شخصية يشهد لها التاريخ ((أحمد باشا الجزار ..))
مرسل: الاثنين إبريل 22, 2013 12:15 pm
أحمد باشا الجزار
قائد عثماني شهير له صولات و جولات عندما عين والي عكا بأمر من السلطان سليم الثالث حتى يتمكن من الدفاع عن عكا كان السلطان العثماني سليم الثالث (1789 1807م) قد أوكل مهمة الدفاع عن المدينة إلى القائد العثماني المحنك أحمد باشا الجزار بعد أن رقاه إلى مرتبة وزير... كان هذا القائد قد تجاوز السبعين من عمره آنذاك، وهو من أصل بوسني، وقضى ما يقارب خمسين سنة في ساحات المعارك والقتال في خدمة الدولة العثمانية. و معلوم لمن يتصفح كتب التاريخ، أن نجم الجنرال الفرنسي نابليون بونابرت لمع على إثر الانتصارات الكبيرة التي أحرزها على الإمبراطورية النمساوية في معارك لودي واركولي وديفولي، وأجبرها بموجبها على توقيع معاهدة كامبو فورميو (أكتوبر1797م) مع فرنسا، وعاد إلى باريس تحيط به هالات المجد، بعد أن أصبح محبوب الأمة الفرنسية بأجمعها. وقد شعرت حكومة الإدارة الفرنسية آنذاك بخطورة هذا الجنرال الذي حاز إعجاب الشعب، فسعت إلى إبعاده عن فرنسا، وأرسلته في حملة عسكرية إلى مصر لضرب خطط الإنجليز في الشرق.
خرج نابليون في هذه الحملة بأسطول يقارب عدد سفنه الحربية خمسمائة سفينة، وقام أولاً باحتلال جزيرة مالطة، وفي 2 يوليو 1798م وصل إلى الإسكندرية واحتلها. ثم توجه مسرعاً نحو القاهرة، وانتصر على المماليك في معركة الرحمانية ومعركة إمبابة. لكن الأسطول الفرنسي تلقى ضربة موجعة من قبل الأميرال الإنجليزي نلسون في معركة أبي قير. في بداية شهر فبراير 1799م، توجه نابليون من القاهرة إلى غزة واحتلها، ثم تقدم إلى فلسطين حيث احتل يافا في 13مارس وقام بمذبحة رهيبة فيها بعد استسلام المدينة، حيث قتل ما يقارب عشرة آلاف شخص بين جندي ومدني، لأنه أراد بث الرعب، وإحداث هزة نفسية، وإشاعة الهلع لكي لا تقوم المدن الأخرى بمقاومته. ثم واصل طريقه إلى مدينة "عكا" وحاصرها. نابليون أمام أسوار عكا: وصل نابليون إلى مدينة عكا في 18 مارس 1799م. وكان لا بد من احتلال هذه المدينة لكي يستطيع الاستمرار في حملته شمالاً إلى الشام، حيث كانت مدينة عكا تحتل موقعاً استراتيجياً مهماً. كان نابليون الذي كسب معاركه في مصر وفلسطين حتى الآن في يسر ودون صعوبة متأكداً أن هذه المدينة لن تصمد أمامه أكثر من يومين اثنين، لذا بادر إلى إرسال رسالة ملؤها الكبرياء والعجرفة إلى القائد العثماني الهرم قال فيها: "إنني الآن أمام قلاع عكا، ولن يكسبني قتل شخص هرم مثلك شيئاً... لذا فأنا لا أرغب في الدخول معكم في معركة... كن صديقاً وسلم هذه المدينة دون إراقة الدماء". ولم يتأخر جواب القائد العثماني.. ولكنه لم يكن الجواب الذي توقعه نابليون. قال القائد العثماني أحمد باشا الجزار في رسالته الجوابية: "نحمد الله تعالى لكوننا قادرين على حمل السلاح، وقادرين على الدفاع... إنني أنوي أن أقضي الأيام القليلة الباقية من عمري في الجهاد ضد الكفار". عندما تسلم نابليون هذا الجواب الذي قطع أمله في الدخول إلى المدينة ظافراً دون قتال التفت إلى ضباطه وقال لهم بضيق ونفاد صبر: "لقد أصبح من الواضح الآن أن هذا الشيخ الهرم سيكون سبباً في ضياع بضعة أيام منا... ولكن لا بأس... لا تقلقوا... سنكون بعد يومين في وسط هذه المدينة... سنلقنهم درساً لن ينسوه". في اليوم الثاني... 19مارس 1799م بدأت المعركة، وبدأت المدافع الفرنسية تصب حممها على قلاع المدينة وأسوارها. ولكن لم تتحقق توقعات نابليون في النصر السريع، فقد أبدت الحامية العثمانية لمدينة عكا شجاعة فائقة في القتال على الرغم من تفوق الجيش الفرنسي من ناحية العدد والأعتدة الحربية ولا سيما في عدد المدافع التي كانت تصب حممها على المدينة الصغيرة المحاصرة. مرت الأيام والأسابيع والمعركة الضروس قائمة، والمدينة صامدة صمود الأبطال، ويقوم أفراد الحامية في الليل بسد الثغرات التي تحدثها المدافع في النهار في جدران الأسوار... وتبخرت أحلام نابليون الذي كان قد اغتر بانتصاراته المتلاحقة على النمسا وفي مصر وفلسطين. عقد نابليون مشاورات عدة مع ضباطه ثم قرر إرسال رسالة إلى القائد العثماني يقترح عليه إجراء المفاوضات بين الطرفين. قبل القائد العثماني الطلب وذكر أنه بانتظار وفد المفاوضة، وجاء الوفد الفرنسي وعلى رأسه ضابط كبير. كان هذا الضابط يحمل رسالة شفوية من قائده الجنرال نابليون، وملخصها أنه لا فائدة من المقاومة، وأنه من الأفضل الاتفاق على شروط جيدة للصلح لإنهاء المزيد من سفك الدماء، لذا فإن القائد الفرنسي سيقبل بخروج القائد العثماني وخروج حاميته كذلك مع جميع أسلحتهم دون أن يتعرض لهم أحد، ويسمح لهم بالتوجه إلى المكان الذي يريدونه... كل ذلك في مقابل إنهاء المقاومة.
استمع أحمد باشا الجزار لرئيس الوفد الفرنسي حتى أكمل كلامه. وبعد صمت قصير قال له: "لم تقم الدولة العلية العثمانية بتعييني وزيراً وقائداً لكي أقوم بتسليم هذه المدينة إليكم... إنني أحمد باشا الجزار لن أسلم لكم شبراً من هذه المدينة حتى أبلغ مرتبة الشهادة". كان هذا جواباً حاسماً لا يتحمل المزيد من النقاش، ولا أي مناورة من مناورات المفاوضات، لذا رجع الوفد الفرنسي دون الوصول إلى اتفاق.
ما إن نقل الوفد جواب القائد العثماني إلى نابليون حتى جن جنونه، وبدأ يفكر في وضع خطة جديدة... خطة تؤمِّن كسر مقاومة الحامية العثمانية، فأمر بأن يتم وضع عشرات بل المئات من المشاعل ليلاً على مقربة من أسوار المدينة لكي يستمر قصف الأسوار ليلاً ونهاراً دون توقف، لكي لا يعطي فرصة راحة للمدافعين، ولكي يدك هذه الأسوار دكاً ويفتح فيها الثغرات والفجوات. وتم البدء بتنفيذ الخطة الجديدة... وبدأت المدافع تهدر ليلاً ونهاراً بقصف مستمر لا ينقطع. ونجح القصف الشديد والمستمر في هدم بعض أجزاء من سور المدينة، وهنا أمر نابليون جنده بالهجوم ودخول المدينة من هذه الأماكن.
دق نفير الهجوم في الجانب الفرنسي، واندفع الجنود الفرنسيون يريدون اقتحام الأسوار من هذه الفجوات والأقسام المتهدمة، ولكنهم قوبلوا بحراب وسيوف ورصاص الحامية العثمانية التي كانت تنتظر مثل هذا الهجوم، والتحموا مع الغزاة وجهاً لوجه، وعلى رأسهم قائدهم أحمد باشا الجزار. وأسفر الهجوم عن تراجع المهاجمين بعد أن تكبدوا خسائر فادحة. وتكرر الهجوم في الأيام التي تلت يوم الهجوم الأول، ولكن النتيجة لم تتغير، ففي كل هجوم كان الفرنسيون يتكبدون خسائر كبيرة في الأرواح.
ومرت الأيام والأسابيع على هذا المنوال... وبدأ اليأس يستولي على الجانب الفرنسي، لأن خسائره كانت تزداد على الدوام حتى كادت تأكل نصف الجنود. وأخيراً وبعد 64 يوماً من الحصار الشديد والقتال الدامي قرر نابليون في 21مايو عام 1799م فك الحصار، وانسحب وهو يلملم جراح جيشه، ويجر أذيال الفشل، ويعلن بانسحابه أنه هُزم من قبل قائد عثماني هرم في السبعين من عمره... كانت هذه هي المعركة البرية الوحيدة التي خسرها نابليون حتى ذلك اليوم
قائد عثماني شهير له صولات و جولات عندما عين والي عكا بأمر من السلطان سليم الثالث حتى يتمكن من الدفاع عن عكا كان السلطان العثماني سليم الثالث (1789 1807م) قد أوكل مهمة الدفاع عن المدينة إلى القائد العثماني المحنك أحمد باشا الجزار بعد أن رقاه إلى مرتبة وزير... كان هذا القائد قد تجاوز السبعين من عمره آنذاك، وهو من أصل بوسني، وقضى ما يقارب خمسين سنة في ساحات المعارك والقتال في خدمة الدولة العثمانية. و معلوم لمن يتصفح كتب التاريخ، أن نجم الجنرال الفرنسي نابليون بونابرت لمع على إثر الانتصارات الكبيرة التي أحرزها على الإمبراطورية النمساوية في معارك لودي واركولي وديفولي، وأجبرها بموجبها على توقيع معاهدة كامبو فورميو (أكتوبر1797م) مع فرنسا، وعاد إلى باريس تحيط به هالات المجد، بعد أن أصبح محبوب الأمة الفرنسية بأجمعها. وقد شعرت حكومة الإدارة الفرنسية آنذاك بخطورة هذا الجنرال الذي حاز إعجاب الشعب، فسعت إلى إبعاده عن فرنسا، وأرسلته في حملة عسكرية إلى مصر لضرب خطط الإنجليز في الشرق.
خرج نابليون في هذه الحملة بأسطول يقارب عدد سفنه الحربية خمسمائة سفينة، وقام أولاً باحتلال جزيرة مالطة، وفي 2 يوليو 1798م وصل إلى الإسكندرية واحتلها. ثم توجه مسرعاً نحو القاهرة، وانتصر على المماليك في معركة الرحمانية ومعركة إمبابة. لكن الأسطول الفرنسي تلقى ضربة موجعة من قبل الأميرال الإنجليزي نلسون في معركة أبي قير. في بداية شهر فبراير 1799م، توجه نابليون من القاهرة إلى غزة واحتلها، ثم تقدم إلى فلسطين حيث احتل يافا في 13مارس وقام بمذبحة رهيبة فيها بعد استسلام المدينة، حيث قتل ما يقارب عشرة آلاف شخص بين جندي ومدني، لأنه أراد بث الرعب، وإحداث هزة نفسية، وإشاعة الهلع لكي لا تقوم المدن الأخرى بمقاومته. ثم واصل طريقه إلى مدينة "عكا" وحاصرها. نابليون أمام أسوار عكا: وصل نابليون إلى مدينة عكا في 18 مارس 1799م. وكان لا بد من احتلال هذه المدينة لكي يستطيع الاستمرار في حملته شمالاً إلى الشام، حيث كانت مدينة عكا تحتل موقعاً استراتيجياً مهماً. كان نابليون الذي كسب معاركه في مصر وفلسطين حتى الآن في يسر ودون صعوبة متأكداً أن هذه المدينة لن تصمد أمامه أكثر من يومين اثنين، لذا بادر إلى إرسال رسالة ملؤها الكبرياء والعجرفة إلى القائد العثماني الهرم قال فيها: "إنني الآن أمام قلاع عكا، ولن يكسبني قتل شخص هرم مثلك شيئاً... لذا فأنا لا أرغب في الدخول معكم في معركة... كن صديقاً وسلم هذه المدينة دون إراقة الدماء". ولم يتأخر جواب القائد العثماني.. ولكنه لم يكن الجواب الذي توقعه نابليون. قال القائد العثماني أحمد باشا الجزار في رسالته الجوابية: "نحمد الله تعالى لكوننا قادرين على حمل السلاح، وقادرين على الدفاع... إنني أنوي أن أقضي الأيام القليلة الباقية من عمري في الجهاد ضد الكفار". عندما تسلم نابليون هذا الجواب الذي قطع أمله في الدخول إلى المدينة ظافراً دون قتال التفت إلى ضباطه وقال لهم بضيق ونفاد صبر: "لقد أصبح من الواضح الآن أن هذا الشيخ الهرم سيكون سبباً في ضياع بضعة أيام منا... ولكن لا بأس... لا تقلقوا... سنكون بعد يومين في وسط هذه المدينة... سنلقنهم درساً لن ينسوه". في اليوم الثاني... 19مارس 1799م بدأت المعركة، وبدأت المدافع الفرنسية تصب حممها على قلاع المدينة وأسوارها. ولكن لم تتحقق توقعات نابليون في النصر السريع، فقد أبدت الحامية العثمانية لمدينة عكا شجاعة فائقة في القتال على الرغم من تفوق الجيش الفرنسي من ناحية العدد والأعتدة الحربية ولا سيما في عدد المدافع التي كانت تصب حممها على المدينة الصغيرة المحاصرة. مرت الأيام والأسابيع والمعركة الضروس قائمة، والمدينة صامدة صمود الأبطال، ويقوم أفراد الحامية في الليل بسد الثغرات التي تحدثها المدافع في النهار في جدران الأسوار... وتبخرت أحلام نابليون الذي كان قد اغتر بانتصاراته المتلاحقة على النمسا وفي مصر وفلسطين. عقد نابليون مشاورات عدة مع ضباطه ثم قرر إرسال رسالة إلى القائد العثماني يقترح عليه إجراء المفاوضات بين الطرفين. قبل القائد العثماني الطلب وذكر أنه بانتظار وفد المفاوضة، وجاء الوفد الفرنسي وعلى رأسه ضابط كبير. كان هذا الضابط يحمل رسالة شفوية من قائده الجنرال نابليون، وملخصها أنه لا فائدة من المقاومة، وأنه من الأفضل الاتفاق على شروط جيدة للصلح لإنهاء المزيد من سفك الدماء، لذا فإن القائد الفرنسي سيقبل بخروج القائد العثماني وخروج حاميته كذلك مع جميع أسلحتهم دون أن يتعرض لهم أحد، ويسمح لهم بالتوجه إلى المكان الذي يريدونه... كل ذلك في مقابل إنهاء المقاومة.
استمع أحمد باشا الجزار لرئيس الوفد الفرنسي حتى أكمل كلامه. وبعد صمت قصير قال له: "لم تقم الدولة العلية العثمانية بتعييني وزيراً وقائداً لكي أقوم بتسليم هذه المدينة إليكم... إنني أحمد باشا الجزار لن أسلم لكم شبراً من هذه المدينة حتى أبلغ مرتبة الشهادة". كان هذا جواباً حاسماً لا يتحمل المزيد من النقاش، ولا أي مناورة من مناورات المفاوضات، لذا رجع الوفد الفرنسي دون الوصول إلى اتفاق.
ما إن نقل الوفد جواب القائد العثماني إلى نابليون حتى جن جنونه، وبدأ يفكر في وضع خطة جديدة... خطة تؤمِّن كسر مقاومة الحامية العثمانية، فأمر بأن يتم وضع عشرات بل المئات من المشاعل ليلاً على مقربة من أسوار المدينة لكي يستمر قصف الأسوار ليلاً ونهاراً دون توقف، لكي لا يعطي فرصة راحة للمدافعين، ولكي يدك هذه الأسوار دكاً ويفتح فيها الثغرات والفجوات. وتم البدء بتنفيذ الخطة الجديدة... وبدأت المدافع تهدر ليلاً ونهاراً بقصف مستمر لا ينقطع. ونجح القصف الشديد والمستمر في هدم بعض أجزاء من سور المدينة، وهنا أمر نابليون جنده بالهجوم ودخول المدينة من هذه الأماكن.
دق نفير الهجوم في الجانب الفرنسي، واندفع الجنود الفرنسيون يريدون اقتحام الأسوار من هذه الفجوات والأقسام المتهدمة، ولكنهم قوبلوا بحراب وسيوف ورصاص الحامية العثمانية التي كانت تنتظر مثل هذا الهجوم، والتحموا مع الغزاة وجهاً لوجه، وعلى رأسهم قائدهم أحمد باشا الجزار. وأسفر الهجوم عن تراجع المهاجمين بعد أن تكبدوا خسائر فادحة. وتكرر الهجوم في الأيام التي تلت يوم الهجوم الأول، ولكن النتيجة لم تتغير، ففي كل هجوم كان الفرنسيون يتكبدون خسائر كبيرة في الأرواح.
ومرت الأيام والأسابيع على هذا المنوال... وبدأ اليأس يستولي على الجانب الفرنسي، لأن خسائره كانت تزداد على الدوام حتى كادت تأكل نصف الجنود. وأخيراً وبعد 64 يوماً من الحصار الشديد والقتال الدامي قرر نابليون في 21مايو عام 1799م فك الحصار، وانسحب وهو يلملم جراح جيشه، ويجر أذيال الفشل، ويعلن بانسحابه أنه هُزم من قبل قائد عثماني هرم في السبعين من عمره... كانت هذه هي المعركة البرية الوحيدة التي خسرها نابليون حتى ذلك اليوم