الاعلام الجديد
مرسل: الاثنين مارس 04, 2013 8:51 pm
كان الإعلام الورقي ينشر الكلمة المقروءة والصورة الثابتة فقط . وأتى الإعلام الإكتروني ( الراديو والتلفزيون والفضائيات والإنترنيت ) فنشر الكلمة المسموعة ( للذي لايعرف القراءة) والمقروءة والصور الثابتة والمتحركة ( السينما والفديو) . وأصبح عدد المتلقين و مقدار الانتشار أكبر بكثير من الإعلام الورقي
, وصارت الكلفة أقل بكثير فهي شبه مجانية , وحقق سهولة الوصول للمتلقي .
أما مقدار التركيز والفهم والاستيعاب فهي أفضل في حال التعامل مع النشر الورقي لأسباب سوف نذكرها .
وفي سرعة الوصول الباحث للمعلومات يتفوق الإعلام الإلكتروني بشكل كبير جداً , وفيه التواصل في إتجاهين أما في الإعلام الورقي فهو باتجاه واحد , وهو يستغرق وقت طويل عندما يكون في إتجاهين ( الرسائل الورقية ) .
في وسائل الإعلام الورقية نتعامل معها أننا كجهة" مستقبلة فقط " ينحصر دورنا في أن نأخذ ما ينشر فقط ، لذلك من يملكون وسائل الإعلام هم الذين يقررون ما نقرأ أو نشاهد . أما في الإعلام الإلكتروني فأنت الذي تقرر ماذا ومتى تريد أن تحصل عليه من معلومات . وأكثر من ذلك فبإمكانك من خلال التفاعل والحوار أن تنتقل من دور المستقبل إلى دور المرسل أو الناشر , وهذه نقلة تحصل لأول مرة ، ولهذا أهمية كبيرة بلا شك في الحوار .
فالإعلام الإلكتروني أزاح كلّ الأستار والحجب ، ولا نقول قلّص الممنوعات والمحرّمات، بل جعلتها من متناول اليد، ولم يعد الحفاظ على الأسرار شيئاً سهلاً ، وتقلّص مفهوم الرقابة إلى أقصى حدّ .
فالإعلام الورقي في طريقه إلى الاضمحلال أو بقائه في مجالات قليلة محدودة , وأي كاتب وفي أي مجال إذا لم يعتمد النشر الإلكتروني سوف يجد صعوبة في نشر ما لديه .
فالإعلام الإلكتروني وبالذات الفضائيات والإنترنيت أحدث ثورة غير مسبوقة في مجال التواصل والتفاعل البشري ( الثقافة , العقائد ,الأفكار , المعارف ,التجارة , الصناعة , السياسة . . ) و نتائج هذه الثورة كانت سريعة ونلاحظها في أكثر من مجال , وهذا يعرفه أغلبنا . ولم تنل وسيلة من وسائل نقل ونشر المعلومات في تاريخ البشرية ما نالته الفضائيات والإنترنت من سرعة في الانتشار بين الناس ، وعمق في التأثير في حياتهم على مختلف أجناسهم وتوجهاتهم ومستوياتهم ، وما يميز الفضائيات والإنترنت هو تنوع طبيعة المعلومات التي توفرها ، وضخامة حجم هذه المعلومات التي يمكن الوصول إليها دون عقبات مكانية أو زمانية .
لقد أصبح الكثير من الناس اليوم ينظرون إلى الفضائيات والإنترنت على أنها المصدر الأول والمفضل للمعلومات والأخبار ، فغالبية الصحف الورقية إن لم تكن كلها أصبحت صحف إلاكترونية أيضاً , ويرى البعض أن وسائل الإعلام التقليدية " النشر الورقي " كالصحف والمجلات لن تلبث أن تنقرض على يد الفضائيات والإنترنت ، كما انقرض النسخ اليدوي للكتب على يد روتنبرج .
يتخطى الإعلام الإلكتروني كل الحواجز الجغرافية والثقافية والعقائدية التي حالت منذ فجر التاريخ دون انتشار الأفكار وامتزاج الناس ، وتبادل المعارف . فاليوم تمر مقادير هائلة من المعلومات عبر هذه الحدود على شكل إشارات إليكترونية لا يقف في وجهها شيء , وفي ذلك الكثير من نواح إيجابية وبعض النواحي السلبية .
وقد أضاف النشر الإلكتروني الكثير للسلطة الرابعة، وجعلت عملها سهلاً وسريعاً ، وإذا تحرينا الدقة فأن معظم الصحف غير قادرة على إصدار مطبوعاتها من دون الاستعانة بالشبكة الإلكترونية , وهذا السبب لوحده يعد خدمة كبيرة جداً والذي يعني بأن إيجابياتها لا يمكن الاستغناء عنها ، ولكن الاستخدام السيئ والاعتماد الرئيس عليها قد يضر بالعمل الصحفي . إن النشر الإلكتروني والإنترنيت جعل عملية إصدار الصحف الورقية أو الإلكترونية سهلة وسريعة ، وذلك بما توفره من معلومات تحتاجها الصحافة ، إذ تستطيع إدارة التحرير في أية صحيفة إعداد العشرات من الصفحات اعتماداً على ما توفره الإنترنيت والإعلام الإلكتروني ، إلى جانب السهولة التي يمكن أن تتعامل بها الأقسام الفنية . هذا فضلاً عن أنها جعلت عمل الصحفيين ومندوبين الأخبار سهلاً ، كونهم استطاعوا من خلاله إرسال أخبارهم إلى صحفهم عن طريق خدمة البريد الالكتروني، بل والاستفادة من معلوماته في تحرير بعض الأخبار والمنوعات.. ومن هنا نجد بأن الجرائد والمجلات اغلبها قد الزم العاملين فيها على تعلم استعمال الانترنيت والاستفادة منه ، وهي خطوة جيدة نحو الأفضل ، كون العالم وكما يقال أصبح قرية صغيرة بفضلها.
أما التعامل مع النشر الورقي أو النشر الإكتروني وعلاقته بالثقافة الجادة فمتناقض ، فمن جانب تكون هذه الحوارات حافزا على البحث و الدراسة ، و من جانب آخر تستقطع وقت القراءة و قد تلغيها ، ويمكن أن تؤثر سلبيا على الثقافة الجادة . فالجامعات مازالت تعتمد النشر الورقي بشكل أساسي لتحقيق البحث والفهم والتركيز المناسب . والقراءة من شاشة الكومبيوتر لم يتقبلها القارئ العادي الذي تعود على القراءة من المجلات والكتب , ويجد صعوبة في لتقبلها , بينما يجدها القراء الجدد مناسبة . وهذه القراءة غالباً ما تكون سريعة ومختزلة وغير مركزة , فكثرت المواضيع ووجود الكم الكبير من المعارف التي يمكن الوصول إليها , أدى لأوضاع سلبية في تناقل ونشر المعلومات , فقدرات الإنسان على استيعاب المعارف الموجودة على الانترنيت وتمثلها وضمها إلى منظومته الفكرية لم تتوافق معها .
إن هذه المجالات والقدرات الكبيرة والواسعة التي أوجدها النشر الإلكتروني , لم يستطع الفكر البشري أن يجاريها بقدراته التي يملكها , فالخيارات الكثيرة المتاحة أوسع وأكبر من أن يستطيع العقل التعامل معها , بالإضافة إلى أن المعارف المتاحة متداخلة ومختلطة مع بعضها إن كان من حيث نوعيتها أو دقتها . والانتقال السريع بين هذه المعلومات يمكن أن يؤدي في كثير من الأحيان إلى نتائج سلبية . ومن الصحي أن يكف المرء عن البحث عن المصادر بعد فترة ليستطيع هضم ما وجده بالفعل .
والمشكلة عندما يستمد الإنسان ثقافته من الإنترنت " فقط " , خصوصا إذا كان القارئ لا يعرف أن يتحقق من صحة المعلومات أمامه ، لأنه يسهل تزيف الحقائق و تزويرها عبر الإنترنت . فالمشكلة في المستخدم غير الخبير سواء فيما يقرأه أوالموضوع الذي يبحث عنه , و كيف يفرق بين المصادر ذات الثقة من غيرها . فمستخدم غير خبير قد يصدق بسهولة أي خبر فارغ أو نظرية غير دقيقة لمجرد وجودها على أي موقع على الويب . ولكن تبقى المزايا أكثر من العيوب - كون الأفكار مطروحة بحرية و ما على القارئ سوى التحقق , و مع الخبرة والوقت سيكتسب القارئ الجاد هذه القدرة . وقضية المصداقية يمكن حلها , وهي موجودة أيضا في باقي وسائل الإعلام .
والقراءة من الإنترنيت سوف تزداد وتتسع لتصبح هي الأوسع , وكذلك الكتابة على الإنترنيت هي التي ستصبح الأساس , وجميع الكتاب سيوجدون على الإنترنيت بإرادتهم أو بإرادة غيرهم .
إن الخدمات التي تقدمها الإنترنيت تبلغ سعتها سعة الحياة فمن التطبيقات التعليمية والتربوية التي تخدم أطفالنا في تعلمهم واستكشافهم للعالم ، إلى الخدمات التي تسهل الاتصال كالبريد الإلكتروني وغرف الحوار ، إلى المواقع الإخبارية والمعلوماتية والأكاديمية والمرجعية التي تخدم الباحثين والمطلعين في شتى المجالات . سهولة الاستخدام لا تحتاج أن تكون خبيراً معلوماتياً أو مهندساً أو مبرمجاً حتى تستخدم الإنترنت .
بالإضافة إلى :
1 – منحتنا حرية واسعة جداً في التعبير الفكري والعقائدي والأدبي والفني والتعبير عن المشاعر والعواطف . . ، نحن كنا محرومون منها .
2 - أتاحت لنا مجال تواصل ثقافي و فكري وعقائدي . . . مع الآخرين , وسريع جداً لم نكن نحلم به .
3 - حققت لنا سرعة كبيرة في مجال اختبار أفكارنا ومعارفنا . . , عندما مكنتنا من معرفة رأي الآخرين فيها .
4 - فتحت لنا مجالات واسعة تمكننا من إظهار قدراتنا , وبالتالي هيأت لنا ظروف تساعدنا على الإبداع في مجالات كثيرة .
5 - ساعدنا على تطوير الكثير من المهارات , إن كانت في مجال استخدام الكومبيوتر أو في مجال الكتابة واللغة والتأليف الفكري والأدبي والفني . . .الخ
6 - منحتنا مجال واسع للتسلية واللعب والترفيه والمزاح . . . , وكل ما هو موجود في النوادي الواقعية .
7 - أتاحت لنا مجال واسع للإطلاع المعرفي والثقافي في مجالات كثيرة , وبسهولة كبيرة .
8 – مكنتنا من سهولة وسرعة النشر على الإنترنيت , وهي أفضل بكثير من النشر الورقي عن طريق المراسلة العادية .
9 – سهلت لنا البحث عن المراجع والمعلومات والأخبار سهل وسريع , بوجود محراكات البحث المتطورة .
10 – سهلت لنا كتابة المقالات و الموضوعات , لسهولة الوصول للمراجع , ووجود برنامج الورد .
11 - هي عالم يطور المرء في ذاته , وهي مجال تختبر فيه الأفكار والقدرة الكتابية والإبداعية ، وهي ملتقى مع أفراد يجمعك بهم قواسم مشتركة , والتعاطي مع الآخر وإمكانية الحوار معه .
12 – منحتنا سرعة التفاعل مع الآخرين , وبالتالي تسريع تطور الأفكار , واتساع مكان ومجال الحوارات و النقاشات بوجود النوادي والندوات عبر الإنترنيت . لاشك أن للمنتديات الحوارية الكثير من المزايا والفوائد كما أن لها سلبياتها ، ككل شيء في الحياة عموما . ففيها الحرية الواسعة في عرض ونشر الأفكار , وضعف الرقابة .
إن حرية التعبير التي حرمت منها مجتمعاتنا جعلت من هذه المنتديات متنفس وهو وضع صحي ومطلوب ومع الوقت ربما تصبح حرية التعبير وتقبل الآراء المختلفة وضع طبيعي ومقبول ، فالكثير من الأفكار التي تطرح لم تتعود مجتمعاتنا على مجرد سماعها ولا أقول قبولها . ولا شك أن هناك بعض المواضيع القيمة تكتب في المنتديات ، و لكن الإشكال هو أنها سرعان ما تذهب خلف الصفحات و تـُدفن . وصفات وخصائص المنتديات لا تحددها وتقررها الإدارة فقط بل صفات وقدرات الأعضاء أيضاً . فمهما كانت الإدارة متطورة وجيدة وحكيمة , فإن هذا لا يكفي لتطور المنتدى وتقدمه إذا كانت غالبية الأعضاء غير مؤهلة لذلك .
إن الحرية الواسعة في التعبير عن جميع ما تفكر فيه بالإضافة لتنوع المواضيع و اختلاف الأفكار و الثقافات الموجودة , له ميزاته و محاذيره . وكذلك إعطاء الحرية لم لا يستحقها يمكن أن يكون له عواقب سلبية .
لقد تعالت في الوطن العربي أصوات تدعوا للرقابة على الإنترنيت , والبعض أيد ذلك والبعض الآخر لم يؤيده .
إن الرقابة على الإعلام هي كانت موجودة دوماً إن كان بشكل ظاهر أو كان بشكل غير ظاهر , فالتقييم والتوجيه لكافة أشكال الإعلام هو موجود دوماً . وإذا دققنا في التاريخ المروي أو المسجل , وهو شكل من أشكال الإعلام , وكذلك كل الإعلام الواصل إلينا , فإننا نره مراقب ومقيم وموجه من قبل راويه أو كاتبه أو ناشره .
وكل من مارس أو يمارس الإعلام مهما كانت صفته , يترك بصمته عليه بطريقة من الطرق , فيمكن أن يذكر أشياء أو يتحاشى ذكر أشياء ,أو يستعمل طرق كثيرة أخرى معروفة ليترك بصمته (أو بصمت من يكون تابع له ) , وهذا نتيجة الدوافع والأفكار والقيم والمصالح التي يعتمدها , ودوماً الأقوى ( والأقوى يمكن أن يقون الأقوى فكرياً أو عقائدياً أو مادياً أو اقتصادياً ) هو الذي يفرض تقييماته وتوجهاته وينشر ما يحقق مصالحه .
لذلك كان الإعلام قديماً غير دقيق وفيه الكثير من التحوير , بالإضافة إلى أنه كان قليل ومحدود مقارنة بالإعلام الموجود الآن , وقد كان دوماً مسيطر على الإعلام وموجه من قبل الأقوياء .
ولكن الآن بوجود الإعلام الفضائي والإنترنيت الذي سمح للكثيرين نشر أفكارهم ومعارفهم وقيمه , وضمن حرية واسعة . أصبحت قوة سيطرة الأقوياء على التحكم وتوجيه الإعلام مهددة , وإن بقيت موجودة .
يجب أن يستغل هذا الوضع من قبل الضعفاء لأنهم تحرروا من سلطة الأقوياء , والسعي لإظهار أفكارهم وقيمهم وتوجهاتهم , فهو الأفضل حتى وإن كان لهذا العديد من المحاذير المعروفة . لأنه في النهاية سوف ينتشر الإعلام الأدق والأفضل ( ولا يصح إلا الصحيح ) ويتوارى الغث والتافه والسيئ , ولن يكون هذا خلال وقت طويل . فيجب أن تتحقق ديمقراطية وحرية الإعلام وإن كان الثمن كبير .
ومن مساوئ ومضار الانترنيت:
1- إدمان الجلوس بين يديه عنده لساعات طويلة بما يعطّل الكثير من أنشطة المستخدم الأخرى: العلمية والاجتماعية والرياضية والإنتاجية.
2- الابتعاد عن الواقع المعاش بما ينتج عن تفكك الروابط والعلاقات المباشرة، والاستعاضة عنها بلقاءات الغرف الالكترونية.
3- الاستغراق في التعامل الآلي يهدّد بالخوف من إلغاء إنسانية الانسان.
4 - الدراسات الطبّية التي أجريت على أناس يتعاملون مع الكمبيوتر لفترات طويلة يومياً، كشفت أن ذلك يؤدِّي إلى: ـ إضعاف البصر. ـ زيادة الإرهاق النفسي .
إن المهم هو معرفة وإدراك الخيارات والقدرات التي أتاحتها لنا الانترنيت في مجال التواصل والتفاعل الفكري والمعرفي بما يسمح لنا بالنمو والتطور نحو الأفضل وبشكل سريع جداً . في أي مجال ومن أجل أي أهداف وأي قيم , توظف هذه القدرات وهذه الإمكانيات .
, وصارت الكلفة أقل بكثير فهي شبه مجانية , وحقق سهولة الوصول للمتلقي .
أما مقدار التركيز والفهم والاستيعاب فهي أفضل في حال التعامل مع النشر الورقي لأسباب سوف نذكرها .
وفي سرعة الوصول الباحث للمعلومات يتفوق الإعلام الإلكتروني بشكل كبير جداً , وفيه التواصل في إتجاهين أما في الإعلام الورقي فهو باتجاه واحد , وهو يستغرق وقت طويل عندما يكون في إتجاهين ( الرسائل الورقية ) .
في وسائل الإعلام الورقية نتعامل معها أننا كجهة" مستقبلة فقط " ينحصر دورنا في أن نأخذ ما ينشر فقط ، لذلك من يملكون وسائل الإعلام هم الذين يقررون ما نقرأ أو نشاهد . أما في الإعلام الإلكتروني فأنت الذي تقرر ماذا ومتى تريد أن تحصل عليه من معلومات . وأكثر من ذلك فبإمكانك من خلال التفاعل والحوار أن تنتقل من دور المستقبل إلى دور المرسل أو الناشر , وهذه نقلة تحصل لأول مرة ، ولهذا أهمية كبيرة بلا شك في الحوار .
فالإعلام الإلكتروني أزاح كلّ الأستار والحجب ، ولا نقول قلّص الممنوعات والمحرّمات، بل جعلتها من متناول اليد، ولم يعد الحفاظ على الأسرار شيئاً سهلاً ، وتقلّص مفهوم الرقابة إلى أقصى حدّ .
فالإعلام الورقي في طريقه إلى الاضمحلال أو بقائه في مجالات قليلة محدودة , وأي كاتب وفي أي مجال إذا لم يعتمد النشر الإلكتروني سوف يجد صعوبة في نشر ما لديه .
فالإعلام الإلكتروني وبالذات الفضائيات والإنترنيت أحدث ثورة غير مسبوقة في مجال التواصل والتفاعل البشري ( الثقافة , العقائد ,الأفكار , المعارف ,التجارة , الصناعة , السياسة . . ) و نتائج هذه الثورة كانت سريعة ونلاحظها في أكثر من مجال , وهذا يعرفه أغلبنا . ولم تنل وسيلة من وسائل نقل ونشر المعلومات في تاريخ البشرية ما نالته الفضائيات والإنترنت من سرعة في الانتشار بين الناس ، وعمق في التأثير في حياتهم على مختلف أجناسهم وتوجهاتهم ومستوياتهم ، وما يميز الفضائيات والإنترنت هو تنوع طبيعة المعلومات التي توفرها ، وضخامة حجم هذه المعلومات التي يمكن الوصول إليها دون عقبات مكانية أو زمانية .
لقد أصبح الكثير من الناس اليوم ينظرون إلى الفضائيات والإنترنت على أنها المصدر الأول والمفضل للمعلومات والأخبار ، فغالبية الصحف الورقية إن لم تكن كلها أصبحت صحف إلاكترونية أيضاً , ويرى البعض أن وسائل الإعلام التقليدية " النشر الورقي " كالصحف والمجلات لن تلبث أن تنقرض على يد الفضائيات والإنترنت ، كما انقرض النسخ اليدوي للكتب على يد روتنبرج .
يتخطى الإعلام الإلكتروني كل الحواجز الجغرافية والثقافية والعقائدية التي حالت منذ فجر التاريخ دون انتشار الأفكار وامتزاج الناس ، وتبادل المعارف . فاليوم تمر مقادير هائلة من المعلومات عبر هذه الحدود على شكل إشارات إليكترونية لا يقف في وجهها شيء , وفي ذلك الكثير من نواح إيجابية وبعض النواحي السلبية .
وقد أضاف النشر الإلكتروني الكثير للسلطة الرابعة، وجعلت عملها سهلاً وسريعاً ، وإذا تحرينا الدقة فأن معظم الصحف غير قادرة على إصدار مطبوعاتها من دون الاستعانة بالشبكة الإلكترونية , وهذا السبب لوحده يعد خدمة كبيرة جداً والذي يعني بأن إيجابياتها لا يمكن الاستغناء عنها ، ولكن الاستخدام السيئ والاعتماد الرئيس عليها قد يضر بالعمل الصحفي . إن النشر الإلكتروني والإنترنيت جعل عملية إصدار الصحف الورقية أو الإلكترونية سهلة وسريعة ، وذلك بما توفره من معلومات تحتاجها الصحافة ، إذ تستطيع إدارة التحرير في أية صحيفة إعداد العشرات من الصفحات اعتماداً على ما توفره الإنترنيت والإعلام الإلكتروني ، إلى جانب السهولة التي يمكن أن تتعامل بها الأقسام الفنية . هذا فضلاً عن أنها جعلت عمل الصحفيين ومندوبين الأخبار سهلاً ، كونهم استطاعوا من خلاله إرسال أخبارهم إلى صحفهم عن طريق خدمة البريد الالكتروني، بل والاستفادة من معلوماته في تحرير بعض الأخبار والمنوعات.. ومن هنا نجد بأن الجرائد والمجلات اغلبها قد الزم العاملين فيها على تعلم استعمال الانترنيت والاستفادة منه ، وهي خطوة جيدة نحو الأفضل ، كون العالم وكما يقال أصبح قرية صغيرة بفضلها.
أما التعامل مع النشر الورقي أو النشر الإكتروني وعلاقته بالثقافة الجادة فمتناقض ، فمن جانب تكون هذه الحوارات حافزا على البحث و الدراسة ، و من جانب آخر تستقطع وقت القراءة و قد تلغيها ، ويمكن أن تؤثر سلبيا على الثقافة الجادة . فالجامعات مازالت تعتمد النشر الورقي بشكل أساسي لتحقيق البحث والفهم والتركيز المناسب . والقراءة من شاشة الكومبيوتر لم يتقبلها القارئ العادي الذي تعود على القراءة من المجلات والكتب , ويجد صعوبة في لتقبلها , بينما يجدها القراء الجدد مناسبة . وهذه القراءة غالباً ما تكون سريعة ومختزلة وغير مركزة , فكثرت المواضيع ووجود الكم الكبير من المعارف التي يمكن الوصول إليها , أدى لأوضاع سلبية في تناقل ونشر المعلومات , فقدرات الإنسان على استيعاب المعارف الموجودة على الانترنيت وتمثلها وضمها إلى منظومته الفكرية لم تتوافق معها .
إن هذه المجالات والقدرات الكبيرة والواسعة التي أوجدها النشر الإلكتروني , لم يستطع الفكر البشري أن يجاريها بقدراته التي يملكها , فالخيارات الكثيرة المتاحة أوسع وأكبر من أن يستطيع العقل التعامل معها , بالإضافة إلى أن المعارف المتاحة متداخلة ومختلطة مع بعضها إن كان من حيث نوعيتها أو دقتها . والانتقال السريع بين هذه المعلومات يمكن أن يؤدي في كثير من الأحيان إلى نتائج سلبية . ومن الصحي أن يكف المرء عن البحث عن المصادر بعد فترة ليستطيع هضم ما وجده بالفعل .
والمشكلة عندما يستمد الإنسان ثقافته من الإنترنت " فقط " , خصوصا إذا كان القارئ لا يعرف أن يتحقق من صحة المعلومات أمامه ، لأنه يسهل تزيف الحقائق و تزويرها عبر الإنترنت . فالمشكلة في المستخدم غير الخبير سواء فيما يقرأه أوالموضوع الذي يبحث عنه , و كيف يفرق بين المصادر ذات الثقة من غيرها . فمستخدم غير خبير قد يصدق بسهولة أي خبر فارغ أو نظرية غير دقيقة لمجرد وجودها على أي موقع على الويب . ولكن تبقى المزايا أكثر من العيوب - كون الأفكار مطروحة بحرية و ما على القارئ سوى التحقق , و مع الخبرة والوقت سيكتسب القارئ الجاد هذه القدرة . وقضية المصداقية يمكن حلها , وهي موجودة أيضا في باقي وسائل الإعلام .
والقراءة من الإنترنيت سوف تزداد وتتسع لتصبح هي الأوسع , وكذلك الكتابة على الإنترنيت هي التي ستصبح الأساس , وجميع الكتاب سيوجدون على الإنترنيت بإرادتهم أو بإرادة غيرهم .
إن الخدمات التي تقدمها الإنترنيت تبلغ سعتها سعة الحياة فمن التطبيقات التعليمية والتربوية التي تخدم أطفالنا في تعلمهم واستكشافهم للعالم ، إلى الخدمات التي تسهل الاتصال كالبريد الإلكتروني وغرف الحوار ، إلى المواقع الإخبارية والمعلوماتية والأكاديمية والمرجعية التي تخدم الباحثين والمطلعين في شتى المجالات . سهولة الاستخدام لا تحتاج أن تكون خبيراً معلوماتياً أو مهندساً أو مبرمجاً حتى تستخدم الإنترنت .
بالإضافة إلى :
1 – منحتنا حرية واسعة جداً في التعبير الفكري والعقائدي والأدبي والفني والتعبير عن المشاعر والعواطف . . ، نحن كنا محرومون منها .
2 - أتاحت لنا مجال تواصل ثقافي و فكري وعقائدي . . . مع الآخرين , وسريع جداً لم نكن نحلم به .
3 - حققت لنا سرعة كبيرة في مجال اختبار أفكارنا ومعارفنا . . , عندما مكنتنا من معرفة رأي الآخرين فيها .
4 - فتحت لنا مجالات واسعة تمكننا من إظهار قدراتنا , وبالتالي هيأت لنا ظروف تساعدنا على الإبداع في مجالات كثيرة .
5 - ساعدنا على تطوير الكثير من المهارات , إن كانت في مجال استخدام الكومبيوتر أو في مجال الكتابة واللغة والتأليف الفكري والأدبي والفني . . .الخ
6 - منحتنا مجال واسع للتسلية واللعب والترفيه والمزاح . . . , وكل ما هو موجود في النوادي الواقعية .
7 - أتاحت لنا مجال واسع للإطلاع المعرفي والثقافي في مجالات كثيرة , وبسهولة كبيرة .
8 – مكنتنا من سهولة وسرعة النشر على الإنترنيت , وهي أفضل بكثير من النشر الورقي عن طريق المراسلة العادية .
9 – سهلت لنا البحث عن المراجع والمعلومات والأخبار سهل وسريع , بوجود محراكات البحث المتطورة .
10 – سهلت لنا كتابة المقالات و الموضوعات , لسهولة الوصول للمراجع , ووجود برنامج الورد .
11 - هي عالم يطور المرء في ذاته , وهي مجال تختبر فيه الأفكار والقدرة الكتابية والإبداعية ، وهي ملتقى مع أفراد يجمعك بهم قواسم مشتركة , والتعاطي مع الآخر وإمكانية الحوار معه .
12 – منحتنا سرعة التفاعل مع الآخرين , وبالتالي تسريع تطور الأفكار , واتساع مكان ومجال الحوارات و النقاشات بوجود النوادي والندوات عبر الإنترنيت . لاشك أن للمنتديات الحوارية الكثير من المزايا والفوائد كما أن لها سلبياتها ، ككل شيء في الحياة عموما . ففيها الحرية الواسعة في عرض ونشر الأفكار , وضعف الرقابة .
إن حرية التعبير التي حرمت منها مجتمعاتنا جعلت من هذه المنتديات متنفس وهو وضع صحي ومطلوب ومع الوقت ربما تصبح حرية التعبير وتقبل الآراء المختلفة وضع طبيعي ومقبول ، فالكثير من الأفكار التي تطرح لم تتعود مجتمعاتنا على مجرد سماعها ولا أقول قبولها . ولا شك أن هناك بعض المواضيع القيمة تكتب في المنتديات ، و لكن الإشكال هو أنها سرعان ما تذهب خلف الصفحات و تـُدفن . وصفات وخصائص المنتديات لا تحددها وتقررها الإدارة فقط بل صفات وقدرات الأعضاء أيضاً . فمهما كانت الإدارة متطورة وجيدة وحكيمة , فإن هذا لا يكفي لتطور المنتدى وتقدمه إذا كانت غالبية الأعضاء غير مؤهلة لذلك .
إن الحرية الواسعة في التعبير عن جميع ما تفكر فيه بالإضافة لتنوع المواضيع و اختلاف الأفكار و الثقافات الموجودة , له ميزاته و محاذيره . وكذلك إعطاء الحرية لم لا يستحقها يمكن أن يكون له عواقب سلبية .
لقد تعالت في الوطن العربي أصوات تدعوا للرقابة على الإنترنيت , والبعض أيد ذلك والبعض الآخر لم يؤيده .
إن الرقابة على الإعلام هي كانت موجودة دوماً إن كان بشكل ظاهر أو كان بشكل غير ظاهر , فالتقييم والتوجيه لكافة أشكال الإعلام هو موجود دوماً . وإذا دققنا في التاريخ المروي أو المسجل , وهو شكل من أشكال الإعلام , وكذلك كل الإعلام الواصل إلينا , فإننا نره مراقب ومقيم وموجه من قبل راويه أو كاتبه أو ناشره .
وكل من مارس أو يمارس الإعلام مهما كانت صفته , يترك بصمته عليه بطريقة من الطرق , فيمكن أن يذكر أشياء أو يتحاشى ذكر أشياء ,أو يستعمل طرق كثيرة أخرى معروفة ليترك بصمته (أو بصمت من يكون تابع له ) , وهذا نتيجة الدوافع والأفكار والقيم والمصالح التي يعتمدها , ودوماً الأقوى ( والأقوى يمكن أن يقون الأقوى فكرياً أو عقائدياً أو مادياً أو اقتصادياً ) هو الذي يفرض تقييماته وتوجهاته وينشر ما يحقق مصالحه .
لذلك كان الإعلام قديماً غير دقيق وفيه الكثير من التحوير , بالإضافة إلى أنه كان قليل ومحدود مقارنة بالإعلام الموجود الآن , وقد كان دوماً مسيطر على الإعلام وموجه من قبل الأقوياء .
ولكن الآن بوجود الإعلام الفضائي والإنترنيت الذي سمح للكثيرين نشر أفكارهم ومعارفهم وقيمه , وضمن حرية واسعة . أصبحت قوة سيطرة الأقوياء على التحكم وتوجيه الإعلام مهددة , وإن بقيت موجودة .
يجب أن يستغل هذا الوضع من قبل الضعفاء لأنهم تحرروا من سلطة الأقوياء , والسعي لإظهار أفكارهم وقيمهم وتوجهاتهم , فهو الأفضل حتى وإن كان لهذا العديد من المحاذير المعروفة . لأنه في النهاية سوف ينتشر الإعلام الأدق والأفضل ( ولا يصح إلا الصحيح ) ويتوارى الغث والتافه والسيئ , ولن يكون هذا خلال وقت طويل . فيجب أن تتحقق ديمقراطية وحرية الإعلام وإن كان الثمن كبير .
ومن مساوئ ومضار الانترنيت:
1- إدمان الجلوس بين يديه عنده لساعات طويلة بما يعطّل الكثير من أنشطة المستخدم الأخرى: العلمية والاجتماعية والرياضية والإنتاجية.
2- الابتعاد عن الواقع المعاش بما ينتج عن تفكك الروابط والعلاقات المباشرة، والاستعاضة عنها بلقاءات الغرف الالكترونية.
3- الاستغراق في التعامل الآلي يهدّد بالخوف من إلغاء إنسانية الانسان.
4 - الدراسات الطبّية التي أجريت على أناس يتعاملون مع الكمبيوتر لفترات طويلة يومياً، كشفت أن ذلك يؤدِّي إلى: ـ إضعاف البصر. ـ زيادة الإرهاق النفسي .
إن المهم هو معرفة وإدراك الخيارات والقدرات التي أتاحتها لنا الانترنيت في مجال التواصل والتفاعل الفكري والمعرفي بما يسمح لنا بالنمو والتطور نحو الأفضل وبشكل سريع جداً . في أي مجال ومن أجل أي أهداف وأي قيم , توظف هذه القدرات وهذه الإمكانيات .