منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
#60094
جذور الأزمة بين العراق والكويت
المصدر: السياسة الدولية

بقلم: خالد السرجانى





تعد الأزمة الحالية فى العلاقات العراقية الكويتية هى الثالثة فى تاريخ العلاقات بين البلدين منذ استقلالهما، وكانت الأولى هى أزمة عام 1961 أى مع بدء استقلال الكويت والثانية فى عام 1973 وسنحاول إلقاء الضوء على هاتين الأزمتين مع مراعاة ما يراه معظم الدارسين لتاريخ هذه المنطقة من الشرق العربى من أنه لا توجد مشكلات حدودية بين البلدين بالمعنى الدقيق، إذ تم رسم الحدود بين البلدين فى أربعينات هذا القرن وأن الدعاوى العراقية فى هذا الشأن تتخذ من الحدود ذريعة لإثارة أزمة سياسية لها دوافع وأغراض مختلفة قد تكون شخصية أو سياسية لا تقوم على أسانيد قانونية.
أولا: أزمة عام 1961:
بدأت الأزمة فى 19 يونيو، (حزيران) عندما أعلن عن الاتفاق الذى تم توقيعه بين الكويت وبريطانيا والذى يتضمن أربعة مواد تدور حول إلغاء اتفاق 23 يناير 1899 لأنه يتنافى مع سيادة الكويت، واستمرار العلاقات بين البلدين مسيرة بروح الصداقة الوثيقة، وأن الحكومتين ستتشاوران فى الأمور التى تهمهما، واستعداد الحكومة البريطانية لمساعدة حكومة الكويت إذا طلبت منها ذلك وأكدت المعاهدة أنه كان من الضرورى الوصول إلى اتفاق جديد بين الكويت وبريطانيا نظرا لأن اتفاق 1899 أصبح غير ذى موضوع بعد أن تطورت العلاقة بين البلدين تطورا أدى فى الواقع إلى قيام حكومة الكويت وحدها بتحمل أعباء تسيير شئونها الداخلية والخارجية، وأنها سارت بخطى ثابتة نحو استكمال السيادة التى بدأت باستقلال القضاء وإصدار العملة الوطنية، والاشتراك فى المنظمات والمؤتمرات العربية والدولية، كما ذكرت الاتفاقية أن بريطانيا اعترفت اعترافا قانونيا باستقلال الكويت وسيادتها الكاملة وفى مساء الأحد 25 يونيو عقد رئيس وزراء العراق اللواء عبد الكريم قاسم مؤتمرا صحفيا فى بغداد أعلن فيه: أن الكويت جزء لا يتجزأ من العراق، وأن الجمهورية العراقية لم تعترف باتفاقية 1899 لأنها وثيقة مزورة ولا يحق لأى فرد من الكويت أو فى خارج الكويت التحكم فى الشعب الكويتى وهو من الشعب العراقى، وقد قررت الحكومة العراقية حماية الشعب العراقى فى الكويت والمطالبة بالأراضى التابعة لولاية البصرة بكل حدودها وعدم التنازل عن شبر واحد من أراضيها وأعلن قاسم: ضم جيش الكويت إلى حامية البصرة، وأنه سوف يصدر مرسوما جمهوريا بتعيين "شيخ الكويت" قائمقاما لقضاء الكويت ليكون تابعا للواء البصرة وأصدرت الحكومة العراقية فى 26 يونيو مذكرة وزعتها على سفراء الدول العربية والأجنبية فى بغداد ذكرت فيها أن الكويت جزء من العراق، وأنها كانت تتبع البصرة منذ زمن طويل خاصة أثناء الحكم العثمانى وحتى اندلاع "الحرب العالمية الأولى"، وذكرت المذكرة أن ـ الاستعمار البريطانى فى سبيل غايات عسكرية واقتصادية يحاول بشتى الطرق التغلغل فى بلاد العرب منذ القرن الرابع عشر، وذلك بالسيطرة على أجزاء من السواحل العربية على طريق الهند بالعمل على تركيز أقدامه فيها، ولاسيما الخليج العربى وكانت الكويت جزءا من تلك السواحل لذلك عملت الحكومة البريطانية لمد سيطرتها على الكويت تدريجيا وفصلها عن العراق ـ وقد نفت الكويت تبعيتها لتركيا وطلبت من السعودية التدخل لحمايتها بكافة السبل كما طلبت من بريطانيا أن تقوم قواتها بحماية استقلالها وسلامة أراضيها إعمالا لاتفاقية الصداقة المبرمة بينهما فاستجابت بريطانيا على الفور وأنزلت قواتها فى الكويت كما أخطر حاكم الكويت الدول العربية وجامعة الدول العربية بالتهديد العراقى وطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن وطلب العراق نفس الطلب لبحث التهديد الناجم عن إنزال القوات البريطانية فى الكويت مما يؤدى إلى تهديد السلم والأمن الدوليين وعقد مجلس الأمن عدة جلسات بدأت يوم 2 يوليو حتى 7 يوليو لبحث شكوى الجانبين، واعترض العراق على قبول شكوى الكويت باعتبار إنها ليست دولة بموجب المادة 35/ 2 من ميثاق الأمم المتحدة ولم يؤيده فى ذلك سوى الاتحاد السوفيتى وأوضح العراق أنه لا ينوى استخدام القوة لتوحيد العراق والكويت وأن ذلك سيتم بالوسائل السلمية، وقد عجز المجلس عن إصدار أى قرار فى الموضوع فقد قدمت بريطانيا مشروع قرار يطالب بالاعتراف باستقلال الكويت، ووحدة أراضيها وسيادتها، ويطالب الجامعة العربية بالتدخل لتسوية النزاع سلميا وفى أسرع وقت ولكن الفيتو السوفيتى حال دون صدوره بحجة أن المشروع لم يتضمن الأمر بسحب القوات البريطانية من الكويت، ولم يحصل المشروع المصرى المطروح على النصاب المطلوب لأنه تضمن الأمر بسحب هذه القوات أما على الصعيد العربى فقد اجتمع مجلس الجامعة العربية فى جلسة طارئة بناء على طلب السعودية لبحث طلب الكويت بالانضمام للجامعة ومناقشة التهديد العراقى لاستقلالها وأخفق المجلس فى اتخاذ قرار فى الموضوع وكلف أمين عام الجامعة بالاتصال بالحكومات العراقية والكويتية والسعودية للعمل على تسوية النزاع ولكن فى 20 يوليو أصدر المجلس قرارا دعا فيه الكويت لأن تلتزم بسحب القوات البريطانية من أراضيها فى أقرب فرصة، كما يلتزم العراق بعدم استخدام القوة لضم الكويت، وتأييد كل رغبة تبديها الكويت للوحدة أو الاتحاد مع أى من دول الجامعة طبقا للميثاق وقبول عضوية الكويت بالجامعة ومساعدتها على الانضمام إلى الأمم المتحدة، وأوصى المجلس بأن تلتزم الدول العربية بتقديم المساعدات الفعالة لصيانة استقلال الكويت بناء على طلبها وعهد القرار للأمين العام باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذه، ورؤى أن ـ المساعدة الفعالة لصيانة استقلال الكويت ـ تتم عن طريق إنشاء قوات أمن عربية وبالفعل أشرف الأمين العام على إنشاء قوة طوارئ دولية عربية قوامها أربعة آلاف جندى قدمت كل من مصر، والسعودية، والأردن ألفا وقدمت كل من السودان وتونس 500 وانعقد لواء قيادة القوة إلى قائد سعودى وأبرم الأمين العام اتفاقا مع حكومة الكويت لتحديد المركز التعاونى للقوات إبان وجودها فى أراضى الكويت وكان التهديد العراقى انتهى فعليا عندما وصلت القوة الكويت ولم يبق لها مهمة عملية وصارت قوة رمزية وبقيت أسابيع فقط إذ سحبت مصر قواتها فى 12 أكتوبر إثر انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة، وتوتر علاقات مصر مع كل من الأردن والسعودية واتهامهما بالمشاركة فى مساندة الحركة الانفصالية ثم سحبت كل من السعودية والأردن قواتهما فى يناير 1962 وتبعتها السودان وتونس وبعد مقتل عبد الكريم قاسم خلال ثورة 1963 اعترفت العراق باستقلال الكويت وأكدت احترامها لوضع الحدود العراقية الكويتية كما حددتها الخطابات المتبادلة فى 21 يوليو و 10 أغسطس عام 1932 بين رئيس وزراء العراق وأمير الكويت وأبرمت الدولتان اتفاقية فى 12 أكتوبر 1963 قدمت الكويت بمقتضاها قرضا للعراق قيمته 30 مليون دينار بدون فوائد ومنذ تولى عبد السلام عارف مقاليد السلطة فى العراق شهدت العلاقات العراقية الكويتية أفضل عهودها حتى عام 1972 عندما حدث التوتر التالى فى العلاقات بين البلدين ويرى بعض الدارسين لتاريخ منطقة الخليج العربى أن الأسلوب الذى اتبعته الحكومة العراقية بالمناداة بالاتحاد بين القطرين لم ينطو على الحكمة لأنه بنى على مبدأ الحقوق التاريخية التى ورثتها العراق عن ولاية بغداد العثمانية وهو ما يعنى أن المطلوب هو ضم قطر إلى آخر بينما قد يكون من الجائز طرح المسألة باعتبارها تعبيرا عن رغبة شعبين فى الاتحاد فى إطار القومية العربية ويختلف هؤلاء حول الأسباب الحقيقية التى دعت عبد الكريم قاسم فى الاتجاه نحو ضم الكويت وتدور هذه الاختلافات حول الأسباب التالية:
1 ـ أنه كان يهدف إلى منع الكويت من الارتباط بالسعودية أو الوصول معها إلى اتحاد من نوع ما.
2 ـ أنه كان ينوى تحقيق الاندماج مع الكويت لكنه لم يكن عازما بشكل جدى على استخدام القوة العسكرية لهذا الغرض، وإنما كان يأمل أن يؤدى التهديد بها لى قيام حركة شعبية تتولى تحقيق عملية الاندماج ـ 3 ـ أن قاسم لم يكن جادا فى ضم الكويت وأنه كان مدفوعا فى ذلك من رغبته فى صرف الأنظار عن الانقسامات العنيفة فى الداخل ـ خاصة مع بدء المقاومة الكردية المطالبة بالاستقلال ـ وتحويلها إلى قضية قد تجمع حولها الرأى العام العراقى الذى كان منقسما وقتذاك ويسوق هؤلاء للتدليل على صحة قولها مبررات تدور حول أن قاسم ـ الذى لم يكن جادا فى ضم الكويت ـ اتبع أسلوبا منفرا وهو المناداة بالضم القائم على النزعة القطرية المستند إلى مبدأ الحقوق التاريخية الذى عفا عليه الزمن.
ثانيا: أزمة عام 1973: بدأ العراق مع بداية السبعينات يلمح إلى دعواه الإقليمية بشكل محدود يتمثل فى محاولة الحصول على جزيرتين تقعان فى الخليج بالقرب من مدينة الفاو العراقية الواقعة فى أقصى نقطة للعراق على الخليج وكان قد جرى حديث بين الجانبين العراقى والكويتى خلال الفترة بين 1963 ـ 1973 حول هذا الموضوع خصوصا عندما تأزمت العلاقات الإيرانية العراقية حول شط العرب وفى مارسى 1973 احتلت العراق جزءا من المنطقة المتنازع عليها ثم اضطرت للانسحاب بسرعة إزاء الضغط العربى العام وهناك عدد من أوجه الاختلاف والتشابه بين الأزمتين اللتين شهدتهما العلاقات العراقية الكويتية فى كل من الستينات والسبعينات أما عن التشابه فيكمن فى وجود أهداف سياسية واستراتيجية واقتصادية تكمن فى النقاط التالية:
1 ـ أن العراق كانت قد بدأت فى توثيق علاقاتها مع الاتحاد السوفيتى وفقا لمعاهدة الصداقة التى عقدها لهذا الغرض وكان من بين أهداف العراق العسكرية إنشاء قوة بحرية بمساعدة سوفيتية ولم يكن فى إمكان العراق أن يطور أسطوله بدون وجود ميناء يطل على الخليج، ومنطقة واسعة للمناورات ولا يزيد الشريط الساحلى للعراق من رأس الخليج حتى الحدود الكويتية عن 36 ميلا ويشعر العراق باختناق بحرى فى منطقة شط العرب التى تقاسمه إيران السيادة على بعض أجزائها مما جعله يقدم على احتلال أجزاء من الكويت لتحقيق هذا الهدف العسكرى.
2 ـ اختلاف نظرة كل من العراق والكويت إلى إيران وسيادتها إزاء منطقة الخليج العربى فبينما كانت تسود علاقات طيبة بين الحكومتين الكويتية والإيرانية تعددت أسباب النزاع بين العراق وإيران فكانت الكويت قد سوت جميع مشكلاتها مع إيران كما أنها كانت قد رسمت حدود الجرف القارى معها ولم تنظر إلى تصاعد القوى البحرية الإيرانية فى الخليج بنفس النظرة التى كانت تثير مخاوف العراق التى كانت ترى أن هناك تهديدا إيرانيا قد يمحو الشخصية العربية فى جزء من أجزاء الوطن العربى وأنه لما كان ساحل الخليج وقتذاك مفككا ويعانى من الفراغ السكانى فإن هجرة إيرانية مدبرة ومنظمة قد تؤدى مع وجود التفوق البحرى الإيرانى ـ إلى سيطرة إيران على كل شواطئ الخليج هناك من يرى أن قرار تأميم شركة النفط العراقية وما ترتب عليه من نقص فى موارد الكومة استمر لمدة عام جعل العراق يعانى من ضائقة مالية دفعته للبحث عن مزيد من المساعدات ليتسنى له الصمود أمام الشركة المؤممة وهو ما جعل الحكومة العراقية تتطلع إلى جارها الغنى فى الجنوب ودفع العراق لاحتلال هذه المنطقة الغنية بمواردها النفطية وذات الأهمية الاستراتيجية أما الاختلاف بين أزمة عام 61 وأزمة 73 فيدور حول أن من الأولى كانت تتعلق بضم العراق للكويت، أما الأزمة الثانية فكانت نزاعا حدوديا مشابها للنزاعات الحدودية بين دول وإمارات منطقة الخليج العربى وقد شملت المنطقة محل الخلاف أربعة أقسام وكان الخلاف فى معظم الأحوال يرجع إلى غموض فى الاتفاقات السابقة فالقسم الأول وكان يمتد على طول وادى الباطن (بطول 45 كيلومترا وعرض 32 كيلومتر) فقد نشأ حوله النزاع لأن اتفاقية الحدود شملت الوادى كخط فاصل دون أن تذكر تبعيته لأى من الطرفين أما القسم الثانى فإن اتفاقية الحدود تذكر أن الحدود الكويتية العراقية تبدأ بعد ميل واحد من آخر نخلة جنوب صفوان ولم يكن ذلك أسلوبا عصريا فى تخطيط الحدود لأن بقاء النخل فى منطقة ما لا يشكل وضعا ثابتا وكان القسم الثالث هو الممتد من صفوان حتى البحر على مسافة 8 كيلو مترات تقريبا وكان مركز ـ الصامتة ـ الذى احتله العراق وتفجرت الأزمة بسببه يقع فى هذا القسم وهو ما يدلل على أن الاعتبارات الاستراتيجية لعبت دورا قد يوازى أو يزيد على دور البترول إذ يعتبر هذا القسم من الحدود مفتاح ميناء أم القصر العراقى وهى الميناء التى كانت ترتكز عليها مشروعات العراق البحرية كما ينتهى عندها أحد خطوط أنابيب البترول العراقى والقسم الرابع كان يتعلق بالمياه الإقليمية ومطالبة العراق بحق استخدام جزيرتى "وربة" و"بوبيان" لمناورات أسطولها فى الخليج وقد احتج العراق منذ تخطيط الجرف القارى بين الكويت وإيران ولم يحدد جرفه القارى فى المنطقة وعلى الرغم من أن تطبيق قاعدة رسم خط وهمى فى منتصف الخليج لتحديد الجرف القارى كان أمرا سهلا بالنسبة للخطوط المستقيمة إلا أنه بالنسبة للجرف القارى العراقى فقد كان يتداخل مع جرف الكويت بزاوية وليس بخط مستقيم ـ وقد تبنت الكويت ـ خلال الأزمة ـ نظريتها بخصوص الحدود على أساس التمسك بمشروع الاتفاقية الإنجليزية العثمانية لسنة ـ 1913 والتى وافق عليها العراق عام 1932 بعد إعلان استقلاله وبمناسبة التحاقه بعصبة الأمم حيث تم تبادل رسائل مع بريطانيا بصفتها الدولة المسئولة عن علاقات الكويت الخارجية ـ أما حجج العراق فقد قامت على أساس أن الحكومات التى دخلت طرفا فى الاتفاقيات السابقة كانت واقعة تحت تأثير النفوذ البريطانى، وقد سبق لوزارة الدفاع العراقية أن احتجت على الرسائل المتبادلة سنة 1932 كما أن اللبس والغموض اللذان نشأ عن صياغة اتفاقية سنة 1913 قد أديا إلى صعوبة تثبيت الحدود عن طريق إقامة الأعمدة على امتدادها وتد جرت محاولة من هذا القبيل سنة 1935 ولم تسفر عن نتيجة بسبب عدم الاتفاق على خط دقيق وكان العراق أكثر صراحة فى نقد البند الخاص بجزيرتى وربة وبوبيان اللتين وضعتهما الاتفاقية تحت سيادة الكويت وتقع الجزيرتان ق مواجهة خور عبد الله وهو خليج صغير يفصل بين القطرين ويبلغ طول "بوبيان" 26 ميلا ولا يزيد عرضها فى أقصى اتساع عن ميل واحد، أما "وربة" فطولها 8 أميال والجزيرتان غير مسكونتين لذلك فإن أهميتهما تقتصر على الناحيتين الاستراتيجية والاقتصادية وكان رأى الحكومة العراقية أنها أقدر على الانتفاع لهذا الموقع لمجابهة ـ ما أسمته ـ بالخطر الإيرانى وقد جرت عدة محاولات من أجل تسوية نزاع الحدود بين البلدين بعد انسحاب العراق كانت أولاهما فى مايو 1975 عندما أعلن عن اتصالات تمت بين صدام حسين نائب رئيس الجمهورية العراقية وأمير الكويت بشأن الحدود المتنازع عليها، وأن الجانب العراقى قدم مقترحات محددة لتسوية المشكلة تلخصت فى أن تؤجر الكويت العراق نصف جزيرة بوبيان لمدة 99 عاما وأن تتنازل عن سيادتها على جزيرة "وربة" مقابل اعتراف العراق بالحدود البرية بين البلدين وحين زار الرئيس أنور السادات البلدين خلال الفترة من 12 ـ 16 من الشهر ذاته حث الجانبين على سرعة تسوية خلاف الحدود بينهما وأشير عقب الزيارة إلى أن الكويت أبدت استعدادها لتأجير جزء من إقليمها للعراق مقابل مد العراق لها بالمياه العذبة وفى يوليو 77 أعلن أن ممثلى الجانبين قد توصلا إلى اتفاق شامل بشأن المناطق المتنازع عليها غير أنه لم يكشف الستار عن تفاصيل الاتفاق ومن مجمل تناول تفاصيل النزاع بين العراق والكويت فى عام 73 يمكن القول أن الخلاف بين البلدين لم يكن نزاعا إقليميا أو دعوة إقليمية لها سند وأساس وإنما سببه مطالبة العراق بأجزاء معينة من أراضى يعترف بأنها كويتية مدفوعا باعتبارات تتعلق بمصالح العراق الملاحية فى الخليج، كما أن هذا النزاع حول الحدود قد تأثر لدى إثارته بحقيقة اختلاف سياسات البلدين ونظمهما السياسية خاصة وأن المسألة ليست نزاعا قانونيا يمكن البت فيه وفقا لدعاوى واضحة وإنما هى مسألة ـ فى جوهرها ـ مصلحية.