اليمين واليسار السياسي
مرسل: الجمعة إبريل 19, 2013 3:18 pm
اليمين واليسار السياسي
.يستخدم مصطلحا (اليمين واليسار) كوسيلة مختصرة لوصف الأفكار والمعتقدات السياسية والمواقف الأيديولوجية للسياسيين والأحزاب والحركات السياسية المختلفة، بوصفهما طيفان متناقضان يعبران عن القطبين أو اللونين الرئيسيين للطيف السياسي. حيث تقع في أقصى (اليمين) الأيديولوجية الساعية للمحافظة على الموجود كما هو،ويقع في أقصى اليسار الأيدلوجية الباحثة عن الحرية والجدة والإنعتاق من الأطر القديمة والموروث.
إلا أنه ينبغي لنا إدراك عدم وجود حد معين فاصل بين اليمين واليسار، فالطيف يحتوي على عدة مراحل تلخص التوجهات المختلفة تجاه الحكم والاقتصاد ودور الدولة حيث تؤيد الرؤى اليمينية تدخل الدولة والمذهب الجماعي المحافظ، بينما تفضل الرؤى اليسارية تتبع آليات السوق والمذهب الفردي الحر. لكن يفترض أن يعكس هذا التميز اختلافات قيمية وأيديولوجية أكثر عمقاً، وإن لم تكن محددة على نحو واضح إلا أن ثمة أفكار ذات طابع يساري مثل الحرية، المساواة، الإخاء، و الحقوق، والتقدمية، والإصلاح، والعالمية، بينما تعتبر أفكار أخرى أكثر ارتباطاً باليمين مثل السلطة والمرجعية والنظام والواجب والتقاليد والقومية.
ولليسار واليمين صيغا أكثر تطرفا تزداد حدتها كلما بعدنا وأبحرنا في التشدد للطرف الأقصى للطيف. ويقع بينهما منطقة محايدة هي (الوسط): وهو محيط أيدلوجي مسالم وسطي يأخذ من هنا وهناك، ويرغب في الحرية المقننة، ويكون متوسطا في مفهومه، وهو حزب الذين يجعلون سيطرة عاطفتهم مساوية لمدى تفهم عقولهم، ويحكمون المنطق والمصلحة العامة في نفس الوقت، ولا يحبذون التطرف لأي من الجهتين.
ولو تبصرنا جيدا فيما حولنا لوجدنا أن تلك الصيغة ليست فقط منطبقة على السياسة لأنها توجد أيضاً في عموم مناهج الحياة، التي تعتمد على الموروث والمنطق مثل المذاهب الدينية والمدارس التربوية والعادات الاجتماعية. فكل مسألة أيدلوجية لها مفهوم يميني متمسك بالقديم رافض للجديد، ولها فكر يساري يريد أن يضرب بكل موروث وبكل قيمة عرض الحائط. ويقع بينهما حزب (الوسط) الذي يؤيد التجديد البسيط وبما تسمح به الإمكانيات، مع المحافظة على الجزء الأساسي من الموروث، وتمرير بعض التعديلات المقننة حسب حاجات تغير الزمان والمكان.
وعلى سبيل التوضيح في المسالة الدينية والفقهية نجد من الدعاة من يسير بقوة على خط (اليمين الديني) محذرا الناس من أي تعديل في تطبيقهم أو فهمهم لأمور دينهم، رافضا لأي فكر جديد، ومقصيا لكل مخالف، ومنذرا ومهددا ومتوعدا. بينما تجد في الجهة المعاكسة من ينتهج (اليسار الديني) المنفتح على كل الأيدلوجيات الأخرى والكاسر لكل قيد والباحث عن الحرية الشخصية في تناول الأمور الدينية. وفي الوسط بين هذا وذاك تجد من يسير حذرا مختارا لما يمكن تغييره دون المس بالجوهر، فلا يقصي أحد ولا يعنف على المخالف، ويستخدم المحبة والتبشير والسماحة بحدود ودون سيطرة. وقد عرف العالم الإسلامي كثير ممن كانوا يسيرون مع تيار (اليمين) وظلوا معه حتى كره الناس منطقهم الرافض لكل جديد، بترهيبهم وتخويفهم لكل من يحاول التغيير مهما كان التغيير ضروريا ومنطقيا. ومنهم من سار على أقصى اليسار طالبا للتفسخ من كل قيمة وموروث مما جعل الناس تخشى من مغبة السير خلفهم. والبعض ظل متماشيا مع تيار (الوسط) بعقل ومنطق، بإعطاء الناس معلومات عن دينهم دون إكراه، وتقبل الجديد الذي لا يمس جوهر العقيدة، ودون عنف ولا إجبار ولا تكفير ولا إرهاب.
وأتت أحداث الإرهاب العالمي والتي كانت منعرجا هاما للفريقين. فهاج الرأي العالمي ضد من كانوا يسيرون على طرف اليمين محتضنين لبيض وفروخ الإرهاب، فعاند منهم من عاند وظل متمسكا بتطرفه، وتبدل منهم من تبدل بدرجات مختلفة.
وتحول مسار البعض منهم بقوة من اليمين إلى اليسار أو العكس. أو أن البعض ترك حرارة الأطراف لينعم بأمن السير مختبئا في المنتصف تبعا لتغير الظروف، ولظهور بعض الحقائق التي لم تكن واضحة لهم من قبل.
فتسمع الآن أحدهم يتحدث بلين وتسامح وتفهم ووسطية فتستغرب أنه نفس الشخص، الذي كان قبل فترة بسيطة متطرفا يقصي ويحرض على الهدم والتكفير!.
وأغلب هؤلاء في يومنا هذا هم من يعتلون مختلف المنابر ليل نهار، ويجهرون بآرائهم الجديدة. وكل منهم يحاول جمع الناس من حوله، وإقناعهم بمنطقية التغيير الذي جرى له.
وأنا لا أتعارض كثيرا مع من ثابوا إلى رشدهم وعرفوا طريق الوسطية بعد أن زاغوا عنها كثيرا. ولكني ضد أن يكون هؤلاء هم المثل الأعلى لنا ولأبنائنا، وضد أن يتم تهميش ونسيان من كانوا وسطيين منذ البداية، ولم يضطروا إلى تغيير مناهجهم، فهؤلاء هم المثل الأمثل للوسطية الحقيقة.
.يستخدم مصطلحا (اليمين واليسار) كوسيلة مختصرة لوصف الأفكار والمعتقدات السياسية والمواقف الأيديولوجية للسياسيين والأحزاب والحركات السياسية المختلفة، بوصفهما طيفان متناقضان يعبران عن القطبين أو اللونين الرئيسيين للطيف السياسي. حيث تقع في أقصى (اليمين) الأيديولوجية الساعية للمحافظة على الموجود كما هو،ويقع في أقصى اليسار الأيدلوجية الباحثة عن الحرية والجدة والإنعتاق من الأطر القديمة والموروث.
إلا أنه ينبغي لنا إدراك عدم وجود حد معين فاصل بين اليمين واليسار، فالطيف يحتوي على عدة مراحل تلخص التوجهات المختلفة تجاه الحكم والاقتصاد ودور الدولة حيث تؤيد الرؤى اليمينية تدخل الدولة والمذهب الجماعي المحافظ، بينما تفضل الرؤى اليسارية تتبع آليات السوق والمذهب الفردي الحر. لكن يفترض أن يعكس هذا التميز اختلافات قيمية وأيديولوجية أكثر عمقاً، وإن لم تكن محددة على نحو واضح إلا أن ثمة أفكار ذات طابع يساري مثل الحرية، المساواة، الإخاء، و الحقوق، والتقدمية، والإصلاح، والعالمية، بينما تعتبر أفكار أخرى أكثر ارتباطاً باليمين مثل السلطة والمرجعية والنظام والواجب والتقاليد والقومية.
ولليسار واليمين صيغا أكثر تطرفا تزداد حدتها كلما بعدنا وأبحرنا في التشدد للطرف الأقصى للطيف. ويقع بينهما منطقة محايدة هي (الوسط): وهو محيط أيدلوجي مسالم وسطي يأخذ من هنا وهناك، ويرغب في الحرية المقننة، ويكون متوسطا في مفهومه، وهو حزب الذين يجعلون سيطرة عاطفتهم مساوية لمدى تفهم عقولهم، ويحكمون المنطق والمصلحة العامة في نفس الوقت، ولا يحبذون التطرف لأي من الجهتين.
ولو تبصرنا جيدا فيما حولنا لوجدنا أن تلك الصيغة ليست فقط منطبقة على السياسة لأنها توجد أيضاً في عموم مناهج الحياة، التي تعتمد على الموروث والمنطق مثل المذاهب الدينية والمدارس التربوية والعادات الاجتماعية. فكل مسألة أيدلوجية لها مفهوم يميني متمسك بالقديم رافض للجديد، ولها فكر يساري يريد أن يضرب بكل موروث وبكل قيمة عرض الحائط. ويقع بينهما حزب (الوسط) الذي يؤيد التجديد البسيط وبما تسمح به الإمكانيات، مع المحافظة على الجزء الأساسي من الموروث، وتمرير بعض التعديلات المقننة حسب حاجات تغير الزمان والمكان.
وعلى سبيل التوضيح في المسالة الدينية والفقهية نجد من الدعاة من يسير بقوة على خط (اليمين الديني) محذرا الناس من أي تعديل في تطبيقهم أو فهمهم لأمور دينهم، رافضا لأي فكر جديد، ومقصيا لكل مخالف، ومنذرا ومهددا ومتوعدا. بينما تجد في الجهة المعاكسة من ينتهج (اليسار الديني) المنفتح على كل الأيدلوجيات الأخرى والكاسر لكل قيد والباحث عن الحرية الشخصية في تناول الأمور الدينية. وفي الوسط بين هذا وذاك تجد من يسير حذرا مختارا لما يمكن تغييره دون المس بالجوهر، فلا يقصي أحد ولا يعنف على المخالف، ويستخدم المحبة والتبشير والسماحة بحدود ودون سيطرة. وقد عرف العالم الإسلامي كثير ممن كانوا يسيرون مع تيار (اليمين) وظلوا معه حتى كره الناس منطقهم الرافض لكل جديد، بترهيبهم وتخويفهم لكل من يحاول التغيير مهما كان التغيير ضروريا ومنطقيا. ومنهم من سار على أقصى اليسار طالبا للتفسخ من كل قيمة وموروث مما جعل الناس تخشى من مغبة السير خلفهم. والبعض ظل متماشيا مع تيار (الوسط) بعقل ومنطق، بإعطاء الناس معلومات عن دينهم دون إكراه، وتقبل الجديد الذي لا يمس جوهر العقيدة، ودون عنف ولا إجبار ولا تكفير ولا إرهاب.
وأتت أحداث الإرهاب العالمي والتي كانت منعرجا هاما للفريقين. فهاج الرأي العالمي ضد من كانوا يسيرون على طرف اليمين محتضنين لبيض وفروخ الإرهاب، فعاند منهم من عاند وظل متمسكا بتطرفه، وتبدل منهم من تبدل بدرجات مختلفة.
وتحول مسار البعض منهم بقوة من اليمين إلى اليسار أو العكس. أو أن البعض ترك حرارة الأطراف لينعم بأمن السير مختبئا في المنتصف تبعا لتغير الظروف، ولظهور بعض الحقائق التي لم تكن واضحة لهم من قبل.
فتسمع الآن أحدهم يتحدث بلين وتسامح وتفهم ووسطية فتستغرب أنه نفس الشخص، الذي كان قبل فترة بسيطة متطرفا يقصي ويحرض على الهدم والتكفير!.
وأغلب هؤلاء في يومنا هذا هم من يعتلون مختلف المنابر ليل نهار، ويجهرون بآرائهم الجديدة. وكل منهم يحاول جمع الناس من حوله، وإقناعهم بمنطقية التغيير الذي جرى له.
وأنا لا أتعارض كثيرا مع من ثابوا إلى رشدهم وعرفوا طريق الوسطية بعد أن زاغوا عنها كثيرا. ولكني ضد أن يكون هؤلاء هم المثل الأعلى لنا ولأبنائنا، وضد أن يتم تهميش ونسيان من كانوا وسطيين منذ البداية، ولم يضطروا إلى تغيير مناهجهم، فهؤلاء هم المثل الأمثل للوسطية الحقيقة.