تطور العلم.. تغيير الوجهه عملية قانونية..
مرسل: الجمعة إبريل 10, 2009 2:23 pm
#ac00af
فهد عامر الأحمدي
في حينا القديم كان لدينا صديق مشكلاوي (يعني حق مشاكل بلغة الحارة) يبدأ كل عراك بقوله "روح غير وجهك وبعدين كلمني" . ولأنه كان مثلي الأعلى صدقت حينها بقدرة الإنسان على تغيير وجهه كلما أراد وكنت اتحرق شوقا لمعرفة الطريقة .. وذات يوم أتى علي الدور وقال لي نفس الجملة فاستغللت الفرصة وسألته ساخرا "مافي مشكلة لكن كيف؟" عندها صفعني "قلم" حار أعادني لرشدي وأثبت لي أن الوجه يلتصق بقوة بعظام الجمجمة !!
وحين كبرنا وصرنا رجالا قابلته صدفة وذكرته بتلك الحكاية فضحك وقال "وأنا بدوري تذكرتها قبل فترة بعدما رأيت فيلم غير وجهك" .. وبسرعة أدركت أنه يعني فيلم Face off الذي يستبدل فيه عميل المباحث جون ترافولتا وجهه بوجه ارهابي معروف يدعى كاستور .. وتبدأ القصة بعد القبض على كاستور وادعائه بأن مجموعته تملك قنابل كيميائية (ستفجرها إن لم يطلقوا سراحه بعد فترة معينة) .. وللخروج من هذا المأزق تقترح المباحث الفيدرالية على عميل المباحث ترافولتا استبدال وجهه بوجه كاستور كي يعود الى المجموعة الارهابية ويحاول تدميرها من الداخل..
وهذا الفيلم كان حتى وقت ظهوره عام 1997 من قبيل الخيال العلمي ولم يتصور أحد امكانية تنفيذه على أرض الواقع . ولكن بعد ثلاثة أعوام فقط تم تنفيذ جزء من هذه الفكرة على يد جراح بريطاني يدعى بيتر باتلر .. وكان باتلر قد اشتهر عالميا بعمليات ترقيع الوجه المأخوذه من جلد المريض ذاته . فكثيرا ما يتسبب السرطان أو حوادث السيارات أو الجرثومة آكلة اللحم في تدمير وجه المريض وبالتالي يحتاج الى ترقيعه بشكل لائق . وفي عام 000 2 قام باتلر بزرع "نصف وجه" أخذ من رجل متوفى دماغيا لرجل آخر تآكل جانبه الأيسر بشكل تام . وحين سئل بعد العملية عن قدرته على زرع وجه كامل قال : المشكلة ليست في قدرتنا على فعل هذا ؛ بل في العقبات القانونية والأخلاقية التي ستثيرها عملية كهذه !؟
وهذا يعني أن العملية ليست صعبة من الناحية الجراحية ( رغم أن الوجه المزروع سيبدو جامدا في الغالب بسبب صعوبة توصيل جميع الأعصاب والعضلات التي تعطي الوجه العادي حساسيته وقدرته على التعبير) . وبعد محاولة الدكتور باتلر أجريت تسع وعشرون عملية على حد علمي في أوروبا وأمريكا وأستراليا تم فيها استبدال ما يزيد على 50% من جلد الوجه ..
... وفي الحقيقة المعضلة التي تبرز هنا ليست في إمكانية زرع الوجه من عدمه ؛ بل في المشاكل القانونية والأخلاقية والنفسية المترتبة على ذلك ؛ فمن الناحية الأخلاقية سيبدو الشخص المتوفى وكأنه عاد إلى الحياة بعد زرع وجهه في شخص حي في حين لايمت هذا الأخير بصله لأبناء أو أقرباء المتوفى .. ومن الناحية النفسية سيصعب على الشخص الحي تجاهل حقيقة أنه يحمل وجه رجل ميت وقد يصاب بازدواج الشخصية كلما نظر في المرآة .. أما من الناحية القانونية فلك أن تتصور قدرة مجرم أو إرهابي دولي على تغيير وجهه والاختفاء نهائيا عن الأنظار ( أو اختطاف ملياردير أو مسؤول كبير وانتحال شخصيته ) !!
أما من الناحية الشرعية فأذكر أنني طرحت في أحد مقالاتي سؤالا عويصا مفاده :
ماذا لو قُطعت يد سارق وعاد بها الى فريق جراحي مستعد لزراعتها (هل يمنع أو يترك؟) .. واليوم يعود السؤال لطرح نفسه : ماذا لو وافق أهل الميت على التبرع بوجه ميتهم لصالح رجل دمر وجهه بالكامل ( وتم توثيق هذه العملية قانونيا ) هل يتركون أو يمنعون !؟
فهد عامر الأحمدي
في حينا القديم كان لدينا صديق مشكلاوي (يعني حق مشاكل بلغة الحارة) يبدأ كل عراك بقوله "روح غير وجهك وبعدين كلمني" . ولأنه كان مثلي الأعلى صدقت حينها بقدرة الإنسان على تغيير وجهه كلما أراد وكنت اتحرق شوقا لمعرفة الطريقة .. وذات يوم أتى علي الدور وقال لي نفس الجملة فاستغللت الفرصة وسألته ساخرا "مافي مشكلة لكن كيف؟" عندها صفعني "قلم" حار أعادني لرشدي وأثبت لي أن الوجه يلتصق بقوة بعظام الجمجمة !!
وحين كبرنا وصرنا رجالا قابلته صدفة وذكرته بتلك الحكاية فضحك وقال "وأنا بدوري تذكرتها قبل فترة بعدما رأيت فيلم غير وجهك" .. وبسرعة أدركت أنه يعني فيلم Face off الذي يستبدل فيه عميل المباحث جون ترافولتا وجهه بوجه ارهابي معروف يدعى كاستور .. وتبدأ القصة بعد القبض على كاستور وادعائه بأن مجموعته تملك قنابل كيميائية (ستفجرها إن لم يطلقوا سراحه بعد فترة معينة) .. وللخروج من هذا المأزق تقترح المباحث الفيدرالية على عميل المباحث ترافولتا استبدال وجهه بوجه كاستور كي يعود الى المجموعة الارهابية ويحاول تدميرها من الداخل..
وهذا الفيلم كان حتى وقت ظهوره عام 1997 من قبيل الخيال العلمي ولم يتصور أحد امكانية تنفيذه على أرض الواقع . ولكن بعد ثلاثة أعوام فقط تم تنفيذ جزء من هذه الفكرة على يد جراح بريطاني يدعى بيتر باتلر .. وكان باتلر قد اشتهر عالميا بعمليات ترقيع الوجه المأخوذه من جلد المريض ذاته . فكثيرا ما يتسبب السرطان أو حوادث السيارات أو الجرثومة آكلة اللحم في تدمير وجه المريض وبالتالي يحتاج الى ترقيعه بشكل لائق . وفي عام 000 2 قام باتلر بزرع "نصف وجه" أخذ من رجل متوفى دماغيا لرجل آخر تآكل جانبه الأيسر بشكل تام . وحين سئل بعد العملية عن قدرته على زرع وجه كامل قال : المشكلة ليست في قدرتنا على فعل هذا ؛ بل في العقبات القانونية والأخلاقية التي ستثيرها عملية كهذه !؟
وهذا يعني أن العملية ليست صعبة من الناحية الجراحية ( رغم أن الوجه المزروع سيبدو جامدا في الغالب بسبب صعوبة توصيل جميع الأعصاب والعضلات التي تعطي الوجه العادي حساسيته وقدرته على التعبير) . وبعد محاولة الدكتور باتلر أجريت تسع وعشرون عملية على حد علمي في أوروبا وأمريكا وأستراليا تم فيها استبدال ما يزيد على 50% من جلد الوجه ..
... وفي الحقيقة المعضلة التي تبرز هنا ليست في إمكانية زرع الوجه من عدمه ؛ بل في المشاكل القانونية والأخلاقية والنفسية المترتبة على ذلك ؛ فمن الناحية الأخلاقية سيبدو الشخص المتوفى وكأنه عاد إلى الحياة بعد زرع وجهه في شخص حي في حين لايمت هذا الأخير بصله لأبناء أو أقرباء المتوفى .. ومن الناحية النفسية سيصعب على الشخص الحي تجاهل حقيقة أنه يحمل وجه رجل ميت وقد يصاب بازدواج الشخصية كلما نظر في المرآة .. أما من الناحية القانونية فلك أن تتصور قدرة مجرم أو إرهابي دولي على تغيير وجهه والاختفاء نهائيا عن الأنظار ( أو اختطاف ملياردير أو مسؤول كبير وانتحال شخصيته ) !!
أما من الناحية الشرعية فأذكر أنني طرحت في أحد مقالاتي سؤالا عويصا مفاده :
ماذا لو قُطعت يد سارق وعاد بها الى فريق جراحي مستعد لزراعتها (هل يمنع أو يترك؟) .. واليوم يعود السؤال لطرح نفسه : ماذا لو وافق أهل الميت على التبرع بوجه ميتهم لصالح رجل دمر وجهه بالكامل ( وتم توثيق هذه العملية قانونيا ) هل يتركون أو يمنعون !؟