منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
By عامر العجمي245
#60618
المبحث الأول: ما هي الشيوعية؟
أولاً: تعريفها:
الشيوعية الحديثة (الماركسية) حرَكةٌ فِكرية واقتصاديَّة يهوديَّة، إباحيَّة، وضعَها كارل ماركس، تقوم على الإلْحاد، وإلْغاء الملكية الفرديَّة، وإلْغاء التوارث، وإشراك الناس كلِّهم في الإنتاج على حدٍّ سواء[1]، وقد تغيَّر وضْع الماركسية، فلم تعُدْ مذهبًا - فقط - يُعتقد فيه مِن قِبل البعض، ويُدْعى إليه من طرَفهم، وإنَّما أصبحت "دولة" تسير بمبادِئ مستقاة منها، وبهدف توخِّي نتائجَ رصدتها أو رصدها أقطابُها - بتعبير أدق[2].

"ويُستفاد مِن تعريف الشيوعية: لولا تبنِّي المُعسْكَر الشيوعي لهذا الفِكر في البداية، وإدخاله في سياسة الأمَّة، وأن يحكم الشَّعْب، وقيام الحُكومة خلفَه ومساندتها إيَّاه، لم يكن للشيوعية شأنٌ، بل سيكون شأنها شأنَ أيِّ شيء آخر.

على سبيل المثال: لو درسْنا وضْع التيَّار السلفي، ورسوخ قدَمِه في المجتمع، فيكون لولا مناصرةُ الحُكَّام له ودعْمهم إيَّاه، وخاصَّة في عهد الملك عبدالعزيز، لَمَا تمتَّع بهذه القوَّة، وبهذا النَّشاط، وهذا يدلُّنا على ضرورة مناصَرة الفِكر بالمال، والسياسة، مثل: الإسلام بدأ فِكرًا، ثم تطبيقًا على أكْتاف الرِّجال الصفوة، ثم بعدَ ذلك كان من ضِمن الهدف الذي كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُريدُه، وهو إقامة الدولة المسلِمة؛ لأنَّ إقامةَ الدولة المسلِمة التي ترْعى تطبيق هذا الدِّين.

فلولا مساندةُ الحُكومة أو مساندة الدولة سياسيًّا لهذا الفِكْر، لِمَا كُتِب له الانتشارُ أو الاستمرار، ولأُلْغِيت الحدود مثلاً، والدولة لا تُناصِر هذا المبدأ، فإذًا ترعى هذه الأمور كالحدود والحِسْبة وتطبيقها في النِّظام الإسلامي، الاقتصاد والمعاملات.

فلو لَم تكنِ الدولةُ مُساندةً لهذا الفِكر، أو لهذه النظرية، وبرِعايتها تؤصِّل لوُجُود هذه التيارات، لَم يُكتَب للماركسية النجاحُ لولا مساندة هذه الحكومات، وإدْخال الشيوعية كتطبيقٍ ثالث في سياسة هذا الشَّعْب"[3].

ثانيًا: التأسيس:
مؤسِّس الشيوعية الحديثة هو كارل ماركس، يهودي ألْماني، ويَذكُر الباحثون في شخصيته: أنَّه رجل فاشِل مُعقَّد، يحمل كلَّ خصائص اليهود: مِن الحقد، والكراهية لجميع البشر، إضافةً إلى أنَّه كسول فقير معوز؛ لذلك استغلَّ اليهود أوضاعَه النفسية والمادية الصعْبة، وطبلوا له، حتى أشبعوه بالعظَمة وسدادِ الرأي، وكل ذلك جعَل (ماركس) يُنادي بالنظرية الشيوعية[4].

وقد سلَك الماركسيون في ترجمةِ زعيمهم بعدَ وفاته مسلكين متناقضين: عدَلوا عن أحدهما إلى الآخَرِ بعد شيوع ذِكْره، واستفاضة أخباره، ونشْر الكثير من الوثائق المطوية عن حياته وعلاقاته بأسرته وصحْبه وزملائه، ممَّا يحتاج إلى تفسير أو توفيق بيْنه وبيْن المنزلة الرفيعة - بل المقدَّسة - التي أرادوا أن يرفعوه إليها.

سَلَكوا في بداءة الأمر مسلكَ التقديس، ثم عدَلوا عنه إلى الاعترافِ بالنقائص والأخطاء، مع الاحتراس والمراوغة، ولم يَلْبثوا أن توسَّعوا في الاعتراف بما لا بدَّ منه مع تطاول الزمن، وتداول الأخبار عنِ الخفايا والأسرار، وكان اعتذارُهم الذي يدورون حولَه كلَّما صُدِم الناس بخفيَّة جديدة من خفاياه: أنَّ شخصَ الرجل شيء، ومذهبه شيء آخر! وأنَّ أعمال الرجل الاجتماعية بمَعْزل عن حياته الفرديَّة، تطبيقًا لرأي "كارل ماركِس" نفسه حيث يقول: إنَّ "الشخصية الفرديَّة"، ناقلة لا أثَرَ لها في مجتمع، ما لم يكن لها تمهيد، أو مساندة مِن الظروف الاجتماعية.

ومِن سِيرته: أنَّه انحدر من أبوين ذوي أصْل يهودي، تحوَّلاَ عن اليهودية إلى النصرانية لأسبابٍ معيشيَّة، ولم تكن لماركس نشأةٌ طبيعية، لا جسدية ولا فِكرية، وليس في سيرته ما ينمُّ عن فِطرةٍ سوية تُهيِّئ الناشئة للخير والفلاح في حياته الخاصَّة والعامَّة، حتى الحصيلة العلمية، كان يُهمل دروسَه، وينقطع عن معْهد الدراسة أسابيعَ متواصِلة، ويبدل مناهِجَه الدراسية ولا ينشط لها كذلك، ولَم يكن في مصطلحاتِه الكتابية شيءٌ ينمُّ على احترام الآخَرين، كلفظة رِعاع على علماء الاقتصاد الذين يُعنون بالظواهر، ولا ينفذون إلى بواطنِ الحَرَكات الاجتماعية وغيرهم.

وقد أقام كارل ماركس مذهبَه على المادية الاقتصادية، وكان قِوامُ هذا المذهب أنَّ الدِّيانات والعقائد جميعًا إنما هي انعكاسُ للضرورات الاقتصادية في المجتمع، كما تتمثَّل في عباداته.

كما أنَّ السِّرَّ في قيام الشيوعيَّة وظهورها هو الخِداعُ الغريب الماكِر، الذي تتراءَى فيه للفقراء والمحرومين والطَّبقات المظلومَة في مظْهر المنقِذ المختار لنشْر الغِنى والسعادة بيْن الناس، وما تؤمِن به الشيوعية مِن صِراع الطبقات، وكذلك عملُها في بيئة مهيَّأةٍ لما تبثُّه من أفكار، وكانت المرتعَ الخصب لها، ومثلها الظروف الدوليَّة، التي تُحيط بالعالَم عقب الحرْب الكبرى، وطغيان زعماء الشيوعيَّة طُغيانًا لَم يُعرف له نظير، ممَّا ظَهر في المجازِر البشريَّة القاسية، وعدد الضحايا الهائِل في روسيا، وسجون الاعْتقال، والتشريد والنَّفْي إلى مجاهِل سيبيريا، والبطْش بخصومها في الرأي، والتنكيل بمعارِضيها في الفكر، والقضاء على الطبقات المعارِضة لها في بلادها