صفحة 1 من 1

البطالة في العالم العربي

مرسل: السبت مارس 30, 2013 12:47 pm
بواسطة نايف باوزير 333
تعد مشكلة البطالة من المشكلات المعقدة التي تواجه العالم العربي، إذ أن نسبة البطالة في الوطن العربي بين 15-20% مقابل 6% عالميا ويصل عدد العاطلين عن العمل في العالم العربي حوالي 25 مليون عاطل من إجمالي قوى عاملة يبلغ نحو 120 مليون عامل، يضاف إليهم سنويا 3.4 مليون عامل سنويا، في ضوء حقيقة مفادها أن 60% تقريبا من سكان البلاد العربية دون سن الـ 25 سنة، وهو الأمر الذي يتوقع معه أن يصل عدد العاطلين عن العمل عام 2025 إلى حوالي 80 مليون عاطل، مما يتطلب ضخ نحو 70 مليار دولار لرفع معدلات النمو الاقتصادي في الدول العربية، وذلك لخلق ما لا يقل عن 5 ملايين فرصة عمل سنويا.

البطالة مشكلة اقتصادية، كما هي مشكلة نفسية، واجتماعية، وأمنية، وسياسية. وجيل الشباب هو جيل العمل والانتاج، لأنه جيل القوة والطاقة والمهارة والخبرة. و إن تعطيل تلك الطاقة الجسدية بسبب الفراغ، لاسيما بين الشباب، يؤدي إلى أن ترتد عليه تلك الطاقة لتهدمه نفسياً مسببة له مشاكل كثيرة. وتتحول البطالة في كثير من بلدان العالم الى مشاكل أساسية معقدة، ربما أطاحت ببعض الحكومات، فحالات التظاهر والعنف والانتقام توجه ضد الحكام وأصحاب رؤوس المال فهم المسؤولون في نظر العاطلين عن مشكلة البطالة. وتؤكد الاحصاءات أن هناك عشرات الملايين من العاطلين عن العمل في كل أنحاء العالم من جيل الشباب، وبالتالي يعانون من الفقر والحاجة والحرمان، وتخلف أوضاعهم الصحية، و عجزهم عن تحمل مسؤولية اُسرهم. كما تفيد نفس الاحصاءات العلمية أنّ للبطالة آثارها السيّئة على الصحة النفسية، كما لها آثارها على الصحة الجسدية.

البطالة من بين أهم التحديات التي تواجه الدول العربية وهي سبب رئيسي لتفشي ظاهرة الفقر، وما ينتج عنها من آفات اجتماعية خطيرة تهدد أمن المجتمعات العربية، في ظروف الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية وتداعياتها العربية.

القضاء على أزمة البطالة المتنامية مع دخول أعداد كبيرة من الشباب إلى سوق العمل يحتاج إلى إرادة سياسية فاعلة تأخذ هذه المشكلة ضمن الأولويات القصوى، حيث تحتاج المعالجة إلى توافق عربي نحو تحقيق القدر الأدنى من الاندماج والتكامل الاقتصادي ورسم سياسات اقتصادية منتجة يمكن أن تستوعب كل هذا الفائض من قوة العمل ولا نرى لدولة ما القدرة على تجاوز هذه المشكلة بمفردها.

تعد النواقص التي تظهر في سوق العمل العربي من العقبات الاساسية التي تعترض سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتبرز هذه العقبة من خلال تأثيرها المباشر، مع افتراض ثبات المتغيرات الاخرى على حجم وكفاءة الانتاج. وتعاني أسواق العمل العربية من النواقص التي تتمثل في انحراف هذه الاسواق وابتعادها عن شروط ومواصفات النموذج النظري للسوق والذي نعني به سوق المنافسة التامة لعنصر العمل وقلة التخصص فضلا عن ثبات الاسعار وعدم مرونتها. ويمثل تحجر التركيب الاجتماعي والجهل وعدم المعرفة الكاملة بوضع واحوال السوق من قبل المنظمين له (العارضين والطالبين لعنصر العمل) من النواقص المهمة التي تظهر في اسواق البلدان العربية.

وجود هذه النواقص المهمة وتفاعلها فيما بينها يترتب عليه القصور في إمكانية تأمين المكسب الامثل والاستخدام الكامل لعنصر العمل الذي يتميز بتدني عوائده وانتاجيته المنخفضة لدرجة تكاد تقترب من الصفر في بعض النشاطات الاقتصادية. كذلك سوء توزيع العمالة بصورة متعادلة على مختلف القطاعات العاملة في النشاط الاقتصادي حيث غالبا ما تتركز في النشاطين الزراعي والخدمي على حساب قطاعي الصناعة والتجارة..
لابد من استنتاج وجود تفاؤل مفرط بشأن الآثار التي قد تخلفها السياسات الوطنية والدولية الجديدة التي توضع حالياً عند الأخذ بنهج استراتيجيات تخفيف وطأة البطالة. ويمكن القيام من خلال نهج استراتيجيات تخفيف وطأة البطالة بوضع استراتيجيات للحد من الفقر تقدم بديلا حقيقيا ومطورا. لكن ذلك يقتضي وجود ملكية وطنية حقيقية للسياسات العامة واستقلالية في وضعها وذلك استنادا إلى إعادة بناء قدرات الدولة واحراز نجاح حقيقي في السياسات الوطنية. ويمكن تحقيق ذلك إذا استندت استراتيجيات الحد من البطالة إلى استراتيجيات انمائية طويلة الاجل واذا لم تكن امتدادا لسياسات تكييفية من الماضي، ولابد للمشاريع الخاصة من القيام بدور قيادي رئيسي في بلوغ اهداف هذه الاستراتيجيات. ولكن ينبغي للعملية الانمائية أن تلقي الحفز والتوجيه من دولة تأخذ بالتنمية والمذهب العملي وتقوم من خلال الادارة السليمة للاسواق بترويض دافع الربح خدمة لأغراض التنمية الوطنية والحد من البطالة والفقر وكذلك إنشاء طبقة محلية وحيوية من المتعهدين مستعدة لزج مواردها في الاستثمارات المحلية وليس في استهلاك الكماليات أو امتلاك الثروات الخاصة في خارج البلاد.