تشخيص ازمة الامن الغذائي
مرسل: السبت إبريل 06, 2013 8:04 pm
تشخيص أزمة الأمن الغذائي
من العوامل السكانية والطبيعية إلى الخيارات التنموية
تشخيص أزمة الأمن الغذائي
بقلم/ المصطفى ولد سيدي محمد
3/10/2004
يحلل الباحث في هذا المقال بعض مظاهر أزمة الغذاء في العالم العربي مركزا على تدني مستوى الاكتفاء وحجم الفجوة الغذائية وتطورها وحجم المعونات الغذائية، كما يحلل أسباب الأزمة مركزا على العوامل الديموغرافية والطبيعية والخيارات التنموية الاقتصادية الكلية وأثرها على استفحال الأزمة.
مقدمة
استقطبت مسألة التنمية الزراعية والغذاء اهتماما كبيرا على مستوى الوطن العربي في الآونة الأخيرة، شمل الجانب النظري والانشغالات الأكاديمية كما شمل الجانب التطبيقي والإجراءات العملية.
وليس منبع هذا الاهتمام أن الغذاء يشكل جوهر صراع الإنسان من أجل البقاء, بل لعل فشل هذه الجهود في تجاوز المشكلة الغذائية التي يعاني منها الوطن العربي زاد من ضرورة تقييم ومراجعة هذه الجهود. فقد دخلت أوضاع الزراعة والغذاء في الوطن العربي منذ منتصف السبعينات مرحلة حرجة, تمثلت في تنامي الطلب على المنتجات الزراعية عموما والغذائية على وجه الخصوص, نتيجة ارتفاع معدلات النمو الديمغرافي والقفزة النوعية في الدخول الفردية في بعض الدول العربية (النفطية منها), بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق العالمية وتقلص الأهمية النسبية للقطاع الزراعي في الهياكل الاقتصادية العربية. وقد نجم عن هذا الوضع تفاقم العجز الغذائي وبالتالي اللجوء إلى المصادر الأجنبية لسد هذا العجز.
وتعتبر أسباب الفجوة الغذائية العربية متعددة ومتشعبة, ويختلف الدور الذي تلعبه هذه الأسباب في تعميق هذه الأزمة حسب طبيعة الدول من حيث ثقلها السكاني وتوزيعهم بين الريف والحضر، وندرة أو محدودية الموارد الطبيعية والمالية، أو عدم نجاعة الهياكل الإدارية والتنظيمية في الدول، وعدم الاهتمام بالزراعة ضمن مخططات التنمية. وهي عوامل لها تأثير مباشر أو غير مباشر على الإنتاج والإنتاجية واستغلال الطاقات المتاحة.
ويقودنا تشخيص جذور أزمة الغذاء في الوطن العربي وتحليل العوامل الكامنة وراءها إلى الحديث عن جملة من العوامل المؤثرة فيها, يمكن تلخيصها في:
* العوامل الديمغرافية.
* العوامل الطبيعية.
* الخيارات التنموية الكلية.
والسؤال الذي يِطرح هنا: ما تأثير هذه العوامل في مشكلة الفجوة الغذائية ودرجة الاكتفاء الذاتي؟ وللإجابة على هذا التساؤل سنحاول رصد ملامح الأزمة الغذائية, ثم العوامل المؤثرة في الأزمة، وأخيرا أبعاد هذه الأزمة.
أولا: ملامح الأزمة الغذائية العربية
تعتمد أغلبية الأقطار العربية على القطاع الزراعي في توفير المنتجات الغذائية والمدخلات الوسيطة للصناعات التحويلية وخلق فرص العمل لفئات واسعة من السكان, بالإضافة إلى مساهمته في توفير العملات الصعبة وبالتالي تمويل برامج التنمية. ويعيق تخلف القطاع الزراعي مسيرة التنمية في القطاعات الأخرى, لهذا فإن تنمية هذا القطاع يجب أن تحتل مكانة متميزة في التوجهات التنموية العربية, خاصة بعد تزايد السكان وزيادة الطلب على السلع الغذائية.
وقد تطورت الأزمة الغذائية في الدول العربية تبعا لمعدلات نمو الإنتاج والطلب الاستهلاكي على المنتجات الغذائية. وقد أصبح هناك شبه إجماع على أن أزمة الغذاء في الوطن العربي قد وصلت إلى حد حرج يتجلى في تنامي الاعتماد على المصادر الخارجية لإطعام السكان, وتدهور نصيب الفرد من الناتج الزراعي، وتراجع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي
من العوامل السكانية والطبيعية إلى الخيارات التنموية
تشخيص أزمة الأمن الغذائي
بقلم/ المصطفى ولد سيدي محمد
3/10/2004
يحلل الباحث في هذا المقال بعض مظاهر أزمة الغذاء في العالم العربي مركزا على تدني مستوى الاكتفاء وحجم الفجوة الغذائية وتطورها وحجم المعونات الغذائية، كما يحلل أسباب الأزمة مركزا على العوامل الديموغرافية والطبيعية والخيارات التنموية الاقتصادية الكلية وأثرها على استفحال الأزمة.
مقدمة
استقطبت مسألة التنمية الزراعية والغذاء اهتماما كبيرا على مستوى الوطن العربي في الآونة الأخيرة، شمل الجانب النظري والانشغالات الأكاديمية كما شمل الجانب التطبيقي والإجراءات العملية.
وليس منبع هذا الاهتمام أن الغذاء يشكل جوهر صراع الإنسان من أجل البقاء, بل لعل فشل هذه الجهود في تجاوز المشكلة الغذائية التي يعاني منها الوطن العربي زاد من ضرورة تقييم ومراجعة هذه الجهود. فقد دخلت أوضاع الزراعة والغذاء في الوطن العربي منذ منتصف السبعينات مرحلة حرجة, تمثلت في تنامي الطلب على المنتجات الزراعية عموما والغذائية على وجه الخصوص, نتيجة ارتفاع معدلات النمو الديمغرافي والقفزة النوعية في الدخول الفردية في بعض الدول العربية (النفطية منها), بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق العالمية وتقلص الأهمية النسبية للقطاع الزراعي في الهياكل الاقتصادية العربية. وقد نجم عن هذا الوضع تفاقم العجز الغذائي وبالتالي اللجوء إلى المصادر الأجنبية لسد هذا العجز.
وتعتبر أسباب الفجوة الغذائية العربية متعددة ومتشعبة, ويختلف الدور الذي تلعبه هذه الأسباب في تعميق هذه الأزمة حسب طبيعة الدول من حيث ثقلها السكاني وتوزيعهم بين الريف والحضر، وندرة أو محدودية الموارد الطبيعية والمالية، أو عدم نجاعة الهياكل الإدارية والتنظيمية في الدول، وعدم الاهتمام بالزراعة ضمن مخططات التنمية. وهي عوامل لها تأثير مباشر أو غير مباشر على الإنتاج والإنتاجية واستغلال الطاقات المتاحة.
ويقودنا تشخيص جذور أزمة الغذاء في الوطن العربي وتحليل العوامل الكامنة وراءها إلى الحديث عن جملة من العوامل المؤثرة فيها, يمكن تلخيصها في:
* العوامل الديمغرافية.
* العوامل الطبيعية.
* الخيارات التنموية الكلية.
والسؤال الذي يِطرح هنا: ما تأثير هذه العوامل في مشكلة الفجوة الغذائية ودرجة الاكتفاء الذاتي؟ وللإجابة على هذا التساؤل سنحاول رصد ملامح الأزمة الغذائية, ثم العوامل المؤثرة في الأزمة، وأخيرا أبعاد هذه الأزمة.
أولا: ملامح الأزمة الغذائية العربية
تعتمد أغلبية الأقطار العربية على القطاع الزراعي في توفير المنتجات الغذائية والمدخلات الوسيطة للصناعات التحويلية وخلق فرص العمل لفئات واسعة من السكان, بالإضافة إلى مساهمته في توفير العملات الصعبة وبالتالي تمويل برامج التنمية. ويعيق تخلف القطاع الزراعي مسيرة التنمية في القطاعات الأخرى, لهذا فإن تنمية هذا القطاع يجب أن تحتل مكانة متميزة في التوجهات التنموية العربية, خاصة بعد تزايد السكان وزيادة الطلب على السلع الغذائية.
وقد تطورت الأزمة الغذائية في الدول العربية تبعا لمعدلات نمو الإنتاج والطلب الاستهلاكي على المنتجات الغذائية. وقد أصبح هناك شبه إجماع على أن أزمة الغذاء في الوطن العربي قد وصلت إلى حد حرج يتجلى في تنامي الاعتماد على المصادر الخارجية لإطعام السكان, وتدهور نصيب الفرد من الناتج الزراعي، وتراجع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي