منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية

المشرف: رجاء الرشيد

#59215
صورة


- مفهوم السياسة في السنة المطهرة:


صورة


وتتحدث النصوص الواردة عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والأئمة الهداة والصحابة رضي الله عنهم

عن مفهوم السياسة والحكم والمسؤولية السياسية والعمل السياسي في الإسلام.

كما توضح السيرة العملية للرسول الكريم محّمد(صلى الله عليه وسلم) مفهوم السياسة والحكم أفضل ايضاح، فقد أقام الرسول

دولته المقدّسة في المدينة المنوّرة، وطبق المفاهيم الإسلامية،لتكون نهجاً ودستوراً للحياة. ونختار من الأحاديث الشريفة،
لنوضّح مفهوم السياسة في الإسلام وشموله ما يأتي:

روي عن رسول الله قوله: " فالأمير الذي هو على الناس راع ومسؤول عن رعيّته". وقوله :"كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته...".

وروي عنه قوله:"ومَن لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم".

وروي عنه:" َمن ولي من أمر المسلمين شيئاً فولّى رجلاً، وهو يجد مَن هو أصلح منه للمسلمين، فقد خان الله وروسوله والمؤمنين".

صورة

" ما من والٍ يلي رعية من المسلمين، فيموت وهو غاش لهم، إلّا حرّم الله عليه الجنّة".
" ما من عبد استرعاه الله رعيّة، فلم يحطها بنصح، إلا لم يجد رائحة الجنة".

روي البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قول النبي

:"إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قيل يا رسول الله وما اضاعتها، قال إذا وسد الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة".

وروى عن رسول الله قوله :"إنّ من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر".

وروى الإمام علي (ع) انّ رسول الله قال :"من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام الله، ناكثاً عهده،
مخالفاً لسنة رسول الله(ص) يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان، فلم يغّير عليه بفعل ولا قول، كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله".

وروي عن الإمام الحسين علي بن أبي طالب(ع) قوله عندما أعلن الثورة على حكومة يزيد بن معاوية ورفض البيعة:
"وإني لم أخرج اشراً، ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وانّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي رسول الله، أريد أن آمر بالمعروف وانهى عن المنكر..".

صورة

روي عن رسول الله (ص) قوله:"سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى سلطان جائر فأمره فنهاه فقتله".

وروي عن الامام الصادق(ص) قوله:"إنّ رسول الله (ص) كان مسدّداً موفّقاً مُؤيَّداً بروح القدس، لا يزال ولا يخطئ فيما كان يسوس به الخلق".

وكتب الإمام علي (ع) إلى مالك الأشتر، واليه على مصر كتاباً بيّن فيه منهج العمل السياسي،
وإدراة شؤون الدولة، وثبت اسس الحقوق، وسلوك الحاكم، وعلاقته بالأمة، ومسؤولياته. نقتطف منه
:"واشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبّة لهم، واللطف بهم، ولا تكون عليهم سبعاً ضارياً، فانهم صنفان: إمّا أخ لك في الدين، أو نضير لك في الخلق...".

ثم قال :"فإنّك فوقهم، ووالي الأمر عليك فوقك، وإنّ الله من فوق مَن ولاك وقد استكفاك أمرهم، وابتلاك بهم...".

"وتفقَّد أمر الخراج بما يصلح أهله، فإنّ في صلاحه، وصلاحهم، صلاحاً لمن سواهم، ولا صلاح لمن سواهم إلا بهم،
لأنّ الناس كلّهم عيال على الخراج وأهله، وليكن نظرك في عمارة الأرض، ابلغ من نظرك في جلب الخراج،
لأنّ ذلك لا يدرك إلاّ بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة، اخرب البلاد، وأهلك العباد، ولم يستقم أمره إلا قليلاً...".

"ثم استوصي بالتجّار، وذوي الصناعات، واوصي بهم خيراً..."

صورة

"واعلم مع ذلك انّ في كثير منهم ضيقاً فاحشاً، وشحاً قبيحاً، واحتكاراً للمنافع، وتحكماً في البياعات، وذلك باب مَضَرّةٍ للعامة،
وعيب على الولاة، فامنع من الاحتكار، فانّ رسول الله(ص) منع منه، وليكن البيع بيعاً سمحاً، بموازين عدل،
واسعار لا تجحف بالفريقين من البائع والمبتاع، فمن قارف حكرة بعد نهيك إيّاه، فنكِّل به، وعاقبة في غير إسراف".

" ثم الله الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم، من المساكين والمحتاجين، وأهل البؤس والزمنى،
فانّ في هذه الطبقة قانعاً ومُعترّاً، واحفظ الله ما استحفظلك فيهم، واجعل لهم قسماً من بيت مالك.
وقسماً من غلات صوافي الإسلام في كل بلد، فان للأقصى منهم، مثل الذي للأدنى... فإنّ هؤلاء بين الرعيّة أحوج إلى الإنصاف من غيرهم..."

إنّ استقراء النصوص الإسلامية التي أوردناها آنفاً توضح لنا معنى السياسة في الإسلام، ذلك لأنّها تشمل إدارة جهاز الدولة،
وقيام الحاكم بواجبه المحدد له تجاه المحكوم، وفسح المجال أمام المحكوم لأن يمارس حقّه،
وموقف المحكوم من الحاكم الملتزم والمتجاوز، وعلاقة لدولة بغيرها من الدول.

صورة

فالسياسة في الإسلام تعني إدارة شؤون الحكم، وتربية الإنسان على القيم والمبادئ الإسلامية،
وتعني المعارضة ومقاومة الحاكم الظالم، وتقديم الخدمات، واعمار البلاد وتطويرها، كما تعني توجيه شؤون الإقتصاد وترشيدها،
وحفظ أموال الأمّة وانمائها، كما تعني الإنتصار للمظلوم، والوقوف بوجه الظالم وكل علاقة يدخل فيها الحاكم والمحكوم ممّا يرتبط برعاية شؤون الأمّة وتدبيرها.

وتعني القيام بمهمّة القضاء، والدفاع، وحماية الأمن، وتمثيل الحاكم للأمة، والنيابة عنها، وحفظ حقوقها الأدبية والإنسانية...إلخ.

وهكذا يتّضح لنا: (إنّ كلمة سياسة في الفهم الإسلامي تُشِّكل وعاء لفظياً، يحوي كل هذه المعاني، وأمثالها..).

وبذا يتضخ انّ الفهم الإسلامي للسياسة يختلف عن الفهم الميكافيلي، والماركسي، والرأسمالي وأمثال تلك المفاهيم المذهبية للسياسة.

وقد عُرّفت السياسة في الفكر السياسي الإسلامي بأنّها:"رعاية شؤون الأمّة".

كما يمكننا أن نعرّف السياسة من وجهة نظر الإسلام أيضاً بأنّها:" كل عمل اجتماعي يستهدف توجيه الحياة الإنسانية،
توجيهاً تكاملياً، ضمن علاقات الحاكم والمحكوم التي حدّدها المنهج الإسلامي".

لذلك نستعمل مصطلحات: السياسة المالية، السياسة الخارجية، السياسة التربوية، السياسة الإعلامية..إلخ.

صورة

ولا يكون النشاط سياسياً بمفهومه الاصطلاحي، الّا إذا كانت السلطة تشكّل أحد محاوره،
كفّن إدارة شؤون العلاقات الخارجية بين الأمّة الإسلامية والأمم الأخرى، وكتوجيه التربية والتعليم، والأوضاع الاقتصادية في البلاد من قبل السلطة ..الخ.

المصدر: الثقافة السياسية في الإسلام والقرآن

صورة