السياسة الخارجية الامريكية في الفترة الاولى لإدارة اوباما
مرسل: الأحد إبريل 28, 2013 3:22 pm
عندما أدّى باراك أوباما اليمين الدستورية في أول عام 2009 كرئيس جديد للولايات المتحدة، تصوّر أن جهوده لتحسين السياسة الخارجية الأمريكية بعد مغامرات سلفه جورج بوش الابن، يجب أن تركز على تحسين علاقة الولايات المتحدة بالعالم الإسلامي
كما تصور إنهاء حربيْ العراق وأفغانستان ومواصلة مكافحة تنظيم القاعدة، ولكن دون عنوان الحرب على الإرهاب، وإعادة تنشيط الدور الأمريكي في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومحاولة إقناع سوريا وإيران بتغيير سلوكهما، وضبط العلاقات مع روسيا والانفتاح على آسيا واجتذاب الصين للتعاون في القضايا الإقليمية والعالمية.
swissinfo.ch استطلعت آراء مختلفة لعدد من الخبراء الأمريكيين، للوقوف على تقييمهم لأداء الرئيس أوباما في مجال السياسة الخارجية خلال فترته الرئاسية الأولى، وبدأنا الحوار مع البروفيسور غريغوري جوز، أستاذ العلوم السياسية بجامعة فيرمونت فقال:
"أعتقد أن أداء الرئيس أوباما أفضل بكثير مما اعتقد الكثيرون أنه سيكون. فقد نجح في الالتزام بوعده بسحب القوات الأمريكية من العراق، وهو مطلب كان يحظى بشعبية كبيرة لدى الرأي العام الأمريكي بعد سنوات من الاستنزاف للموارد الأمريكية والخسائر في الأرواح، ولكن الجمهوريين يرون أن أوباما أخطأ في عدم إصراره على الاحتفاظ بوجود عسكري أمريكي في العراق. كما نجح أوباما في إظهار اهتمام الولايات المتحدة بالانفتاح على آسيا، بعد إهمال طويل، ونجح أيضا في حشد الضغوط الدولية على إيران، وسيمكن له أن يتباهى في حملته الانتخابية بالقضاء على أسامة بن لادن وتكثيف خسائر تنظيم القاعدة، من خلال التعاون الوثيق مع الحكومات الصديقة، واللجوء للمعلومات الاستخباراتية والنزوع لاستخدام هجمات الطائرات بدون طيارين. كما أنه نزع عن مكافحة الإرهاب صِـفة الحرب على الإرهاب، كما استجاب للربيع العربي بدرجات متفاوِتة، كان أبرزها قيادة الجهد العسكري الدولي ضد القذافي والتريّـث في التعامل مع الوضع في سوريا، لتفادي التورّط في تدخل عسكري، والاكتفاء بالمساعدة في نقل السلطة في اليمن".
ومع أن البروفيسور جوز يرى أن أوباما تمكَّـن من إظهار قُـدرته على إدارة دفّـة السياسة الخارجية الأمريكية، فإنه يسجِّـل إخفاقات واضحة للرئيس أوباما في عدد من قضايا السياسة الخارجية:
أولا: فيما يتعلّق بالعلاقة مع العالم الإسلامي، بالغ أوباما في وعوده في خطابه الشهير بالقاهرة واكتشف كيف أن كثيرا من تلك الوعود اصطدمت بثوابت السياسة الخارجية الأمريكية، مما تسبب في كثير من الإحباط، كما ظهر في استطلاعات الرأي في عدد من الدول الإسلامية.
ثانيا: مع أنه بادَر في أول فترته الرئاسية بتعيين السيناتور جورج ميتشل مبعوثا خاصا لعملية السلام في الشرق الأوسط، فإنه لم يفلح في زحزحة المفاوضات من عثْـرتها، وواجه صعوبات جمّة في تأمين مساندة الكونغرس لرُؤيته لحل الدولتيْـن، وظهر ضعيفا في مواجهة نتانياهو.
ثالثا: واجه إخفاقا واضحا في إعادة صياغة العلاقات الأمريكية – الروسية، والتعامل مع الملف النووي الإيراني، ولم ينجح في استمالة الصين للتعاون مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية.
الفجوة بين الرؤية والواقعية
أما السفير مارتن إنديك، المساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكية ومدير أبحاث السياسة الخارجية بمعهد بروكنغز، فيرى أن أوباما وقع في فخِّ البُـعد الحقيقي بين تفاؤُله في رُؤية متسامية لإحداث تغيير حقيقي، وبين واقعيته التي دفعته لممارسة شؤون السياسة الخارجية الأمريكية بطريقة براغماتية:
" يقول السفير مارتن إنديك
"سعى أوباما لصنع السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكنه اصطدم بحقيقة أن الطرفيْـن لم يقدِّما له المساعدة المطلوبة، مما دفعه للقيام بخطوات خاطِـئة قلَّـصت
من نفوذ واشنطن لدى الطرفيْـن. وبالنسبة لسعيه من البداية للحدّ من انتشار الأسلحة النووية، فإنه نجح في حشْـد المساندة الدولية لجهود عدم الانتشار ونزْع السلاح النووي، غير أنه إذا تمكَّـنت إيران في نهاية المطاف من حيازة السلاح النووي، فسيشعر المجتمع الدولي بالشكّ والرَّيبة إزاء فعالية أوباما".
ويخلص السفير إنديك إلى أن سياسة أوباما الخارجية اتَّـسمت بالجدية والمعقولية، ولكنها لم ترْقَ إلى مستوى أن تكون رائدة أو مُـبدعة، فضلا عن وجود فجْوة واضحة بين خطاب أوباما المتَّـسم بالطموح وبين إنجازاته الفعلية.
أوباما بين الفرص السانحة والضائعة
أما هيزر هيرلبيرت، المديرة التنفيذية لشبكة الأمن القومي الأمريكي، فترى أن قائمة إنجازات أوباما في السياسة الخارجية، تضم تشكيلة من البدايات الطيبة والتحرّكات في الطريق إلى تحقيق التقدّم، وكذلك الفرص الضائعة. وتشرح
فتقول::
"نجح أوباما في إسْـدال السِّـتار على حرب بوش في العراق ويسير على طريق إنهاء الحرب في أفغانستان، وأنجز دون طنطنة هدَف الخلاص من قيادة القاعدة، وأعاد النشاط لمجموعة الدول العشرين واستخدمها للإفلات من ركود اقتصادي محدق في عام 2009. ورغم الاشتباك العلني مع روسيا، تمكَّـن من مواصلة التعاون معها في أفغانستان وفي الحدِّ من التسلُّـح، وتمكَّـن من بناء الثقة مع الحلفاء في آسيا، خاصة اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية، ولعل أهمّ ما أرساه هو عدم انفراد الولايات المتحدة بالقرار الدولي واستعادة مصداقية الشراكة بين أعضاء المجتمع الدولي". ولكنها في نفس الوقت تلوم الرئيس أوباما على الفُـرص الضائعة التالية:
أولا: إهدار فرصة تحقيق تقدّم في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بعدم اتخاذ دوْر ريادي حقيقي، يمكن أن يغيِّـر من توجُّـهات نتانياهو والرئيس محمود عباس.
ثانيا: الإخفاق في استِخدام مزيجٍ من الضغوط والحوافز لإقناع إيران وكوريا الشمالية بالتخلِّي عن طموحاتهما النووية العسكرية.
ثالثا: عدم استثمار رأسمال أوباما السياسي في استمالة الرأي العام الأمريكي، لتأييده في سعيه للخلاص من آثار فترتيْ بوش الابن.
السياسة الخارجية وانتخابات الرئاسة
ويرى البروفيسور غريغوري جوز، أن الناخب الأمريكي يركِّـز في غالِب الأحوال على أداء الرئيس ومَـن يُـنافسه في انتخابات الرئاسة الأمريكية فيما يتعلق بالاقتصاد والضرائب وفرص العمل وغيرها من القضايا التي تمسّ حياته بشكل مباشر، وليس بناءً على سياساته الخارجية.
ومع ذلك، أعرب البروفيسور جوز لـ swissinfo.ch عن اعتقاده بأن الجولة المكثَّـفة لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، تصبُّ في إطار دعم مكانة أوباما في حملة إعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية، من خلال التأكيد على استمراره في تحقيق النجاح في أفغانستان ومحاولة إعادة صياغة العلاقات المصرية الأمريكية، ومحاولة كلينتون الحيلولة دُون حُدوث صِـدام في مصر، بين الرئيس المنتخب محمد مرسي والمجلس العسكري، يصب في مصلحة الولايات المتحدة، لأن مصر تشكِّـل أهمية قصوى للسياسة الخارجية الأمريكية.
ومع أن كلينتون استخدمت زيارتها لإسرائيل لطمْـأنة زعمائها على التِـزام مصر بمعاهدة السلام، كما استخدمتها للتأكيد على أن إدارة أوباما ستستخدِم كل ما أوتيَـت من قوة، للحيلولة دون حيازة إيران للسِّلاح النووي، وحاولت إقناع المسؤولين الإسرائيليين بتقديم حزمة حوافِـز للفلسطينيين، فإن البروفيسور جوز لا يرى أنه بوسْـع أوباما تحقيق تقدّم حقيقي في عملية السلام.
ومع ذلك، يعتقد أن الجمهوريين سيُـحاولون استخدام السياسة الخارجية لكيْـل الانتقادات للرئيس أوباما في غِـمار الدعاية لمنافسه رومني، مثل اتهام أوباما باللين مع نظام الأسد في سوريا وعدم الحزم مع الملف النووي الإيراني، وكيف أن رومني سيظهر العين الحمراء لروسيا والصين. وخلّص البروفيسور جوز إلى القول
المشكلة التي ستواجه الجمهوريين في هذه المحاولة، هي أنه ليست لديهم بدائل واضحة. فليس بوسع رومني أن يصوِّر نفسه بأنه الرئيس الذي سيكون أكثر صرامة ويتّـخذ إجراءات عسكرية ضد سوريا أو إيران، لأن ذلك سيكون كفيلا بأن يجلب عليه خسارة السِّـباق إلى البيت الأبيض، لأنه لم يعد هناك تأييد شعبي أمريكي كبير لأي مغامرات عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط".
خطاب أوباما: الصحافة السويسرية تمتدح "الانطلاقة الجديدة".. لكنها تتشكّـك
لقي الخطاب، الذي وجّـهه باراك أوباما يوم الخميس من القاهرة إلى العالم الإسلامي، صدى إيجابيا في الصحافة السويسرية. ومع أن المعلقين حيّوا الانفتاح الذي أبداه الرئيس الأمريكي، إلا أنهم توصّـلوا إلى أنه، لا مفرّ من المرور إلى الأفعال في نهاية المطاف
توجّـهات أوباما أمْ واقع الحال
ونبّـه الدكتور إدموند غريب إلى أن السياسة الدولية لها موازينها ومتطلباتها، ولذلك، فستفرض الحقائق على أرض الواقع في أنحاء العالم توجّـهات وممارسات أمريكية تقتضيها كل حالة بعينها، كما ستفرض أحداث دولية وإقليمية طارئة على أوباما صِـياغة سياسات تنسجِـم مع توجُّـهه بمشاركة المجتمع الدولي، ولكن ستعبّـر عن أساليب جديدة في مواجهة تلك الأزمات بالدِّبلوماسية، عوضا عن القوة العسكرية أو التهديد باستخدامها.
وردا على سؤال لسويس إنفو عما إذا كان أوباما سيُـواصل سياسة نشر الديمقراطية في العالم العربي، قال الدكتور غريب: "لا أعتقد أننا سنشهد في عهد أوباما تِـكرارا لسياسة أجندة نشر الحرية والديمقراطية التي روّج لها الرئيس بوش، ولكن سيواصل التشديد على ضرورة انفتاح النظم السياسية في العالم العربي والتحوّل نحو الديمقراطية والشفافية
كما تصور إنهاء حربيْ العراق وأفغانستان ومواصلة مكافحة تنظيم القاعدة، ولكن دون عنوان الحرب على الإرهاب، وإعادة تنشيط الدور الأمريكي في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومحاولة إقناع سوريا وإيران بتغيير سلوكهما، وضبط العلاقات مع روسيا والانفتاح على آسيا واجتذاب الصين للتعاون في القضايا الإقليمية والعالمية.
swissinfo.ch استطلعت آراء مختلفة لعدد من الخبراء الأمريكيين، للوقوف على تقييمهم لأداء الرئيس أوباما في مجال السياسة الخارجية خلال فترته الرئاسية الأولى، وبدأنا الحوار مع البروفيسور غريغوري جوز، أستاذ العلوم السياسية بجامعة فيرمونت فقال:
"أعتقد أن أداء الرئيس أوباما أفضل بكثير مما اعتقد الكثيرون أنه سيكون. فقد نجح في الالتزام بوعده بسحب القوات الأمريكية من العراق، وهو مطلب كان يحظى بشعبية كبيرة لدى الرأي العام الأمريكي بعد سنوات من الاستنزاف للموارد الأمريكية والخسائر في الأرواح، ولكن الجمهوريين يرون أن أوباما أخطأ في عدم إصراره على الاحتفاظ بوجود عسكري أمريكي في العراق. كما نجح أوباما في إظهار اهتمام الولايات المتحدة بالانفتاح على آسيا، بعد إهمال طويل، ونجح أيضا في حشد الضغوط الدولية على إيران، وسيمكن له أن يتباهى في حملته الانتخابية بالقضاء على أسامة بن لادن وتكثيف خسائر تنظيم القاعدة، من خلال التعاون الوثيق مع الحكومات الصديقة، واللجوء للمعلومات الاستخباراتية والنزوع لاستخدام هجمات الطائرات بدون طيارين. كما أنه نزع عن مكافحة الإرهاب صِـفة الحرب على الإرهاب، كما استجاب للربيع العربي بدرجات متفاوِتة، كان أبرزها قيادة الجهد العسكري الدولي ضد القذافي والتريّـث في التعامل مع الوضع في سوريا، لتفادي التورّط في تدخل عسكري، والاكتفاء بالمساعدة في نقل السلطة في اليمن".
ومع أن البروفيسور جوز يرى أن أوباما تمكَّـن من إظهار قُـدرته على إدارة دفّـة السياسة الخارجية الأمريكية، فإنه يسجِّـل إخفاقات واضحة للرئيس أوباما في عدد من قضايا السياسة الخارجية:
أولا: فيما يتعلّق بالعلاقة مع العالم الإسلامي، بالغ أوباما في وعوده في خطابه الشهير بالقاهرة واكتشف كيف أن كثيرا من تلك الوعود اصطدمت بثوابت السياسة الخارجية الأمريكية، مما تسبب في كثير من الإحباط، كما ظهر في استطلاعات الرأي في عدد من الدول الإسلامية.
ثانيا: مع أنه بادَر في أول فترته الرئاسية بتعيين السيناتور جورج ميتشل مبعوثا خاصا لعملية السلام في الشرق الأوسط، فإنه لم يفلح في زحزحة المفاوضات من عثْـرتها، وواجه صعوبات جمّة في تأمين مساندة الكونغرس لرُؤيته لحل الدولتيْـن، وظهر ضعيفا في مواجهة نتانياهو.
ثالثا: واجه إخفاقا واضحا في إعادة صياغة العلاقات الأمريكية – الروسية، والتعامل مع الملف النووي الإيراني، ولم ينجح في استمالة الصين للتعاون مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية.
الفجوة بين الرؤية والواقعية
أما السفير مارتن إنديك، المساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكية ومدير أبحاث السياسة الخارجية بمعهد بروكنغز، فيرى أن أوباما وقع في فخِّ البُـعد الحقيقي بين تفاؤُله في رُؤية متسامية لإحداث تغيير حقيقي، وبين واقعيته التي دفعته لممارسة شؤون السياسة الخارجية الأمريكية بطريقة براغماتية:
" يقول السفير مارتن إنديك
"سعى أوباما لصنع السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكنه اصطدم بحقيقة أن الطرفيْـن لم يقدِّما له المساعدة المطلوبة، مما دفعه للقيام بخطوات خاطِـئة قلَّـصت
من نفوذ واشنطن لدى الطرفيْـن. وبالنسبة لسعيه من البداية للحدّ من انتشار الأسلحة النووية، فإنه نجح في حشْـد المساندة الدولية لجهود عدم الانتشار ونزْع السلاح النووي، غير أنه إذا تمكَّـنت إيران في نهاية المطاف من حيازة السلاح النووي، فسيشعر المجتمع الدولي بالشكّ والرَّيبة إزاء فعالية أوباما".
ويخلص السفير إنديك إلى أن سياسة أوباما الخارجية اتَّـسمت بالجدية والمعقولية، ولكنها لم ترْقَ إلى مستوى أن تكون رائدة أو مُـبدعة، فضلا عن وجود فجْوة واضحة بين خطاب أوباما المتَّـسم بالطموح وبين إنجازاته الفعلية.
أوباما بين الفرص السانحة والضائعة
أما هيزر هيرلبيرت، المديرة التنفيذية لشبكة الأمن القومي الأمريكي، فترى أن قائمة إنجازات أوباما في السياسة الخارجية، تضم تشكيلة من البدايات الطيبة والتحرّكات في الطريق إلى تحقيق التقدّم، وكذلك الفرص الضائعة. وتشرح
فتقول::
"نجح أوباما في إسْـدال السِّـتار على حرب بوش في العراق ويسير على طريق إنهاء الحرب في أفغانستان، وأنجز دون طنطنة هدَف الخلاص من قيادة القاعدة، وأعاد النشاط لمجموعة الدول العشرين واستخدمها للإفلات من ركود اقتصادي محدق في عام 2009. ورغم الاشتباك العلني مع روسيا، تمكَّـن من مواصلة التعاون معها في أفغانستان وفي الحدِّ من التسلُّـح، وتمكَّـن من بناء الثقة مع الحلفاء في آسيا، خاصة اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية، ولعل أهمّ ما أرساه هو عدم انفراد الولايات المتحدة بالقرار الدولي واستعادة مصداقية الشراكة بين أعضاء المجتمع الدولي". ولكنها في نفس الوقت تلوم الرئيس أوباما على الفُـرص الضائعة التالية:
أولا: إهدار فرصة تحقيق تقدّم في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بعدم اتخاذ دوْر ريادي حقيقي، يمكن أن يغيِّـر من توجُّـهات نتانياهو والرئيس محمود عباس.
ثانيا: الإخفاق في استِخدام مزيجٍ من الضغوط والحوافز لإقناع إيران وكوريا الشمالية بالتخلِّي عن طموحاتهما النووية العسكرية.
ثالثا: عدم استثمار رأسمال أوباما السياسي في استمالة الرأي العام الأمريكي، لتأييده في سعيه للخلاص من آثار فترتيْ بوش الابن.
السياسة الخارجية وانتخابات الرئاسة
ويرى البروفيسور غريغوري جوز، أن الناخب الأمريكي يركِّـز في غالِب الأحوال على أداء الرئيس ومَـن يُـنافسه في انتخابات الرئاسة الأمريكية فيما يتعلق بالاقتصاد والضرائب وفرص العمل وغيرها من القضايا التي تمسّ حياته بشكل مباشر، وليس بناءً على سياساته الخارجية.
ومع ذلك، أعرب البروفيسور جوز لـ swissinfo.ch عن اعتقاده بأن الجولة المكثَّـفة لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، تصبُّ في إطار دعم مكانة أوباما في حملة إعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية، من خلال التأكيد على استمراره في تحقيق النجاح في أفغانستان ومحاولة إعادة صياغة العلاقات المصرية الأمريكية، ومحاولة كلينتون الحيلولة دُون حُدوث صِـدام في مصر، بين الرئيس المنتخب محمد مرسي والمجلس العسكري، يصب في مصلحة الولايات المتحدة، لأن مصر تشكِّـل أهمية قصوى للسياسة الخارجية الأمريكية.
ومع أن كلينتون استخدمت زيارتها لإسرائيل لطمْـأنة زعمائها على التِـزام مصر بمعاهدة السلام، كما استخدمتها للتأكيد على أن إدارة أوباما ستستخدِم كل ما أوتيَـت من قوة، للحيلولة دون حيازة إيران للسِّلاح النووي، وحاولت إقناع المسؤولين الإسرائيليين بتقديم حزمة حوافِـز للفلسطينيين، فإن البروفيسور جوز لا يرى أنه بوسْـع أوباما تحقيق تقدّم حقيقي في عملية السلام.
ومع ذلك، يعتقد أن الجمهوريين سيُـحاولون استخدام السياسة الخارجية لكيْـل الانتقادات للرئيس أوباما في غِـمار الدعاية لمنافسه رومني، مثل اتهام أوباما باللين مع نظام الأسد في سوريا وعدم الحزم مع الملف النووي الإيراني، وكيف أن رومني سيظهر العين الحمراء لروسيا والصين. وخلّص البروفيسور جوز إلى القول
المشكلة التي ستواجه الجمهوريين في هذه المحاولة، هي أنه ليست لديهم بدائل واضحة. فليس بوسع رومني أن يصوِّر نفسه بأنه الرئيس الذي سيكون أكثر صرامة ويتّـخذ إجراءات عسكرية ضد سوريا أو إيران، لأن ذلك سيكون كفيلا بأن يجلب عليه خسارة السِّـباق إلى البيت الأبيض، لأنه لم يعد هناك تأييد شعبي أمريكي كبير لأي مغامرات عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط".
خطاب أوباما: الصحافة السويسرية تمتدح "الانطلاقة الجديدة".. لكنها تتشكّـك
لقي الخطاب، الذي وجّـهه باراك أوباما يوم الخميس من القاهرة إلى العالم الإسلامي، صدى إيجابيا في الصحافة السويسرية. ومع أن المعلقين حيّوا الانفتاح الذي أبداه الرئيس الأمريكي، إلا أنهم توصّـلوا إلى أنه، لا مفرّ من المرور إلى الأفعال في نهاية المطاف
توجّـهات أوباما أمْ واقع الحال
ونبّـه الدكتور إدموند غريب إلى أن السياسة الدولية لها موازينها ومتطلباتها، ولذلك، فستفرض الحقائق على أرض الواقع في أنحاء العالم توجّـهات وممارسات أمريكية تقتضيها كل حالة بعينها، كما ستفرض أحداث دولية وإقليمية طارئة على أوباما صِـياغة سياسات تنسجِـم مع توجُّـهه بمشاركة المجتمع الدولي، ولكن ستعبّـر عن أساليب جديدة في مواجهة تلك الأزمات بالدِّبلوماسية، عوضا عن القوة العسكرية أو التهديد باستخدامها.
وردا على سؤال لسويس إنفو عما إذا كان أوباما سيُـواصل سياسة نشر الديمقراطية في العالم العربي، قال الدكتور غريب: "لا أعتقد أننا سنشهد في عهد أوباما تِـكرارا لسياسة أجندة نشر الحرية والديمقراطية التي روّج لها الرئيس بوش، ولكن سيواصل التشديد على ضرورة انفتاح النظم السياسية في العالم العربي والتحوّل نحو الديمقراطية والشفافية