السياسة الخارجية الإيرانية تجاه إسرائيل من منظور العلاقات ال
مرسل: الأربعاء إبريل 24, 2013 10:21 am
قبل نجاح الثورة الإسلامية، كانت هناك علاقات قوية بين إيران وإسرائيل، حيث اعترفت إيران البهلوية بهذه الدولة بعد عامين من تأسيس النظام الصهيوني في 6 / 3 / 1950، وبالرغم من أن حكومة مصدق اتخذت قرارًا بإغلاق القنصلية الإيرانية في القدس في 6 / 7 / 1951 وبينما اعتبر العرب أن هذا القرار يأتي من منطلق التراجع عن الاعتراف الرسمي بإسرائيل، فقد اتخذت العلاقات الإيرانية الإسرائيلية بعدًا أكثر عمقًا في أواخر عقد الخمسينيات، وفي الواقع يمكن القول أن تحالفًا استراتيجيًا قد تم بين الدولتين واستمر هذا التحالف حتى سقوط الحكم البهلوي عام 1979. وقد تحالفت كلتا الدولتين في المجال الأمني في مواجهة الأعداء المشتركين أي العرب والاتحاد السوفيتي السابق، حيث بلغت العلاقات بينهما في المجال الأمني أعلى مستوياتها، وبتحالف إسرائيل مع إيران استطاعت الأولى الخروج من حصارها السياسي الإقليمي وتعميق علاقاتها مع الدول الأخرى من ناحية، كما حاولت تغيير الترتيبات الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط من خلال إقامة علاقات مع دول الجوار غير العربية (من قبل إيران وتركيا) من ناحية أخرى. على صعيد آخر تمكنت إيران من تدعيم علاقاتها مع العدو الرئيسي للدول العربية خاصة في ظل تزايد حدة العداء بينها وبين الدول العربية خاصة مصر في عهد جمال عبد الناصر والعراق بعد انقلاب 1958، ولم تكن صدفة أن يتم النهوض بمستوى العلاقات الإيرانية ـ الإسرائيلية ـ أكثر من ذي قبل في منتصف عقد الخمسينيات وبداية عقد الستينيات أثناء نشوب خلاف بين جمال عبد الناصر والشاه، لذلك اعتقد البعض أن إيران اعترفت رسميًا بإسرائيل لهذا السبب بالإضافة إلى ذلك تمكن الشاه من خلال عقد اتفاقيات موسعة بين الموساد والسافاك من تحقيق قدر من الاستقرار الداخلي، كذلك تزايد التعاون الإيراني الإسرائلي، وبادرت إسرائيل بتسليح شاه إيران، كما حظيت العلاقات الاقتصادية بقدر كبير من الأهمية، وكانت إيران المصدر الرئيسي لصادرات النفط الإسرائيلية لدرجة أن إيران كانت الممول الأساسي للنفط الإسرائيلي أثناء حربي 1967، 1973، وفي هذا الاتجاه وفرت إيران البهلوية أكثر من 90% من احتياجات إسرائيل النفطية، وفي المقابل بادرت إسرائيل بتصدير المنتجات الصناعية والأسلحة إلى إيران، وقد استفادت إيران كذلك من إسرائيل في مشروعاتها الزراعية والصناعية كمشروع قزوين الزراعي الصناعي، كما استثمر أصحاب رءوس الأموال الإسرائيليون في عدد من البنوك المختلطة وشركات الإنتاج والخدمات الإيرانية. بعد نجاح الثورة الإسلامية تم قطع العلاقات مع النظام الصهيوني وتم تحويل السفارة السابقة لهذا النظام لتكون مقرًا لمنظمة التحرير الفلسطينية، كان من البدهي أن تضع الثورة الإسلامية القضية الفلسطينية في صميم أهدافها، قبل بداية الحرب المفروضة (الحرب العراقية ـ الإيرانية) توازت العلاقات مع منظمة التحرير الفلسطينية ومعاداة إسرائيل في اتجاه واحد، واستمرت معارضة إيران لإسرائيل مع دعم القضية الفلسطينية بالرغم من توتر العلاقات الإيرانية مع منظمة التحرير الفلسطينية نتيجة لدعمها للعراق في الحرب المفروضة، وفي تلك الأثناء تغيرت توجهات السياسة الخارجية الإيرانية إزاء إسرائيل بشكل كامل.
وقد بدا في الأعوام الأولى لتشكيل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أن النظام الصهيوني لم يكن لديه الرغبة في قطع العلاقة مع الجمهورية الإسلامية وتسبب إغلاق السفارة الإسرائلية في طهران واحتلال السفارة الأمريكية في 14 فبراير 1979 في شعور إسرائيل بأنها كانت المتسبب الأساسي الثورة الإيرانية والتي ضاعفت من خطر عزلتها في منطقة الشرق الأوسط. وقد قامت إسرائيل في تلك الأثناء بانتهاج سياسة مزدوجة إزاء إيران، فمن ناحية، حاولت إقامة علاقات سرية مع إيران وادعى البعض بدون أي دليل أن إسرائيل لم تواصل علاقاتها السرية مع إيران فقط، بل إنها قد باعت أسلحة إليها، وفي هذا الإطار ادعى هيرش جودمن أن إسرائيل أرادات إبرام صفقات سلاح سرية مع الجمهورية الإسلامية ثلاث مرات في أعوام (1979–1980) (1982) (1985– 1986) ويستند البعض في تبرير هذ التوجه الإسرائيلي إلى الاعتقاد بأن الجمهورية الإسلامية لن تستمر وأنها ستنهار فضلاً عن الجهود الساعية إلى تدبير انقلاب موالي للغرب في إيران والحد من انجراف إيران ناحية الاتحاد السوفيتي. ومن ناحية أخرى سعت إسرائيل بسبب عدم نجاحها في إقامة علاقات مع الجمهورية الإسلامية لفرض عزلة على هذه الدولة على الساحة الإقليمية والدولية، واعتقد البعض أن هجوم العراق على إيران كان بدافع من الصهاينة، وقد اتضح بعد تحرير الكويت عام 1991 أن إسرائيل تجهر بعدائها لإيران وبات هدفها واضحًا وهو تدمير قدرات الجمهورية الإسلامية، وفي الوقت الراهن تتمحور السياسة الخارجية الإسرائيلية إزاء إيران حول تكوين تحالف ضد هذه الدولة حتى تصبح مستعدة لتوجيه ضربات ضد إيران.
السياسة الخارجية الإيرانية تجاه إسرائيل من الناحية النظرية:
السؤال المطروح في هذا الصدد هو في إطار أي نظرية للعلاقات الدولية يمكن أن يصنف الوضع بين إيران وإسرائيل. يمكن دراسة العلاقات الإيرانية الإسرائيلية في العصر البهلوي (1948– 1978) في إطار مدرسة الواقعية في دراسة العلاقات الدولية التي تعتمد على المصلحة كعنصر أساسي لتفسير التفاعلات الدولية.
واذا حاولنا تطبيق هذا المعيار على العلاقات الإيرانية الإسرائيلية قبل الثورة سنجد أن الدولتين حاولتا من خلال تدعيم علاقاتهما تحقيق امتيازات عدة. فقد كان هناك عدوان مشتركان لكلتا الدولتين هما الاتحاد السوفيتي السابق والراديكالية العربية، ومن ثم هدفت كل من إيران وإسرائيل من تدعيم علاقاتهما في المجالات السياسية والاقتصادية، والأمنية والعسكرية إلى مواجهة المد الشيوعي في منطقة الشرق الأوسط وحماية المصالح الأمريكية في المنطقة إلى جانب مواجهة الراديكالية العربية وضبط إيقاعها بشكل لا يجعلها تهدد المصالح الإيرانية والإسرائيلية. لكن بعد نجاح الثورة انفصلت السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية تجاه المنطقة وإسرائيل بصفة خاصة، عن المحددات الجيوبوليتيكية وتأسست على محددات دينية وثورية وأيديولوجية، وقد قطعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية العلاقة مع النظام الصهيوني بدون الأخذ في الاعتبار الظروف الجيوبوليتيكية ولم يكن العامل الذي تأسس عليه نهج الجمهورية الإسلامية الإيرانية تجاه إسرائيل مرتبط بالمصالح المادية، بل كانت قواعد ذات تأثير مباشر على الهوية الإيرانية الإسلامية، فقد كانت معادات النظام الصهيوني أحد المحاور المكونة لهويتها، وقد ادعى قادة الثورة الإسلامية أن الصهيونية تتآمر مع الإمبريالية ضد الإسلام. وقد حذر الإمام الخميني من خطر الصهيونية الدولية على الإسلام والثورة الإسلامية، قائلاً: إن عداء إسرائيل يستهدف الإسلام، وخطر إسرائيل يشمل الشرق الأوسط والأقاليم الإسلامية".إن إسرائيل تهدف إلى الهيمنة على الدول الإسلامية من النيل إلى الفرات، وكان دعم المستعمرين لإسرائيل، ودعم الولايات المتحدة للشاه وإسرائيل وغيرها جميعها عوامل تعمق إدراك الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأسلوب المناسب الذي يجب أن تنتهجه إزاء هذه التطورات. وقد عكس هذا المنهج قطع العلاقات مع إسرائيل فور عودة الإمام الخميني من باريس إلى طهران، وفتح السفارة الفلسطينية في إيران، وإعلان أن الهدف الأساسي لإيران بعد هزيمة العراق هو تحرير القدس ومعارضة أي تسوية بين العرب وإسرائيل.
وقد بدا في الأعوام الأولى لتشكيل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أن النظام الصهيوني لم يكن لديه الرغبة في قطع العلاقة مع الجمهورية الإسلامية وتسبب إغلاق السفارة الإسرائلية في طهران واحتلال السفارة الأمريكية في 14 فبراير 1979 في شعور إسرائيل بأنها كانت المتسبب الأساسي الثورة الإيرانية والتي ضاعفت من خطر عزلتها في منطقة الشرق الأوسط. وقد قامت إسرائيل في تلك الأثناء بانتهاج سياسة مزدوجة إزاء إيران، فمن ناحية، حاولت إقامة علاقات سرية مع إيران وادعى البعض بدون أي دليل أن إسرائيل لم تواصل علاقاتها السرية مع إيران فقط، بل إنها قد باعت أسلحة إليها، وفي هذا الإطار ادعى هيرش جودمن أن إسرائيل أرادات إبرام صفقات سلاح سرية مع الجمهورية الإسلامية ثلاث مرات في أعوام (1979–1980) (1982) (1985– 1986) ويستند البعض في تبرير هذ التوجه الإسرائيلي إلى الاعتقاد بأن الجمهورية الإسلامية لن تستمر وأنها ستنهار فضلاً عن الجهود الساعية إلى تدبير انقلاب موالي للغرب في إيران والحد من انجراف إيران ناحية الاتحاد السوفيتي. ومن ناحية أخرى سعت إسرائيل بسبب عدم نجاحها في إقامة علاقات مع الجمهورية الإسلامية لفرض عزلة على هذه الدولة على الساحة الإقليمية والدولية، واعتقد البعض أن هجوم العراق على إيران كان بدافع من الصهاينة، وقد اتضح بعد تحرير الكويت عام 1991 أن إسرائيل تجهر بعدائها لإيران وبات هدفها واضحًا وهو تدمير قدرات الجمهورية الإسلامية، وفي الوقت الراهن تتمحور السياسة الخارجية الإسرائيلية إزاء إيران حول تكوين تحالف ضد هذه الدولة حتى تصبح مستعدة لتوجيه ضربات ضد إيران.
السياسة الخارجية الإيرانية تجاه إسرائيل من الناحية النظرية:
السؤال المطروح في هذا الصدد هو في إطار أي نظرية للعلاقات الدولية يمكن أن يصنف الوضع بين إيران وإسرائيل. يمكن دراسة العلاقات الإيرانية الإسرائيلية في العصر البهلوي (1948– 1978) في إطار مدرسة الواقعية في دراسة العلاقات الدولية التي تعتمد على المصلحة كعنصر أساسي لتفسير التفاعلات الدولية.
واذا حاولنا تطبيق هذا المعيار على العلاقات الإيرانية الإسرائيلية قبل الثورة سنجد أن الدولتين حاولتا من خلال تدعيم علاقاتهما تحقيق امتيازات عدة. فقد كان هناك عدوان مشتركان لكلتا الدولتين هما الاتحاد السوفيتي السابق والراديكالية العربية، ومن ثم هدفت كل من إيران وإسرائيل من تدعيم علاقاتهما في المجالات السياسية والاقتصادية، والأمنية والعسكرية إلى مواجهة المد الشيوعي في منطقة الشرق الأوسط وحماية المصالح الأمريكية في المنطقة إلى جانب مواجهة الراديكالية العربية وضبط إيقاعها بشكل لا يجعلها تهدد المصالح الإيرانية والإسرائيلية. لكن بعد نجاح الثورة انفصلت السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية تجاه المنطقة وإسرائيل بصفة خاصة، عن المحددات الجيوبوليتيكية وتأسست على محددات دينية وثورية وأيديولوجية، وقد قطعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية العلاقة مع النظام الصهيوني بدون الأخذ في الاعتبار الظروف الجيوبوليتيكية ولم يكن العامل الذي تأسس عليه نهج الجمهورية الإسلامية الإيرانية تجاه إسرائيل مرتبط بالمصالح المادية، بل كانت قواعد ذات تأثير مباشر على الهوية الإيرانية الإسلامية، فقد كانت معادات النظام الصهيوني أحد المحاور المكونة لهويتها، وقد ادعى قادة الثورة الإسلامية أن الصهيونية تتآمر مع الإمبريالية ضد الإسلام. وقد حذر الإمام الخميني من خطر الصهيونية الدولية على الإسلام والثورة الإسلامية، قائلاً: إن عداء إسرائيل يستهدف الإسلام، وخطر إسرائيل يشمل الشرق الأوسط والأقاليم الإسلامية".إن إسرائيل تهدف إلى الهيمنة على الدول الإسلامية من النيل إلى الفرات، وكان دعم المستعمرين لإسرائيل، ودعم الولايات المتحدة للشاه وإسرائيل وغيرها جميعها عوامل تعمق إدراك الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأسلوب المناسب الذي يجب أن تنتهجه إزاء هذه التطورات. وقد عكس هذا المنهج قطع العلاقات مع إسرائيل فور عودة الإمام الخميني من باريس إلى طهران، وفتح السفارة الفلسطينية في إيران، وإعلان أن الهدف الأساسي لإيران بعد هزيمة العراق هو تحرير القدس ومعارضة أي تسوية بين العرب وإسرائيل.