موقع المملكة المغربية في السياسة الخارجية الفرنسية
مرسل: الثلاثاء إبريل 09, 2013 10:07 pm
موقع المملكة المغربية في السياسة الخارجية الفرنسية
محمد بن أمحمد العلوي
تقع المملكة المغربية في منطقة المغرب العربي الإستراتيجية ورأس حربة في المحور الجنوبي الغربي للبحر المتوسط، وتعتبر نقطة مراقبة للملاحة البحرية في مضيق جبل طارق، والذي يشكل ممرا أطلسيا مهما نحو حوض المتوسط وإفريقيا وممرا رئيسا لنقل المحروقات، ومن هنا اعتنت فرنسا بمنطقة شمال إفريقيا بشكل عام والمملكة المغربية بالخصوص، وذلك من اجل أمنها القومي ومصلحتها الحيوية. فبعد تصفية الاستعمار الفرنسي في منطقة المغرب العربي، ذهب مهندسو السياسة الخارجية إلى نهج استراتيجية مع هذه الدول واستثمارها في تحقيق الأهداف المشتركة.
ووجود اتفاقيات ثنائية زيادة على الأهمية الجغرافية المتميزة التي يتمتع بها المغرب، بتوفره على مجموعة من الموارد الاقتصادية المهمة، والتي زادت من أهميته، فرغم افتقاره للمحروقات، إلا أنه يمتلك كمية كبيرة من مادة الفوسفات، حيث يعتبر أول مصدر للفوسفات في العالم، وذلك بامتلاكه 70 في المائة من احتياطي الفوسفات العالمي. بالإضافة إلى مجال الزراعة كالحوامض والبطاطس، وعلى الصعيد البحري يمتلك المغرب ثروة سمكية معتبرة لموقعه بين واجهتين بحريتين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وفي قطاع الصناعة يعتمد على المواد نصف المصنعة. لذلك يعدّ البعد الاقتصادي، بعدا مهما جدا في رسم وتحديد السياسة الخارجية لفرنسا، في إطار من التعاون الاقتصادي والعلاقات التجارية المتبادلة مع المملكة المغربية، وذلك بامتلاك فرنسا لشبكة كبيرة من المصالح الاقتصادية مع بلدان الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، ومن ضمنها المغرب بشكل خاص.
هناك أيضا اهتمام فرنسا وسياستها الخارجية بالبعد الأمني بامتداداته العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وطبعا لا تعمل هذه القطاعات بمعزل عن بعضها البعض، بل كل منها يشكل نقطة مركزية أو بؤرة في الإشكالية الأمنية للسياسة الخارجية، وكذا في الطريقة التي ترتب بها الأولويات في معالجة إشكاليات الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة والهجرة السرية من الجنوب نحو الشمال، وكذلك انتشار المخدرات والتي أصبحت تهدد أمن فرنسا وتهدد استقرار المنطقة. ولقد تعزز هذا الهاجس الأمني بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، وهذا ما جعل فرنسا على ضوء المتطلبات السياسية والأمنية الجديدة تسعى إلى الانتقال من المفهوم الضيق للأمن بالمعنى العسكري، إلى تصور أكثر تعقيدا عن الأمن الإنساني، فالأمن لا يعني مجرد غياب الحرب، ولكنه يعني التعاون والاعتماد المتبادل بشكل خاص مع المملكة المغربية لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من أجل ضمان الحد الأدنى من الاستقرار على مستوى الحدود البحرية الجنوبية كضرورة جيواستراتيجية. ولتعزيز هذا المعطى وقعت فرنسا مع المغرب اتفاقية تعاون في مجال الأمن في باريس في 30 مايو (أيار) 2000، وتتمحور هذه الاتفاقية حول التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، والإتجار غير المشروع في المخدرات، والهجرة غير القانونية الجريمة المنظمة. لقد شكلت قضية الصحراء المغربية منذ اندلاعها عام 1975، أحد المحددات السياسية والإستراتيجية الرئيسة لمسارات التوتر في المغرب العربي، من حيث التأثير على استقرار المنطقة، وظلت هذه القضية أحد المعالم الكبرى للسياسة الخارجية الفرنسية.
من أجل ذلك كانت فرنسا دائما تقدم الدعم الدبلوماسي والعسكري للمملكة وتعزز ذلك بشكل اكبر مع مرحلة الرئيس جيسكار ديستان، لكن مع بداية حكم الرئيس الإشتراكي فرانسوا ميتران، كانت هناك بعض التكتيكات على مستوى مقاربته للمشكلة وذلك لاعتبارات إيديولوجية محضة، لكن من الناحية الإستراتيجية بقي الموقف على ما هو عليه، وهو ما سار عليه جاك شيراك والرئيس السابق نيكولا ساركوزي، ولن يتغير في اعتقادنا هذا التوجه مع مجيء فرانسوا هولاند إلى قصر الاليزيه. لقد أكد رئيس الدبلوماسية المغربية السيد العثماني على أن العلاقات المغربية الفرنسية لا تتأثر بتغيير الحزب الحاكم في فرنسا، والمصالح بين البلدين تبقى خارج التغييرات السياسية، ويزيد على تأكيده أن الدفاع على المصالح المغربية توجه لا رجعة عنه. في الأخير نطرح مسألة استمرارية السياسة الخارجية الفرنسية في ضبط أوضاعها مع تطورات وانشغالات الداخل، وإكراهات الخارج و الوفاء للموروث الدبلوماسي الفرنسي، وعطفا على المعطيات التي بحثنا فيها آنفا تجعلنا نرجح الاستمرارية على التغيير في ظل التمييز بين القضايا الأورو- أطلسية والقضايا الدولية. بحيث ستطبع الاستمرارية القضايا الدولية ومن ضمنها المغرب، بينما سيطال التغيير القضايا الأورو- أطلسية في أطر ثلاثة هي:
-1 تغليب السياسة على المال في مجال الاقتصاد .
-2 إعطاء مسافة متباعدة نسبيا مع السياسة الأميركية .
-3 علاقة فرسا مع الحلف الأطلسي بإعادة النظر في القيادة المندمجة من دون الانسحاب منها .
ونوهت مجموعة من المسؤولين الفرنسيين بقوة وعمق العلاقات المغربية الفرنسية، التي تطبعها الاستمرارية وأكدت على إرساء أوجه جديدة للتعاون مع المغرب ومواكبته في مسلسل تطوره لدعم أوراش الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي يقوم بها، وزادت على تأكيدها بأن فرنسا عاقدة العزم على تطوير العلاقات الثنائية في ظل ما تشهده المنطقة من تحولات. وقد صرحت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الوطنية الفرنسية إليزابيث غيغو قائلة: «إن مسلسل الإصلاحات المؤسساتية في المغرب تم بشكل متميز». وأشادت في هذا السياق بالتزام الحكومة المغربية بإعطاء دفعة قوية « لتدابير مكافحة الفساد واعتماد الشفافية في ولوج الوظيفة العمومية». كما أكد رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك آيرولت في زيارته الأخيرة للمغرب، دعم فرنسا ومساندتها للحركية الجيدة المتمثلة بالإصلاحات والتحديث التي يشهدها المغرب، وجدد رئيس الوزراء الفرنسي، التأكيد على رغبة بلاده في ما سمّاه «إعطاء دفعة جديدة للشراكة الثنائية الاستثنائية» التي تجمع بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية.
محمد بن أمحمد العلوي
تقع المملكة المغربية في منطقة المغرب العربي الإستراتيجية ورأس حربة في المحور الجنوبي الغربي للبحر المتوسط، وتعتبر نقطة مراقبة للملاحة البحرية في مضيق جبل طارق، والذي يشكل ممرا أطلسيا مهما نحو حوض المتوسط وإفريقيا وممرا رئيسا لنقل المحروقات، ومن هنا اعتنت فرنسا بمنطقة شمال إفريقيا بشكل عام والمملكة المغربية بالخصوص، وذلك من اجل أمنها القومي ومصلحتها الحيوية. فبعد تصفية الاستعمار الفرنسي في منطقة المغرب العربي، ذهب مهندسو السياسة الخارجية إلى نهج استراتيجية مع هذه الدول واستثمارها في تحقيق الأهداف المشتركة.
ووجود اتفاقيات ثنائية زيادة على الأهمية الجغرافية المتميزة التي يتمتع بها المغرب، بتوفره على مجموعة من الموارد الاقتصادية المهمة، والتي زادت من أهميته، فرغم افتقاره للمحروقات، إلا أنه يمتلك كمية كبيرة من مادة الفوسفات، حيث يعتبر أول مصدر للفوسفات في العالم، وذلك بامتلاكه 70 في المائة من احتياطي الفوسفات العالمي. بالإضافة إلى مجال الزراعة كالحوامض والبطاطس، وعلى الصعيد البحري يمتلك المغرب ثروة سمكية معتبرة لموقعه بين واجهتين بحريتين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وفي قطاع الصناعة يعتمد على المواد نصف المصنعة. لذلك يعدّ البعد الاقتصادي، بعدا مهما جدا في رسم وتحديد السياسة الخارجية لفرنسا، في إطار من التعاون الاقتصادي والعلاقات التجارية المتبادلة مع المملكة المغربية، وذلك بامتلاك فرنسا لشبكة كبيرة من المصالح الاقتصادية مع بلدان الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، ومن ضمنها المغرب بشكل خاص.
هناك أيضا اهتمام فرنسا وسياستها الخارجية بالبعد الأمني بامتداداته العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وطبعا لا تعمل هذه القطاعات بمعزل عن بعضها البعض، بل كل منها يشكل نقطة مركزية أو بؤرة في الإشكالية الأمنية للسياسة الخارجية، وكذا في الطريقة التي ترتب بها الأولويات في معالجة إشكاليات الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة والهجرة السرية من الجنوب نحو الشمال، وكذلك انتشار المخدرات والتي أصبحت تهدد أمن فرنسا وتهدد استقرار المنطقة. ولقد تعزز هذا الهاجس الأمني بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، وهذا ما جعل فرنسا على ضوء المتطلبات السياسية والأمنية الجديدة تسعى إلى الانتقال من المفهوم الضيق للأمن بالمعنى العسكري، إلى تصور أكثر تعقيدا عن الأمن الإنساني، فالأمن لا يعني مجرد غياب الحرب، ولكنه يعني التعاون والاعتماد المتبادل بشكل خاص مع المملكة المغربية لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من أجل ضمان الحد الأدنى من الاستقرار على مستوى الحدود البحرية الجنوبية كضرورة جيواستراتيجية. ولتعزيز هذا المعطى وقعت فرنسا مع المغرب اتفاقية تعاون في مجال الأمن في باريس في 30 مايو (أيار) 2000، وتتمحور هذه الاتفاقية حول التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، والإتجار غير المشروع في المخدرات، والهجرة غير القانونية الجريمة المنظمة. لقد شكلت قضية الصحراء المغربية منذ اندلاعها عام 1975، أحد المحددات السياسية والإستراتيجية الرئيسة لمسارات التوتر في المغرب العربي، من حيث التأثير على استقرار المنطقة، وظلت هذه القضية أحد المعالم الكبرى للسياسة الخارجية الفرنسية.
من أجل ذلك كانت فرنسا دائما تقدم الدعم الدبلوماسي والعسكري للمملكة وتعزز ذلك بشكل اكبر مع مرحلة الرئيس جيسكار ديستان، لكن مع بداية حكم الرئيس الإشتراكي فرانسوا ميتران، كانت هناك بعض التكتيكات على مستوى مقاربته للمشكلة وذلك لاعتبارات إيديولوجية محضة، لكن من الناحية الإستراتيجية بقي الموقف على ما هو عليه، وهو ما سار عليه جاك شيراك والرئيس السابق نيكولا ساركوزي، ولن يتغير في اعتقادنا هذا التوجه مع مجيء فرانسوا هولاند إلى قصر الاليزيه. لقد أكد رئيس الدبلوماسية المغربية السيد العثماني على أن العلاقات المغربية الفرنسية لا تتأثر بتغيير الحزب الحاكم في فرنسا، والمصالح بين البلدين تبقى خارج التغييرات السياسية، ويزيد على تأكيده أن الدفاع على المصالح المغربية توجه لا رجعة عنه. في الأخير نطرح مسألة استمرارية السياسة الخارجية الفرنسية في ضبط أوضاعها مع تطورات وانشغالات الداخل، وإكراهات الخارج و الوفاء للموروث الدبلوماسي الفرنسي، وعطفا على المعطيات التي بحثنا فيها آنفا تجعلنا نرجح الاستمرارية على التغيير في ظل التمييز بين القضايا الأورو- أطلسية والقضايا الدولية. بحيث ستطبع الاستمرارية القضايا الدولية ومن ضمنها المغرب، بينما سيطال التغيير القضايا الأورو- أطلسية في أطر ثلاثة هي:
-1 تغليب السياسة على المال في مجال الاقتصاد .
-2 إعطاء مسافة متباعدة نسبيا مع السياسة الأميركية .
-3 علاقة فرسا مع الحلف الأطلسي بإعادة النظر في القيادة المندمجة من دون الانسحاب منها .
ونوهت مجموعة من المسؤولين الفرنسيين بقوة وعمق العلاقات المغربية الفرنسية، التي تطبعها الاستمرارية وأكدت على إرساء أوجه جديدة للتعاون مع المغرب ومواكبته في مسلسل تطوره لدعم أوراش الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي يقوم بها، وزادت على تأكيدها بأن فرنسا عاقدة العزم على تطوير العلاقات الثنائية في ظل ما تشهده المنطقة من تحولات. وقد صرحت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الوطنية الفرنسية إليزابيث غيغو قائلة: «إن مسلسل الإصلاحات المؤسساتية في المغرب تم بشكل متميز». وأشادت في هذا السياق بالتزام الحكومة المغربية بإعطاء دفعة قوية « لتدابير مكافحة الفساد واعتماد الشفافية في ولوج الوظيفة العمومية». كما أكد رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك آيرولت في زيارته الأخيرة للمغرب، دعم فرنسا ومساندتها للحركية الجيدة المتمثلة بالإصلاحات والتحديث التي يشهدها المغرب، وجدد رئيس الوزراء الفرنسي، التأكيد على رغبة بلاده في ما سمّاه «إعطاء دفعة جديدة للشراكة الثنائية الاستثنائية» التي تجمع بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية.