صفحة 1 من 1

المانيا و ازمتها في الامم المتحدة (نظرة تحليلية)

مرسل: الثلاثاء إبريل 23, 2013 10:51 pm
بواسطة محمد صالح العلي333
تحليل للسياسة الخارجية الألمانية في دير شبيغل : برلين تتردد في الأمم المتحدة والعالم والامتناع عن تأييد القرار 1973 المتعلق بليبيا كان بمثابة حالة انتحار في السياسة الخارجية

نشرت صحيفة دير شبيغل تحليلاً للسياسة الخارجية الألمانية كتبه الصحفي أولريتش فيشتنر قال فيه أن السياسة الخارجية الألمانية تتصف في الوقت الراهن بالتردد وتتحكم فيها المصالح الانتخابية في الداخل . وأشار إلى أن موقف ألمانيا في مجلس الأمن لدى اعتماده للقرار1973الخاص بليبيا يبين ذلك بوضوح حيث استخدم وزير الخارجية الألماني المجلس لأغراض سياسية داخلية . ورأى الكاتب أن هذا الموقف يدل على أن ألمانيا فشلت في قراءة المستقبل ، وقد يكون من تبعاته انتهاء حلم ألمانيا بشغل مقعد دائم في مجلس الأمن . ورصد الكاتب وجود تحول جديد في الأمم المتحدة يتصف بتسمية الأمور بأسمائها ، بالإضافة إلى ازدحام جدول أعمال المنظمة بمسائل عديدة ليس آخرها كارثة اليابان . ورأى أن الزائر اليوم إلى الأمم المتحدة أمامه فرصة جيدة ليشهد بنفسه بداية نظام عالمي جديد . فالأمم المتحدة شرعت في إتباع نهج مسارات جديدة غير مألوفة فهي لم تعد راغبة بموقف المتفرج في الوقت الذي يقوم فيه الطغاة بذبح شعوبهم ، وقد تقوم في المستقبل بمواجهة مثل هذه الحالات بالقوة العسكرية بمفردها .

طاغية في ليبيا يقوم بإرهاب شعبه . مذبحة يتعرض لها المدنيون في ساحل العاج . منذ زمن ليس ببعيد كان مجلس الأمن يتجاهل مثل هذه الحالات ويشيح بوجهه في الاتجاه الآخر . ولكن الأمر الآن لم يعد على هذا النحو . وبالرغم من ذلك تبدو ألمانيا مصممة على نسف عزم المجتمع الدولي الجديد .

2- واليوم تظهر على واجهة مقرالامم المتحدة في الجادة الأولى في نيويورك ثقوب كبيرة تبدو عن بعد كما لو أنها نتيجة لإصابتها بقذائف مدفعية في القسم بين الطوابق 20ـ30 . ولكن الثقوب ليست سوى نتيجة لأعمال تجديد في البناء طال انتظاره . والزائر الذي يأمل الآن بالعثور على قاعة مجلس الأمن ، التي انتقلت بسبب أعمال التجديد هذه إلى طابق سفلي تحت قاعة الجمعية العامة ، يتعين عليه السير من خلال شبكة من ممرات معقدة مع كابلات متدلية من السقف أشبة بسراديب الموتى ، وأبواب من حديد وجدران خشبية مؤقتة ، وأماكن انتظار السيارات تحت الأرض ، لكي يتمكن من الوصول إلى ردهة مليئة بحراس المنظمة بلباسهم الأزرق الذي يدعو إلى الطمأنينة .

3- هذا ويمكن الدخول إلى المقر الجديد المؤقت للمجلس عبر أبواب ذات ألوان فاتحة حيث يتم صنع التاريخ بسرعة في الأسابيع الأخيرة الماضية . وسيكون أمام الزائر فرصة جيدة ليشهد بنفسه بداية نظام عالمي جديد . الأمين العام للمنظمة بان كي مون يبدو في بعض الأحيان مثل الصقر عندما يطالب باتخاذ ” إجراءات فورية ” وبالحاجة الماسة إلى ” حماية السكان المدنيين ” . وهو يقول أن حقبة جديدة ” أكثر قوة ” في سياسة الأمم المتحدة بدأت تتكشف في وقت لم يعد فيه عالم مترابط على الصعيد الدولي مستعداً للوقوف بلا مبالاة وهو يرى الطغاة يقومون بذبح شعوبهم . وكانت هناك دلائل كثيرة تشير في هذا الاتجاه خلال شهر آذار وبالذات مساء يوم 17 منه الذي شهد نهاية العديد من الأمور القديمة التي كانت في حكم المؤكد .

4- وكان البند الرئيس في جدول أعمال المجلس في ذلك اليوم الخميس مشروع قرار يتعلق بالوضع في ليبيا [ صدر لاحقاً برقم 1973] وجاء استكمالاًً للقرار رقم 1970 الذي اعتمده المجلس فقط قبل ثلاثة أسابيع . الجلسة خُصصت للنظر في الوضع في ليبيا وزعيمها معمر القذافي ، وعلى الأرجح ، في الجهود المبذولة لمنع وقوع حمام دم في مدينة بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية إلي يبلغ عدد سكانها 700 آلف وأكبر معقل للمتمردين . وعندما رفع السفراء الـ15 على طاولة المجلس على شكل حذوه حصان أيديهم للتصويت على مشروع القرار ، بدت فجأة أشياء كثيرة مختلفة جداً.

5- لم يستخدم الروس حق النقض على الرغم من أن مشروع القرار يشمل التفويض للتدخل عسكرياً. والصينيون لم يعيقوا صدور القرار على الرغم من أنه ينطوي على تدخل كبير في شؤون ليبيا الداخلية . وصوت الأمريكيون لصالح القرار على الرغم من أن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ، التي ليسوا هم طرفاً فيها ، تلعب دوراً في تنفيذ القرار. وصوت لبنان لصالحه على الرغم من أن ذلك يعني تمهيد الطريق أمام شن هجمات عسكرية على دولة عربية شقيقة . وصوتت جنوب إفريقيا ونيجيريا بنعم حتى ولو كان هذا يعني انتهاكاً للتضامن الأفريقي . والألمان ؟ فقد امتنعوا عن التصويت . كانت لديهم بعض المخاوف . ناهيك عن الانتخابات البرلمانية التي ستجري في ألمانيا في وقت لاحق .

6- وبطبيعة الحال ، فإن العمل الحقيقي في الأمم المتحدة ومجلس الأمن يجري دائماً خارج مكان الاجتماعات ـ في المكاتب والفنادق غرب مقر المنظمة بين الجادة الأولى و جادة البارك ، وفي أجنحة داخل مقار السفارات والقنصليات المنتشرة في جميع أنحاء وسط المدينة . وسنة بعد سنة تتكشف أسرار اكبر سيرك دبلوماسي في العالم في الغرف الخلفية والمطاعم والمكاتب في أوسع محيط لمقر المنظمة . هذه هي الأماكن التي يتعين زيارتها لمن يسعى إلى معرفة بدايات نشأة القرار الثاني الهام المتعلق بليبيا .

7- واستناداً إلى تسريبات من بعض الدبلوماسيين في المنظمة والى تقديرات بعض أعضاء الوفود من ضمن الدائرة الضيقة داخل مجلس الأمن ، يمكننا أن نستنتج أن أهمية جلسة يوم 17 آذار وما سبقها من مشاورات تمهيدية يمكن بالكاد المبالغة في تقدير أهميتها لأنها أثبتت أن الأمم المتحدة ، التي غالباً ما يتم انتقادها بكونها بلا أسنان ، قد شرعت في إتباع نهج مسارات جديدة غير مألوفة . فلم يعد من الممكن للأمم المتحدة أن تبقى متفرجة في الوقت الذي يقع فيه ضحايا مدنيون . وبعد تجارب مؤلمة في رواندا والبوسنة ودارفور فإنها قد تكون مستعدة لمواجهة العنف بالقوة العسكرية عند الضرورة . لا أحد يتمكن من اتخاذ مثل هذه القرارات بسهولة . على العكس من ذلك ، إنها قرارات صعبة ولا سيما عندما تواجهها منظمة بنيت على أنقاض الحرب العالمية الثانية . ومنذ ذلك الحين ، يقول احد السفراء في المنظمة ، فإن العالم يشعر ” ثقافيا ووراثياً تقريباً ” أنه ملتزم بالسلام .

8- وخلال النقاش حول التدخل كانت الحجج المؤيدة تتساوى في الأهمية مع الحجج المعارضة . ويمكن رؤية بلد ما كمذنب لتورطه في التدخل مثلما يمكن رؤية بلد آخر كذلك ، كما فعلت ألمانيا يوم 17 آذار ، لاختياره عدم التدخل في الحدث الليبي . كانت هناك أسباب خاصة لألمانيا لاتخاذ قرارها في هذه الحالة بالذات ، ولكن أي شخص يدرس مجرى الأحداث يمكن أن يلحظ أن ألمانيا اتخذت مساراً خاصاً ـ كما لو أنها فشلت في قراءة المستقبل .

9- أن مؤشرات المستقبل تدل على أن الأمم المتحدة لم تعد تعتزم استبعاد الشروع في القيام لوحدها بعمليات عسكرية نشطة عندما ـ وفقط عندما ـ يتعلق الأمر بحماية الأبرياء وإنقاذ أرواح المدنيين غير المتورطين بالقتال . وهذا التغيير في السياسة سيؤدي حتماً إلى رؤية جنود الأمم المتحدة وهم يطلقون النار . وسيقدم هذا التغيير إلى ألمانيا أيضاً قرارات حساسة مراراً وتكراراً .إن استخدام كلمة ” لا ” بشكل قاطع لاستخدام القوة المسلحة ليس خياراً لمعظم القوى الاقتصادية الكبرى في أوروبا . ألمانيا تدفع ثالث أكبر مساهمة في ميزانية الأمم المتحدة ، وأكدت لفترة طويلة مطالبتها بمقعد دائم في مجلس الأمن . وإذا كان هذا الطموح لم يعد الآن بالفعل مجرد سراب ، فإنه ربما تم ” رفسه إلى داخل القنينة بشكل نهائي” يوم 17 آذار كما قال وزير الخارجية الأسبق يوشكا فيشر في صحيفة زود دويتشه تسايتونغ .

10- وحتى ما هو أكثر خطورة من نهاية محتملة لحلم العضوية الدائمة في المجلس هو ، رغم ذلك ، الانطباع بأن ألمانيا تخلت عن المسؤولية في لحظة تاريخية بدلاً من المشاركة في محاولة لوقف ديكتاتور مجنون . وبعض السفراء الأوروبيين في الأمم المتحدة قد عبروا عن هذا الرأي شرط عدم الكشف عن هويتهم . وفي اليوم الذي تم فيه اعتماد القرار الثاني حول ليبيا ، أعلن المتمردون في بنغازي بان المدينة يمكن أن تصمد لمدة 12 ساعة أخرى فقط . كانت قوات القذافي تتقدم ، وفي حال تمكنت القوات الحكومية من الاستيلاء على المدينة فمن الممكن جداً أن تتعرض لمذبحة ـ المذبحة التي كان قد وعد بها الديكتاتور عندما صرخ على شاشة التلفزيون أنه سيقوم بـ ” تطهير” البلاد ” زنقة زنقة ” من المعارضة ” الجرذان ” .

11- وقد وقف الأميركيون ضد فكرة إقامة منطقة حظر الطيران والقيام بالضربات العسكرية حتى يوم التصويت بسبب المخاوف من التورط في حرب ثالثة مع بلد مسلم . لكنهم غيروا رأيهم ، كما أتضح في الأسبوع الماضي ، بسبب تقارير مثيرة وردت من بنغازي . فقط قبل ساعتين من إجراء التصويت على مشروع القرار، كما يقول دبلوماسيون في نيويورك ، قامت واشنطن بتغيير موقفها بشكل كلي وانضمت إلى مؤيدي القرار. هذا التحول في الموقف الأمريكي تأثر أيضاً بالتحالف الذي تشكل في نفس الوقت بعد أن عقدت جامعة الدول العربية اجتماعاً تباينت فيه آراء الدول الأعضاء ولكنها اعتمدت في ختامه قراراً موحداً دعت فيه العالم إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة . وعارض الاتحاد الإفريقي القذافي وأنضم لمنظمة المؤتمر الإسلامي . هذا التأييد الواسع لمشروع القرار أقنع أيضا الصين وروسيا بعدم استخدام حق النقض .

12- وكان الدعاة الأكثر مصداقية للتدخل هم الدبلوماسيين الليبيين في جميع أنحاء العالم الذين قدموا استقالتهم احتجاجاَ على رب عملهم المجنون . وكان نائب مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي هو الذي اتهم القذافي في أواخر شباط بأنه يريد قتل شعبه ، وهو الذي كان قد دعا إلى القيام بتدخل سريع في ليبيا من قبل مجلس الأمن . لكن دعونا نسأل هنا ما هو الشيء الذي فاجأ في نهاية المطاف الأميركيين يوم 17 آذار ودعاهم لتغيير موقفهم ، والشيء الذي دفع بالفرنسيين وبالبريطانيين للتحرك بسرعة ـ ولكنه في نفس الوقت لا يبدو انه قد أثّر على الألمان . لقد تحدث وزير الخارجية فيسترفيله في جميع أنحاء البلاد خلال هذه الفترة وكرر أفضل الجمل من كلمة بعنوان ” مواطنون شجعان بدلاً من مواطنين غاضبين “. وعندما سُئل عن ليبيا ، في باساو ، قال أن ألمانيا تشجع ” ثقافة كبح استخدام القوة العسكرية ” .

13- ومنذ ذلك الحين أعلن فيسترفيله مراراً وتكراراً أن ألمانيا يمكن الوثوق بها ، وإنه يتعاطف بشكل كبير مع شعب يقاتل من اجل حريته في شمال أفريقيا . ولكنه أضاف إنه لا يمكن إيجاد حل للظلم في العالم عن طريق ” التدخل العسكري في كل مكان” . وأشار فيسترفيله إلى ” منحدر زلق ” لا ترغب ألمانيا بأن تجد نفسها عليه . وسأل الوزير سؤلاً خطابياً عما إذا كان يتعين إرسال قوات برية في حال فشل إستراتيجية الحلفاء الجوية .

14- لقد ألقى فيستر فيله هذا الخطاب ، أو بعضاً منه ، في منتصف آذار . هو أراد من هذا القول تسجيل نقاط في الفترة التي تسبق الانتخابات البرلمانية الهامة في المقاطعتين بادن فورتمبيرغ وراينلاند بفالتس . وقد فعل ذلك بيقين راسخ من أن غالبية الألمان يفضلون عدم سماع أي شيء على الإطلاق حول المسائل العسكرية ذلك أنهم لا يهتمون بالسياسة الخارجية طالما أنها تؤدي إلى القيام بمهام قتالية بدلاً من خلق وظائف . والنتيجة من هذه الإستراتيجية هو أن فيسترفيله استخدم مجلس الأمن لأغراض سياسية داخلية. هذا وحده أمر محرج بما فيه الكفاية ، وهو لم يمر مرور الكرام في نيويورك . وواصل فيسترفيله السير في حملته من أجل السلام مدفوعاً فيما يبدو من وازع شخصي . وفي شهر آذار لم يقم بعمل أي شيء سوى المديح لقراره في محطات جولاته الانتخابية في المدن الألمانية الكبرى مثل جنوب غرب هايلبرون ، مانهايم ، والديدان ، فرايبورغ ، شتوتغارت .

15- وبعد مرور ستة أيام على الامتناع عن التصويت في نيويورك قال فيسترفيله ” إن قلبي يتحطم عندما أرى بعض الصور من ليبيا واليمن وسوريا ” في وقت كانت فيه بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا يشنون الحرب لتطبيق قرار فرض حظر الطيران فوق ليبيا . ولكن هذه هي الطريقة التي يجب أن تكون فيها الأمور. فالعمل العسكري هو الملاذ الأخير للسياسة . وجرى التصفيق له لهذه الكلمات في ديركهام باد . وفي هذه الأيام في ألمانيا يمكنه الاعتماد على أن يجري التصفيق له لهذه الأنواع من الكلمات ـ من دون أي أسئلة محرجة . ولكن من المهم أن نلاحظ أن مناقشة مجلس الأمن لم تجرأبداً حول إرسال قوات برية إلى ليبيا . في الواقع يُحّظر صراحة القيام بعمل بري بموجب القرار1973. ويُسمح بـ “جميع التدابير اللازمة لحماية المدنيين” ، لكنه يستثني” قوة الاحتلال الأجنبي في أي شكل من الأشكال على أي جزء من الأراضي الليبية ” .
16- وبعبارة أخرى ، كانت المخاوف الألمانية قد أُخذت بعين الاعتبار وجرى تضمينها في القرار بعناية . ونشر قوات برية قد تم حظره منذ البداية لأسباب منها موقف الحكومة الألمانية التي أعلنت وباستمرار أن هذا الحظر هو شرط للموافقة على القرار . وقد اختار الحزب الديمقراطي الحر وقيادته والحزب الديمقراطي المسيحي والمتحدثون باسمه ، وحتى المستشارة الألمانية نفسها ، اختاروا أن يتجاهلوا هذه الحقيقة ، أو أنهم غير مطلعين عليها . نائب المستشار الألماني فيليب روزلر استبدل فيسترفيله مؤخراً كرئيس حزب الديمقراطيين الأحرار. ولكن لا يزال فيسترفيله وزير الخارجية . وعندما أجرى أولريش ديبندورف مقابله مع روزلر على شبكة تلفزيون أيه ار دي الثلاثاء الماضي ، أشار على روزلر أن سياسة فيسترفيله حول ليبيا قد تعرضت لانتقادات حادة . وُسمح لروزلر بالإجابة بدون أن يتم الرد على ما يقول . فقال أنه كان على صواب بعدم إرسال أي جندي ألماني إلى ليبيا . وبعد قوله لجملتين في وقت لاحق أشاد بالسياسة الخارجية الألمانية التي حققت ” كلا الهدفين ” : ” لا يتعين على جنودنا الذهاب إلى ليبيا كقوات برية . وفي نفس الوقت تم تشكيل التحالف ، ونحن نقف وراء حلفائنا “.

17- ومثل هذه العبارات لا تدع مجالاً للتأويل . وهي تعني أنها إما أن كبار السياسيين الألمان ليس لديهم فكرة عما يتحدثون عندما يناقشون حول السياسة الخارجية ، أو أن كبار الساسة الألمان يقومون بتحريف متعمد للحقيقة للتغطية على أخطاء سياسية . لقد كان امتناع ألمانيا مساء يوم 17 آذار خطأ في نظر كثير من المراقبين والدبلوماسيين في الأمم المتحدة . وكلما مر الوقت ، كلما كان من المرجح أن يقوم الناس في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بتسمية الأشياء بأسمائها . أن امتناع ألمانيا كان ” بكل وضوح حالة انتحار في السياسة الخارجية ” ، كما يقول أحد كبار أعضاء الوفود الممثلة في المجلس .

18- وفي محادثة مع شبيغل ، قال شخص آخر من الذين حضروا جلسات مجلس الأمن إنه مقتنع بأن الدبلوماسيين الألمان في الأمم المتحدة نصحوا في الواقع الحكومة في برلين بالموافقة على القرار ـ ولكن فيسترفيله هذا كان ضد هذه الفكرة . ويقول دبلوماسي آخر إنه ” إذا كان الأمر يعود إلى إنجيلا ميركل فبالتأكيد كانت ألمانيا ستصوت بنعم وستكون في ذلك الحين غير مشاركة عسكرياً وتقتصر على تقديم الدعم اللوجستي فقط ، وهذا لن يكون مشكلة “.

19- الرجل الذي يجب أن نعرفه هو بيتر فيتيك . يبلغ من العمر56 وليس في رأسه حتى الآن شعرة واحدة بيضاء . رجل اجتماعي يحب الحياة وهو سفير ألمانيا لدى الأمم المتحدة منذ أكثر من عام . فيتيك درس في جامعة أكسفورد وكانتربري وهناك على الأرجح اكتسب عادات وسلوك البريطانيين . إنه رجل يرتدي على نحو متطابق ربطة العنق مع الجوارب وأزرار أكمام القميص . وهو يقول ويبدو صادقاً في ذلك ” لم أسمع أي انتقادات من زملائي هنا في نيويورك ” . سفراء الأمم المتحدة يرون أنفسهم كجزء من عائلة كبيرة ، وأنهم يعرفون كل ما تشعر به عندما تكون تحت ضغوط سياسية في البلد الأم .

20- مكتب فيتيك يشغل احد زوايا الطابق 21 من البيت الألماني ويطل عبر الشارع على مقر الأمم المتحدة وعبر النهر الشرقي على كوينز . وهو سفير جرى تعيينه سياسياً ، ومخلص كما يمكن للمرء أن يتوقع . يزن كلماته بعناية . ولكن أي شخص رآه عندما تكلم بارتياح للصحافة حول قرار الأمم المتحدة الأول حول ليبيا رقم 1970 الذي أيدته ألمانيا ، والآن عندما يسمعه يتحدث بطريقة جامدة جداً عن قرار ألمانيا بالامتناع عن التصويت على قرار ثان ، يمكن لهذا الشخص أن يتخيل ما يدور داخل عقله . يقول فيتيك إنه كان ” يوماً عظيماً للعالم ” عندما جرى اعتماد القرار الأول حول ليبيا بالإجماع والذي لم يتضمن أي فقرات حول الأعمال العسكرية . وأضاف أن المجتمع الدولي ” لن يتسامح مع الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان التي يقوم بها النظام الليبي . وإن بلادي ألمانيا يسرها جداً أن المجلس قد تصرف بشكل حاسم وسريع ” . كان فيتيك يشعر بالفخر وذلك له ما يبرره . كانت لحظة تدعو بالفعل إلى الفخر .


أبريل 18, 2011
تحليل للسياسة الخارجية الألمانية في دير شبيغل
: مقالات سياسية مترجمة (محمد نجدة شهيد) —