التقرير الإقليمي: سيناريو تقسيم سوريا.. والمعارك الأربع في م
مرسل: الاثنين إبريل 15, 2013 6:17 pm
معهد العربية للدراسات -
شهدت منطقة الشرق الأوسط فيضاً من التطورات خلال الأسبوع الأول من إبريل الحالي، وسط بيئة إقليمية تموج بالتغيرات الدراماتيكية. ولعل المشهد في سوريا ومصر ما زال يتصدر الحدث الإقليمي، فيما دفع انتخاب خالد مشغل رئيساً لحركة "حماس"، ووفاة الأسير الفلسطيني ميسرة أبو حمدية، المشهد الفلسطيني للمقدمة مجدداً. بالتوازي، شهد اليمن تأزم الحوار الوطني وانفجار الوضع الأمني في الحدية، وتداعيات ترحيل السعودية للمتسللين عبر الحدود. وهنا أيضاً استعداد تونس للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، سعياً منها نحو الخروج من دائرة الأزمة الاقتصادية الطاحنة. ومبادرة الرئيس السوداني عمر البشير بالإفراج عن المعتقلين السياسيين والدعوة لحوار بين الفرقاء.
سوريا: المعارضة تتقدم والنظام يلجأ للتقسيم
رسم نظام الأسد سيناريو مزدوج لتقسيم سوريا وتخطيط جبهات القتال من خلال قرار إعادة تقسيم المحافظات إلى 17 محافظة بدلاً من14 باضافة 3 محافظات جدد في حلب وحمص والحسكة. ودلل قرار التقسيم الإداري الجديد على سعي النظام لفصل مناطق نفوذه عن تلك المناطق التي فقد السيطرة عليها نهائياً في شمال سوريا من خلال فصل القامشلي "الكردية" عن محافظة الحسكة وفصل ريف حلب عن مركز المدينة الذي يسيطر عليه واقمة محافظة البادية في تدمر لفصلها عن حمص. وحاول نظام الأسد من خلال القرار تعزيز معنويات قواته – التي قاربت على الانهيار- بتفعيل سيطرتها على مناطق تتحكم فيها واخراج مناطق خسرتها بشكل نهائي عن حيز قياداتها. وتزامن هذا التقسيم بإجراء تغيرات جوهرية على مستوى القيادة العسكرية في عدد من المناطق وفي مقدمتها درعا التي شهدت انتصارات نوعية للمعارضة.
وعلى جبهة القتال، نجحت المعارضة في تحقيق مكسب هام بالضغط على قوات النظام قرب دمشق، مما دفع متحدث عسكري باسم نظام الأسد الأسد عن أن قواته ستكون على "أهبة الاستعداد" للدفاع عن دمشق وتهديد من يحاول الاقتراب منها بــ"المةت الحتمي". وهي التصريحات التي اعتبرها عدد من المحللين العسكريين اعترافاً صريحا من جيش الأسد عن عنف وضراوة المعارك قرب العاصمة.
ومن بين المؤشرات الإيجابية على إمكانية تقدم المعارضة المسلحة في معركة دمشق هو النجاح في ضبط ايقاع العمليات "المنفلتة" التي حذر التقرير الاقليمي للعربية الأسبوع الماضي من أنها قد تصعب من إمكانية حسم معركة العاصمة في ظل سعي نظام الاسد لتجييش سكان المدنية من الأقليات والمرتبطين به وتشويه المعارضة عبر استغلال العمليات التي تستهدف المدنيين في اثارة غضب سكان العاصمة.
وفي سياق التحول العسكري الراهن، فإن عدد من الخبراء العسكريين يتحدثون عن انتظار الجيش السوري الحر للحظة مناسبة لشن هجوم متواز من جنوب وشرق وشمال دمشق، لخلخلة دفاعات الأسد للعاصمة. ومثل هذا الهجوم يتطلب توفر اسلحة متقدمة غير المتوفرة في اللحظة الراهنة لعناصر المعارضة المسلحة.
ونجحت قوات المعارضة كذلك في حصار الفرقة 17 بالرقة. ونقلت قناة "العربية" – في هذا السياق – استغاثة من الكتيبة الطبية للفرقة اكدت فيها مقتل 80 فرداً واصابة 250 آخرين على ايدي المجموعات التابعة للجيش السوري الحر. والفرقة 17 هي اقوى فرق نظام الاسد في محافظة الرقة وسقوطها يعني حسم المعارضة لمعركة المحافظة الشمالية التي تسيطر فعلياً على معظم مناطقها. في الوقت نفسه نجح الجيش السوري الحر في السيطرة على الكتيبة 49 من الجيش السوري في ريف درعا. في الوقت نفسه، واصلت المعارضة التقدم في حلب، حيث سيطرت على عدد من المواقع الاستراتيجية منها حي الشيخ مقصود الذي تقطنه أغلبية كردية.
وبالتوازي مع تقدم المعارضة ميدانياً، تحدثت "واشنطن بوست" عن تكثيف التدريبات الأمريكية للقوات التابعة للجيش السوري الحر في الأردن بهدف إقامة منطقة عازلة على الحدود بين سوريا والأردن وتسليم إدارتها للجيش السوري الحر. وجاءت هذه الأنباء بعد 3 أسابيع من تسريب معلومات بشأن انتقال 300 مقاتل تلقوا التدريبات في الأردن إلى الجبهة السوري في اول انجاز للتدريبات التي بدأتها الولايات المتحدة للمعارضين منذ العام الماضي. ووفقاً للمصادر الامريكية فإنه من المقرر تدريب 3000 مقاتل قبل منتصف العام الحالي. وهو المقاتلون الذين سيمثلون إضافة نوعية للمعارضة المسلحة وسط تراجع احتمال التدخل العسكري الغربي لتغيير موازين القوى في ساحة القتال. وجددت هذه التطورات الحديث عن ضرورة فرض منطقة حظر طيران في المناطق التي يسيطر عليها المعارضون للحيلولة دون قيام النظام السوري بشن هجمات جوية على القواعد الجديد للمعارضة.
وتشير أرقام الضحايا خلال الأيام الاربع الأولى من شهر أبريل إلى أنه لن يكون أقل عنفاً من شهر مارس الماضي الذي قتل فيه أكثر من ستة ألاف شخص بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان من بينهم 15 صحفياً وإعلامياً، مما جعله الشهر الأكثر دموياً منذ اندلاع الثورة السورية. وبحسب بيانات النشطاء السوريين فقد لقي نحو 700 شخص مصرعهم منذ بداية الشهر الحالي.
وبعيداً عن المعارك اليومية، فإن المعارضة المسلحة تلقت دعماً معنوياً دولياً من خلال تصريحات جيرهارد شيندلر رئيس جهاز الاستخبارات الألمانية الخارجية التي أكد فيها أن فرصة انتصار قوات الأسد في المعركة تتراجع، كما اشار إلى أن العناصر المتطرفة مازالت تمثل أقلية من المقاتلين. ولكنه حذر أيضاً من أن الإرهابيين المرتبطين بتظيم "القاعدة" يزداد بين صفوف المعارضة. وحاءت تصريحات المسئول الألماني وسط استمرار مخاوف الغرب من نشاط مقاتلي "جبهة النصرة" المتشددة بين المعارضة السورية.
وعلى الصعيد السياسي، تراجعت تفاعلات المعارضة من صدارة المشهد، في حالة سكون بعد صخب استمر لنحو 3 اسابيع بسبب الخلافات بين قيادة الائتلاف المعارض واستقالة معاذ الخطيب وتفاعلها مع اخيار غسان هيتو رئيسا للحكومة المؤقتة. وبما كان التراجع الواضح للتصريحات والاتهامات المتبادلة بين اطراف المعارضة السورية بمثابة اشارة إلى خوض الاطراف المتناحرة لحوار جاد بعيداً عن الأضواء بحثاً عن جمع شمل المعارضة للحصول على الدعم الدولي والعربي اللازم لتحقيق انتصارات دبلوماسية ذات مغزي تعزز من موقف المسلحين في الداخل وتقرب الثورة السورية خطوات من الحسم وهزيمة نظام الأسد. في المقابل، خرج بشار الاسد بمرسوم – خارج عن السياق- تحدث فيه عن عرض للعفو عن الخاطفين شريطة تسليمهم الرهائن خلال 15 يوماً وفي نفس الوقت تشديد العقوبة الجمائية للخاطفين بالسجن المؤبد و الاعدام.
مصر: المعارك الثلاث للإخوان .. الإعلام والأزهر والبوتوجاز
خاض النظام المصري 4 معارك خلال الأسبوع الأخير، الأولى مع الاعلام عبر باسم يوسف والثانية مع الأزهر والثالثة مع الأزمة المالية عبر سياسة التقشف ورفع اسعار البوتوجاز (الغاز المنزلي) وأخيراً معركة استقبال الفوج السياح الإيراني.
ففي معركة الإعلام (راجع تقرير معهد العربية الإخوان والإعلام: المعركة الخاسرة)، قام النائب العام المصري باستدعاء الإعلامي الساخر الشهير باسم يوسف للتحقيق معه بتهمة إهانة الرئيس وازدراء الدين الإسلامي. وهي التحقيقات التي اظهرت مدى خشية "الإخوان" من حرية الرأي والتعبير في اللحظة الراهنة وسط تزايد الانتقادات لفشل النظام في حل الأزمات المتلاحقة التي تمر بها مصر. وجاء استدعاء باسم يوسف في سياق تكتيك النظام الخاص بـ"رأس الذئب الطائر"، حيث يعد باسم يوسف الإعلامي الأشهر حالياً في مصر والعالم العربي والأكثر تهكماً وسخرية من الرئيس المصري.
ولكن هذا التكتيك لم ينجح في تحقيق اهدافه، حيث دفع الإعلاميين المصريين إلى رفع سقف التحدي والانتقاد لمؤسسة الرئاسة والإخوان بالتوازي رفع من حدة التوتر مع الولايات المتحدة التي وجدت نفسها في مأق الدفاع عن نظام ينتهك حرية الرأي والتعبير. وفي هذا السياق ظهرت معركة "تويتر" بين واشنطن والقاهرة، حيث قامت السفارة الأمريكية بتغريدة على حسابها بتويتر بها رابط حلقة للاعلامي الشهير جون ستيوارت التي هاجم فيها مرسي تضامناً مع باسم يوسف. وهي التغريدة التي دفعت الرئاسة للرد عليها بأنها "خطوة غير ملائمة". واضطرت السفارة إلى وقف الحساب على "تويتر" مع انتقاد الخارجية الامريكية لهذا الفعل باعتباره لا يتمتع بالحكمة في التعامل مع الحكومات. ولعل الانتقاد الأمريكي الصريح باستدعاء باسم يوسف اجبر النظام المصري للتراجع، معتبراً انه لم يقدم البلاغ ضد الاعلامي الساخر.
وفي معركة ثانية لـ"الإخوان"، شن قيادات الجماعة وعناصرها هجوماً عنيفاً على شيخ الأزهر احمد الطيب بعد حادثة تسمم أكثر من 500 طالب بالمدينة الجامعية للازهر بسبب وجبة دجاج فاسدة. وهي المعركة التي نجح شيخ الأزهر في تفاديها عبر تحركه السريع باقالة رئيس الجامعة ورئيس المدينة الجامعية والمسئول عن التغذية بالإضافة إلى حشد القوى العارضة للإخوان لادواتها الاعلامية دفاعاً عن شيخ الأزهر المعتدل والذي يعد أحد رموز رفض الهيمنة الإخوانية على مصر.
وكان "الإخوان" قد استغلوا حادث تسمم الطلاب لتوجيه التظاهرات الغاضبة ضد شيخ الأزهر ومحاولة اقتحام المشيخة بالتوازي مع اسراع الرئيس محمد مرسي في زيارة المصابين للتأكيد على التضامن "الإخواني" وشن نائب رئيس حزب "الحرية والعدالة" هجوماً عنيفاً على الطيب. ولكن هذا الهجوم لم يتفاعل معه الطيب بالتصريحات بل سارع بالتواي باتخاذ القرارات الحاسمة لخلخلة الدعم الطلابي للمظاهرات الإخوانية وهو ما حدث بالفعل. في الوقت نفسه، دعت القوى المدنية لتظاهرات مؤيدة لأحمد الطيب. ووضح في معركة شيخ الأزهر استمرار التيار السلفي في تمييز نفسه عن "الإخوان" بتأكيد احترامه ودعمه لشيخ الأزهر.
وكانت المعركة الثالثة هي الأصعب ببدء الإجراءات العملية لرفع الدعم بهدف تخفيض العجز في الموازنة والوفاء بشروط صنددوق النقد الدولي للحصول على قرص بنحو 4,8 مليار دولار. ودشنت الحكومة المصرية هذه الإجراءات برفع سعر انبوبة غاز الطبخ "البوتوجاز" بنحو 100% ليرتفع ثمنها من 4 جنيهات إلى 8 جنيهات. وهي السلعة التي تستخدمها اغلبية من الشرائح الفقيرة في المجتمع المصري، حيث ان اكثرية الطبقة الوسطى في المدن الكبرى تستخدم الغاز الطبيعي.
وجاء رفع سعر الغاز المنزلي في مصر للمرة الأولى منذ عقدين ليزيد حالة الاحتقان الاجتماعي في لة شهدت اكبر عدد من الحركات الاحتجاجية خلال العام الماضي مما يهدد بانفجار ثورة الجياع في وجه السلطة، خاصة مع سعي الحكومة الي رفع الدعم بشكل نهائي خلال السنوات الثلاث المقبلة بحسب تصريحات وزير البترول المصري لصحيفة "الأهرام".
وخاضت الحكومة المصرية معركة "رابعة" باستقبال رحلة طيران تحمل فوجاً سياحياً من طهران للمرة الأولى منذ 34 عاماً. وهي الزيارة التي اثارت حفيظة التيار السلفي ودعته للمطالبة بمواجهة محاولات "التشيع" في مصر. وفي لفتة نادرة دافع القيادي الليبيرالي محمد البرادعي عن قرار النظام التطبيع الشعبي مع إيران، مدافعاً عن وصول السياح الإيرانيين. وجاء وصول هذا الوفد ليفتتح طريقاً طويلاً من التطبيع بين القاهرة وطهران بع زيارة مرسي لايران في اغسطس 2012 والتي اعقبتها زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للقاهرة خلال فبراير الماضي وما تلاها من الغاء طهران تأشيرة دخول السياح المصريين إلى إيران.
فلسطين: مشعل قائداً لـ"حماس" وانتفاضة الأسرى
أعادت حركة "حماس" انتخاب خالد مشعل لرئاسة المكتب السياسي في اجتماع بالقاهرة، لتنهي التسريبات المتضاربة بشأن اعتذار مشعل وانتخاب إسماعيل هنية رئيساً للحركة. ودشن استمرار مشعل في قيادة الحركة حسم المعركة لصالح قيادة الداخل بعد صراع استمر أكثر من عامين مع قيادة الداخل متمثلة في هنية. بالتوازي، حمل الاختيار انحياز الحركة لمتطلبات الوضع الإقليمي المعقد ورغبة الحلفاء الرئيسين (مصر وقطر) في بقاء خيوط الاتصال الرئيسية مع مشعل الذي اصبح تعبيراً عن خط الاعتدال في الحركة عقب الربيع العربي ودوره في الهدنة بين إسرائيل والحركة قبل نهاية العام الماضي.
على صعيد آخر، انفجرت "انتفاضة" الأسرى الفلسطينين عقب وفاة الأسير الفلسطيني ميسرة أبو حمدية بعد رحلة معاناة مع مرض السرطان في سجن الاحتلال. واعقب وفاة أبو حمدية (64 عاماً) انفجار المظاهرات في الضفة الغربية بقيادة اسر الأسرى والتي تزامنت مع ذكرى "يوم الأرض".
وفجر مقتل ابو حمدية غضب الفلسطينين من استمرار قضية الأسرى بدون حل رغم كافة الوعود السابقةمن جانب السلطة الفلسطينية بشأن وضعها ضمن أولويات أي حوار مستقبلي مع إسرائيل. وحذرت السلطة الفلسطينية من جانبها من انفجار الأوضاع واندلاع "انتفاضة ثالثة" بسبب الأسرى وسياسة التوسع الاستيطاني الصهيونية.
شهدت منطقة الشرق الأوسط فيضاً من التطورات خلال الأسبوع الأول من إبريل الحالي، وسط بيئة إقليمية تموج بالتغيرات الدراماتيكية. ولعل المشهد في سوريا ومصر ما زال يتصدر الحدث الإقليمي، فيما دفع انتخاب خالد مشغل رئيساً لحركة "حماس"، ووفاة الأسير الفلسطيني ميسرة أبو حمدية، المشهد الفلسطيني للمقدمة مجدداً. بالتوازي، شهد اليمن تأزم الحوار الوطني وانفجار الوضع الأمني في الحدية، وتداعيات ترحيل السعودية للمتسللين عبر الحدود. وهنا أيضاً استعداد تونس للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، سعياً منها نحو الخروج من دائرة الأزمة الاقتصادية الطاحنة. ومبادرة الرئيس السوداني عمر البشير بالإفراج عن المعتقلين السياسيين والدعوة لحوار بين الفرقاء.
سوريا: المعارضة تتقدم والنظام يلجأ للتقسيم
رسم نظام الأسد سيناريو مزدوج لتقسيم سوريا وتخطيط جبهات القتال من خلال قرار إعادة تقسيم المحافظات إلى 17 محافظة بدلاً من14 باضافة 3 محافظات جدد في حلب وحمص والحسكة. ودلل قرار التقسيم الإداري الجديد على سعي النظام لفصل مناطق نفوذه عن تلك المناطق التي فقد السيطرة عليها نهائياً في شمال سوريا من خلال فصل القامشلي "الكردية" عن محافظة الحسكة وفصل ريف حلب عن مركز المدينة الذي يسيطر عليه واقمة محافظة البادية في تدمر لفصلها عن حمص. وحاول نظام الأسد من خلال القرار تعزيز معنويات قواته – التي قاربت على الانهيار- بتفعيل سيطرتها على مناطق تتحكم فيها واخراج مناطق خسرتها بشكل نهائي عن حيز قياداتها. وتزامن هذا التقسيم بإجراء تغيرات جوهرية على مستوى القيادة العسكرية في عدد من المناطق وفي مقدمتها درعا التي شهدت انتصارات نوعية للمعارضة.
وعلى جبهة القتال، نجحت المعارضة في تحقيق مكسب هام بالضغط على قوات النظام قرب دمشق، مما دفع متحدث عسكري باسم نظام الأسد الأسد عن أن قواته ستكون على "أهبة الاستعداد" للدفاع عن دمشق وتهديد من يحاول الاقتراب منها بــ"المةت الحتمي". وهي التصريحات التي اعتبرها عدد من المحللين العسكريين اعترافاً صريحا من جيش الأسد عن عنف وضراوة المعارك قرب العاصمة.
ومن بين المؤشرات الإيجابية على إمكانية تقدم المعارضة المسلحة في معركة دمشق هو النجاح في ضبط ايقاع العمليات "المنفلتة" التي حذر التقرير الاقليمي للعربية الأسبوع الماضي من أنها قد تصعب من إمكانية حسم معركة العاصمة في ظل سعي نظام الاسد لتجييش سكان المدنية من الأقليات والمرتبطين به وتشويه المعارضة عبر استغلال العمليات التي تستهدف المدنيين في اثارة غضب سكان العاصمة.
وفي سياق التحول العسكري الراهن، فإن عدد من الخبراء العسكريين يتحدثون عن انتظار الجيش السوري الحر للحظة مناسبة لشن هجوم متواز من جنوب وشرق وشمال دمشق، لخلخلة دفاعات الأسد للعاصمة. ومثل هذا الهجوم يتطلب توفر اسلحة متقدمة غير المتوفرة في اللحظة الراهنة لعناصر المعارضة المسلحة.
ونجحت قوات المعارضة كذلك في حصار الفرقة 17 بالرقة. ونقلت قناة "العربية" – في هذا السياق – استغاثة من الكتيبة الطبية للفرقة اكدت فيها مقتل 80 فرداً واصابة 250 آخرين على ايدي المجموعات التابعة للجيش السوري الحر. والفرقة 17 هي اقوى فرق نظام الاسد في محافظة الرقة وسقوطها يعني حسم المعارضة لمعركة المحافظة الشمالية التي تسيطر فعلياً على معظم مناطقها. في الوقت نفسه نجح الجيش السوري الحر في السيطرة على الكتيبة 49 من الجيش السوري في ريف درعا. في الوقت نفسه، واصلت المعارضة التقدم في حلب، حيث سيطرت على عدد من المواقع الاستراتيجية منها حي الشيخ مقصود الذي تقطنه أغلبية كردية.
وبالتوازي مع تقدم المعارضة ميدانياً، تحدثت "واشنطن بوست" عن تكثيف التدريبات الأمريكية للقوات التابعة للجيش السوري الحر في الأردن بهدف إقامة منطقة عازلة على الحدود بين سوريا والأردن وتسليم إدارتها للجيش السوري الحر. وجاءت هذه الأنباء بعد 3 أسابيع من تسريب معلومات بشأن انتقال 300 مقاتل تلقوا التدريبات في الأردن إلى الجبهة السوري في اول انجاز للتدريبات التي بدأتها الولايات المتحدة للمعارضين منذ العام الماضي. ووفقاً للمصادر الامريكية فإنه من المقرر تدريب 3000 مقاتل قبل منتصف العام الحالي. وهو المقاتلون الذين سيمثلون إضافة نوعية للمعارضة المسلحة وسط تراجع احتمال التدخل العسكري الغربي لتغيير موازين القوى في ساحة القتال. وجددت هذه التطورات الحديث عن ضرورة فرض منطقة حظر طيران في المناطق التي يسيطر عليها المعارضون للحيلولة دون قيام النظام السوري بشن هجمات جوية على القواعد الجديد للمعارضة.
وتشير أرقام الضحايا خلال الأيام الاربع الأولى من شهر أبريل إلى أنه لن يكون أقل عنفاً من شهر مارس الماضي الذي قتل فيه أكثر من ستة ألاف شخص بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان من بينهم 15 صحفياً وإعلامياً، مما جعله الشهر الأكثر دموياً منذ اندلاع الثورة السورية. وبحسب بيانات النشطاء السوريين فقد لقي نحو 700 شخص مصرعهم منذ بداية الشهر الحالي.
وبعيداً عن المعارك اليومية، فإن المعارضة المسلحة تلقت دعماً معنوياً دولياً من خلال تصريحات جيرهارد شيندلر رئيس جهاز الاستخبارات الألمانية الخارجية التي أكد فيها أن فرصة انتصار قوات الأسد في المعركة تتراجع، كما اشار إلى أن العناصر المتطرفة مازالت تمثل أقلية من المقاتلين. ولكنه حذر أيضاً من أن الإرهابيين المرتبطين بتظيم "القاعدة" يزداد بين صفوف المعارضة. وحاءت تصريحات المسئول الألماني وسط استمرار مخاوف الغرب من نشاط مقاتلي "جبهة النصرة" المتشددة بين المعارضة السورية.
وعلى الصعيد السياسي، تراجعت تفاعلات المعارضة من صدارة المشهد، في حالة سكون بعد صخب استمر لنحو 3 اسابيع بسبب الخلافات بين قيادة الائتلاف المعارض واستقالة معاذ الخطيب وتفاعلها مع اخيار غسان هيتو رئيسا للحكومة المؤقتة. وبما كان التراجع الواضح للتصريحات والاتهامات المتبادلة بين اطراف المعارضة السورية بمثابة اشارة إلى خوض الاطراف المتناحرة لحوار جاد بعيداً عن الأضواء بحثاً عن جمع شمل المعارضة للحصول على الدعم الدولي والعربي اللازم لتحقيق انتصارات دبلوماسية ذات مغزي تعزز من موقف المسلحين في الداخل وتقرب الثورة السورية خطوات من الحسم وهزيمة نظام الأسد. في المقابل، خرج بشار الاسد بمرسوم – خارج عن السياق- تحدث فيه عن عرض للعفو عن الخاطفين شريطة تسليمهم الرهائن خلال 15 يوماً وفي نفس الوقت تشديد العقوبة الجمائية للخاطفين بالسجن المؤبد و الاعدام.
مصر: المعارك الثلاث للإخوان .. الإعلام والأزهر والبوتوجاز
خاض النظام المصري 4 معارك خلال الأسبوع الأخير، الأولى مع الاعلام عبر باسم يوسف والثانية مع الأزهر والثالثة مع الأزمة المالية عبر سياسة التقشف ورفع اسعار البوتوجاز (الغاز المنزلي) وأخيراً معركة استقبال الفوج السياح الإيراني.
ففي معركة الإعلام (راجع تقرير معهد العربية الإخوان والإعلام: المعركة الخاسرة)، قام النائب العام المصري باستدعاء الإعلامي الساخر الشهير باسم يوسف للتحقيق معه بتهمة إهانة الرئيس وازدراء الدين الإسلامي. وهي التحقيقات التي اظهرت مدى خشية "الإخوان" من حرية الرأي والتعبير في اللحظة الراهنة وسط تزايد الانتقادات لفشل النظام في حل الأزمات المتلاحقة التي تمر بها مصر. وجاء استدعاء باسم يوسف في سياق تكتيك النظام الخاص بـ"رأس الذئب الطائر"، حيث يعد باسم يوسف الإعلامي الأشهر حالياً في مصر والعالم العربي والأكثر تهكماً وسخرية من الرئيس المصري.
ولكن هذا التكتيك لم ينجح في تحقيق اهدافه، حيث دفع الإعلاميين المصريين إلى رفع سقف التحدي والانتقاد لمؤسسة الرئاسة والإخوان بالتوازي رفع من حدة التوتر مع الولايات المتحدة التي وجدت نفسها في مأق الدفاع عن نظام ينتهك حرية الرأي والتعبير. وفي هذا السياق ظهرت معركة "تويتر" بين واشنطن والقاهرة، حيث قامت السفارة الأمريكية بتغريدة على حسابها بتويتر بها رابط حلقة للاعلامي الشهير جون ستيوارت التي هاجم فيها مرسي تضامناً مع باسم يوسف. وهي التغريدة التي دفعت الرئاسة للرد عليها بأنها "خطوة غير ملائمة". واضطرت السفارة إلى وقف الحساب على "تويتر" مع انتقاد الخارجية الامريكية لهذا الفعل باعتباره لا يتمتع بالحكمة في التعامل مع الحكومات. ولعل الانتقاد الأمريكي الصريح باستدعاء باسم يوسف اجبر النظام المصري للتراجع، معتبراً انه لم يقدم البلاغ ضد الاعلامي الساخر.
وفي معركة ثانية لـ"الإخوان"، شن قيادات الجماعة وعناصرها هجوماً عنيفاً على شيخ الأزهر احمد الطيب بعد حادثة تسمم أكثر من 500 طالب بالمدينة الجامعية للازهر بسبب وجبة دجاج فاسدة. وهي المعركة التي نجح شيخ الأزهر في تفاديها عبر تحركه السريع باقالة رئيس الجامعة ورئيس المدينة الجامعية والمسئول عن التغذية بالإضافة إلى حشد القوى العارضة للإخوان لادواتها الاعلامية دفاعاً عن شيخ الأزهر المعتدل والذي يعد أحد رموز رفض الهيمنة الإخوانية على مصر.
وكان "الإخوان" قد استغلوا حادث تسمم الطلاب لتوجيه التظاهرات الغاضبة ضد شيخ الأزهر ومحاولة اقتحام المشيخة بالتوازي مع اسراع الرئيس محمد مرسي في زيارة المصابين للتأكيد على التضامن "الإخواني" وشن نائب رئيس حزب "الحرية والعدالة" هجوماً عنيفاً على الطيب. ولكن هذا الهجوم لم يتفاعل معه الطيب بالتصريحات بل سارع بالتواي باتخاذ القرارات الحاسمة لخلخلة الدعم الطلابي للمظاهرات الإخوانية وهو ما حدث بالفعل. في الوقت نفسه، دعت القوى المدنية لتظاهرات مؤيدة لأحمد الطيب. ووضح في معركة شيخ الأزهر استمرار التيار السلفي في تمييز نفسه عن "الإخوان" بتأكيد احترامه ودعمه لشيخ الأزهر.
وكانت المعركة الثالثة هي الأصعب ببدء الإجراءات العملية لرفع الدعم بهدف تخفيض العجز في الموازنة والوفاء بشروط صنددوق النقد الدولي للحصول على قرص بنحو 4,8 مليار دولار. ودشنت الحكومة المصرية هذه الإجراءات برفع سعر انبوبة غاز الطبخ "البوتوجاز" بنحو 100% ليرتفع ثمنها من 4 جنيهات إلى 8 جنيهات. وهي السلعة التي تستخدمها اغلبية من الشرائح الفقيرة في المجتمع المصري، حيث ان اكثرية الطبقة الوسطى في المدن الكبرى تستخدم الغاز الطبيعي.
وجاء رفع سعر الغاز المنزلي في مصر للمرة الأولى منذ عقدين ليزيد حالة الاحتقان الاجتماعي في لة شهدت اكبر عدد من الحركات الاحتجاجية خلال العام الماضي مما يهدد بانفجار ثورة الجياع في وجه السلطة، خاصة مع سعي الحكومة الي رفع الدعم بشكل نهائي خلال السنوات الثلاث المقبلة بحسب تصريحات وزير البترول المصري لصحيفة "الأهرام".
وخاضت الحكومة المصرية معركة "رابعة" باستقبال رحلة طيران تحمل فوجاً سياحياً من طهران للمرة الأولى منذ 34 عاماً. وهي الزيارة التي اثارت حفيظة التيار السلفي ودعته للمطالبة بمواجهة محاولات "التشيع" في مصر. وفي لفتة نادرة دافع القيادي الليبيرالي محمد البرادعي عن قرار النظام التطبيع الشعبي مع إيران، مدافعاً عن وصول السياح الإيرانيين. وجاء وصول هذا الوفد ليفتتح طريقاً طويلاً من التطبيع بين القاهرة وطهران بع زيارة مرسي لايران في اغسطس 2012 والتي اعقبتها زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للقاهرة خلال فبراير الماضي وما تلاها من الغاء طهران تأشيرة دخول السياح المصريين إلى إيران.
فلسطين: مشعل قائداً لـ"حماس" وانتفاضة الأسرى
أعادت حركة "حماس" انتخاب خالد مشعل لرئاسة المكتب السياسي في اجتماع بالقاهرة، لتنهي التسريبات المتضاربة بشأن اعتذار مشعل وانتخاب إسماعيل هنية رئيساً للحركة. ودشن استمرار مشعل في قيادة الحركة حسم المعركة لصالح قيادة الداخل بعد صراع استمر أكثر من عامين مع قيادة الداخل متمثلة في هنية. بالتوازي، حمل الاختيار انحياز الحركة لمتطلبات الوضع الإقليمي المعقد ورغبة الحلفاء الرئيسين (مصر وقطر) في بقاء خيوط الاتصال الرئيسية مع مشعل الذي اصبح تعبيراً عن خط الاعتدال في الحركة عقب الربيع العربي ودوره في الهدنة بين إسرائيل والحركة قبل نهاية العام الماضي.
على صعيد آخر، انفجرت "انتفاضة" الأسرى الفلسطينين عقب وفاة الأسير الفلسطيني ميسرة أبو حمدية بعد رحلة معاناة مع مرض السرطان في سجن الاحتلال. واعقب وفاة أبو حمدية (64 عاماً) انفجار المظاهرات في الضفة الغربية بقيادة اسر الأسرى والتي تزامنت مع ذكرى "يوم الأرض".
وفجر مقتل ابو حمدية غضب الفلسطينين من استمرار قضية الأسرى بدون حل رغم كافة الوعود السابقةمن جانب السلطة الفلسطينية بشأن وضعها ضمن أولويات أي حوار مستقبلي مع إسرائيل. وحذرت السلطة الفلسطينية من جانبها من انفجار الأوضاع واندلاع "انتفاضة ثالثة" بسبب الأسرى وسياسة التوسع الاستيطاني الصهيونية.