صفحة 1 من 1

الأزمة السورية في عامها الاول بين الحلول السياسية والتسلح

مرسل: الاثنين إبريل 08, 2013 5:06 am
بواسطة عبدالله المطيري 9
بقلم منذر الشوفي وابراهيم حاج عبدي

تطوي الازمة السورية امس الخميس/15 مارس الحالي/ عامها الاول، وسط تجاذبات واستقطابات بين من يدعو الى الحوار والحل السياسي، ومن يطالب بتسليح المعارضة بغرض الدفاع عن المحتجين، وكبح آلة القمع الرسمية.

ومع حلول الذكرى الاولى امس (الخميس) يلاحظ المتابع ان هذه الاحتجاجات قد مرت بمحطات عدة، فهي بدأت بشكل عفوي على يد مجموعة من الاطفال في مدينة درعا جنوب البلاد، عندما كتبوا شعارات مناهضة للنظام على جدران مدارسهم تحت تأثير أجواء "الربيع العربي" الذي انطلق من تونس ليشمل عدة بلدان أخرى، لكن هؤلاء الاطفال سرعان ما اعتقلوا وعذبوا مع لجوء النظام في سوريا الى الحل الامني لمعالجة الموقف.

بيد ان هذا الحل الامني كان له انعكاسات سلبية، حيث خرجت الاحتجاجات من نطاق مدينة درعا وريفها، لتمتد إلى معظم المحافظات السورية، كما تغير الشعار الاولي للاحتجاجات الذي تمثل في المطالبة بالاصلاح والتغيير، الى المناداة بإسقاط النظام.

وبدت السلطات السورية عاجزة عن إسكات صوت الاحتجاجات سواء عبر المعالجة الامنية او من خلال حزمة الاصلاحات التي أطلقتها القيادة السورية، حيث رفعت حالة الطوارئ في البلاد، وألغت محكمة أمن الدولة، واعادت الجنسية لعدد من الاكراد السوريين، فضلا عن صدور قوانين في مجالات الاحزاب والاعلام والادارة المحلية و الانتخابات، وتوج هذا المسار الاصلاحي بإقرار دستور جديد للبلاد نهاية فبراير الماضي وسط وعود الحكومة السورية بأنها ماضية في طريق الإصلاح.

وفي موازاة هذا الجهد الاصلاحي الرسمي راحت المعارضة السورية بدورها تنظم صفوفها وتنشط في سبيل حشد الدعم الدولي للثورة السورية، وجاءت اولى التعبيرات القوية للمعارضة من مدينة اسطنبول حيث اعلنت مجموعة من شخصيات المعارضة الليبرالية والعلمانية والاسلامية، عن تأسيس المجلس الوطني السوري، كما أطلقت معارضة الداخل هيئة التنسيق الوطنية.

وبالتزامن مع هذا النشاط السياسي للمعارضة برزت محاولات لتأسيس نواة جيش معارض في مواجهة الجيش النظامي، الذي راح يشارك بعمليات القمع ضد الاحتجاجات، وهو ما أدى الى حدوث انشقاقات متوالية بدأت بالمقدم حسين هرموش الذي اسس كتيبة الضباط الاحرار، الا انه اعتقل بعد ايام قليلة ليظهر اسم العقيد رياض الاسعد، الذي أعلن إنشاء الجيش السوري الحر الذي يضم جنودا وضباطا منشقين عن الجيش النظامي، وهو يعد الان بمثابة الذراع العسكري للمعارضة السورية، وثمة دعوات تطالب بتسليحه صدرت من السعودية وقطر، وبعض الدول الغربية.

الضغوط الدولية والمبادرات لحل الازمة

ولم تلتزم الاسرة الدولية الصمت طويلا إزاء ما يجري في سوريا، بل سعت الى ممارسة الضغوط على النظام السوري، كي يستجيب لتطلعات شعبه، وبدأت الدول الغربية بفرض عقوبات اقتصادية على سوريا، وأعقب ذلك تحرك عربي قادته الجامعة العربية، لإيجاد حل للازمة التي راحت تتفاقم شهرا بعد شهر، وتقدمت الجامعة بسلسلة من المبادرات لم تطبق على ارض الواقع، وهو ما دفع الجامعة الى تعليق عضوية سوريا والمضي في ممارسة الضغط السياسي والدبلوماسي، عبر فرض عقوبات، والتلويح بتدويل الأزمة ، وهو ما حصل فعليا حينما عرض المشروع العربي الغربي على التصويت في مجلس الامن في 4 فبراير الماضي، لكنه اصطدم بالفيتو الروسي الصيني المزدوج للمرة الثانية في غضون خمسة اشهر.

ولم يثن الفيتو الروسي الصيني المزدوج من عزيمة المجتمع الدولي الذي استمر في البحث عن حلول للازمة، وجاء مؤتمر أصدقاء سوريا في تونس ليشكل محطة لدعم الثورة السورية خارج اطار المنظمة الدولية، وكخطوة أولى للاعتراف بالمجلس الوطني السوري المعارض كممثل شرعي للسوريين.

ولم تمض سوى بضعة ايام حتى تقدمت الصين، التي لم تشارك في المؤتمر المذكور، برؤية مؤلفة من ست نقاط تتضمن دعوة الى وقف العنف من جميع الاطراف، والبدء بحوار سياسي دون شروط مسبقة، كما ان وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، الذي امتنعت بلاده بدورها عن المشاركة في مؤتمر اصدقاء سوريا، شارك في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة مطلع هذا الشهر حيث اتفق الجانبان الروسي والعربي على خمسة اسس لتسوية الازمة السورية تنص على وقف العنف ورفض التدخل الخارجي وتقديم الدعم لمهمة كوفي أنان المبعوث الاممي الى سوريا.

وقبل ان تبلغ الازمة السورية عامها الاول بأيام زار أنان سوريا يومي السبت والاحد الماضيين، وتقدم بعدة " اقتراحات ملموسة "، بهدف حل الازمة عبر الطرق القنوات الدبلوماسية، وهو ما لاقى استجابة من السلطات السورية التي ردت على هذه المقترحات بايجابية، وتعهدت بالعمل على انجاح مهمة أنان الذي التقى في اسطنبول باعضاء من المجلس الوطني السوري المعارض بهدف تقريب وجهات النظر بينه وبين الحكومة السورية.

اداء مرتبك للمعارضة السورية

والمعارضة السورية خلال عام منصرم، لم تكن في احسن حالاتها، فهي عانت من الانشقاقات والاتهامات المتبادلة والاخفاق في توحيد الصفوف، والعجز عن الاتفاق على رؤية موحدة حيال الازمة، واذا ما تجازونا الكثير من التصريحات المتباينة والاختلافات في الرأي، فإن ما لا يمكن التغاضي عنه هو الانشقاق الاخير الذي حصل ضمن صفوف المجلس الوطني، حيث انشق عدد من ابرز الشخصيات المؤسسة له مثل هيثم المالح، وكمال اللبواني، وكاثرين التلي، الذين أعلنوا عن تأسيس جبهة معارضة تطلب صراحة بتسليح الجيش السوري الحر، وتدعو للتدخل الخارجي، وهو ما يعني بروز خطين اساسيين في المعارضة، الاول يطالب بعسكرة الانتفاضة وتسليحها في مواجهة قمع السلطات، والثاني يدعو الى الاستمرار في الاحتجاجات السلمية وتكريس الحل السياسي والحوار الوطني كمخرج لحل الازمة السورية.

الازمة في عيون السوريين

إن هذا المشهد المعقد للازمة السورية ومساراتها أفرز بالمقابل تباينا في اراء السوريين، بين من يراها ثورة سلمية ماضية نحو هدفها باصرار وصبر، وبين من يجد انها قد حرفت عن مسارها وراحت تستخدم العنف سبيلا لتحقيق الاهداف المرجوة منها.

المواطن السوري فايز فياض (28 عاما) يشكك بسلمية هذه الثورة، ويعتبر ان البلاد تتعرض لمؤامرة كونية تستهدف امنها واستقرارها، مشددا على ان الاصلاح والحوار هما السبيلان الوحيدان لتحقيق تطلعات ورغبات الشعب السوري.

في حين رأى مجد جبر في تصريحات لوكالة انباء ((شينخوا)) ان هذا الحراك الشعبي اثبت خلال عام مضى انه مصمم على تحقيق اهدافه في الحرية والديمقراطية، نافيا وجود اية عصابات مسلحة، حسب الرواية الرسمية، لكنه اقر ان عنف السلطات ولد عنفا مضادا، معربا عن امله في ان يتحرك المجتمع الدولي بجدية لانقاذ سوريا من مخاطر حرب طائفية محتملة.

المحلل السياسي علي محفوض اكد ان الازمة السورية بعد مضي عام عليها اخذت مسارها الجديد بالمعنى الجوهري وانتقلت من التظاهر السلمي الى العمل المسلح، وهي خرجت من ايدي السوريين ليصبح الملف السوري على طاولة الدول الكبرى.

وقال المحلل السياسي السوري في تصريحات لوكالة ((شينخوا)) ان الازمة السورية "افرزت محورين دوليين الاول، حسب رأيه، تقوده روسيا والصين ويعبر عن مبادئ القانون الدولي، والثاني تقوده الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي، ويهدف الى تفكيك المنطقة واشعالها بحروب طائفية ومذهبية بقصد السيطرة على منابع الطاقة.

ورأى محفوض أن السلطة السورية قوية ومتماسكة وهي ستحسم الامر بالقضاء على المجموعات المسلحة التي تعيث خرابا في البلاد، خصوصا وان المعارضة اثبتت انها غير وطنية وتستنجد بالخارج لتحقيق طموحات انية.

من جانبه، اعتبر عبد المجيد منجونة العضو في هيئة التنسيق الوطنية المعارضة ان الثورة السورية بعد ان أطفأت شمعتها الاولى، لم يستطع النظام من القضاء عليها او يقلص من حجمها، مؤكدا ان الحراك بدأ يتسع يوما بعد يوم ليشمل معظم المحافظات السورية.

وقال منجونة المقيم في محافظة حلب شمال سوريا في اتصال هاتفي مع وكالة ((شينخوا)) بدمشق إن "النظام لم يستجب لتطلعات الشعب السوري، مشككا بالاصلاحات التي طرحتها القيادة السورية، معتبرا انها "ليست جدية"، متسائلا : كيف يمكن ان تستقيم الاصلاحات المزعومة مع الحملة العسكرية الواسعة النطاق ضد المدن والبلدات السورية ، منتقدا في الوقت ذاته طريقة الاستفتاء على الدستور والاعلان عن اجراء انتخابات تشريعية في مطلع مايو القادم.


/مصدر: شينخوا/