التحولات السياسية
مرسل: الجمعة إبريل 26, 2013 1:17 am
لقد طرأت على العالم العربى تَغيُرات جوهرية وتحولات سياسية كبيرة منذ فترة الاستقلال وما صاحبها من تفاعلات خطيرة خلال الحرب البادرة، ومن آمال عريضة وضعتها النظم الجمهورية والملكية القائمة حتى عام 2011.. فقد حدثت تغيرات سياسية نوعية فى حياتنا، تلاها وجود تعدد فى اتجاهات الاختيار لماهية النظم السياسية المناسبة لبلادنا.. بل إنه على امتداد القرن العشرين أفرزت التطورات السياسية فى المنطقة العربية عدة تفاعلات حزبية وفكرية، تمحورت حول القومية العربية وتحرير فلسطين، تصاعدت وتيرتها ببروز حركة إسلامية متمثلة فى الإخوان المسلمين، وعدد من الأحزاب الشيوعية واليسارية متأثرة بصعود الاتحاد السوفيتي.. كل ذلك، تفَاعَل مع النظم السياسية العربية التى أعقبت الاستعمار الغربى للمنطقة، فساعد فى ترسيخ تلك النظم واستمرار بقائها طويلًا.. كون الأحزاب قد ألغيت، أو لم تسع بالأساس للحصول على السلطة فى ضوء الصفقات السياسية التى دخلت فيها مع النظم القائمة.. وفى ضوء استمرار هيمنة زعامات تلك الأحزاب عليها دون تغيير، ومع ضعف التماسك الداخلى لها، ترسخت أقدام تلك النظم التى حكمت المنطقة بعد رحيل المستعمر الغربى.
ولعل التطورات السياسية التى طرأت على العالم العربى بعد هزيمة سنة 1967 وتحولق العرب حول ضرورة الوحدة السياسية ومساعدة دول المواجهة العربية مع إسرائيل، كان من الممكن أن تحدث تطورات سياسية طبيعية أكثر بين الدول العربية وأنظمتها الحاكمة.. غير أن التسوية السياسية مع العدو الصهيونى التى اعقبت انتصارهم فى اكتوبر 1973، قد أفشلت تلك التطورات السياسية، وأرجعت العرب لنقطة الصفر من جديد.. فظلوا منذ عقد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل بشكل منفرد، يبحثون عن نظام إقليمى عربى لا يجر عليهم غضب القوى الكبرى وأطماعها، لكن دون جدوى.. بل إنه خلال فترة السبعينيات والنصف الأول من ثمانينيات القرن العشرين ذهبت جميع النظم العربية مذاهب متعددة فى تكريس الاستبداد السياسى, وشغلت الناس فى دائرة الصراعات الإثنية والقومية.. إلى أن شهدت الأنظمة السياسية منذ منتصف ثمانينيات القرن العشرين مرحلة جديدة كبداية للتحولات السياسية فى المنطقة.. ويعد الإقبال على تبنى شكل الديمقراطية التعددية حدثًا جديدًا تمامًا على العالم العربى فى تاريخه المعاصر.. وهو الأمر الذى مهد الطريق لأحداث الربيع العربى فيما بعد.. واستمر هذا الوضع إلى أن تصاعدت وتيرة الانفتاح السياسى مع الموجة الديمقراطية الجديدة التى اجتاحت المنطقة بعد سقوط الاتحاد السوفيتى سنة 1991. ولعل الهبة التى حدثت عبر هذا الانفتاح مع بداية الألفية الجديدة وتدشين معالم العولمة السياسية، هى التى قادت إلى موجة التحولات السياسية الكبيرة التى حدثت منذ 2011. ففى تلك الفترة دفعت كل النظم السياسية القائمة بأوراق جديدة من الباطن، حين سمحت بوجود تعددية سياسية.. لكن تبعيتها السياسية للخارج قد كشفت ألاعيب تلك الأنظمة، فقُطع عليها هذا الطريق المتعرج، بتصاعد موجة الاحتجاجات الشعبية والفئوية بشكل شبه يومى.
وجدير بالذكر أن النظم السياسية العربية التى قامت ضدها ثورات الغضب، قد شهدت ظاهرة الحزب الواحد والرجل الواحد. وغابت عنها الشفافية والأجهزة الرقابية الفاعلة لكشف الفساد المالى والإداري.. الأمر الذى أدى إلى تراكم مشكلات الفقر والجهل والمرض واتساع الفجوة بين طبقات المجتمع العربى، فكان من الطبيعى أن يهتز الاستقرار السياسى الذى دام لها عشرات السنين.. وترتب على عجز السلطات الرسمية القائمة تحولات من نموذج الدولة ذات الدور السياسي، إلى نموذج الدولة المنغلقة على نفسها.. وبالطبع صاحب هذا التحول تغيير فى لغة الخطاب السياسي، وبروز للهويات العرقية المتصارعة داخل المنطقة العربية، كالأكراد والأمازيغ، وصعود فى مطالب الأقليات الطائفية للأقباط والمسيحيين فى مصر ولبنان وسوريا.. وتطور فى نموذج التحكم الخارجى الإيرانى فى الأقليات الشيعية فى كل من العراق وسوريا ولبنان.
وبفضل انتشار المفاهيم الجديدة فى العالم العربى، كالديمقراطية والحكم الرشيد والمجتمع المدنى وحقوق الإنسان وشبكات التواصل الاجتماعى منذ نهايات القرن العشرين، اشتعلت حركة الاحتجاجات السلمية فى مُعظم البلدان العربية منذ أواخر عام 2010 ومع مستهل عام 2011 حتى الآن.. وربما جاء تزامن الثورات العربية مع التقدم التكنولوجى وزيادة الوعى السياسى بين الشعوب، ليساعد فى انتشارها وامتدادها عبر الوطن العربى بكامله.. وربما كانت التحولات السياسية التى جرت طيلة العامين الماضيين هى التى دفعت الأنظمة الملكية للتعامل بطريقة أكثر ذكاءً ومهارةً من الأنظمة الجمهورية.. وهو الأمر الذى أدى للحفاظ على ملكها من السقوط والتلاشى.. ولعل رغبة الدول الجمهورية فى تداول السلطة والتخلص من الاستبداد السياسى يقطع بأن أنظمة تلك الدول كانت أكثر تسلطًا، وأقل مرونة، وأضعف فى الاستجابة لكل متطلبات التغير من النظم الملكية، فجرى لها ما جرى. ومن المؤكد أن ما شهدته المنطقة العربية من أحداث ومتغيرات وتحولات سياسية لأول مرة فى تاريخها الحديث والمعاصر، يعكس حالة التأزم التى كانت تعيشها بعض الأنظمة العربية مع شعوبها منذ الاستقلال، ويعكس واقع الضعف الذى يعيشه العرب فى كل بلدانهم.. فما حدث من تحولات سياسية فى تونس ومصر وليبيا واليمن، وما يحدث فى سوريا الآن، يؤكد أن العالم العربى يسير فى ممر سياسى آخر غير الذى كان يسير عليه طيلة النصف الثانى من القرن العشرين محاولاً ربط النظم الرئاسية المنتخبة بشعوبها أكثر، ويسعى لكتابة دساتير جديدة تحفظ الحقوق العامة والحريات، وترسخ للعدالة الاجتماعية وتوفير سبل العيش الكريم وتداول السلطة
ولعل التطورات السياسية التى طرأت على العالم العربى بعد هزيمة سنة 1967 وتحولق العرب حول ضرورة الوحدة السياسية ومساعدة دول المواجهة العربية مع إسرائيل، كان من الممكن أن تحدث تطورات سياسية طبيعية أكثر بين الدول العربية وأنظمتها الحاكمة.. غير أن التسوية السياسية مع العدو الصهيونى التى اعقبت انتصارهم فى اكتوبر 1973، قد أفشلت تلك التطورات السياسية، وأرجعت العرب لنقطة الصفر من جديد.. فظلوا منذ عقد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل بشكل منفرد، يبحثون عن نظام إقليمى عربى لا يجر عليهم غضب القوى الكبرى وأطماعها، لكن دون جدوى.. بل إنه خلال فترة السبعينيات والنصف الأول من ثمانينيات القرن العشرين ذهبت جميع النظم العربية مذاهب متعددة فى تكريس الاستبداد السياسى, وشغلت الناس فى دائرة الصراعات الإثنية والقومية.. إلى أن شهدت الأنظمة السياسية منذ منتصف ثمانينيات القرن العشرين مرحلة جديدة كبداية للتحولات السياسية فى المنطقة.. ويعد الإقبال على تبنى شكل الديمقراطية التعددية حدثًا جديدًا تمامًا على العالم العربى فى تاريخه المعاصر.. وهو الأمر الذى مهد الطريق لأحداث الربيع العربى فيما بعد.. واستمر هذا الوضع إلى أن تصاعدت وتيرة الانفتاح السياسى مع الموجة الديمقراطية الجديدة التى اجتاحت المنطقة بعد سقوط الاتحاد السوفيتى سنة 1991. ولعل الهبة التى حدثت عبر هذا الانفتاح مع بداية الألفية الجديدة وتدشين معالم العولمة السياسية، هى التى قادت إلى موجة التحولات السياسية الكبيرة التى حدثت منذ 2011. ففى تلك الفترة دفعت كل النظم السياسية القائمة بأوراق جديدة من الباطن، حين سمحت بوجود تعددية سياسية.. لكن تبعيتها السياسية للخارج قد كشفت ألاعيب تلك الأنظمة، فقُطع عليها هذا الطريق المتعرج، بتصاعد موجة الاحتجاجات الشعبية والفئوية بشكل شبه يومى.
وجدير بالذكر أن النظم السياسية العربية التى قامت ضدها ثورات الغضب، قد شهدت ظاهرة الحزب الواحد والرجل الواحد. وغابت عنها الشفافية والأجهزة الرقابية الفاعلة لكشف الفساد المالى والإداري.. الأمر الذى أدى إلى تراكم مشكلات الفقر والجهل والمرض واتساع الفجوة بين طبقات المجتمع العربى، فكان من الطبيعى أن يهتز الاستقرار السياسى الذى دام لها عشرات السنين.. وترتب على عجز السلطات الرسمية القائمة تحولات من نموذج الدولة ذات الدور السياسي، إلى نموذج الدولة المنغلقة على نفسها.. وبالطبع صاحب هذا التحول تغيير فى لغة الخطاب السياسي، وبروز للهويات العرقية المتصارعة داخل المنطقة العربية، كالأكراد والأمازيغ، وصعود فى مطالب الأقليات الطائفية للأقباط والمسيحيين فى مصر ولبنان وسوريا.. وتطور فى نموذج التحكم الخارجى الإيرانى فى الأقليات الشيعية فى كل من العراق وسوريا ولبنان.
وبفضل انتشار المفاهيم الجديدة فى العالم العربى، كالديمقراطية والحكم الرشيد والمجتمع المدنى وحقوق الإنسان وشبكات التواصل الاجتماعى منذ نهايات القرن العشرين، اشتعلت حركة الاحتجاجات السلمية فى مُعظم البلدان العربية منذ أواخر عام 2010 ومع مستهل عام 2011 حتى الآن.. وربما جاء تزامن الثورات العربية مع التقدم التكنولوجى وزيادة الوعى السياسى بين الشعوب، ليساعد فى انتشارها وامتدادها عبر الوطن العربى بكامله.. وربما كانت التحولات السياسية التى جرت طيلة العامين الماضيين هى التى دفعت الأنظمة الملكية للتعامل بطريقة أكثر ذكاءً ومهارةً من الأنظمة الجمهورية.. وهو الأمر الذى أدى للحفاظ على ملكها من السقوط والتلاشى.. ولعل رغبة الدول الجمهورية فى تداول السلطة والتخلص من الاستبداد السياسى يقطع بأن أنظمة تلك الدول كانت أكثر تسلطًا، وأقل مرونة، وأضعف فى الاستجابة لكل متطلبات التغير من النظم الملكية، فجرى لها ما جرى. ومن المؤكد أن ما شهدته المنطقة العربية من أحداث ومتغيرات وتحولات سياسية لأول مرة فى تاريخها الحديث والمعاصر، يعكس حالة التأزم التى كانت تعيشها بعض الأنظمة العربية مع شعوبها منذ الاستقلال، ويعكس واقع الضعف الذى يعيشه العرب فى كل بلدانهم.. فما حدث من تحولات سياسية فى تونس ومصر وليبيا واليمن، وما يحدث فى سوريا الآن، يؤكد أن العالم العربى يسير فى ممر سياسى آخر غير الذى كان يسير عليه طيلة النصف الثانى من القرن العشرين محاولاً ربط النظم الرئاسية المنتخبة بشعوبها أكثر، ويسعى لكتابة دساتير جديدة تحفظ الحقوق العامة والحريات، وترسخ للعدالة الاجتماعية وتوفير سبل العيش الكريم وتداول السلطة