سوريا: التوافق الأميركي الروسي و... نظرية المؤامرة
مرسل: الثلاثاء إبريل 23, 2013 11:32 am
الشكل النمطي لنظرية المؤامرة في سورية انطلق من أن أميركا التي هي زعيمة الإمبريالية، والتي تحيك المؤامرات للسيطرة على العالم، والتي وضعت مخططها لـ «الشرق الأوسط الموسّع»، وصاغت نظرية «الفوضى الخلاقة»،
تكمل ما بدأته في العراق من خلال استثارة الوضع السوري، من أجل إسقاط «نظام الممانعة» و «المقاومة»، حيث استغلت نشوب الثورات العربية لكي تفتعل الصراع في سورية.
والجزء الآخر من هذا الشكل النمطي قام على أساس أن روسيا هي الحليف «الطبيعي»، حيث أنها ليست إمبريالية، و «تدعم الشعوب»، لكن في خلفية كل ذلك أن روسيا هي «اشتراكية»، أو شيء من هذا القبيل، مثل تحررية أو «معادية للإمبريالية»، أو «دولة بازغة» كما يُطلق سمير أمين. ولهذا كان من «الطبيعي» أن تكون إلى جانب النظام السوري.
بالتالي فروسيا ضد أميركا، هذه الأخيرة التي هي «العدو الرئيسي»، ومن ثم فنحن حلفاء روسيا.
من الواضح أن هذا التحديد استعادة لمعادلات الحرب الباردة كما رسمها الاتحاد السوفياتي وتعممت على أساس أنها جزء ثابت وجوهري من «النظرية الماركسية». فأميركا هي الإمبريالية، وروسيا هي الاشتراكية، وفي هذا الثنائي يكمن التناقض، ويقوم الصراع. وإذا كان هذا التناقض يتأسس على التناقض بين الاشتراكية والرأسمالية، فقد جرى اختصاره لكي يتحدد في روسيا وأميركا. وهذا ما تكلس في ذهن قطاع من «اليسار»، وبات هو المنهج الذي يحكم نظرته إلى العالم. إلى حد أنه بات «القالب الجاهز» لتفسير أحداث العالم كلها.
هذا ما جعل بن لادن وتنظيم القاعدة «ثوريين»، و «معاديين للإمبريالية»، وبات وجه بن لادن يغطي وجه غيفارا. وبات الإخوان المسلمون «حلفاء» ضد الإمبريالية والصهيونية، وهم قيادة التحرر الوطني. وأصبح «الماركسي القويم» هو من يتحالف معهم ويدافع عن بن لادن، وكل من لا يفعل ذلك «إمبريالي».
في سورية انطبقت هذه «النظرية» تماماً، حيث كان النظام السوري في تحالف «مختلف» مع أميركا (وإن كان فاتحاً كل الخطوط مع أوروبا التي لم يبدُ أنها إمبريالية)، وفي حلف «مقاوم»، وضد الدولة الصهيونية. وأصبحت روسيا هي الداعم الرئيسي له. بالتالي تفعّل نشاط هذا «القالب» بشكل غريزي، وبات ما يجري في سورية مؤامرة، وروسيا هي الحليف «الاشتراكي» أو «البازغ» أو «التحرري» أو «المعادي للإمبريالية». وجرى التشكيك في كل تحليل يقول بأن روسيا دولة إمبريالية. وظلت أميركا هي التي تصيغ المؤامرة ضد سورية. وتقوم بها من خلال دول إقليمية ودولية أخرى، أو بشكل مباشر.
لهذا لم يُرصد الموقف الأميركي مما يجري في سورية بشكل جيد، وظل «الموقف المسبق» هو الحاكم لكل «تحليل» وموقف، حيث بدت أميركا بعيدة عما يجري، تترقب من بعيد، وتحاول التصريح أحياناً، أو التواصل في أحيان أخرى. ولقد حددت موقفها منذ البدء انطلاقاً من أنها غير ميالة لإسقاط النظام، وتريد الحل السياسي. لهذا لم تدعُ، كما فعلت في تونس ومصر، إلى رحيل الأسد. وقررت أنها لا تريد التدخل العسكري، وبعد انتقال الثورة إلى العمل المسلح قررت عدم تسليح المعارضة. ومنذ بداية 2012 طلب أوباما من روسيا «رعاية مرحلة انتقالية كما حدث في اليمن».
ولقد توضح موقفها أكثر منذ نهاية 2012، حيث حسمت أنها لا تريد التدخل العسكري ولا تسليح المعارضة، وترى أن الحل هو حل سياسي، ورأت بأن على المعارضة ألا تخضع لمطالب الشعب بل عليها أن تخفض من هذه المطالب. وحين دعمت تشكيل الائتلاف الوطني السوري (وهو أول تدخل أميركي مباشر في الصراع) هدفت إلى أن يكون جزءاً من «الحوار مع النظام».
وإذا كانت قد صاغت مع روسيا وثيقة جنيف، وجرى القول بأن خلافاً يقوم بين روسيا وأميركا حول «وضع الرئيس» في الحل المقترح، وهل سيبقى أو يرحل، فقد تبيّن أن لا خلاف حول ذلك. هذا ما ظهر واضحاً بعد مجيء جون كيري وزيراً للخارجية، والذي طلب من المعارضة والنظام الجلوس إلى طاولة المفاوضات. وهذا ما أشار إليه لافروف مؤخراً حيث صرّح بأن روسيا وأميركا تحضران لعقد حوار بين وفد من المعارضة ووفد من النظام. وبالتالي فقضية «وضع الرئيس» لم تعد مطروحة، ولا خلاف حولها. والأساس هنا هو اتفاق جنيف الذي يدعو إلى تأسيس «حكومة انتقالية كاملة الصلاحية»، من النظام والمعارضة.
لهذا سنجد أن أميركا باتت تلعب دور السمسار للحل الروسي. وبدا أن مهمتها تتمثل في «ترويض» معارضة الخارج لكي تدخل كطرف في الحل. لسنا هنا في تقييم قيمة هذا الحل، وهل يفيد، أو هو التفاف على الثورة، على رغم أن كل «حل» ينهي العنف الدموي للسلطة، ويفتح على أن يكون الصراع صراعاً سياسياً، هو أمر مفيد في وضع سورية الراهن. لكن ما يهمنا هنا أن أميركا باتت في توافق «كامل» مع روسيا في ما يتعلق بالحل، وباتت معنية بترتيب وضع القوى التي «تمون» عليها، سواء في المعارضة أو الدول الإقليمية أو الدول الإمبريالية الأخرى. كل ذلك من أجل إنجاح «الحل الروسي». وهذا يستلزم فهماً جديداً للوضع العالمي، وتلمس المحاور التي تتبلور فيه.
فأميركا تتوافق مع روسيا في الحل. وتعترف بأن «الحل روسي». وبهذا يذوب التناقض الموهوم الذي تأسست عليه كل «تحليلات» «الممانعين» و «المقاومين»، ويتكسر «القالب» الذي تكلّس منذ الحرب الباردة. وبالتالي إذا كانت هناك مؤامرة فهي مؤامرة على الشعب السوري والثورة السورية. فكل ما جرى «دولياً» هو من أجل تدمير سورية وتدمير الثورة، في عصر ستكون الثورات سمته، ولهذا يجب تدميرها بأقسى ما يمكن من العنف. وليكون الحل بيد الدول الإمبريالية، سواء كانت فرنسا أو أميركا أو روسيا أيضاً.
لكنه عصر الثورات حتماً. الثورات ضد كل الإمبرياليات.
تكمل ما بدأته في العراق من خلال استثارة الوضع السوري، من أجل إسقاط «نظام الممانعة» و «المقاومة»، حيث استغلت نشوب الثورات العربية لكي تفتعل الصراع في سورية.
والجزء الآخر من هذا الشكل النمطي قام على أساس أن روسيا هي الحليف «الطبيعي»، حيث أنها ليست إمبريالية، و «تدعم الشعوب»، لكن في خلفية كل ذلك أن روسيا هي «اشتراكية»، أو شيء من هذا القبيل، مثل تحررية أو «معادية للإمبريالية»، أو «دولة بازغة» كما يُطلق سمير أمين. ولهذا كان من «الطبيعي» أن تكون إلى جانب النظام السوري.
بالتالي فروسيا ضد أميركا، هذه الأخيرة التي هي «العدو الرئيسي»، ومن ثم فنحن حلفاء روسيا.
من الواضح أن هذا التحديد استعادة لمعادلات الحرب الباردة كما رسمها الاتحاد السوفياتي وتعممت على أساس أنها جزء ثابت وجوهري من «النظرية الماركسية». فأميركا هي الإمبريالية، وروسيا هي الاشتراكية، وفي هذا الثنائي يكمن التناقض، ويقوم الصراع. وإذا كان هذا التناقض يتأسس على التناقض بين الاشتراكية والرأسمالية، فقد جرى اختصاره لكي يتحدد في روسيا وأميركا. وهذا ما تكلس في ذهن قطاع من «اليسار»، وبات هو المنهج الذي يحكم نظرته إلى العالم. إلى حد أنه بات «القالب الجاهز» لتفسير أحداث العالم كلها.
هذا ما جعل بن لادن وتنظيم القاعدة «ثوريين»، و «معاديين للإمبريالية»، وبات وجه بن لادن يغطي وجه غيفارا. وبات الإخوان المسلمون «حلفاء» ضد الإمبريالية والصهيونية، وهم قيادة التحرر الوطني. وأصبح «الماركسي القويم» هو من يتحالف معهم ويدافع عن بن لادن، وكل من لا يفعل ذلك «إمبريالي».
في سورية انطبقت هذه «النظرية» تماماً، حيث كان النظام السوري في تحالف «مختلف» مع أميركا (وإن كان فاتحاً كل الخطوط مع أوروبا التي لم يبدُ أنها إمبريالية)، وفي حلف «مقاوم»، وضد الدولة الصهيونية. وأصبحت روسيا هي الداعم الرئيسي له. بالتالي تفعّل نشاط هذا «القالب» بشكل غريزي، وبات ما يجري في سورية مؤامرة، وروسيا هي الحليف «الاشتراكي» أو «البازغ» أو «التحرري» أو «المعادي للإمبريالية». وجرى التشكيك في كل تحليل يقول بأن روسيا دولة إمبريالية. وظلت أميركا هي التي تصيغ المؤامرة ضد سورية. وتقوم بها من خلال دول إقليمية ودولية أخرى، أو بشكل مباشر.
لهذا لم يُرصد الموقف الأميركي مما يجري في سورية بشكل جيد، وظل «الموقف المسبق» هو الحاكم لكل «تحليل» وموقف، حيث بدت أميركا بعيدة عما يجري، تترقب من بعيد، وتحاول التصريح أحياناً، أو التواصل في أحيان أخرى. ولقد حددت موقفها منذ البدء انطلاقاً من أنها غير ميالة لإسقاط النظام، وتريد الحل السياسي. لهذا لم تدعُ، كما فعلت في تونس ومصر، إلى رحيل الأسد. وقررت أنها لا تريد التدخل العسكري، وبعد انتقال الثورة إلى العمل المسلح قررت عدم تسليح المعارضة. ومنذ بداية 2012 طلب أوباما من روسيا «رعاية مرحلة انتقالية كما حدث في اليمن».
ولقد توضح موقفها أكثر منذ نهاية 2012، حيث حسمت أنها لا تريد التدخل العسكري ولا تسليح المعارضة، وترى أن الحل هو حل سياسي، ورأت بأن على المعارضة ألا تخضع لمطالب الشعب بل عليها أن تخفض من هذه المطالب. وحين دعمت تشكيل الائتلاف الوطني السوري (وهو أول تدخل أميركي مباشر في الصراع) هدفت إلى أن يكون جزءاً من «الحوار مع النظام».
وإذا كانت قد صاغت مع روسيا وثيقة جنيف، وجرى القول بأن خلافاً يقوم بين روسيا وأميركا حول «وضع الرئيس» في الحل المقترح، وهل سيبقى أو يرحل، فقد تبيّن أن لا خلاف حول ذلك. هذا ما ظهر واضحاً بعد مجيء جون كيري وزيراً للخارجية، والذي طلب من المعارضة والنظام الجلوس إلى طاولة المفاوضات. وهذا ما أشار إليه لافروف مؤخراً حيث صرّح بأن روسيا وأميركا تحضران لعقد حوار بين وفد من المعارضة ووفد من النظام. وبالتالي فقضية «وضع الرئيس» لم تعد مطروحة، ولا خلاف حولها. والأساس هنا هو اتفاق جنيف الذي يدعو إلى تأسيس «حكومة انتقالية كاملة الصلاحية»، من النظام والمعارضة.
لهذا سنجد أن أميركا باتت تلعب دور السمسار للحل الروسي. وبدا أن مهمتها تتمثل في «ترويض» معارضة الخارج لكي تدخل كطرف في الحل. لسنا هنا في تقييم قيمة هذا الحل، وهل يفيد، أو هو التفاف على الثورة، على رغم أن كل «حل» ينهي العنف الدموي للسلطة، ويفتح على أن يكون الصراع صراعاً سياسياً، هو أمر مفيد في وضع سورية الراهن. لكن ما يهمنا هنا أن أميركا باتت في توافق «كامل» مع روسيا في ما يتعلق بالحل، وباتت معنية بترتيب وضع القوى التي «تمون» عليها، سواء في المعارضة أو الدول الإقليمية أو الدول الإمبريالية الأخرى. كل ذلك من أجل إنجاح «الحل الروسي». وهذا يستلزم فهماً جديداً للوضع العالمي، وتلمس المحاور التي تتبلور فيه.
فأميركا تتوافق مع روسيا في الحل. وتعترف بأن «الحل روسي». وبهذا يذوب التناقض الموهوم الذي تأسست عليه كل «تحليلات» «الممانعين» و «المقاومين»، ويتكسر «القالب» الذي تكلّس منذ الحرب الباردة. وبالتالي إذا كانت هناك مؤامرة فهي مؤامرة على الشعب السوري والثورة السورية. فكل ما جرى «دولياً» هو من أجل تدمير سورية وتدمير الثورة، في عصر ستكون الثورات سمته، ولهذا يجب تدميرها بأقسى ما يمكن من العنف. وليكون الحل بيد الدول الإمبريالية، سواء كانت فرنسا أو أميركا أو روسيا أيضاً.
لكنه عصر الثورات حتماً. الثورات ضد كل الإمبرياليات.