منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
#60731
في 22 أيلول/سبتمبر 1980، غزت القوات العراقية إيران، مشعلةً بذلك فتيل حرب استمرت ثماني سنوات. كانت حرب الخليج الأولى، والمعروفة باسم الحرب العراقية الإيرانية – "الحرب المفروضة"، كما سمتها السلطات الإيرانية - من أطول النزاعات وأكثرها فظاعة بين الدول منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
كانت نتائج هذه الحرب مدمرة للدولتين. فقد قُدر عدد القتلى بحوالي المليون والجرحى مليونين. وشارك في الحرب حوالي 40% من الذكور الراشدين في كلا البلدين. وتم تهجير أكثر من مليون شخص تقريباً. وتدمير 157 بلدة إيرانية على الأقل أو تضررت إلى حد كبير، بينما اختفت حوالي 1,500 بلدة عن الخارطة. وقدرت تكاليف الحرب الإجمالية بحوالي 1,2 مليار دولار.

تفسيرات الأصول التاريخية والأسباب المباشرة للحرب كثيرة. وفي حين تركز بعض الدراسات على الأبعاد الإقليمية للنزاع، تركز دراسات أخرى على دور الإيديولوجيات المتعارضة. ثمة دراسات تلقي الضوء على العداوة العربية الفارسية القديمة، وأخرى تشدد على الخطر المباشر الذي تمثّله الثورة الإسلامية الإيرانية على العراق والنظام الإقليمي.
السبب المباشر للحرب كان مسألة السيادة على شط العرب (بالعربية) أو اَروَندرود (بالفارسية). يبلغ طول هذا المجرى المائي 200 كم، ويشكّل آخر 80 كم منه الحدود بين إيران والعراق. يعتبر هذا النهر استراتيجياً بالنسبة لكلا البلدين لأن البصرة، الميناء العراقي الوحيد الواصل إلى الخليج الفارسي، تقع أعلى المجرى المائي، ولكلا البلدين منشآت نفطية بالقرب منه. لسنوات عديدة، كانت جرت اشتباكات عند الحدود بين البلدين، وتم التوصل إلى اتفاقية عام 1975 في الجزائر. وفي أواخر شهر آب/أغسطس 1980، أصدر صدام حسين إنذاراً أخيراً يطالب فيه إيران منح العراق السيادة على شط العرب. وعندما انتهت صلاحية الإنذار من دون تحرك الحكومة الإيرانية، قامت الجيوش العراقية بغزو إيران
لم يرَ العراق في الثورة الإيرانية تهديداً فحسب، وإنما أيضاً فرصة. اعتقد صدام حسين أن الاضطراب الداخلي الذي أحدثته الثورة وأعمال القمع والثورات العرقية والمنافسات السياسية أضعفت المجتمع والقوات المسلحة الإيرانية، وبالتالي لم يعد الإيرانيون قادرين على التصدي لهجمة عسكرية، الأمر الذي قد يضطرهم إلى الموافقة على مطالبه.
لكن، وخلافاً لتوقعات القيادة العراقية والعديد من المحللين العسكريين في ذلك الحين، تمكنت القوات الإيرانية من التصدي للغزو العراقي. واعتباراً من عام 1982، تمكنت من نقل الحرب إلى الأراضي العراقية. يمكن عزو قوة إيران غير المتوقعة إلى أسس وطنية وواقع أنّ القيادة حظيت بدعم شرائح كبيرة من السكان وتمكنت من حشد مئات الآلاف من المتطوعين للنزاع.
حتى بعد أن استعادت إيران أرضها، لم تستجب القيادة الإيرانية لطلبات وقف إطلاق النار، وأصرت على القضاء على صدام حسين ونظامه. ويعتبر البعض أن القيادة الإيرانية كانت تعي جيداً أن استمرار الحرب قد يؤثر بشكل كبير على نتائج النزاع الداخلي على السلطة والشكل النهائي للدولة.
طيلة سنوات الحرب، رفض آية الله الخميني عروض السلام من النظام العراقي ومؤيديه. وغالباً ما كان يستخدم شعار "الحرب، الحرب حتى النصر" في الدعاية الإعلامية أثناء الحرب، والترويج للشهادة كهدف أسمى. على ضوء ذلك، يصعب تصور كيفية تبرير القيادة الإيرانية قبولها لقرار مجلس الأمن رقم 598 الصادر عام 1988، والذي يطالب بوقف إطلاق النار.
اعتباراً من عام 1986، بدأ الإنهاك من الحرب يظهر. لم يكن النصر قريباً، وتدهور الاقتصاد إلى حد كبير، كما استشهد آلاف الشباب. وأضطر تزايد انتقاد سياسة الحرب القيادة الإيرانية إلى البدء بالتفاوض لوقف إطلاق النار عام 1988. وفي تلك السنة، اعتبر إسقاط طائرة ركاب مدنية إيرانية (المفترض عرضياً) في الخليج الفارسي على يد وحدات تابعة للقوات البحرية الأمريكية، سبباً مباشراً لتغيير الموقف الإيراني.
في 18 تموز/يوليو 1988، وافق الخميني على مضض على قرار مجلس الأمن رقم 598، قائلاً: "كانت الموافقة على القرار مريرة حقاً ومسألة مأساوية للجميع، وخاصة بالنسبة لي ... في هذه المرحلة، أرى أن ذلك يصب في مصلحة الثورة والنظام ... الموت والشهادة أهون علي من ذلك... كم أنا حزين، لأنني تجرعت كأساً من السم حين وافقت على القرار"