منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
#60984
التعارض بين المجتمع الدولي و المجتمع الداخلي.
هناك في الواقع خلاف في طبيعة كلا المجتمعين. المجتمع الداخلي بشكل عام هو متجانس، خاضع لقانون واحد، متماسك من خلال الانتماء المشترك، وهو في مكان يستطيع الإجابة على حاجات أعضائه. المجتمع الدولي هو أساس متغاير متباين، ومشكل من كيانات مستقلة أو من أعضاء هذه الكيانات. التغاير هنا له جذوره المختلفة و المتراكمة، جغرافية،تاريخية،ثقافية،سياسية،اقتصادية.
يمكن أن نرى بشكل واضح عملية "المجانسة" المتنامية لهذا المجتمع، بالارتباط مع تكثيف التبادل وتفوق نماذج معينة ثقافية أو سياسية. هذه الحركة من التقارب، والتي تقود إلى التعاون، تشكل وسطا أكثر تضامنية وقوة حيث في داخله الاتصال بين الأفراد، الشعوب والدول هو فوري وسريع.

الدولة كحد مشترك بين المجتمعين:
في قلب هذه الاختلافات لا بد من إيجاد جسم سياسي والذي هو في نفس الوقت نطاق للتنظيم القانوني. ضمن هذا المعنى هو ينتمي للمجتمع الدولي بنفس الدرجة التي ينتمي بها إلى المجتمع الداخلي، إنه المفتاح و العنصر الأساسي المنظم. هو مكون من صفات متناقضة ووفق الزاوية التي نراه منها.
على الصعيد الداخلي: الدولة هي التعبير عن الجماعة التي تقوم هذه الدولة بتأطيرها. فهي الترجمة لمبدأ الهوية، ولكن أيضا أداة للهيمنة و لتحقيق السلام في نفس الوقت.احتكار العنف القانوني التي تمتلكه، وهو عند البعض تعريف لها، يسمح لها و يفرض عليها تأمين وضمان السلام الأهلي في القضاء الجغرافي التي تسيطر عليه الدولة. الدولة هي المنتج بمبدأ الشرعية، مهما كان المحتوى، والمصدر لنظام قانوني يسمح لها بإقامة قوانينها الخاصة. و هذا ما نسميه السيادة الداخلية للدولة، قدرتها على الإدارة و الحكم الذاتي، احتكار الوضعية التي تمتلكها تجاه شعبها و إقليمها. وفي هذا المعنى أيضا، الدولة هي محيط لممارسة الحرية. إنها تبقى المحيط الأساسي والجوهري لتنظيم الحريات العامة، الفردية أو الجماعية.

الفاعل الفوري و المباشر: الدولة هي في علاقة مع دول أخرى، ضمن نطاق محدد من العلاقات. إذا هنا الدولة في مواجهة دول أخرى لها سيادتها. والسيادة الدولية في الواقع لديها صفات أخرى غير السيادة الداخلية. هنا المجتمع العائد لعدة دول هو مجتمع لوجود مشترك بين الدول صاحبة السيادة. وتطور المنظمات الدولية، التقنيات المؤسساتية للتعاون بين الدول، لا تغير هذه المعطيات الأساسية. العلاقات التي يتم وضعها أو ربطها ضمن نطاق "ما بين الدول" هي قائمة على قواعد القانون الدولي العام الذي يمتد أيضا لتنظيم التعايش المشترك بين الدول، وليس لتجاوز هذه القواعد. وإنها العلاقات بين الأشخاص القانونيين، تلك التي تربك بشكل مجسد وفعلي بين الأجهزة السياسية و الإدارية التي تتحدث أو تتصرف باسم دولها ذات السيادة.