تتعدد الأديان. والوطن واحد
مرسل: السبت إبريل 20, 2013 9:09 am
حين خرج الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة مطاردا من اهلها نظر الى ربوعها وقال مقولته الشهيرة ايه يامكة. ان الله يعلم انك لأحب بقاع الأرض الى قلبى ولولا ان أهلك اخرجونى منك ما خرجت.
هذه هى قيمة وقدسية الوطن عند رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام انه احب الأماكن دون كل بلاد الدنيا واوطانها وهذا الحب لا يتعارض ابدا مع حب الإنسان لدينه ولكن لكل شئ مكان. ان البعض يتصور ان الوطن مجرد قطعة ارض وحفنة تراب وان ارض الله واسعة ونستطيع ان نستبدل وطنا بآخر ولكن حقائق الأشياء تؤكد ان هناك خيطا يربط بين الإنسان ووطنه ولهذا لم يكن غريبا ان تسيل الدماء دفاعا عن التراب وان يحمل الإنسان حنينا جارفا لأرض عاش عليها وبيت سكن فيه.
هذه المقدمة اريد ان اصل منها الى قضية اصبحت الأن محل نقاش واسع رغم كل ما فيها من الحساسية. ان البعض يرى ان الدين والعقيدة اهم من الوطن وان الحديث عن الأوطان يتنافى احيانا مع عمق المشاعر الدينية التى ينبغى ان تملك كل مشاعر البشر. ولا شك ان الإحساس الدينى شئ يختلف تماما عن مشاعرنا تجاه اوطاننا ولهذا ينبغى ان يبقى الدين فى موقعه فى النفس البشرية تقديسا وإجلالا. ان الدين إحساس جارف يحتوينا فى كل زمان ومكان ولا تغيره الظروف والأماكن ويمكن ان نحمله معنا فى أكثر من وطن انه شئ مجرد ينعكس فى طقوس نؤديها وواجبات نفعلها فى السلوك والأخلاق والمعاملات. ان الدين منظومة إنسانية متكاملة الأركان عبادة وإيمانا ويقينا وطقوسا وهذه المنظومة تنتقل معنا فى مراحل حياتنا والأماكن التى يمكن ان نعيش فيها. وهذه المنظومة تتجاوز فى كثير من مقدساتها حياة البشر وافكارهم العادية. ان اقدس الأماكن عند المسلمين فى كل بلاد الدنيا مكة والمدينة. واقدس الأماكن عند المسيحيين الأماكن المقدسة فى فلسطين والفاتيكان فى روما. وهذه الأماكن المقدسة لا ارض لها ولا وطن لأنها ارض لكل الناس ومزار لكل البشر
هذه البديهيات تضع الأديان فى مواقعها الخالدة والدائمة فى النفس البشرية ويتفق الناس عليها بإختلاف لغاتهم واجناسهم فحين يقف المسلم امام قبر المصطفى عليه الصلاة والسلام فلا فرق بين من جاء من مصر أو السودان أو ماليزيا واندونيسيا انهم جميعا يحملون مشاعر واحدة
هذه المنظومة الربانية تختلف عن مشاعر الإنسان تجاه وطنه لأن الوطن إحساس تراكمى تختلط فيه سنوات العمر والتاريخ والجغرافيا والأماكن والذكريات ولا نستطيع ان نعيش هذه الأشياء إلا فى مكان واحد هو الوطن الذى يسكننا قبل ان نسكن فيه. يستطيع الإنسان ان يؤدى الصلاة فى اى مكان فى هذا العالم او ان يصوم فى اى ارض ولكنه لا يستطيع ان يرى طفولته إلا فى وطنه حيث نشأ وعاش. لا يستطيع ان يزور قبر امه إلا فى قطعة من التراب فى وطنه احتضنت رفاتها. لا يستطيع ان يشاهد نخلة شامخة شاركته طفولته الا على احضان نهر او طريق. من هنا فإن الوطن شئ يختلف تماما عن العقيدة ولا تعارض بينهما على الإطلاق لأن كلا منهما يمثل قيمة ومنظومة فى حياة الإنسان. ان الإنسان يموت فى سبيل وطنه ويموت ايضا دفاعا عن دينه وان اختلفت الأسباب لأن الإنسان يدافع عن دينه فى اى مكان ولكنه يموت على تراب وطنه حين يهدده غاصب أو محتل. لقد اردت بهذا التوضيح ان اصل الى سؤال يردده البعض يقول من يسبق الأخر قضايا الوطن او احلام الخلافة الإسلامية؟.
ان الوطن قضية محسومة لأنه واقع نعيشه ومكان نوجد فيه. ولكن احلام الخلافة كيان تاريخى لا وجود له وكان يمثل مرحلة من مراحل الزمن والتاريخ. ومن الخطأ ان يتصور البعض إمكانية استنساخ التاريخ او الرجوع بالزمن الى الوراء. ان الخلافة مشروع سياسى نختلف ونتفق عليه ولكن الوطن مشروع حياة وقصة حب ابدية لا ينبغى ان نختلف عليها أو نساوم على شبر منها أو يعطى بعضنا لنفسه الحق فى ان يعيد رسم حدودها حسب هواه
لا اتصور ان نتجاهل قضايا مجتمع نعيش فيه بكل ازماته ومشاكله ومطالبه ونعيش من اجل فكرة عن حلم قديم راود البعض منا وانتقل بحكم الوراثة الفكرية ولا اقول الدينية الى اجيال اخرى فاستبدلت الوطن بالخلافة لتخسر الإثنين معا لا اتصور ان يرى البعض ان بلاد المسلمين حق للجميع حيث لا قدسية لحدود ولا ولاء لأرض
انا لا انكر ولا استطيع ان اتجاهل المشاعر الدينية التى يحملها البعض منا تجاه ما يسمى الخلافة التى تتجسد فى وحدة المسلمين والنهوض بهم وهى مشروع إنسانى وحضارى رائع ولكن هذا لا يعنى ان نهدر الحاضر ونستبيح المستقبل من اجل حلم يبدو بعيد المنال لأنه يجئ فى ظرف تاريخى مختلف فى كل ابجدياته.
فى احيان كثيرة نسمع خطبا نارية تطالب بعودة الخلافة وتنكر فكرة الوطن وهذه جناية كبرى فى حق الأوطان لأن الأديان تتعدد والوطن كيان واحد لا ينبغى ان يخضع للقسمة أو التنازل أو التفريط في شبر من ترابه تحت اى دعاوى. هل يجوز ان افرط فى جزء من وطنى لتقيم فيه شعوب اخرى حتى ولو شاركتنى فى الدين ومن الأولى إذا جاء الخلاف مع شريكى فى الوطن الذى يختلف دينه معى أو غريب قادم من بعيد يجمعنا دين واحد.
لقد قامت الحرب العالمية الأولى بسبب الخلافات بين دول تدين بدين واحد. وخسرت اوروبا ملايين البشر فى الحرب العالمية الثانية بسبب قطعة من الأرض وقامت حروب طويلة بين ابناء الدين الواحد دفاعا عن اوطانهم. ان هذه النغمة الغريبة التى يحاول البعض الأن الترويج لها بأن الإنتماء للدين وليس للوطن تمثل ظاهرة خطيرة فى مجتمع مثل مصر قام دائما على تعدد الأديان طوال تاريخه. وإذا كان البعض يروج لهذه المفاهيم الخاطئة لأهداف سياسية فهذه مغامرة خطيرة لأن الولاء للوطن يسبق كل شئ. ولأن الوطن حق لنا جميعا باختلاف ادياننا ومعتقداتنا ولا ينبغى ان يكون غير ذلك
ان دولة الخلافة التى تعيش فى خيال البعض تتعارض تماما مع ابسط حقوق المواطنة وتلغى فكرة الانتماء والمشاركة بل انها تستبيح فكرة الوطن. لقد كان شيئا يدعو للسخرية ان يرى البعض ان بلاد المسلمين حق لكل مسلم وهذا يعنى ان يعيش المسلم فى اى وطن يريد. ومن الذى سيسمح بذلك. وهل يعنى هذا ان يندفع ملايين المسلمين من كل بلاد الدنيا الى دول الخليج العربى لأن لهم حقوق فى بترول هذه الدول وهو منحة من السماء لكل المسلمين كما يردد البعض. وهل يعنى ان ينتخب المصريون أو الليبيون أو الجزائريون رئيسا لهم من ماليزيا أو اندونيسيا أو إيران ما دام رئيسا مسلما. وهل يعنى هذا ان نستبدل اقباط مصر والمسيحيين فى لبنان والدروز فى سوريا بإخوة لنا لأنهم ليسوا مسلمين وماهو الفرق بيننا وبين الصهاينة الذين اغتصبوا وطنا واقاموا عليه دولة يهودية؟.
وهنا نأتى الى نقطة اخطر وهى المعنى الحقيقى للانتماء وهل هو الأنتماء للارض ام الدين؟. لا احد يشكك فى منظومة الأديان ولكنها علاقة خاصة بين الإنسان وخالقه ويستطيع ان يعيش معها وبها فى اى مكان ولكن للإنسان ارض عاش عليها وارتبط بها واصبحت من حقوقه الإنسانية والتاريخية لأن الخلاف فى الدين وارد ولكن الخلاف حول قيمة الوطن خيانة.
من العار ان تسمع من يقول من لا تعجبه احوال البلد يرحل عنها وهذا القول فيه تجاوز خطير فحين نكون شركاء فى بيت نسكن فيه ليس من حق طرف ان يطالب الآخر بالرحيل. وما ينطبق على البيت ينطبق على الوطن.
ولهذا فإن اصحاب الدعوات الفجة التى تتستر بالدين وتحمل مفاهيم سياسية خاطئة وساذجة يخلطون الأوراق ببعضها. انهم يتصورون ان الأوطان لهم وحدهم بحكم العقيدة والأديان لا تورث اوطانا لأن ما يجمعنا فى الوطن ليس الدين وحده وليس من حق البعض ان يمارس كل الوان الوصاية تحت شعارات دينية انهم بذلك يسقطون شركاء لنا فى الوطن على غير ديننا ويسقطون تماما مشاعر انتماء عشنا عليها للارض والوطن والتراب. وقبل هذا كله هم يستبعدون تماما مبدأ المشاركة وهى ابسط حقوق المواطنة.
قد تكون الخلافة والدولة الإسلامية العظمى ووحدة المسلمين فى كل بلاد الدنيا هدفا مشروعا لكل مسلم ولكن لا ينبغى ان يتعارض ذلك مع قيم ثابتة ومنظومة تاريخية عاشت فى وجداننا وهى الوطن خاصة إذا كان لهذا الوطن إمتداد تاريخى وإنسانى حمل اكثر من عقيدة وبشر بأكثر من دين وعاشت عليه حضارات الإنسانية كلها. من الظلم للتاريخ وللحاضر والمستقبل ان نختصر هذا الوطن فى صرخة تخرج من هنا أو هناك تستنهض الهمم وتدعو لعودة الخلافة الإسلامية حتى ولو حكمنا رئيس غير مصرى أو كانت عاصمة الخلافة مدينة غير القاهرة. لن نسمح ابدا برئيس لنا غير مصرى وعاصمة نحمل اسمها فى وطن آخر.
الوطن عندى يسبق كل شئ وانا رجل مسلم اعرف جيدا حدود دينى. فى هذا الوطن صلاتى وصيامى وقبرى وبيتى ولا ينبغى ان افرط فى حفنة تراب منه وسوف يبقى لنا جميعا بإختلاف اراءنا وافكارنا وعقائدنا لأن الأديان تتعدد. والوطن واحد
هذه هى قيمة وقدسية الوطن عند رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام انه احب الأماكن دون كل بلاد الدنيا واوطانها وهذا الحب لا يتعارض ابدا مع حب الإنسان لدينه ولكن لكل شئ مكان. ان البعض يتصور ان الوطن مجرد قطعة ارض وحفنة تراب وان ارض الله واسعة ونستطيع ان نستبدل وطنا بآخر ولكن حقائق الأشياء تؤكد ان هناك خيطا يربط بين الإنسان ووطنه ولهذا لم يكن غريبا ان تسيل الدماء دفاعا عن التراب وان يحمل الإنسان حنينا جارفا لأرض عاش عليها وبيت سكن فيه.
هذه المقدمة اريد ان اصل منها الى قضية اصبحت الأن محل نقاش واسع رغم كل ما فيها من الحساسية. ان البعض يرى ان الدين والعقيدة اهم من الوطن وان الحديث عن الأوطان يتنافى احيانا مع عمق المشاعر الدينية التى ينبغى ان تملك كل مشاعر البشر. ولا شك ان الإحساس الدينى شئ يختلف تماما عن مشاعرنا تجاه اوطاننا ولهذا ينبغى ان يبقى الدين فى موقعه فى النفس البشرية تقديسا وإجلالا. ان الدين إحساس جارف يحتوينا فى كل زمان ومكان ولا تغيره الظروف والأماكن ويمكن ان نحمله معنا فى أكثر من وطن انه شئ مجرد ينعكس فى طقوس نؤديها وواجبات نفعلها فى السلوك والأخلاق والمعاملات. ان الدين منظومة إنسانية متكاملة الأركان عبادة وإيمانا ويقينا وطقوسا وهذه المنظومة تنتقل معنا فى مراحل حياتنا والأماكن التى يمكن ان نعيش فيها. وهذه المنظومة تتجاوز فى كثير من مقدساتها حياة البشر وافكارهم العادية. ان اقدس الأماكن عند المسلمين فى كل بلاد الدنيا مكة والمدينة. واقدس الأماكن عند المسيحيين الأماكن المقدسة فى فلسطين والفاتيكان فى روما. وهذه الأماكن المقدسة لا ارض لها ولا وطن لأنها ارض لكل الناس ومزار لكل البشر
هذه البديهيات تضع الأديان فى مواقعها الخالدة والدائمة فى النفس البشرية ويتفق الناس عليها بإختلاف لغاتهم واجناسهم فحين يقف المسلم امام قبر المصطفى عليه الصلاة والسلام فلا فرق بين من جاء من مصر أو السودان أو ماليزيا واندونيسيا انهم جميعا يحملون مشاعر واحدة
هذه المنظومة الربانية تختلف عن مشاعر الإنسان تجاه وطنه لأن الوطن إحساس تراكمى تختلط فيه سنوات العمر والتاريخ والجغرافيا والأماكن والذكريات ولا نستطيع ان نعيش هذه الأشياء إلا فى مكان واحد هو الوطن الذى يسكننا قبل ان نسكن فيه. يستطيع الإنسان ان يؤدى الصلاة فى اى مكان فى هذا العالم او ان يصوم فى اى ارض ولكنه لا يستطيع ان يرى طفولته إلا فى وطنه حيث نشأ وعاش. لا يستطيع ان يزور قبر امه إلا فى قطعة من التراب فى وطنه احتضنت رفاتها. لا يستطيع ان يشاهد نخلة شامخة شاركته طفولته الا على احضان نهر او طريق. من هنا فإن الوطن شئ يختلف تماما عن العقيدة ولا تعارض بينهما على الإطلاق لأن كلا منهما يمثل قيمة ومنظومة فى حياة الإنسان. ان الإنسان يموت فى سبيل وطنه ويموت ايضا دفاعا عن دينه وان اختلفت الأسباب لأن الإنسان يدافع عن دينه فى اى مكان ولكنه يموت على تراب وطنه حين يهدده غاصب أو محتل. لقد اردت بهذا التوضيح ان اصل الى سؤال يردده البعض يقول من يسبق الأخر قضايا الوطن او احلام الخلافة الإسلامية؟.
ان الوطن قضية محسومة لأنه واقع نعيشه ومكان نوجد فيه. ولكن احلام الخلافة كيان تاريخى لا وجود له وكان يمثل مرحلة من مراحل الزمن والتاريخ. ومن الخطأ ان يتصور البعض إمكانية استنساخ التاريخ او الرجوع بالزمن الى الوراء. ان الخلافة مشروع سياسى نختلف ونتفق عليه ولكن الوطن مشروع حياة وقصة حب ابدية لا ينبغى ان نختلف عليها أو نساوم على شبر منها أو يعطى بعضنا لنفسه الحق فى ان يعيد رسم حدودها حسب هواه
لا اتصور ان نتجاهل قضايا مجتمع نعيش فيه بكل ازماته ومشاكله ومطالبه ونعيش من اجل فكرة عن حلم قديم راود البعض منا وانتقل بحكم الوراثة الفكرية ولا اقول الدينية الى اجيال اخرى فاستبدلت الوطن بالخلافة لتخسر الإثنين معا لا اتصور ان يرى البعض ان بلاد المسلمين حق للجميع حيث لا قدسية لحدود ولا ولاء لأرض
انا لا انكر ولا استطيع ان اتجاهل المشاعر الدينية التى يحملها البعض منا تجاه ما يسمى الخلافة التى تتجسد فى وحدة المسلمين والنهوض بهم وهى مشروع إنسانى وحضارى رائع ولكن هذا لا يعنى ان نهدر الحاضر ونستبيح المستقبل من اجل حلم يبدو بعيد المنال لأنه يجئ فى ظرف تاريخى مختلف فى كل ابجدياته.
فى احيان كثيرة نسمع خطبا نارية تطالب بعودة الخلافة وتنكر فكرة الوطن وهذه جناية كبرى فى حق الأوطان لأن الأديان تتعدد والوطن كيان واحد لا ينبغى ان يخضع للقسمة أو التنازل أو التفريط في شبر من ترابه تحت اى دعاوى. هل يجوز ان افرط فى جزء من وطنى لتقيم فيه شعوب اخرى حتى ولو شاركتنى فى الدين ومن الأولى إذا جاء الخلاف مع شريكى فى الوطن الذى يختلف دينه معى أو غريب قادم من بعيد يجمعنا دين واحد.
لقد قامت الحرب العالمية الأولى بسبب الخلافات بين دول تدين بدين واحد. وخسرت اوروبا ملايين البشر فى الحرب العالمية الثانية بسبب قطعة من الأرض وقامت حروب طويلة بين ابناء الدين الواحد دفاعا عن اوطانهم. ان هذه النغمة الغريبة التى يحاول البعض الأن الترويج لها بأن الإنتماء للدين وليس للوطن تمثل ظاهرة خطيرة فى مجتمع مثل مصر قام دائما على تعدد الأديان طوال تاريخه. وإذا كان البعض يروج لهذه المفاهيم الخاطئة لأهداف سياسية فهذه مغامرة خطيرة لأن الولاء للوطن يسبق كل شئ. ولأن الوطن حق لنا جميعا باختلاف ادياننا ومعتقداتنا ولا ينبغى ان يكون غير ذلك
ان دولة الخلافة التى تعيش فى خيال البعض تتعارض تماما مع ابسط حقوق المواطنة وتلغى فكرة الانتماء والمشاركة بل انها تستبيح فكرة الوطن. لقد كان شيئا يدعو للسخرية ان يرى البعض ان بلاد المسلمين حق لكل مسلم وهذا يعنى ان يعيش المسلم فى اى وطن يريد. ومن الذى سيسمح بذلك. وهل يعنى هذا ان يندفع ملايين المسلمين من كل بلاد الدنيا الى دول الخليج العربى لأن لهم حقوق فى بترول هذه الدول وهو منحة من السماء لكل المسلمين كما يردد البعض. وهل يعنى ان ينتخب المصريون أو الليبيون أو الجزائريون رئيسا لهم من ماليزيا أو اندونيسيا أو إيران ما دام رئيسا مسلما. وهل يعنى هذا ان نستبدل اقباط مصر والمسيحيين فى لبنان والدروز فى سوريا بإخوة لنا لأنهم ليسوا مسلمين وماهو الفرق بيننا وبين الصهاينة الذين اغتصبوا وطنا واقاموا عليه دولة يهودية؟.
وهنا نأتى الى نقطة اخطر وهى المعنى الحقيقى للانتماء وهل هو الأنتماء للارض ام الدين؟. لا احد يشكك فى منظومة الأديان ولكنها علاقة خاصة بين الإنسان وخالقه ويستطيع ان يعيش معها وبها فى اى مكان ولكن للإنسان ارض عاش عليها وارتبط بها واصبحت من حقوقه الإنسانية والتاريخية لأن الخلاف فى الدين وارد ولكن الخلاف حول قيمة الوطن خيانة.
من العار ان تسمع من يقول من لا تعجبه احوال البلد يرحل عنها وهذا القول فيه تجاوز خطير فحين نكون شركاء فى بيت نسكن فيه ليس من حق طرف ان يطالب الآخر بالرحيل. وما ينطبق على البيت ينطبق على الوطن.
ولهذا فإن اصحاب الدعوات الفجة التى تتستر بالدين وتحمل مفاهيم سياسية خاطئة وساذجة يخلطون الأوراق ببعضها. انهم يتصورون ان الأوطان لهم وحدهم بحكم العقيدة والأديان لا تورث اوطانا لأن ما يجمعنا فى الوطن ليس الدين وحده وليس من حق البعض ان يمارس كل الوان الوصاية تحت شعارات دينية انهم بذلك يسقطون شركاء لنا فى الوطن على غير ديننا ويسقطون تماما مشاعر انتماء عشنا عليها للارض والوطن والتراب. وقبل هذا كله هم يستبعدون تماما مبدأ المشاركة وهى ابسط حقوق المواطنة.
قد تكون الخلافة والدولة الإسلامية العظمى ووحدة المسلمين فى كل بلاد الدنيا هدفا مشروعا لكل مسلم ولكن لا ينبغى ان يتعارض ذلك مع قيم ثابتة ومنظومة تاريخية عاشت فى وجداننا وهى الوطن خاصة إذا كان لهذا الوطن إمتداد تاريخى وإنسانى حمل اكثر من عقيدة وبشر بأكثر من دين وعاشت عليه حضارات الإنسانية كلها. من الظلم للتاريخ وللحاضر والمستقبل ان نختصر هذا الوطن فى صرخة تخرج من هنا أو هناك تستنهض الهمم وتدعو لعودة الخلافة الإسلامية حتى ولو حكمنا رئيس غير مصرى أو كانت عاصمة الخلافة مدينة غير القاهرة. لن نسمح ابدا برئيس لنا غير مصرى وعاصمة نحمل اسمها فى وطن آخر.
الوطن عندى يسبق كل شئ وانا رجل مسلم اعرف جيدا حدود دينى. فى هذا الوطن صلاتى وصيامى وقبرى وبيتى ولا ينبغى ان افرط فى حفنة تراب منه وسوف يبقى لنا جميعا بإختلاف اراءنا وافكارنا وعقائدنا لأن الأديان تتعدد. والوطن واحد