منتديات الحوار الجامعية السياسية

شخصيات صنعت التاريخ

المشرف: بدريه القحطاني

#60215
بسم الله الرحمن الرحيم ..


ولد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام 1918 في مدينة أبوظبي بقصر الحصن, وهو الابن الرابع للشيخ سلطان. انتقل الشيخ زايد من قلعة الحصن إلى قلعة المويجعي عام 1946 بمدينة العين التي تتركز أهميتها في كبر مساحتها وكونها مركزا لتجمعات البدو أمضى زايد في مدينة العين السنوات الأولى من شبابه. وقد تعلم مبادئ الحرب والقتال بين البدو. اتصف بالشجاعة وكان يقاتل للشرف لا للمغنم ويبذل دمه رخيصا دفاعا عن أرضه ضد أي اعتداء وهو على استعداد للتضحية بحياته لحماية من يلجأ إليه وشغف زايد بمعرفة وقائع وتاريخ المنطقة في شبه الجزيرة العربية ويحب الشعر فقد كان الشعر العربي أقرب في حكمته ومغزاه إلى ذاته بالاضافة إلى شعر الطرد

نشأته وحياته:

وُلد صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام 1918م، وهو الابن الرابع للشيخ سلطان بن زايد آل نهيان الذي حكم إمارة أبوظبي في الفترة الواقعة بين 1922-1926م. وبعد وفاة الشيخ سلطان تولى زمام الحكم الشيخ شخبوط ، الأخ الأكبر للشيخ زايد، وفق رغبة العائلة. في تلك الفترة كانت أبوظبي واحدة من الإمارات المتصالحة غير معروفة للعالم

وكانت الإمارة ترتبط بمعاهدات مع بريطانيا، ويعتمد اقتصادها على صيد السمك وتجارة اللؤلؤ والزراعة البسيطة التي انتشرت في الواحات المتناثرة هنا وهناك. وبالرغم من قلة التعليم وندرته في تلك الفترة تمكن صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان من تعلم أحكام الدين الإسلامي، وحفظ الكثير من آيات القرآن الكريم. كما أظهر سموه حبّاً وشغفاً كبيرين للمعرفة، الأمر الذي جعله يلازم البدو في الصحراء لخوض غمار تجربة التعمق في الطبيعة ومعرفة المزيد عن تراث آبائه وأجداده. ولقد تعلم سموه الصيد الذي أصبح حبه الدائم، وأظهر شغفاً كبيراً برحلات الصيد بعيداً عن ضجيج المدينة وروتين الحياة اليومية..وإضافة إلى تعلمه الصيد، فقد اهتم سموه بالرماية وركوب الجمال والسباق والتنقيب عن المياه العذبة في الصحراء. وكل هذه الأمور جعلته يلم إلماماً تاماً بحياة البداوة وبيئة الصحراء.

وأبدى سموه اهتماماً كبيراً بالطبيعة ومواردها ومصادرها, ما أكسبه احترام وتقدير البدو وما أدّى إلى مساهمتهم في دعم التوجهات التي تبناها القائد، وأهمها مشروع الوحدة فيما بعد. ونتيجة لتجربته الجيدة في الصحراء ومعرفته بسكانها وحياتهم وطباعهم وتعلمه الكثير عنهم، كان سمو الشيخ زايد الاختيار الأفضل ليكون مرشداً لأعضاء شركة التنقيب عن البترول التي زارت الإمارة آنذاك. ونتيجة احتكاكه بالشركة تعرّف سموه إلى الصناعة التي ساهمت في إحداث تغيير ملحوظ في شخصيته وفي شعبه. وفي عام 1946، برزت حاجة ملحة لوجود ممثل للحاكم في منطقة العين، وتم اختيار الشيخ زايد لهذا المنصب بعد أن حظي بثقة و حب الناس، وإعجاب أخيه شخبوط به. ورغم حداثة سنه تولى الشيخ زايد مسؤولية إدارة منطقة العين التي كانت تتكون من تسع قرى، وخلال فترة إدارته لتلك القرى، تمكن سموه من تحقيق الكثير من الإنجازات، حيث قام بتغيير وتعديل ملكية الموارد المائية، ووزعها بالتساوي على جميع المناطق مما أثّر إيجاباً في انتعاش المنطقة بأكملها مما زاد الإنتاج وحقق ازدهاراً ملحوظاً.

وخلال فترة إدارته لمنطقة العين، تمكن سمو الشيخ زايد من تطوير مهاراته القيادية معتمداً في قراراته على أسلو ب المشورة، ولقد واكب تطور مدينة العين تطورٌ في رؤية سموه، إذ قام بتوسيع البقعة الزراعية، وأمر بزراعة الأشجار مما اضفى جمالاً إضافياً على منطقة العين لتصبح من أعظم وأجمل المدن العربية. ولقد اتسمت شخصيته بالحلم والقرار المتزن المتروي، وساعده ذلك في حل كثير من الخلافات، ليس خلافات القبائل المحلية فحسب، بل ما كان بين بعض الدول مثل المملكة العربية السعودية وعمان. فقد تدخل في الوساطة بينهما لحل مشكلة القرى الثلاث، واكتسب سموه مع مرور الوقت الكثير من الخبرة الدبلوماسية التي أثبتت جدواها وحصدت ثمارها فيما بعد. وفي عام 1962م، بدأت أبوظبي ثورتها الصناعية، وذلك بتصدير أوّل شحنة من البترول الخام، وكان لهذه الثورة أثر كبير وعميق في نفوس السكان الذين بدا عليهم التفاؤل بتحسن أوضاعهم المعيشية أسوةً بأقرانهم في الدول الخليجية الأخرى، وكان لزيارة سموه لكل من بريطانيا وفرنسا عام 1953م، واطلاعه على المدارس والمستشفيات هناك الأثر الأكبر في تطور نظرته للمستقبل، إذ قرر بعد ذلك إنشاء مثل هذه المرافق المهمة في مدينة أبوظبي.

ولقد تبنى سمو الشيخ شخبوط الذي اعتاد على الصعوبات الاقتصادية في العقدين الماضيين رأياً مختلفاً عن أخيه سمو الشيخ زايد، إذ فضّل سمو الشيخ شخبوط عدم إنفاق الأموال على التطور العام مما أوجد شعوراً بالإحباط في أوساط العائلة، وتم إقناعه في نهاية الأمر بالتنازل عن الحكم لأخيه سمو الشيخ زايد، في السادس من أغسطس 1966، حيث أصبح سمو الشيخ زايد حاكماً لإمارة أبوظبي. ومن الملفت للنظر أن صاحب السمو الشيخ زايد قام بتنفيذ مشاريع تنموية ضخمة خلال فترة لا تتجاوز الأسابيع الأولى لحكمه، فقد شيّد المدارس والمستشفيات وأقام الطرق ومشاريع الإسكان، كما حقق الكثير مما كان يعدّه غيره حلماً، وامتدت رؤيته بعد ذلك لتشمل المناطق خارج إمارة أبوظبي. و بعد توحيد قرى مدينة العين وجه اهتمامه لتوحيد كل الإمارات الأخرى. ولقد قدم دليلاً ملموساً على انتمائه وإخلاصه لفكرة الوحدة، إذ خصص جزءاً من عائدات النفط للإنفاق على تطوير الإمارات الأخرى، واتسع هذا الإيثار ليصبح السمة التي تصبغ حكم سموه، إذ إن الإمارات لم تتأخر عن دعم كثير من الدول الأخرى مثل البوسنة ولبنان واليمن......إلخ.

لقد اعلنت بريطانيا عام1968 عن نيتها في الانسحاب من المنطقة على أن يتم الانسحاب كلياً قبل نهاية عام 1971، ولقد انتهز كل من سمو الشيخ زايد وحاكم دبي المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم الفرصة للمناداة بالوحدة بين الإمارات والبحرين وقطر، ولكن تلك الوحدة التي كانا يتطلعان إليها لم تتم لعدم رغبة الإمارتين ( البحرين وقطر) بالانضمام للإمارات الأخرى. ولكن لم يكتنفهما اليأس ولم يتسلل لحماسهما الإحباط، إذ تحركا فوراً لإتمام وحدة الإمارات العربية التي ولدت في الثاني من ديسمبر 1971م. وبدون أدنى ريب يقر الجميع بحقيقة جوهرية وهي أنه لولا جهود سمو الشيخ زايد وحكمته وقيادته الرشيدة لظل موضوع الاتحاد مجرد حلم يراود مخيلة أبناء الإمارات. ويؤكد مكانة سموه ودوره الكبير اختيار أصحاب السمو حكام الإمارات أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد له لفترات حكم متعاقبة، مرة تلو أخرى. و لقد أدهشت دولة الإمارات العربية المتحدة التوقعات العالمية منذ نشأتها بما شهدته من تطورٍ سريع مذهل في جميع ميادين الحياة مثل: الخدمات الاجتماعية، والصحة والتعليم و الاتصالات والتكنولوجيا والتجارة والمال حتى وصلت، قياساً لما أنجزته في فترة زمنية قصيرة إلى مستوى لا يضاهيه مستوى، ولا يمكن مقارنته بأية تجربة أخرى في تاريخ الحضارات والمدن، والأهم من ذلك كله أن هذه التطورات الملحوظة جاءت مدعّمة باستقرار اجتماعي وسياسي.

وعلى الرغم من الاضطرابات التي شهدتها المنطقة، تمكنت دولة الإمارات من متابعة تقدمها وازدهارها غير متأثرة بأي تغيّر، محتفظة بثقافتها وتراثها، وكان خلف هذا التطور سمو الشيخ زايد الذي كان متسلحاً بحب وتقدير أبناء شعبه، مما وصل بالإمارات إلى هذا المستوى من الازدهار. وتنبع فلسفة سموه السياسية والإدارية من إيمانه العميق بالله واتباعه لتعاليم الدين الإسلامي، انطلاقاً من حبه الشديد لمعاملة جميع الناس بالتساوي، وتقديم العون لهم دون تمييز. وللتاريخ الحديث أن يسجل أن القليل من الزعماء تمكنوا من تحقيق هذه المتغيرات الجذرية التي حققها صاحب السمو الشيخ زايد في فترة قياسية، فإذا نظرنا إلى هذه الإنجازات تأكدنا أنه كان منذ البداية يعمل لمصلحة شعبه بل لمصلحة الإنسانية جمعاء، فالتجربة هنا تمتاز عن أي إنجاز في أية بقعة أخرى، وذلك لأن ما عمل من أجله كان ينبع من منطلقات انتمائه وإخلاصه وإيمانه، بينما نجد كثيراً من إنجازات الآخرين تستند إلى منطلقات برغماتية أو شخصية بحتة.