليدي التي تقف بالضد من إمكانية تحقيق أو مراعاة الحد الأعلى من أولويات المصلحة الوطنية العليا بهذا الشأن، جراء اضطرار عناصرها إلى خوض غمار صراعات ومنافسات جانبية مباشرة وغير مباشرة، برزت الكثير من معالمها الرئيسة واضحة في حروب صعده الستة (2004-2009م)، وبلغت حد الذروة مع إرهاصات حيثيات النصف الأول من العام 2011م.
وللحديث في هذا الأمر بقية,,,,,,,
والله ولي التوفيق وبه نستعين
د. الحروي بالنيابة عن روح قائد العمالقة إلى حضرة قائد الحرس سابقا
ولكم في التاريخ درسا وعبرة (1-1) !!
--------------------------------------------
د.طارق عبدالله ثابت الحروي .
[email protected]
- من نافلة القول أن الدافع الرئيس الذي يقف وراء الخوض في مثل هكذا موضوع وتحت هذا العنوان بالتحديد هو طبيعة ومستوى ومن ثم حجم ما اكتشفته من خفايا وأسرار مهمة جدا أحاطت بالفترة التاريخية الأهم في تاريخ اليمن المعاصر(1974- 1977م) التي تسنى لي من خلالها الإطلاع بعمق على أبرز المعالم الرئيسة الحاكمة لمسار حركة التغيير الوطني إلى هذا اليوم ليس هذا فحسب لا بل ومستقبل تطورها بكل ما تعنيه هذه العبارة من معاني ودلالات لها شأنها، زادتها عمقا وإثراء تناول الفترة الأكثر غموضا وتعقيدا وسوداوية على ماضي وحاضر ومستقبل حركة التغيير الوطني برمتها (1967-1974م).
- وصولا إلى الفترة الأكثر أهمية في تاريخ حركة التغيير الوطني قاطبة (1975-1982م)، وهي الثلاثة سنوات من حكم الرئيس الشهيد إبراهيم ألحمدي مؤسس مشروع حركة التغيير الوطني والخمس سنوات الأولى من حكم خليفته الرئيس علي الصالح قائد ورائد الحركة، التي شكلت حجر الأساس في الشق المعنوي ومن ثم المادي لكل ما تحقق من منجزات هائلة لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها بالمطلق في الثلاثة عقود ونيف الماضية ليس هذا فحسب.
- لا بل ونقطة الانطلاق الحقيقية التي يعود إليها معظم الفضل في تحديد المسارات الحاكمة لمشروع حركة التغيير الوطني منذ خط البداية إلى العام 2014م، في ضوء ما توصلت إليه من نتائج مهمة جدا حول بعض أهم الملامح الرئيسة المحددة لخط سير الأحداث الرئيسة.
- والتي أصبح من الأهمية لا بل والضرورة التي تفرضها أولويات المصلحة الوطنية العليا إعادة قراءتها في اتجاه إعادة بلورة بعض أهم معالمها الرئيسة في عدة اتجاهات رئيسة، ارتأيت أن تأخذ صيغة الدروس والعبر بما تحمله بين ثناياها من مضامين وأبعاد ودلالات لها شأنها في إدارة حيثيات هذه المرحلة وما بعدها، في محاولة منا المساهمة في استجلاء الكثير من الدلائل التاريخية والحقائق الدامغة في أرض الواقع التي حان وقتها إحقاقا للحق وإزهاقا للباطل؛ كي يتسنى لأبناء الأمة الإطلاع على حقيقة ما جرى ويجرى وسيجري.
- على الرغم من أني لا أخفيكم سرا أني كنت قد فكرت في هذا الأمر منذ فترة وجيزة ولكني تراجعت لاعتبارات عديدة إلا أني في النهاية حزمت أمري على استكمال هذا المشوار الذي كنت ابتدأته بالرغم من استمرار تنامي حالات الإجحاف بحقي من كل المعنيين صغيرا وكبيرا في الوسط الصحفي وعناصر حركة التغيير الوطني منهم- بوجه خاص- والذي لم أكن أتوقعه منهم؛ جراء موقفهم السلبي غير المبرر لدي لحد الآن، الذي حال دون وجود أية إمكانية لإيصال ما أكتبه إلى أكبر شريحة في المجتمع.
- بصورة أفضت إلى فتح المجال واسعا أمام عناصر التيار التقليدي المحافظ (القبلي) والمتطرف (الديني) وشركائه، لاحتواء كل ما نشرته والتقليل من أهميته بحيث أغلقت الصحف الرسمية والحزبية الورقية والالكترونية التابعة للمؤتمر وأحزاب التحالف الوطني أبوابها كلها في وجهي، في محاولة لإدخال حالة من الإحباط واليأس إلى نفسي، ولكني تجاوزت هذا الأمر برمته في فترة قصيرة جدا لاعتقادي أنه في يوم ما ستقف الأمة بمثقفيها وقياداتها على ما أكتبه وفي حينها سوف يصبح لكل مقام مقال وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم.
- وتأسيسا على ما تقدم ضمن هذا السياق ارتأيت أن يكون لهذه المسيرة الجبارة في سفر مشروع حركة التغيير الوطني من هذه الزاوية بالتحديد نصيبا مهما من اهتماماتي أثناء تناولي لحيثيات هذا الملف؛ على خلفية ما تحمله بين ثناياها من مضامين وأبعاد لها شأنها لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها في إدارة معظم حيثيات هذه المرحلة وما بعدها، في ضوء استمرار تنامي وتائر وحلقات سيناريوهات الاستهداف الخبيث (القديم/ الجديد) لمكون الحرس الجمهوري والقوات الخاصة منذ العام 2004م.
- الذي تقف ورائه نفس العناصر والقوى المنتمية للتيار التقليدي المحافظ والمتطرف بامتداداته الإقليمية وشركائه من الناصريين والبعثيين والاشتراكيين والهاشميين...الخ؛ الممثلة في الوقت الحالي بمكونات التيار الانفصالي الستة المشار إليها في كتاباتي مسبقا وتكتل اللقاء المشترك منها- بوجه خاص- وهنا تكمن المعالم الرئيسة في فحوى العبرة الأولى بهذا الشأن.
- ففي المحصلة النهائية نجدها امتداد لنفس السيناريوهات التي تقف ورائها نفس هذه العناصر والقوى التي استهدفت مرتكزات مشروع حركة التغيير الوطني من خلال استهداف المكون العسكري والأمني اليمني فيها- على وجه الخصوص- الذي تقوده العناصر والقوى المنتمية للتيار التحديثي التحرري.
- باعتباره كان ومازال عمود الارتكاز الأساسي في مشروع بناء ومن ثم إرساء وترسيخ مداميك الدولة اليمنية الجديدة؛ ابتداء بالانتكاسة الحادة التي تعمدتها شكلا ومضمونا كي تطال اللبنات الأساسية الأولى لمشروع بناء مؤسسة دفاعية وأمنية وطنية ومهنية في الشكل والمضمون في الفترة (1967- 1974م).
- الذي كان يسير في عدة اتجاهات ضمن إطار سيناريو خبيث بعيد المدى نال إلى حد كبير من كل ما تم انجازه أو تم الاستعداد للقيام به في الفترة (1962- 1967م)، بالاستناد إلى دلائل تاريخية لها شانها تؤكد على تنامي طبيعة ومستوى ومن ثم حجم نفوذ عناصر التيار التحديثي التحرري في الجيش والأمن منذ مطلع عقد الخمسينيات، وصلت إلى حد الذروة مع بزوغ نجم النظام الجمهوري من خلال هيمنتها شبه المطلقة على معظم مقاليد الجيش والأمن.
- ومرورا بما حققته من احتواء وإبطاء ومن ثم تقويض وحرف سواء للمشاريع الوطنية التي تقف ورائها عناصر التيار التحديثي التحرري التي وضعت أول بذورها في الفترة (1975-1977م) على يد الرئيس الشهيد إبراهيم ألحمدي ورفاقه؛ من خلال نواة مشروع جديد يرمي إلى تأسيس مداميك المؤسسة الدفاعية الجديدة المنشودة بأصنافها الثلاثة (برية، جوية، بحرية)، خارج نطاق حدود صلاحيات أجهزة الجيش القائمة؛ يأخذ بمعظم معايير وأسس بناء الجيوش الحديثة بشقها الوطني والمهني.
- مثلته قوات العمالقة التي تولى أمرها الرائد الشهيد عبدالله ألحمدي ورفاقه من القيادات العسكرية الوطنية التي تولت خوض غمار مرحلة التأسيس التي طالت في الجزء الأكبر والمهم منها تأسيس وإرساء اللبنات الأولى لصنف القوات البرية، بغض النظر عن طبيعة ومستوى ومن ثم حجم ونسبة الانجاز بهذا الشأن بالمقارنة بطبيعة المعطيات الظرفية السائدة في البيئتين الداخلية والخارجية المناهضة والمناوئة، لاعتبارات عديدة لا مجال لمناقشتها في موضوع مقالنا هذا.
- وهذا ما بدأ واضحا من خلال ابتداء بتصفية واستبعاد رموزه وقياداته الوطنية وفي مقدمتهم الرئيس ألحمدي والرائد عبدالله ألحمدي محورا الارتكاز الأساسي لها، ومرورا بالنيل من مسيرة هذه الوحدة العسكرية فكرا ومشروعا وأفرادا من خلال إجراءات تدرجية تعسفية نالت من قياداتها العليا والوسطى بالاستبعاد والمناقلة والاسترضاء والاحتواء...الخ، ومن ثم عناصرها بإضعافها وألويتها بتفكيكها.
- وصولا إلى تغيير هيكلها التنظيمي وطبيعة رسالتها ومهامها....الخ، وإعادة توزيعها وابتلاعها ضمن صفوف وحدات الجيش، جراء فقدانها لقياداتها ودينامو حركتها؛ بحكم أنها كانت مازالت في مرحلة التأسيس؛ من حيث أعداد منتسيبها وحجمها بالنسبة لوحدات الجيش الأخرى، بصورة سهلت المجال واسعا أمام القوى والعناصر المنتمية للتيار التقليدي وشركائه بأبعاده الإقليمية والدولية لابتلاعها والنيل منها وتحجيمها وإيقاف تقدمها.
- وانتهاء بما حققته من نجاحات واسعة في احتواء وتقويض ومن ثم حرف وتشويه وصولا إلى تجميد وإيقاف كافة الرؤى والتوجهات ومن ثم السياسات القائمة والجارية المتبعة من قبل إدارة الرئيس ألحمدي لتهيئة ومن ثم إصلاح واقع المؤسسة العسكرية والأمنية فكرا ومشروعا وأفرادا ضمن مشروع تأسيس وإرساء مداميك الدولة المدنية الحديثة المنشودة من خلال إعادة هيكلة الجيش والأمن على أسس وطنية ومهنية، في محاولة لإحداث تقارب نسبي في خطواتها الرئيسة السايرة فيها مع ما تم تحقيقه بهذا الشأن في الجانب الأخر (قوات العمالقة) وهكذا.
- أو المحاولات الوطنية اللاحقة بهذا الشأن التي تقف ورائها نفس عناصر التيار التحديثي التحرري في إدارة الرئيس الصالح خليفة الرئيس ألحمدي على قيادة حركة التغيير الوطني، والتي استطاعت إلى حد كبير بالرغم من كل المحاولات الحثيثة المناهضة والمناوئة من الحفاظ على هيكل هذه القوات (العمالقة) بجانبها الشكلي أكثر منه الجوهري.
- والتي إن كانت قد نجحت في الانتقاص من مسيرتها كما وكيفا، إلا أنها قد نجحت في إخفائها بعيدا عن متناول أيادي عناصر التيار التقليدي من خلال تهميش دورها في الحياة العسكرية، بصورة حافظت عليها كأحد أهم أذرع الجيش الضاربة التي تسنى لها استعادة دورها بمرور الوقت ليس هذا فحسب.
- لا بل والخوض في أتون تجربة جديدة على مستوى الجيش بالتعاون والتنسيق ومن ثم الشراكة مع قيادة التيار التحديثي الإقليمي- العراقي، عندما اندفعت بقوة في اتجاه إعادة إعداد وتأهيل لعشرات الألوف من عناصرها العسكرية في عموم الجيش، من خلال إشراكها بخوض غمار الحرب العراقية- الإيرانية إلى جانب العراق في سباق مرير مع نفس التجربة التي تدير دفتها عناصر التيار التقليدي وشركائه الإقليمين والدوليين في أفغانستان.
- والتي كان لها شأنها فيما بعد في تشكيل الجزء الأكبر والمهم من الرصيد الاستراتيجي للقوة العسكرية الجديدة الضاربة في الجيش، في ضوء ما حققته من نجاحات مهمة ومذهلة في إعادة الاستيعاب ومن ثم التأهيل والإعداد داخل المؤسسات التعليمية والتدريبية والتأهيلية العسكرية داخل اليمن وخارجها لهذه العناصر بجانب نظرائهم من العناصر العسكرية الوطنية المنتمية للدولة الجنوبية السابقة، وصولا إلى فتح الباب أمام المنتسبين الجدد ليس هذا فحسب.
- لا بل وكان لها دورها المحوري في إمكانية إحداث تلك القفزة النوعية غير المطروقة في تاريخ اليمن المعاصر بهذا الشأن التي حققتها عناصر حركة التغيير الوطني بمراعاة عامل الوقت والسرعة والكلفة في ولوج تجربة تأسيس وإرساء ومن ثم ترسيخ مداميك المؤسسة الدفاعية الجديدة على أسس وطنية ومهنية في مسيرتها الجديدة التي مثلتها قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة بقيادة العميد الركن أحمد الصالح ورفاقه من القيادات العسكرية الوطنية.
- على خلفية طبيعة ومستوى ومن ثم حجم التغلغل الذي حققته عناصر التيار التقليدي المحافظ (القبلي) والمتطرف (الديني) وشركائه من البعثيين (فرع سوريا) والناصريين والاشتراكيين والهاشميين (السادة) في واقع الجيش والأمن منذ العام 1967م على حساب عناصر التيار التحديثي التحرري.
- في ضوء ما حققته من نجاحات مهمة جدا في استعادة هيمنتها على ما يقارب من ثلاثة أرباع مقاليد السلطة في البلاد التي كادت تفقد الجزء الأكبر والمهم منها على أيادي عناصر حركة التغيير الوطني في الفترة (1975-1977م)، ومن خلال ثلاثة مراحل رئيسة- على أقل تقدير- ضمن سيناريو أممي تقف على رأسه كلا من واشنطن وموسكو وحلفائهما الإقليميين والمحليين كما أشرنا إلى الكثير من مؤشراته في عشرات المقالات السابقة.
- المرحلة الأولى اهتمت بتصفية واستبعاد الرموز الوطنية الأكثر تأثيرا وخطرا عليها في نظامي البلدين ممثلا بالرؤساء الشهداء (ألحمدي، الغشمي، سالمين، وفشلها مع على الصالح) وصولا إلى بعض أهم القيادات الوطنية المؤثرة، في حين عُنيت المرحلة الثانية باستكمال الحلقات الرئيسة في سيناريو تصفية النظام في كلا البلدين، ابتداء بتصفية واستبعاد كافة العناصر الوطنية المؤثرة في المشهد السياسي والشعبي.
- كالذي حصل في اليمن الشمالي على سبيل المثال لا الحصر بعد محاولة الانقلاب الأسود الذي نفذته عناصر التيار التقليدي وشركائهم من خلال نجاحها في توريط الجناح المعتدل للحركة الناصرية وقياداته التاريخية عام 1978م، في ضوء ما أفضى إليه من نتائج وخيمة نالت من الحركة الناصرية والعناصر الوطنية كأحد أهم محاور الارتكاز في المشهد الداخلي لصالح التيار التقليدي، بالتصفية والاستبعاد...الخ، طالت إلى حد كبير حاضر ومستقبل اليمن.
- أما المرحلة الثالثة فقد اهتمت باحتواء وتقويض ومن ثم تجميد وإيقاف مسيرة حركة التغيير الوطني فكرا ومشروعا وأفرادا في كلا البلدين، وصولا إلى مرتكزات النظام الوطني ضمن سيناريو ابتداء مع الضربة القاصمة الحاسمة التي استهدفت الجزء الأكبر والمهم من عناصر حركة التغيير الوطني سواء بشقها العسكري.
- عقب اندلاع إرهاصات الحرب الحدودية المفتعلة عام 1979م والتي راح ضحيتها عشرات الألوف من الطرفين وانتهاء بما تبعها من سياسات وإجراءات تعسفية مباشرة وغير مباشرة على مدار السنوات اللاحقة للنيل من هذه المسيرة فكرا ومشروعا وأفرادا.
- لدرجة أسهمت إلى حد كبير في تقليص مساحة الفرص المتاحة أمام عناصر حركة التغيير الوطني في مراحل سابقة للعقد الاول من القرن الواحد والعشرين من الاستفادة المنشودة من هذا الرصيد الاستراتيجي الذي سوف يمكنها من الإمساك بزمام المبادرة ومن ثم استعادة هيمنتها على مقاليد الأمور، باتجاه ولوج غمار تجربة إعادة هيكلة الجيش والأمن على أسس وطنية ومهنية- على أكثر تقدير- من أوسع أبوابها.
- أو تجربة تأسيس وحدات نوعية بأصنافها الثلاثة باعتبارها نواة وأعمدة المؤسسة الدفاعية الجديدة المنشودة على أقل تقدير، في محاولة منها لاستحضار الكثير من مضامين وأبعاد تجربة إدارة الرئيس ألحمدي بهذا الشأن مراعاة لعامل الوقت والسرعة والكلفة- على أقل تقدير.
- سيما في تلك الفترة الواقعة بين عامي (1990-1994م) على وجه الخصوص، باعتبارها كانت الأنسب شكلا ومضمونا بالمقارنة بغيرها بحسب المعطيات الظرفية السائدة التي وفرت فرصا لها شأنها في هذا الاتجاه؛ جراء سيطرة ممثلي حركة التغيير الوطني في دولة الشمال وممثلي الحركة اليسارية في دولة الجنوب بأجنحتها المعتدلة والمتطرفة على ما يقارب من الـ63% من مقاليد السلطة بالمقارنة بـ37% للقوى التقليدية وشركائها.
- في ضوء ما يوفره ذلك من قوة ضاربة في اتخاذ القرار الوطني في الدولة الموحدة، على الرغم من تلك الحقائق الدامغة في أرض الواقع التي لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها القائلة بحضور العامل الخارجي بشقه السعودي- الخليجي بامتداداته الإقليمية والدولية بقوة في المشهد الداخلي اليمني.
- وهو الأمر الذي بدأ واضحا جدا إلى حد كبير في نهاية عقد التسعينيات بالاستناد إلى طبيعة ومستوى ومن ثم حجم إرهاصات حيثيات هذه المرحلة بهذا الشأن؛ التي شكلت نقطة تحول حقيقية في طريق بناء وإرساء مداميك الدولة المدنية الحديثة بأبعادها المختلفة والبعد العسكري ومن ثم الأمني منها- بوجه خاص- والتي جاءت كمحصلة طبيعية لمعالجة الملف السياسي الإقليمي- السعودي منذ توقيع اتفاقية جدة 2000م كما أوردنا الكثير من مؤشراتها في العديد من مقالاتنا المنشورة سابقا.
- وانتهاء بما ألحقته هذه العناصر من أضرار جسيمة جدا مزمنة في مسيرة الجيش والأمن طالت الشكل والمضمون، تنفيذا لإرادة وسياسة الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالشأن اليمني التي كانت تدير أدق تفاصيل هذا الأمر من خلال (اللجنة الخاصة) المعنية في الجانب السعودي.
- من خلال ما لعبته من أدوار محورية في ضمان بقاء كافة الظروف والملابسات الرئيسة بشقها الذاتي والموضوعي المناهضة والمناوئة لمسيرة مشروع حركة التغيير الوطني في المجال العسكري والأمني، بصورة حالت إلى حد كبير دون وجود أية احتمالية لإمكانية التأسيس لأية خطوة حقيقية باتجاه نهوض الجيش والأمن على أسس وطنية ومهنية.
- وهذا ما بدأ واضحا إلى حد كبير في استمرار تباين وتعدد ومن ثم تقاطع معظم العقائد العسكرية لأجيال عديدة من الأسلحة والأعتدة والأفراد...الخ؛ متعددة ومختلفة المصادر والمرجعيات التي تراوحت ما بين غربية وشرقية، و شرقية- شرقية وغربية- غربية، وصولا إلى طبيعة مدى انعكاس ذلك على استمرار تنامي حالات الانقسام والتناقض الحادة بين صفوف الجيش وقياداته، بصورة حالت دون حدوث أية تقارب وتجاذب حقيقي بين عناصره.
- بما أفضى إلى التأسيس لذلك النوع من التحالفات والتجاذبات القائمة على الو لاءات بين التيار التحديثي والتقليدي التي تقف بالضد من إمكانية تحقيق أو مراعاة الحد الأعلى من أولويات المصلحة الوطنية العليا بهذا الشأن، جراء اضطرار عناصرها إلى خوض غمار صراعات ومنافسات جانبية مباشرة وغير مباشرة، برزت الكثير من معالمها الرئيسة واضحة في حروب صعده الستة (2004-2009م)، وبلغت حد الذروة مع إرهاصات حيثيات النصف الأول من العام 2011م.
وللحديث في هذا الأمر بقية,,,,,,,
والله ولي التوفيق وبه نستعين