الدوله الفاضله
مرسل: الثلاثاء إبريل 23, 2013 2:04 am
نجد في المكتبات الاوربيه عن الترجمات اللاتينيه عن كتب الفارابي وبما ان كتبه ترجمت إلى أغلب اللغات الحضاريه انذاك، فلماذا العشق لهذه الكتب الفريده لانه اتى بخلاصة الحكماء ونقحها بأسلوبه الفريد حيث جمع بين راي الحكيمين افلاطون وارسطو والتوفيق بينهما وقد ربط بين السياسه والاخلاق وإن حاول الفارابي التوفيق بينهما فكان يدون ان العلم السياسي هو علم الاشياء التي بواسطتها توصل سكان المدن إلى السعاده بفضل المجتمع الإنساني. فسعادة الإنسان مرتبطه بالحياه الجماعيه لأبناء المدينة. وتدرس الفلسفة المدنيه عند الفارابي اصناف الافعال والشرائع الإداريه، والاخلاق والسجايا التي تفعل تلك الافعال، والغايات التي لاجلها تفعل الافعال. ان الفارابي يُقرن المدن بالأمم ويربط بينها. وقد قسم الفارابي الجماعات البشريه بحسب روابطها إلى أنواع : - الاجتماعات الكامله : منها : العظمى وتشمل كل المعموره، وهي مجموع الأمم. والوسطى : وهي الامه. والصغرى : وهي مدينة (الدوله) أو جزء من امة. اما الاجتماعات غير الكامله فهي القريه والمحلة والسكة والمنزل والاجتماعات في المحال والقرى كلتاهما لاجل المدينة. والفرق أن المحال اجزاء المدينة، والقرى خادمه لها.وتتميز أمه عن أخرى بالاخلاق والشيم واللغه. وهذا الاختلاف بسبب :- اختلاف الامكنه بالنسبة للكره الأرضيه واختلاف الامكنه على الأرض، واختلاف الابخره المتصاعده من الأرض، واختلاف الهواء والمياه والزرع، واختلاف الاغذيه واختلاف المواد والزرع.وبواسطة تعاون افراد المجتمع تنال المدينة أو الدوله والامه المعموره السعادة. اما أنواع المدن عند الفارابي فهي : وقبل أن نشرح الأنواع انوه إلى شيء هنا انه في الازمان الغابره كانت المدن هي تمثل الدوله بمفهومنا الحاضر بحيث ان كل مدينة لها حصنها وكيانها ا لمستقل ولها اميرها أو ملكها لذلك كانت تسمى المدينة المحصنه بالقوه والقوت والجيش (المدينة) اما الحاضر فليس لهم الآن مقياس لهذا بعد اختلال تلك الشروط وأصبحت المدينة جزء من الدوله ولكن القصد للفارابي هو ان المدينة في الماضي هي الدوله في الحاضر وان تطور الشكل ولاكن المضمون واحد نعود لأنواع المدن (الدول) فهي الدوله الفاضله، وهي التي تتعاون على الاشياء التي تنال بها السعاده الحقيقيه ويكون التعاون بالفكره والعمل. وقداخذ الفارابي عن افلاطون فكرة تشبيه المدينة أو الدوله بالبدن التام الصحيح. والفرق هو ان تعاون الاعضاء في البدن طبيعي وتعاون اعضاء المدينة ارادي. ولقد ادرك الفارابي بوضوح الفرق بين وظائف الاجتماع من حيث تعاونها واختلافها اي التفكير والاراده. وقد شبه الفارابي الوحده والترتيب في المدينة الفاضله بنظائرها في النفس والبدن، فكما ان للنفس وحدة تترتب فيها قواها من الأعلى (القوة الناطقه) إلى الادنى (الغاذيه) فهناك القلب الذي يرأس ولا يخدم، وهناك أعضاء أقل منه فاقل، إلى أن تنتهي إلى أعضاء تخدم ولا ترأس وهكذا حالة الدوله الفاضله.ان مراتب الدوله الفاضله عند الفارابي شبيهه بالموجودات الطبيعيه. فعلاقة الموجودات، كعلاقة ملك المدينة الفاضله بسائر اجزائها والقلب بسائر اعضاء البدن والقوة الناطقه بقوى النفس الباقيه. فالساسه عند الفارابي قسم من الفلسفة الأولى.ولابد من توافر صفات في رئيس االدوله الفاضله. يقسمها الفارابي إلى قسمين رئيسين : صفات بالفطرة والطبع، وصفات بالملكه والهيئه الإداريه. فعلى الرئيس أن يكون في أعلى مراتب الإنسانيه، وأن تكون نفسه كامله متحده بالعقل الفعال. وهكذا فالرئيس فيلسوف وحكيم ونبي منزه. يقصد الفارابي بالنبي المنزه تشبيه المجازيوليس المطلق بمعنى ان توجهاته الثقافيه والايدولوجيه والفلسفيه تكون وفق الخط الموازي وهذ ما بينه بالعبارة التي تسبقها ان يكو ن الرئيس نفسه كامله. حيث يعدد الفارابي اثنتي عشرة خصله فطريه للرئيس، وست خصال (أو فضائل) مكتسبه. واذا لم يوجد إنسان واحد حائز على هذه الخصال فيجوز ان يكون اثنتين.. أو ستة، شرط ان توجد الحكمه في احدهم.كما يتوجب على الملوك والائمه دراسة العلوم النظرية وفق نظام افلاطون. أما الدول الشريره عند الفارابي فهي مضادات الدولة الفاضلة. وهي الدولة التي لم يعرف اهلها السعادة الحقيقيه والتي يقتصر اهلها على الضروري أو يتعاون اهلها ليكونوا ممدوحين مكرمين. اما المدينة أو لدولة الخسه فإن غاية أهلها التمتع باللذة من المحسوس والتخيل وإيثار الهزل واللعب. ومدينة التغلب يكون قصد اهلها ان يكونوا القاهرين لغيرهم وهدفهم لذة الغلبه. والدولة الجماعيه يقصد اهلها ان يفعل كل منهم حسب هواه. وهي شبيهه بالفوضويه. اما الدولة الفاسقه فهي الدولة التي يعلم أهلها السعادة والله والعقل الفعال، ويعملون اعمال اهل المدن أو الدول الجاهله فهم يقولون ويعتقدون ولاكنهم لايفعلون. والدوله المتبدله تلك التي كانت آراء اهلها وافعالهم مطابقة لأهل الدولة الفاضله إلا انها تبدلت فدخلها الفساد. والدولة الضاله، تعتقد في الله والعقل الفعال آراء فاسدة، ويدعي رئيسها انه موحى اليه. ويحذر الفارابي من وجود النوابت في الدول, والنوابت في المدن يوجد منهم في كل المدن وهم بمثابة الشوك في الزرع ثم البهيميون بالطبع من الناس. إن التميز بين هذه الاشكال المختلفه للمدن الشريره يقوم أساساً على المعرفه الناقصه للسعادة الحقيقيه وهكذا نجد الفارابي يحاكي بمدينته جمهورية افلاطون. إن اراء الفارابي السياسية هي تطبيق لنظرياته الفلسفيه وإن كان للفارابي قد علق على رئيس الدولة الفاضله كل الاهمية، كافلاطون ,فإننا لانزال تلاحظ فروقا بينهما :فقد اشترط الفارابي للرئيس أن يكون نبياً بالإضافة لكونه فيلسوفا، ليكون على اتصال بالعقل الفعال. فعند افلاطون على الفيلسوف أن يهبط من تأملاته للمعقولات المجرده إلى عالم الشؤن السياسية وعند الفارابي عليه ان يصعد إلى العالم الروحي. وبهذا يبتعد الفارابي عن الواقع. وهكذا قد جمع الفارابي بين النبوه والفلسفة في شخص رئيس دولته بقصد الوفاق بين النبوة والفلسفة وبالتالي بين الحكمه والشريعة. فنراه يتجاهل آراء افلاطون بالشيوعيه عند الحكام لتناقضها مع تعاليم الإسلام. يحتل الفارابي مكانة مرموقه في الفلسفة الإسلامية فقد اسهم اسهاما كبيرا في إثراء الفكر الإنساني بما قام به من جهود في سبيل التعريف بالفلسفة اليونانيه ونشرها فقد تولاها بالشرح والتحليل والنقد والتعليق والتلخيص. ويكفي أن نشير إلى أن ابن سينا قد صرح بأنه لم يستطيع أن يفهم كتاب ارسطو (ما بعد الطبيعه) الذي أعاد قراءته اربعين مره ,إلا بعد أن اطلع على كتاب الفارابي في أغراض ما بعد الطبيعه. 6-6-2011 المصادر 1 أ- شاكر بن شيهون