صفحة 1 من 1

أسباب نشوب الحرب الشيشانية_الروسية في تسعينات القرن العشرين

مرسل: الاثنين إبريل 29, 2013 5:17 am
بواسطة عامر العجمي245
من أسباب نشوب الحرب الشيشانية – الروسية في تسعينيات القرن العشرين

باختصار شديد



لا نريد العودة للوراء، إلى الأحداث المؤسفة، التي جرت على أرض جمهورية الشيشان، إلا أننا لا نستطيع أن لا نتذكر تلك السنوات الرهيبة التي يؤسف لها، التي شاهدتها مناطق روسيا الجنوبية في تسعينيات القرن المنصرم. تلك الحرب التي أشعلتها القوى المتطرفة، أعداء الشيشان وروسيا من داخلها ومن خارجها معاً. ذلك أمر قد مضى. اليوم جمهورية الشيشان بالذات وكذلك روسيا الاتحادية ككل، تمر في مرحلة جديدة من التطور والازدهار، وتشكل بمجملها دولة قوية.

أستطيع ان ألخص أهم أسباب النزاع الشيشاني – الروسي الأخير بالنقاط التالية:

1- تناقضات اجتماعية- إقتصادية، وسياسية، في عموم روسيا الاتحادية، تركها خلفهم آخر زعماء الحقبة السوفيتية، تغلغل خلالها السلطة نخبة هامشية من الناس، عبر موجة من الحركات المزعومة: قومية، ديمقراطية، تصحيحية، دينية، الخ.. وجميعها مشبوهة.

2- تغاضي او تغافل من بيدهم السلطة في كريملين موسكو (الرئيس يلتسين وزمرته من الصهاينة) عما يحصل ويجري في القوقاز، وخصوصا في بلاد الشيشان: ترك كميات هائلة من الأسلحة في الجمهورية، عدم تدخل النظام و بشكل سريع لإنهاء حالة الفوضى، ووضع حد للتطرف ولمحاولات الانفصال عن روسيا الاتحادية.

3- ترك الأبواب مفتوحة على مصراعيها لمن يريد الدخول والخروج من وإلى روسيا الاتحادية، وبكلمات أخرى الانفلات المقصود، الذي سمح به في خرق مناطق الحدود، وخصوصا في المناطق الجنوبية من البلاد، وهي القوقاز. مما ساعد على تغلغل عناصر كثيرة من المرتزقة الأجانب، وتشكيل مجموعات تبشيرية في البداية، تحولت تدريجيا إلى تشكيلات مسلحة، غير قانونية، تكون معظم أفرادها في بداية الأمر من الإرهابيين وأصحاب السوابق الإجرامية.

4- استخدام من بيده السلطة في موسكو الحرب كأداة لتغطية عمليات تناقل السلطة في روسيا الاتحادية، والسيطرة على مناطق النفوذ فيها وعلى المؤسسات المنتجة، إضافة إلى التستر على عمليات السلب والنهب للمصادر الاقتصادية للبلاد بأسرها، من بيع النفط والغاز والمؤسسات الضخمة، التي يقوم عليها اقتصاد الدولة، وتبييض الأموال على جناح السرعة. إضافة إلى استبعاد الشيشان من مراكز السلطة المحتملة. هؤلاء هم أنفسهم افتعلوا الحرب لعلمهم بأن الشيشان بحنكتهم وجدارتهم يستطيعون الوصول إلى مراكز مرموقة في السلطة في موسكو. واستطاعوا بدهائهم وخبثهم تشويه سمعة الشيشان في كل أنحاء العالم. وتمكنوا من الإستيلاء على السلطة منفردين، كما اتضح صحة ذلك فيما بعد.

5- دور دول الجوار، والدول الأوروبية، والولايات المتحدة الأمريكية، وأطماعها في الشرق، وفي منطقة القوقاز الاستراتيجية. ومحاولة هذه البلاد زعزعة الاستقرار في الجنوب الروسي، وإضعاف روسيا إلى الحد الأقصى، وفصل القوقاز عنها فيما لو استطاعت ذلك.

6- قيام الفئة القومية من الشيشان تحت شعارات دينية ملفقة، بإقامة جسور اتصالات وعلاقات مع مؤسسات ومنظمات إسلامية متطرفة، منتشرة في مختلف أنحاء العالم. هذه المنظمات أخذت تدعم القوميين الانفصاليين المتشددين في الشيشان، ماديا ومعنويا.

7- مستغلة الفرصة، وظنا منها بأن الظرف قد حان، رفعت الفئات القومية والدينية المتطرفة في الشيشان شعارات تنادي بالسيادة، والاستقلال السياسي عن روسيا الاتحادية، وإقامة دولة إسلامية، ولو بالقوة. علما بأن غالبية المجتمع الشيشاني آنذاك لم يكن جاهزاً لا سياسياً ولا وطنياً لذلك. إن إعادة ترتيب الكوادر وإيفوريا الشارع، حرّشت أولئك المواطنين الذين ثاروا معبأين بروح الانفصالية، ولم يدركوا المكنون السياسي، وخلفية ما يحدث من تغيرات (حسب كليماتوف). وتم التأثير على وعي الجماهير باستخدام كلام معسول، ساذج، إلا أنه مؤثر على أحاسيسها ومثير لمشاعرها. وقد استخدم القوميون المتطرفون كل أشكال الرياء والنفاق مجتمعة لتحقيق نواياهم، ولو على حساب الشعب، رغم أنهم لم يلاقوا الدعم المتوقع من قبل الشعب الشيشاني، كما ولم تعترف بهم أي دولة ذات سيادة في العالم.

ومن هنا فإن الأيدي الآثمة، التي لعبت دورا في إشعال فتيل الحرب في جمهورية الشيشان كثيرة، أدت إلى تدميرها، وإلى تشريد مواطنيها، والقضاء على مؤسساتها وثقافتها. وقد أدى كل من له مصلحة في هذه الحرب دوره فيها، ذرفت نتيجتها الأمهات الشيشانيات والأمهات الروسيات على السواء الكثير من الدموع.

إن الحرب وويلاتها تشغل الناس وتلهي العيون عما يجري من سلب ونهب لثروات البلاد. وهكذا تم خلال الحرب سرقة كل النفط المنتج عن طريق المصانع الفردية الصغيرة التي انتشرت في الجمهورية. وكذلك النفط الآتي من روسيا، وكان يكرر في مصافي غروزني. وقد دمر كل شيء في جمهورية الشيشان ما عدا مصافي النفط وطرق السكك الحديدية، التي كانت تمخر عبرها مليارات الدولارات، عبأ جيوبه منها كل من حكام غروزني وموسكو وغيرهم آنذاك، مناصفة. ولا ننسى هنا تجارة السلاح والمخدرات والأعضاء البشرية الخ. لذا فليس من الصعب أن ندرك تأثير عامل كون القوقاز منطقة جيواستراتيجية مهمة، تلفت أنظار وانتباه المتلهفين من قريب ومن بعيد على ثروات البلاد، وخصوصا النفط والغاز، اللذان يشكلان عماد الاقتصاد والقوة العالمية في هذا القرن. علما بأن جمهورية الشيشان هي قلب المنطقة وذات أهمية خاصة. وهذا العامل هو واحد من أهم أسباب التراجيديا الشيشانية.