الإسلاميون بين الإسقاط أو السقوط , لعلي الظفيري
مرسل: الجمعة إبريل 19, 2013 6:25 pm
مقال لـعلي الظفيري في جريدة العرب
الإسلاميون بين الإسقاط أو السقوط
| 2013-02-10
لا تسير الأمور على ما يرام في مصر، التوتر والاضطراب وعدم الاستقرار عنوان رئيسي في البلد، والأمر ذاته ينسحب على تونس، خاصة بعد اغتيال القيادي اليساري المعارض شكري بلعيد، ومن غير المتوقع أن تشهد الأوضاع تحسنا كبيرا في الأيام القادمة، بل وحتى في السنوات القادمة على ما يبدو، لأسباب كثيرة منها ما يتعلق بالإدارة القائمة في كلا البلدين، وأخرى ترتبط بأداء المعارضة الجديدة فيهما، إضافة للدور الذي يلعبه المحيط الإقليمي والدولي، فهو لا يقف متفرجا على التغيير الحاصل، ويعمل كل ما في وسعه ليحدث ما يحدث من تأثيرات في مساراته ونتائجه.
ثمة من يتوهم أن الصراع القائم بين طرفين، الإسلاميين من جهة، والنظام السابق وفلوله في البلدين من جهة أخرى، والطرفان المتصارعان يسعيان عبر ماكينتهما الفكرية والسياسية والإعلامية لتكريس هذه الصورة، وهذا ليس دقيقا على الإطلاق، هناك مساحات شاسعة تتوزع فيها عشرات القوى السياسية والملايين من المواطنين، وهؤلاء لا علاقة لهم بهذا أو ذاك، هناك من ثار في وجه الاستبداد ليسقط نظامه وظلمه واستحواذه وقمعه، ولا مشكلة لديه في هوية البديل طالما كان ديمقراطيا تعدديا متطهرا من علات النظام القديم وعيوبه، وقد جاء موقف هؤلاء في معظمه لصالح الإسلاميين، ليس قناعة فيهم، بقدر ما كان رغبة في التخلص من الإرث القديم والدخول في عهد جديد.
معظم من أقابلهم وأتحدث معهم ينتمون لهذه الشريحة، ومعظمهم يتحدثون عن تغير قناعاتهم تجاه الإسلاميين بشكل جدي وكبير، وأرجو ألا يوهم أحد نفسه بعدم تأثير هذه الآراء أو سطحيتها، الإخوان المسلمون أكثر تيار سياسي يكسب من شريحة البسطاء، مما يستلزم مراجعة ما قام به الإسلاميون من أعمال واتخذوه من مواقف بعد قيام الثورة، مع مراعاة أن النقد الموجه للإسلاميين يأتي كونهم في موقع الإدارة العليا، وأن لا حصانة لهم من النقد واللوم والتقريع، فهذا ما ينال السلطة في كل مكان وزمان.
إن إدارة الدولة في الأوضاع الطبيعية تحد كبير لأي حزب سياسي، كيف والمهمة تأتي عقب قيام ثورة شعبية كبرى أسقطت نظاما برمته؟ هذا ما فعله الإخوان في مصر، وقد فشلوا في أول اختبار حقيقي لهم كقوة سياسية، لا يمكنك أن تقدم على هذه الخطوة دون دراسة متأنية وتقدير للعواقب، أعرف أن ألف تبرير وتبرير سيقابلك هنا، الخوف من عودة الفلول، التصرف الطبيعي لأي حزب سياسي في حال فراغ السلطة، مواجهة العسكر ومخططاتهم... إلخ، لكن هذا كله لا يبرر الخطأ الفادح للإخوان المسلمين، وقد انحازوا إلى نَهْم الفريق الطامح للسلطة، كان صوت الغريزة السياسية عاليا في مكتب الإرشاد، لم يفكر أحد بحجم التركة الثقيلة التي خلفها مبارك، ولا بحجم العداء الداخلي والخارجي لهم، ولا بخسارة رفاق الثورة، ولا بالخوف التقليدي من القوى الدينية عند المواطن البسيط الذي اعتاد الحياة السابقة.
خصوم الإسلاميين في عالمنا أكثر من حلفائهم، وهم يتمتعون بقدرات مالية وسياسية وإعلامية هائلة، انظر من يتحدث عن التفرد بالسلطة وقمع الحريات والنظام الديمقراطي اليوم! كتاب الصحف العربية ورؤساء القنوات التلفزيونية التي كانت تزيف صورة الثورة وتلمع الاستبداد وتبكي على مبارك، ترفع اليوم لواء الحرية والديمقراطية في وجه الإخوان المسلمين! ويتحدثون لك عن نظرتهم الثاقبة وتوازنهم واعتدالهم، خاصة يوم كانوا ينقلون الصورة من القاهرة باستثناء ميدان التحرير، ويلومون مصر التي تنكل بنفسها حين ثارت على نظام القمع! وجد هؤلاء ما يعيبونه على الثورة بسبب الإخوان المسلمين، ولم يصبحوا أعداء للثورة بل أعداء الإخوان فقط، وقد نجح الأمر بسبب تفرد الإخوان بالسلطة واعتقادهم أن اللحظة الإلهية لا يجب أن تفوت!
حرف الإسلاميون من غير وعي مسار الربيع العربي، الصراع الكبير بين الظلم والاستبداد والعدل والديمقراطية، غدا صراعا بين حكم الإسلاميين والصراع معهم، وبدل أن يصنع الإخوان شراكات سياسية حقيقية تسهم في تجاوز هذا المنزلق الخطير، كرسوا هذه الحالة بقصورهم وجهل قياداتهم وأنانيتهم ورغبتهم بالاستحواذ، لم يعد استهداف استقرار مصر واقتصادها ونهضتها المنتظرة عملا عدائيا، هناك من يسهل ويرحب ويسهم في هذه العملية دون قصد، ومن داخل القوى الثورية، ولا يستطيع أحد إنكار أهمية ودلالات شعار إسقاط الرئيس «المنتخب» رغم سذاجته، هناك من يرى المشكلة بوجود الإخوان وطريقة إدارتهم، وما كان هذا ليحدث لو أن المرحلة الانتقالية أديرت بطريقة أخرى، تخلو من الذاتية وتعير اهتماما أكبر لمستقبل البلاد واستقرارها.
المسألة ليست فلسفة، أغمض عينيك وتخيل التالي، أبوالفتوح رئيسا، وأيمن نور على رأس الحكومة بمشاركة الإخوان والليبراليين واليسار وغيرهم، وسلطة تشريعية برلمانية بغالبية إسلامية!
http://alarab.qa/details.php?issueId=1887&artid=229470
الإسلاميون بين الإسقاط أو السقوط
| 2013-02-10
لا تسير الأمور على ما يرام في مصر، التوتر والاضطراب وعدم الاستقرار عنوان رئيسي في البلد، والأمر ذاته ينسحب على تونس، خاصة بعد اغتيال القيادي اليساري المعارض شكري بلعيد، ومن غير المتوقع أن تشهد الأوضاع تحسنا كبيرا في الأيام القادمة، بل وحتى في السنوات القادمة على ما يبدو، لأسباب كثيرة منها ما يتعلق بالإدارة القائمة في كلا البلدين، وأخرى ترتبط بأداء المعارضة الجديدة فيهما، إضافة للدور الذي يلعبه المحيط الإقليمي والدولي، فهو لا يقف متفرجا على التغيير الحاصل، ويعمل كل ما في وسعه ليحدث ما يحدث من تأثيرات في مساراته ونتائجه.
ثمة من يتوهم أن الصراع القائم بين طرفين، الإسلاميين من جهة، والنظام السابق وفلوله في البلدين من جهة أخرى، والطرفان المتصارعان يسعيان عبر ماكينتهما الفكرية والسياسية والإعلامية لتكريس هذه الصورة، وهذا ليس دقيقا على الإطلاق، هناك مساحات شاسعة تتوزع فيها عشرات القوى السياسية والملايين من المواطنين، وهؤلاء لا علاقة لهم بهذا أو ذاك، هناك من ثار في وجه الاستبداد ليسقط نظامه وظلمه واستحواذه وقمعه، ولا مشكلة لديه في هوية البديل طالما كان ديمقراطيا تعدديا متطهرا من علات النظام القديم وعيوبه، وقد جاء موقف هؤلاء في معظمه لصالح الإسلاميين، ليس قناعة فيهم، بقدر ما كان رغبة في التخلص من الإرث القديم والدخول في عهد جديد.
معظم من أقابلهم وأتحدث معهم ينتمون لهذه الشريحة، ومعظمهم يتحدثون عن تغير قناعاتهم تجاه الإسلاميين بشكل جدي وكبير، وأرجو ألا يوهم أحد نفسه بعدم تأثير هذه الآراء أو سطحيتها، الإخوان المسلمون أكثر تيار سياسي يكسب من شريحة البسطاء، مما يستلزم مراجعة ما قام به الإسلاميون من أعمال واتخذوه من مواقف بعد قيام الثورة، مع مراعاة أن النقد الموجه للإسلاميين يأتي كونهم في موقع الإدارة العليا، وأن لا حصانة لهم من النقد واللوم والتقريع، فهذا ما ينال السلطة في كل مكان وزمان.
إن إدارة الدولة في الأوضاع الطبيعية تحد كبير لأي حزب سياسي، كيف والمهمة تأتي عقب قيام ثورة شعبية كبرى أسقطت نظاما برمته؟ هذا ما فعله الإخوان في مصر، وقد فشلوا في أول اختبار حقيقي لهم كقوة سياسية، لا يمكنك أن تقدم على هذه الخطوة دون دراسة متأنية وتقدير للعواقب، أعرف أن ألف تبرير وتبرير سيقابلك هنا، الخوف من عودة الفلول، التصرف الطبيعي لأي حزب سياسي في حال فراغ السلطة، مواجهة العسكر ومخططاتهم... إلخ، لكن هذا كله لا يبرر الخطأ الفادح للإخوان المسلمين، وقد انحازوا إلى نَهْم الفريق الطامح للسلطة، كان صوت الغريزة السياسية عاليا في مكتب الإرشاد، لم يفكر أحد بحجم التركة الثقيلة التي خلفها مبارك، ولا بحجم العداء الداخلي والخارجي لهم، ولا بخسارة رفاق الثورة، ولا بالخوف التقليدي من القوى الدينية عند المواطن البسيط الذي اعتاد الحياة السابقة.
خصوم الإسلاميين في عالمنا أكثر من حلفائهم، وهم يتمتعون بقدرات مالية وسياسية وإعلامية هائلة، انظر من يتحدث عن التفرد بالسلطة وقمع الحريات والنظام الديمقراطي اليوم! كتاب الصحف العربية ورؤساء القنوات التلفزيونية التي كانت تزيف صورة الثورة وتلمع الاستبداد وتبكي على مبارك، ترفع اليوم لواء الحرية والديمقراطية في وجه الإخوان المسلمين! ويتحدثون لك عن نظرتهم الثاقبة وتوازنهم واعتدالهم، خاصة يوم كانوا ينقلون الصورة من القاهرة باستثناء ميدان التحرير، ويلومون مصر التي تنكل بنفسها حين ثارت على نظام القمع! وجد هؤلاء ما يعيبونه على الثورة بسبب الإخوان المسلمين، ولم يصبحوا أعداء للثورة بل أعداء الإخوان فقط، وقد نجح الأمر بسبب تفرد الإخوان بالسلطة واعتقادهم أن اللحظة الإلهية لا يجب أن تفوت!
حرف الإسلاميون من غير وعي مسار الربيع العربي، الصراع الكبير بين الظلم والاستبداد والعدل والديمقراطية، غدا صراعا بين حكم الإسلاميين والصراع معهم، وبدل أن يصنع الإخوان شراكات سياسية حقيقية تسهم في تجاوز هذا المنزلق الخطير، كرسوا هذه الحالة بقصورهم وجهل قياداتهم وأنانيتهم ورغبتهم بالاستحواذ، لم يعد استهداف استقرار مصر واقتصادها ونهضتها المنتظرة عملا عدائيا، هناك من يسهل ويرحب ويسهم في هذه العملية دون قصد، ومن داخل القوى الثورية، ولا يستطيع أحد إنكار أهمية ودلالات شعار إسقاط الرئيس «المنتخب» رغم سذاجته، هناك من يرى المشكلة بوجود الإخوان وطريقة إدارتهم، وما كان هذا ليحدث لو أن المرحلة الانتقالية أديرت بطريقة أخرى، تخلو من الذاتية وتعير اهتماما أكبر لمستقبل البلاد واستقرارها.
المسألة ليست فلسفة، أغمض عينيك وتخيل التالي، أبوالفتوح رئيسا، وأيمن نور على رأس الحكومة بمشاركة الإخوان والليبراليين واليسار وغيرهم، وسلطة تشريعية برلمانية بغالبية إسلامية!
http://alarab.qa/details.php?issueId=1887&artid=229470